سامى لبيب
الحوار المتمدن-العدد: 2889 - 2010 / 1 / 16 - 08:08
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أين ذهب عشرات المليارات من البشر منذ أن خطى الإنسان بقدمه على الأرض ؟
إنهم فى أجسادنا .!!
كما سنكون نحن أيضاً فى التركيبة الجسدية لمليارات البشر مستقبلاً .!!
نحن نموت ونتفسخ ونتحلل كما إندثر المليارات من البشر قبلنا ..وسنصبح وجبة شهية لمجموعة من الديدان والحشرات .
الديدان والحشرات التى إلتهمت جزيئات أجسادنا ستموت بالضرورة لتتحلل فى الأرض بواسطة مجموعة من الطفيليات والبكتريا لتذوب جزيئاتنا مع جزيئاتها فى تراب الأرض وتكون جزيئات عضوية متحللة يمتصها النبات مع الماء وتدخل فى التركيب البنائى للنبات ..أى أن جزيئات أجسادنا دخلت فى تكوين النبات , ومن الممكن أيضاً أن تجد سبيلها فى جوف حيوان لتتغلغل فى النسيج البيولوجى له .
يقوم إنسان أخر بتناول هذا النبات أو الحيوان بعد طهيه بشكل رائع مضيفاً له بعض البهارات لتدخل جزيئاتنا فى جسده وندخل نحن فى النسيج البنائى له .
تتحول جزيئاتنا إلى حيوان منوى داخل صديقنا الإنسان المضيف لتنتج بعد ذلك جنين أخر يحتوى على جزيئات من أجسادنا .
لذلك عندما نقول أين ذهب مليارات البشر من قبلنا نكون قد أدركنا هنا أنهم دخلوا فى إجسادنا أو فى التكوين البنائى لحيوانات أو نباتات أخرى , أو تحولوا إلى نفط نحرقه كوقود فى سياراتنا .!!
أجسادنا ليست ملكاً خاصاً لنا أنه ملكية عامة .!!!
الشئ المثير للغرابة والدهشة أن تجد من يعتقد أننا سنحل بأجسادنا فى عالم ماورائى كى ننعم ونتلذذ به أو نكون فى أسوأ الاحوال ضيوفاً فى المحرقة الإلهية .
فهل هو لم يدرك جيدا تبدد أجسادنا وتوزيعها فى ملايين الكائنات الأخرى من إنسان وحيوان ونبات .
أو هو على إستعداد لتمرير هذا اللوغاريتم تحت يافطة أن الذى خلق الإنسان قادر على تجميعه ثانية .!!!
الحقيقة هى أننا لا نعرف فى الوجود غير أجسادنا ...هو وجودنا الحقيقى والذى نتلمس الإحساس والوجود من خلاله ..هو القميص الذى نرتديه ولا نعرف غيره ولا نريد أن نفارقه لأنه هو كل ما ندركه عن الحياة والوجود .
نريد بهذا الجسد أن يكون حاضراً فى كل مشاويرنا وأحلامنا وأوهامنا ..وحب الحياة هو من خلال هذا الجسد ومن أجله فلا نتصور أن يفارقنا فى عالم ماورائى خلقناه بأيدينا من أجل حضور ومتعة الجسد .
أن يذكر لنا أن أجسادنا هو قطاع عام وليس ملكاً خاصاً بنا , وأننا سنذوب بالضرورة فى الطبيعة ونتوزع فى ملايين الجزيئات بها ..فهنا سنجعل إلهنا يجمعنا مرة ثانية حتى نستطيع الخلود به .!!!
لن نتنازل عن حلم بقائنا وخلودنا بالجسد ولتذهب فكرة ذوباننا فى الطبيعة للجحيم . !! ...ولنعيش ونتلذذ بالوهم ..!!
#سامى_لبيب (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟