أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - بانشى فى بيتنا .














المزيد.....

بانشى فى بيتنا .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2895 - 2010 / 1 / 21 - 20:17
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


تحت إلحاح ورغبة من إبنى فى إقتناء كلب بعد طول مفاوضات وممانعات من زوجتى الرافضة لوجود حيوان بالمنزل والذى سيسبب بالضرورة لفوضى وفساد بالبيت ..إنتصرت إرادتنا فى النهاية , وجاء إلينا كلب من فصيلة جريفون أسميناه بانشى .

فى وجوده بالبيت أطفى جو من المرح والألفة الجميلة ..ووجدنا أنفسنا أمام كائن جميل لا تخلو حركاته من الطرافة والحياة.

أخذت أتأمل بانشى فوجدته لا يعمل شيئا فى دنياه إلا أن يأكل أو يلعب ..هو يأكل ثم يقضى يومه فى اللعب فى محتويات المنزل كأنه يكتشف الوجود .
ولكنى وجدت شيئا غريباً تسلل إلى ذهنى ..بأن إبنى لا يختلف كثيرا عن بانشى !!!..
فهو يأكل مما تجهزه له أمه ثم يقضى يومه كله فى اللعب واللهو فى النادى مع أصدقاءه ليأتى إلى البيت ليأكل وينازعنى فى الجلوس أمام الكمبيوتروالإنترنت .
وجدت الفرق يقتصر فقط فى أسلوب وطريقة تناول الطعام ..وطريقة اللعب واللهو ..فبينما بانشى يستهويه اللعب بفردة حذاء يكون ابنى فى المقابل يستهويه الألعاب الإليكترونية والنت والموبايل .

بدأت مساحة التأمل تزداد لتجعلنى أسأل ..
ما الفرق بين بانشى وأى كلب ضال فى الطريق ..لا فرق سوى أن بانشى يحصل على أكله جاهزاً ويستحم بالشامبو بينما الكلاب الضالة لا تحصل على هذه الرفاهية .
فبانشى لو ترك فى الطريق سيعيش أيضا باحثاً عما يأكله ولاعباً بما يتيسر له .

وبدأت مساحة التأمل تزداد أكثر..
فأنظر إلى عالم الحيوان على إتساعه فأجده لا يخرج عن دائرة هذا البحث الدائم والوحيد عن الغذاء وتلبية الإحتياجات الأساسية .

ثم بدأ التأمل يأخذ منحى صادم ..
ماذا نختلف نحن عن الحيوان ؟!!!!
لم أجد إختلاف جذرى وعميق بين الإنسان والحيوان ..إختلافات تبدو شكلية .!!
فنحن لا نختلف كثيرا ..!!
نحن نعيش حياتنا نبحث عن الغذاء فقط ..من بداية بحثنا عن الفرائس وإلتقاط البذور إلى عصر العولمة نبحث بحثاً حثيثاً عن الغذاء .
تتعقد صور أنشطتنا وسعينا ولكننا نبحث فقط عن الطعام ..
فنحن لا نعمل أى عمل فى الحياة سوى البحث عما يسد جوعنا ويلبى إحتياجات أجسادنا ..قد نكون مهندسين أو أساتذة أو علماء فما هى إلا أعمال مقسمة وتخصصية وخدمية نقدمها للأخرين لكى نحصل على المال الذى يجعلنا نذهب إلى السوق لشراء الغذاء .
وبعد أن نحصل على الغذاء ونشبع فمن الممكن حينئذ أن نلعب ونلهو مثل بانشى فنمارس الألعاب والرياضة والتواصل الإجتماعى ولا مانع من أن نتفلسف ونفنن .
.
يبقى البحث عن إستمرارية الحياة بالوفاء بالإحتياجات الطبيعية هى الأساس والدافع الوحيد للإنسان لكى يعمل وينتج ويبتكر .
الحياة لا تكون إلا توزيع أدوار ليس إلا ..فهناك الزارع الذى يقوم بزرع حبوب القمح والذرة والشعير ..وهناك من يصنع له السرير الذى ينام عليه ليأخذ منه بعض القمح والذرة ..وهناك من يقوم بدور المسلى والمهرج له حتى ينال من فلاحنا البعض من حبوب القمح والذرة .

نحن نهيم على وجهوهنا مثل الحيوان فى البحث عن الطعام وإن كنا نمارسه فى شكل يبدو أكثر شياكة من عيشة الحيوان .
فما يجعلنا نختلف عن الحيوان هو أننا لا نمد ايدينا مباشرة للحصول على الطعام من الأرض فنمارس مناورات كثيرة ومعقدة لنحصل على غذائنا .وبنفس هذه المنهجية نحاول الإبداع فى إعداد طعامنا ..فنضيف له بعض البهارات والمحسنات ونضعه على مائدتنا فى شكل جميل ومرتب..ولا مانع من بعض النبيذ أو العصائر ..ويكون جميلاً أن نأكل فى مطعم يقدم وجباته بنكهة وحرفية رائعة وسط جو مكيف ومع بعض الموسيقى الجميلة حتى يطفى علينا لذة إضافية .
طريقة صياغة أعمالنا فى صورة نقود وقدرتنا فى الوقت ذاته أن يكون لنا إحتياطى من الخبز يجعلنا نبدو مختلفين ومتميزين .

إنساننا القديم لم يحظى بهذه الرفاهية ولكنه كان يأكل من الأرض مباشرة ليعيش مثلنا ..
إذن نحن لا نختلف عن أى كائن حى فى سعيه الدؤوب فى الحصول على الغذاء سوى أننا فى العصر الحديث نأكل من طعام يتم وضعه فى أوراق من السليوفان الملون .

ثم بدأ تأملى لحالنا وحال بانشى يأخذ منحى فاجع .!!
وما جعل الأمر يبدو فاجعاً أننا نتدنى عن الحيوان فى بشاعة توحشنا وأطماعنا وأنانيتنا .!!
الحيوان لا يحتفظ بأكله طالما شبع ..ولكننا نحتفظ بأكلنا بعد شبعنا بل نملأ به صوامعنا ومخازن حبوبنا وأرصدتنا البنكية .
الحيوان لا يتوحش ويفترس إلا عند جوعه أو خوفه .. بينما الإنسان يتوحش ويفترس دون أن يكون جائعا ..!!
نحن نتلذذ بأن نحتفظ بالكثير من الفرائس بجوارنا بالرغم من أننا لا نحتاج لها ..ونستمتع أيضاً بالإستئثار بالفرائس التى فى حوذة المحتاجين والمعدمين .!!

الحيوان يفترس بأنيابه ومخالبه عندما يجوع..بينما نحن نفترس من داخل أبنية أنيقة مكيفة مرتدين أربطة عنق جميلة ومعبقين أنفسنا ببرفانات باريسية راقية ممارسين للتوحش من خلال البورصة والإنترنت والموبايل .

لا يوجد إختلاف بيننا وبين الحيوان بل نكون نحن الأبشع ..فنمارس توحشنا على الضعفاء فى أطراف المعمورة وبدون أن نراهم ..نمتص أحلامهم الصغيرة ولقمة خبزهم الجافة دون أن يغمض لنا رمش لنزيد من مستودعات حبوبنا ..بل نمارس النهب المنظم تحت عبارات فخيمة ومخدرة تتمثل فى قوى السوق لأصحاب الثقافة الإقتصادية أو إرادة الله لأصحاب الخطاب الدينى الذى يجد حضوره فى مثل هكذا مواقف .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (4)
- الله جعلوه لصاً
- من رحم اللذة والألم جاءت الفكرة .
- إنهم يشوهون أطفالنا .
- إنهم يغتالون عقول أطفالنا .
- الماء لا يجرى فى النهر مرتين .
- تأملات حول يوم القيامة .
- -الكنيسة إتحرقت والقسيس مات- ..ألف باء كراهية .
- وهم الحرية .
- مذبحة نجع حمادى هو الكرسى الذى يتم ركله .
- أجسادنا ليس ملكية خاصة .. هو قطاع عام !!
- عزرائيل الصراصير والبراغيث .
- اللذة والألم والإله .
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (3)
- ممنونون ..شاكرون ..محظوظون ..مهللون .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (1)
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً (2)
- قراءة فى العنف والإنسان والإله .
- عيون وراء نقاب .
- أريد أعيش كإنسان ..ذاك أفضل جداً .(1)


المزيد.....




- أمام المحكمة.. ستورمي دانيلز تروي تفاصيل اللحظات قبل اللقاء ...
- سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. هذا ما قاله ...
- زاخاروفا: الأسلحة التي يزود الغرب بها أوكرانيا انتشرت بالفعل ...
- النيابة العامة الروسية تعلن أنشطة منظمة -فريدوم هاوس- الداعي ...
- -لإرسال رسالة سياسية لتل أبيب-.. إدارة بايدن تتخذ إجراءات لت ...
- أغنية -الأب العظيم- لزعيم كوريا الشمالية تجتاح تيك توك وتحدث ...
- نتنياهو: إسرائيل لن تسمح لحماس باستعادة الحكم في قطاع غزة
- قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
- بيسكوف: الشعب الروسي هو من يختار رئيسه ولا نسمح بتدخل دول أخ ...
- أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا


المزيد.....

- فيلسوف من الرعيل الأول للمذهب الإنساني لفظه تاريخ الفلسفة ال ... / إدريس ولد القابلة
- المجتمع الإنساني بين مفهومي الحضارة والمدنيّة عند موريس جنزب ... / حسام الدين فياض
- القهر الاجتماعي عند حسن حنفي؛ قراءة في الوضع الراهن للواقع ا ... / حسام الدين فياض
- فلسفة الدين والأسئلة الكبرى، روبرت نيفيل / محمد عبد الكريم يوسف
- يوميات على هامش الحلم / عماد زولي
- نقض هيجل / هيبت بافي حلبجة
- العدالة الجنائية للأحداث الجانحين؛ الخريطة البنيوية للأطفال ... / بلال عوض سلامة
- المسار الكرونولوجي لمشكلة المعرفة عبر مجرى تاريخ الفكر الفلس ... / حبطيش وعلي
- الإنسان في النظرية الماركسية. لوسيان سيف 1974 / فصل تمفصل عل ... / سعيد العليمى
- أهمية العلوم الاجتماعية في وقتنا الحاضر- البحث في علم الاجتم ... / سعيد زيوش


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - بانشى فى بيتنا .