أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ؟















المزيد.....

لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ؟


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2913 - 2010 / 2 / 10 - 00:54
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


* مقدمة أساسية .

هل الإنسان يفكر بعقله ليجد قناعاته بالأفكار بناء على منطقية الأطروحات ..أم أنه يمنطق الأطروحات لتلبى إحتياجاته النفسية .؟!
وهل العقل يفكر ليصل إلى نتائج بدون وجود دوافع وراء عملية التفكير ..أم أن الدوافع الغريزية والسيكولوجية هى التى تدير وتوجه ماكينة العقل .؟

أرى أن الإنسان لا يفكر إلا عندما تمس مصالحه الذاتية ورغباته الأساسية ..فالإحساس هو من يعطى الإشارة للعقل ليحرك ألياته ويفعل معطياته لينتج حلاً للخروج من أزمة الإنسان .
فنحن لا نفكر إلا هروباً من الألم وبحثاً عن الحاجة واللذة ...ولا نفكر إلا لنحل إشكالية تزلزل وجداننا وتتلمس لها سبيلاً للسلام والأمان .
فمثلاً نحن نألم عندما نمسك أوانى ساخنة ..ونتيجة لهذا الألم تتحرك أليات العقل لتبتكر فكرة تزويد أوانينا بمقابض خشيبية أو لدائن بلاستيكية ..فلولا الألم لما فكرنا فى هذه الفكرة .
وكذلك لم نفكر فى عمل شبك لصيد السمك إلا لنفى حاجة الجسد ..ولم نفكر فى صنع فأس إلا لأنه بواسطته سيعطينا نتائج أفضل لفلاحة الأرض للحصول على المزيد من الشبع.

نحن لا نفكر إلا تحت طلب الحاجة ليس إلا ..فلا نمارس عمليات ذهنية ليس من وراءها أى طائل ..بل نمارس الفكر لنلبى حاجتنا الغريزية وبحثنا الدؤوب نحو الحاجة واللذة عابرين فى الوقت ذاته دروب الألم .

لا أقتنع بقضية أن إنساننا البدئى جلس على ربوة عالية ليفكر فى الوجود والكون ..لا أعتقد أنه جلس يتأمل قصة البعرة والبعير والأثر والمسير..فلا يوجد فكر تأملى بدون الحاجة التى تدفعه لذلك.
فعندما وقع إنساننا البدئى فى إشكاليات وقسوة الطبيعة ..هاله ما جناه من وراءها من ألم ومشقة ..من هنا بدأ الدماغ تحت وطأة المشقة والمعاناة يفكر فى كيفية الخروج من المأزق ودوائر الألم .
بغض النظرعن مستوى تفكيره وماقاده ذهنه إلى تصورات وإستنتاجات فالذى يهمنى أنه لاتوجد ألية للدماغ تعمل بدون حاجة يحركها إما الألم أو اللذة .

نحن نمارس هذه القضية حتى عصرنا الراهن ..فلا يشغلنا معرفة مكنونات أى تكنولوجيا نتعاطاها كوننا نعيش فى توافق وإنسجام معها ولا تسبب لنا إى إزعاج .
ولكن عندما يعطب الموبايل فى أيدينا مثلاً فسيسبب لنا الضيق ..هنا سنفكر فى الخروج من الورطة بعرضه على مهندس للصيانة ..ولو إفترضنا جدلاً عدم وجود مهندس للصيانة فهنا ماذا سنفعل .؟
ستكون حلولنا تعتمد على الخبرات المعرفية ..فمن توفر له بعض من المنهج العلمى المادى ..سيفتح الموبايل ويتلمس دوائره محاولاً أن يجد علاقات بينها تدله على سبب العطب الذى أصاب جهازه ..أما من يفتقد هذه الخبرة سيضطر أن يمارس أى سحر أو تعاويذ أو صلوات أمام جهازه البائس حتى تدب فيه الحياة .
فى كلتا الحالتين لم يتحرك الإنسان للبحث عن حل لإشكالية جهازه المحمول إلا نتيجة الحاجة ورغبته فى تبديد الضيق ( الألم) من الخرس والعطب الذى أصاب جهازه .

هكذا دائما نجد أن العقل يتحرك فى الإتجاه الذى تفرضه رغباته وإحتياجاته حتى يصل إلى عتبات الحاجة والمتعة واللذة ومتفادياً فى الوقت ذاته دروب الألم والقلق ...فلولا الألم لما فكر الإنسان وقدح زناد عقله .

* نأتى إلى سؤالنا الأساسى .

هل المؤمنون يعتقدون بفكرة الله من منطلق فكرى ومنطقى أم أنهم يحاولون أن يطوعوا العقل لإنتقاء الأفكار التى تثبت هذه الفكرة ؟!!..هل لأنهم قى داخلهم يجدون إرتياحية نفسية فى قبول الفكرة ؟!..بل يكون إثارة الغبار حولها مسبباً لألماً نفسياً لا يمكن تحمله ... هل هنا يكون عقل الإنسان الإيمانى يتحرك فى الإطار الذى حددته رغبات المتعة والألم ؟.

إذا كان الإنسان الذى إبتدع الأفكار لتفى حاجته النفسية وكان هذا من البدء ..فماذا عن الإنسان المعاصر ..هل هو مؤمن بالوراثة فحسب؟ ..بالطبع قد نرى أنه مؤمن لأنه جاء فى ظرف زمانى ومكانى منحه هذه الأفكار ..ولكن لا يمكن تفسير الإيمان بهذه الصورة المختزلة ..بل ما نراه من إيمان وراثى هو نتيجة وليس السبب الرئيسى .
الوراثة ما هى إلا الحضانة التى تم تمرير الإيمان منها مشمولاً بحاجاته النفسية التى تم تمريرها معه.
دعونا نذكر القليل من الحاجات النفسية التى تجعل العقل يقبل كل الحمولة الميتافزيقية بل يحاول أن يمنطقها .

- بداية هو الهوية والإنتماء الإجتماعى
الدين والإله يمثل مشروع هوية إجتماعية تجعل الفرد يجد أمانه ووجوده داخل المجموع ..هو الإنتماء للأب والأم والأخوة فى مشروع يظلل هذه العلاقة ويمنحها الإنتماء والدفء ...لذلك يأتى التشبث بالدين والإله كإنتماء لجماعته الإنسانية التى تتمثل فى مركزيتها بوجود الأب والأم والأخوات ..ويأتى التعصب كمزيد من الإغراق العاطفى والتماهى فى الجماعة ..بحيث يجتاح المؤمن الشعور بأن الأخر يمثل تهديد لهويته ووجوده .

-الإله والدين يمثل ملجأ وملاذ للنفس المتعبة والغير مدركة للأسباب الموضوعية لمتاعبها ..فبه تتجاوز الظلم والإضطهاد وشظف العيش .
فعندما نقول بأن الله سينصفنا فى العالم الأخروى ويعوضنا خيراً وفيراً ولن يتوانى أيضاً عن إجتثات ظالمينا ومغتصبينا ..فهنا نحن نعبر بالفكرة من الألم إلى المتعة ...صحيح أننا تعاملنا مع الفكرة كمخدر ولكن يكون هو أفضل فى حالة الضعف والعجز وعدم إدراك الظرف الموضوعى للحدث ..أى أن هذه الرؤية أبدعناها لعجزنا أمام الألم ورغبتنا فى تجاوزه.

- الإله يقدم حلول لعجزنا عن تجاوز الطبيعة .
بالرغم من أن الإنسان المعاصر حل الكثير من الإشكاليات فمازلنا نجد من الطبيعة أشياء تؤلمنا كالمرض الذى يصيبنا ويصيب أحباءنا ..أو الأحداث المأساوية التى تحل علينا فجأة فتجعلنا نتجرع الألم .
نلاحظ أننا لم نعد نقدم القرابين عندما نصاب بالأمراض التى نعرف أن لها علاجاً ..ولكننا نقدم الصلوات والنذور عندما نصاب بالسرطان .
فبالله نخلق السند النفسى الذى يجعلنا نتجاوز الألم ويعزينا عن مصابنا ..

-فكرة الله ترضى غرورنا بتجاوز الموت .
من حبنا للحياة وتشبثنا بها مع بعض الغرور الذى لا يستهان به والذى يجعلنا نرفض أن نكون مثل أى كائن حى مصيره للفناء والزوال ..وتحت تأثير هذه الحاجة دارت ماكينات العقل لتخلق فكرة الله الذى يجعلنا نتجاوز الموت ونعيش حياة أخرى ولتكن خالدة فى هذه المرة .
أسأل سؤال على الهامش
ماذا لو جاءتنا جدلاً رسالة إعتذار من السماء بأنه لاتوجد حياة أخرى وأنها حياة واحدة .
هل يعتقد أحد أن هناك إنسان سيبدد دقيقة من وقته فى الصلاة وممارسة الطقوس .
فلنفكر فى هذا الأمر لندرك أن عقلنا إبتكر الفكرة لتفى بحاجة معينة .

هناك العشرات من الأسباب التى تجعل المرء يتشبث بالمعتقدات ..وكل هذه الأسباب قاطبة تتعامل مع الحاجات والرغبات الإنسانية التى فرضت وجودها ليقوم العقل بإبداع الحلول التى تمنح النفس الأمل واللذة أو تحاول أن تجعله يسلك هذا الأمر .
لاتكون رؤيتى فى أن فكرة الله والدين هى لتلبية إحتياجات نفسية هو إدعاء يلقى ..فيكفى أن نرى أنه ليس هناك عامل مادى وحيد ومحقق ويمكن تلمسه من جراء التعامل مع الفكرة . !!

هنا ...نجد أن الوقود الذى يحرك العقل للفعل والتفاعل هى الحاجات التى توفر له مناخ من الأمان والمتعة واللذة ..وتجنبه فى الوقت ذاته مشاعر الألم والضيق والحزن .

يهمنى أن ندرك ماهو الوقود الذى نضعه لندفع ألية الدماغ للعمل ..وسيقودنا هذا بالفعل إلى عقم وعبثية المجادلات التى تتم بين طرفين دينين مثلاً يجد كل منهما أمانه وسلامه فى معسكر أحاسيسه ومشاعره بالرغم أن خرافاته لا تقل شأنا عن خرافات زميله .

قد يكون من المجدى لتغيير الأفكار هو محاولة خلق حالة نفسانية ووجدانية مختلفة تجد أمانها النفسى فى مفردات جديدة ترتكز على فهم موضوعى للحدث ..حينها ستتغير وتتبدل المواقف والأفكار .




#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- إله راصد ..أم إله نزيه ..أم فكرة مبدعة .
- - رشيد - وموقفه من الإعراب الإلهى .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (4) _ تكريس العنصرية والكراهية .
- الصراع العربى الإسرائيلى وإشكاليات الخطابات الإلهية .
- حاجات غريبة .!!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (3) _ إستحضار العنف وتصعيده .
- الساسة يسطرون الأديان - اليهودية كنموذج .
- السادة يخلقون الأديان .
- حاجة غريبة .. الله ومسلسل التحريف .
- المقدس والتغييب وسر التخلف .
- خرافات الأديان (2) - خلق الأرض والنبات قبل السموات .!
- الإنسان والذهب .
- أشياء تدعو للخجل (2) - تحليل الدعارة .
- القضاء والقدر والمكتوب .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (2)
- أشياء تدعو للخجل (1) - إبراهيم خليل الله .
- خرافات الأديان (1) - الحر هو من فيح جهنم .
- حد فاهم حاجة .
- الصحراء تفرض كلمتها .
- النكاح فوق التنور .


المزيد.....




- وفاة قيادي بارز في الحركة الإسلامية بالمغرب.. من هو؟!
- لمتابعة أغاني البيبي لطفلك..استقبل حالاً تردد قناة طيور الجن ...
- قادة الجيش الايراني يجددن العهد والبيعة لمبادىء مفجر الثورة ...
- ” نزليهم كلهم وارتاحي من زن العيال” تردد قنوات الأطفال قناة ...
- الشرطة الأسترالية تعتبر هجوم الكنيسة -عملا إرهابيا-  
- إيهود باراك: وزراء يدفعون نتنياهو لتصعيد الصراع بغية تعجيل ظ ...
- الشرطة الأسترالية: هجوم الكنيسة في سيدني إرهابي
- مصر.. عالم أزهري يعلق على حديث أمين الفتوى عن -وزن الروح-
- شاهد: هكذا بدت كاتدرائية نوتردام في باريس بعد خمس سنوات على ...
- موندويس: الجالية اليهودية الليبرالية بأميركا بدأت في التشقق ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ؟