أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - إنهم يروضون الإنسان كيف يكون منبطحاً .















المزيد.....

إنهم يروضون الإنسان كيف يكون منبطحاً .


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2917 - 2010 / 2 / 14 - 11:10
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


* المشهد الأول .

كنت أتسائل فى طفولتى عن سر الممارسات الطقسية التى يمارسها البشر ..
لماذا السجود ؟..ولماذا الركوع ؟..ولماذا هذا العدد من الركعات ؟
لماذا يتم ترديد كلمات معينة مع كل سجدة أو ركعة ؟
ماهو السر وراء اللف والدوران حول الأماكن المقدسة بعدد معين من اللفات؟
وما الفائدة من تقبيل الحجر والأيقونة والعتبات وهم فى النهاية لا يزيدوا عن كونهم حجارة أو صور أو عتبات ؟ .

لماذا يصلى الإنسان فى إتجاه معين ..أليس الله موجود فى كل مكان .؟
هل الله لا يستجيب للصلوات إلا بهذه الحركات وتلك الممارسات الروتينية ؟
هل هناك تأثير يحل علينا من تقبيل الحجر أو الأيقونة أو الأعتاب ؟

ما هو السر الذى يقبع وراء كل الممارسات الطقسية ؟
هل الله يمسك بورقة وقلم ليعد علينا ركعاتنا ؟ ..وهل يزعجه أن ننتقص من ركعة ما ؟!
هل الكلمات والعبارات الروتينية التى نرددها ترضى مزاجه حتى لو تمت بشكل ببغائى تفتقد إلى أى فهم أو تركيز ؟
هل كل ما يرضيه أن نمارس صلواتنا كشريط كاسيت أو بروجرام معد سلفا ؟

كانت هذه هى أسئلتى القديمة كطفل ..ولم تجد لها إجابات وفى أحسن الأحوال كانت تعطى لى إجابات مبتسرة ومتعجلة لتزيد مساحة الأسئلة و الحيرة والدهشة .. و مازلت أرى أن هذه الأسئلة قابلة للطرح والتعاطى .

* المشهد الثانى .

فى دراستى الجامعية كنت أندهش من بعض أساتذتى المرموقين والذين كانوا يتولوا تعليمنا أرقى العلوم الهندسية .
مبعث دهشتى أننى كنت أراهم يحملون تركيبة عقلية مزدوجة .!!

فأراهم يصرون على إتباع التفكير العلمى الصارم فى التعامل مع الأشياء ..فتكون الأسئلة موجهة لنا مثلاً عن سبب حدوث هذا الإنهيار أو الشروخ للمبنى وماهى القوى التى أثرت عليه وكيف نحسبها ونقيسها ؟
ثم أراهم بعد إنتهاء المحاضرات يخوضون فى أحاديث عن الجن والعفاريت والملائكة ذوات الأجنحة ..وهذا الجن الذى يتبول فى أذن المؤمن تارة ويشاركه الطعام والنكاح تارة أخرى ليستقر تحت أنفه فى نهاية المطاف ..لا يملون عن الحديث عن المرأة التى حبلت بدون رجل ..أو ذلك العجل الطائر فى الفضاء كمركبة قضائية .
مثل هكذا قصص وخرافات وجدتها تتردد على ألسنة أساتذة مرموقين ومحترمين ليصبح التناقض هائلاً ويولد سؤال كبير كيف يجتمع النقيضين .؟!


* المشهد الثالث .

أنتهى من دراستى الجامعية لألتحق بالجيش لخدمة الوطن ..فهالنى حجم التعنت والعبثية فى ممارسة طوابير مملة وليس لها أى معنى ..فعلينا أن نقف فى الوضع "صفا" ..هذا غير الوقوف فى الوضع "إنتباه "..وعلينا ان نمشى بطريقة محددة ونصطف بطريقة معينة .
قلت فى عقلى هل بهكذا طوابير سخيفة سنقدر على محاربة إسرائيل ؟!..أليس بهكذا نظام أجوف خسرنا حروبنا مع العدو الصهيونى .؟

أعترف أننى كنت مخطئاً فى هذه الرؤية ..
فالجيش لن يستطيع إنجاز أى مهمة قتالية إلا من خلال تنفيذ الأوامر وبشكل صارم وبدون أى نقاش أو تفكير ..لذلك لابد من تهيأة المجند لهذا النظام .
فتكون الطوابير السخيفة التى مارسناها هى طريقة لبرمجتنا بحيث ننفذها بدون وعى أو تذمر أو جدال .
أن يعتاد الإنسان أن يمارس فعلاً حركياً بدون أن يستوقفه أو يناقشه أو ينتقده هو قمة الإنسحاق والطاعة.
إنه بهكذا أسلوب يصبح المرء مبرمجاً بشكل جيد ويتعود على تنفيذ الأوامر التى توجه له بدون أن يفكر فيها , فيكون مجهزاً بأن ينفذ أى أمر قتالى دون أن يتردد .

* إنه الترويض .

وكما تم ترويض الجنود على أن يصبحوا مبرمجين لتنفيذ الأوامر بهكذا طريقة ..فكذلك يتم ترويض المؤمنين بنفس المنهجية ..فتجدهم يمارسون فعلاً حركياً محددا ًمابين السجود أو الركوع أو القيام ..أو تجدهم يلفون حول أماكنهم المقدسة ..أو يقبلون تلك الأيقونة أو الحجر أو يتلمسون العتبات والأستار .
السر وراء هذه الحركات التى يمارسها المؤمنون هو ترويضهم ..فى أن يمارسوا فعلاً حركياً مادياً بدون وعى ..وبدون أسئلة .. فلا يثيرهم سؤال لماذا يفعلون هكذا..وماذا يضر إذا زادوا أو إنتقصوا .؟
فعندما يمارس الإنسان فعلاً مادياً بدون أن يفكر فيه أو يستوقفه يكون هو نهاية العقل وإنتحاره ...يصبح العقل قد وصل إلى حالة من الجمود والتسليم والإستسلام فيسهل حينها تمرير قصص وأساطير وإفتراضات بدون أن تجد مقاومة ذهنية بعد أن وصل العقل لمثواه الأخير .
النظرية المنشودة هى أن يصبح المرء جزء من المنظومة المتقولبة لا يفكر ولا يجادل ولا ينقد ..يصبح مثل حال الجندى الذى تحدثنا عنه فى تنفيذه للأوامر بدون مناقشة بعد أن تم إعداده وتجهيزه من خلال الطوابير السخيفة التى يؤدى فيها حركات ليس لها معنى ولاهدف سوى الإنسحاق .

سر الإيمان أن تتحول إلى بروجرام يمارس أفعال بدون تفكير ..أن يتم تخدير العقل بإستمرار وبإلحاح حتى لا يتبقى منه شيئا ...فالإيمان يفتقد أن يقدم لك شيئا ملموساً ومنطقياً سوى أن تتقبل ما يعرض عليك ولا تدخل المدعو العقل النقدى فى السياق .

هنا يمارس الطقس عمله على أكمل وجه ..فيحول البشر إلى قطيع يمارس أفعال روتينية بلا معنى بدون أن يستوقفهم شئ .
تبدأ الممارسات الأولى من الطفولة ولا يجد الطفل بداً من تقليد الكبار لثقته أن أبوه يفعل شيئاً حسناً ..علاوة أن ممارسته للصلاة تجلب عليه إستحسان أهله وذويه .
يقتل العقل من البدايات الأولى وينضم الطفل إلى القطيع .

عندما يصل المرء إلى هذه الحالة التى تم قهره فيها وتحول إلى بروجرام ,, يكون من السهولة حينئذ ملأ رأسه وتعبئتها بقصص الجن والعفاريت والشياطين وكل قائمة الخرافة والأساطير .
لنصل فى نهاية المطاف إلى أستاذى الجامعى الذى يدرس أرقى العلوم الحديثة ويملأ عقله بأفكار ميتافزيقية وخرافية ...أستاذى مارس التعامل مع الطقوس منذ طفولته بدون أن يسأل ويعى وتبرمج على هذه الطريقة ليتم تمرير كم هائل من الخرافة فى ذهنه بعد أن فقد العقل الحرية والقدرة على السؤال ليصبح عقلاً منبطحاً قابلاً لأى شئ يتم تغليفه بالمقدس .

لا تكون النظريات والعلوم بالنسبة لأساتذتى سوى طريقة فى التعامل مع المادة بالمعادلات والعمليات الحسابية ليس إلا ..ولكن يستحيل أن تخلق من هذا الجب فكرة مبدعة كون العقل لا يبدع إلا عندما يمتلك حريته وقدرته على النقد والتحليل والرصد والذى تم إغتياله من زمن ليس بقريب .

خطورة العقل الذى تم ترويضه أنه عقل غير قادر أن يخرج عن دائرة ما تم تلقينه ..وتمد المنظومة بظلالها لتجد من يتعاطى مع العلم ذاته فلا يزيد عن كونه قد تم شحنه بكم من المعلومات لا يستطيع أن يضيف لها أو يبدع فيها لأنه ببساطة تعود على التلقين بدون تفكير ... تعود أن يستقبل المعلومة والفكرة دون أن يفكر فيها وينتقدها .

ويقولون لك لماذا نحن متخلفون .؟



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحن نخلق ألهتنا (1) _ الله المقاتل .
- الأخلاق لا تأتى من السماء ..إنها تخرج من الأرض .
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ؟
- إله راصد ..أم إله نزيه ..أم فكرة مبدعة .
- - رشيد - وموقفه من الإعراب الإلهى .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (4) _ تكريس العنصرية والكراهية .
- الصراع العربى الإسرائيلى وإشكاليات الخطابات الإلهية .
- حاجات غريبة .!!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (3) _ إستحضار العنف وتصعيده .
- الساسة يسطرون الأديان - اليهودية كنموذج .
- السادة يخلقون الأديان .
- حاجة غريبة .. الله ومسلسل التحريف .
- المقدس والتغييب وسر التخلف .
- خرافات الأديان (2) - خلق الأرض والنبات قبل السموات .!
- الإنسان والذهب .
- أشياء تدعو للخجل (2) - تحليل الدعارة .
- القضاء والقدر والمكتوب .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا . (2)
- أشياء تدعو للخجل (1) - إبراهيم خليل الله .
- خرافات الأديان (1) - الحر هو من فيح جهنم .


المزيد.....




- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- أول رد من سيف الإسلام القذافي على بيان الزنتان حول ترشحه لرئ ...
- قوى عسكرية وأمنية واجتماعية بمدينة الزنتان تدعم ترشح سيف الإ ...
- صالة رياضية -وفق الشريعة- في بريطانيا.. القصة الحقيقية
- تمهيدا لبناء الهيكل المزعوم.. خطة إسرائيلية لتغيير الواقع با ...
- السلطات الفرنسية تتعهد بالتصدي للحروب الدينية في المدارس
- -الإسلام انتشر في روسيا بجهود الصحابة-.. معرض روسي مصري في د ...
- منظمة يهودية تستخدم تصنيف -معاداة السامية- للضغط على الجامعا ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...
- بسبب التحيز لإسرائيل.. محرر يهودي يستقيل من عمله في الإذاعة ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - إنهم يروضون الإنسان كيف يكون منبطحاً .