أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - نحن نخلق ألهتنا (4) _ الله باعثا ً















المزيد.....

نحن نخلق ألهتنا (4) _ الله باعثا ً


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 2931 - 2010 / 3 / 1 - 23:38
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


أين ذهبت أجساد عشرات ومئات المليارات من البشر منذ فجر التاريخ .؟!!
لماذا لا نجد أجسادهم ؟! ..وإذا وجدنا شئ فلا يعدو سوى أثار قليلة من العظام البشرية نقيم على أساسها مؤتمرات بحثية وعلمية .
أين ذهب أجساد المليارات والمليارت من البشر ؟
إنهم فى أجسادنا .!!

فى مقال سابق لى بعنوان "أجسادنا ليست ملكا ً لنا" ..تطرقت لفكرة أن أجسادنا ماهى إلا دورة داخل دورات الطبيعة ..وأن جزئيات أجسادنا ما هى إلا جزيئات تجمعت من كائنات أخرى سواء إنسان أو حيوان أو نبات .

فنحن نموت فتتحل وتتفسخ أجسادنا وتصبح وجبة شهية لدود وحشرات الأرض ..أى أن جزيئات أجسادنا إنتقلت إلى جوف حشرات ودود .
الحشرة والدودة مصيرها الموت والتحلل هى الأخري لتتغذى عليها فطريات تحللها فى التربة إلى مكونات عضوية .
أى أن أجسادنا تحللت فى التربة إلى مكونات عضوية بسيطة ..ليأتى النبات ليمتصها وتدخل فى التركيب البنائى له .
النبات مصيره فى النهاية أن يكون فى جوف حيوان أو إنسان أو طائر صغير أو قد يذبل ويموت ويتحلل فى نفس الأرض .
إذا مصير جزيئاتنا التى إنتقلت إلى التكوين البنائى للنبات هو أننا أصبحنا فى جوف كائن حى أخر .!!
إذن من الممكن جداً أن تنتقل جزيئات أجسادنا إلى داخل جسد إنسان أخر حى تناول هذا النبات وأكله ..وتحول داخل جسده إلى تركيبه البنائى والحيوى ..ومنه تكون لديه حيوان منوى من جزيئاتنا السابقة .!!
وندخل هكذا فى حلقة أخرى من دورات الحياة .

هذه صورة مبسطة لدورة الحياة فى الطبيعة وما يزيد كلامى وثوقاً نظرية قانون بقاء المادة .
فإذا كان الوجود به مليون جزئ مثلا ً ..فهذه المليون جزئ موجودة من مليار سنه حتى الأن ولم يزيدوا أو يقلوا جزئ واحد ... والحياة هى تحولات دائمة ومستمرة فى داخل المليون جزئ من صورة لأخرى .

بعد هذا السرد هناك من يتصور أنه سيبعث ثانية فى يوم القيامة !!..فكيف يتم التجميع ثانية وكل جزئ من أجسادنا تبدد وإمتزج فى ملايين الكائنات الأخرى .!!!
بالطبع لن تجد أجابة مقنعة سوى إحالة هذا إلى الله الذى خلق ...وهو القادر على إعادة التجميع ..!!
وكأن الخلق ذاته مقبول عقلياً ..أن تأتى مادة من العدم لتحطم كل ما نشاهده فى الوجود من بقاء للمادة وعدم خلقها أو فناءها .

لا يجب أن نجد من يتمطع ليدافع عن يوم البعث وعملية التجميع المستحيلة لأنه لا يملك دليل مادى واحد يثبت وجود حياة بعد الموت بل مجرد أقوال توارثها من الأقدمين .
و بالرغم من كل الميديا الهائلة المصاحبة لفكرة الحياة بعد الموت من أهوال ليوم القيامة إلى المحرقة الأزلية إلى المنتجع السياحى الزاخر بالطعام والخمر والنسوان فلا يوجد دليل واحد بائس يعضد هذه الرؤية .

وطالما لا يوجد دليل واحد يثبت هذا الإدعاء الهائل فلابد له أن يتحصن من الإقتراب والسؤال والنقد , فتوضع فرضية العالم الأخر فى صلب مقومات الإيمان .!!
فالإيمان عملية تصديق وتسليم بفكرة محددة بدون الجدال حولها أو التشكيك بها أو نفيها لأن إثارة السؤال والتشكيك والنفى حولها سيخرجك من العملية الإيمانية .. وتتفاوت النتائج المترتبة عن خروجك من حظيرة الإيمان مابين رميك بالكفر والضلال إلى إستحلال دمك .!

شئ غريب ..!!
إدعاء ضخم بعالم أخر يحظى بكل هذه الميديا لدرجة أن لا يتورع مخبول فى فصل رأسك عن جسدك لعدم قناعتك بها.. ولعدم وجود دليل واحد يؤكدها ..بل أن العقل والمنطق وشواهد الحياة لا تجعلها أكثر من خرافة تتحصن وراء أسوار الإيمان والتصديق .

إذن لماذا هناك هذا اليقين الغريب بيوم للبعث والحياة الخالدة فى عالم أخر ؟
إنه الإنسان بادع كل الأفكار التى تفى بإحتياجاته ومتطلباته النفسية .

الإنسان كائن واعى أدرك الحياة والموت ...ومن إدراكه جاءت معاناته فى قبول الموت الذى يعتبر الحقيقة الكبرى الذى قبلها على مضض ولكنه يحمل فى داخله رفض عميق له بحكم أنه نهاية للحياة والأحلام واللذة .
لو أغمضنا عيوننا لمدة دقائق فى حالة من الإسترخاء الشديد ..وتصورنا أننا سنموت يوماً ونفقد أى قدرة على الحياة ..وتم إلقاءنا فى حفرة صغيرة تحت الأرض وأهالوا التراب علينا ..وإنتهى كل شئ ..لا حياة أخرى ولا أمل ولا إستمرار بل عدم وزوال ..ماذا سيكون رد فعلنا فى هذا التأمل .؟!

غرورالإنسان مع أماله شكلت نواة فكرة الحياة مرة أخرى ..والتى يعبر بها الموت و قسوته كفناء وعدم .
يكون الإله الباعث هو الذى سيوفر الإمكانية للإنتقال من عالم الموت إلى عالم الحياة مرة أخرى نحو مزيد من البقاء والمتعة لتمتد الفنتازيا السرابية بجعل الحلم الإنسانى بلا سقف ..فلا حدود فى الحياة الأخرى فهى ممتدة خالدة بلا نهاية لها .!!
ولا بأس أن ينقل الإنسان كل حمولة أحاسيسه وأحلامه فى المتعة واللذة الحسية المتمثلة فى الطعام والشراب والجنس إلى عالمه الجديد جاعلا ً إياها بلا حدود وبلا نهاية وبلا ألم .

إنه حلم الإنسان فى تجاوز الموت الذى حفر أخاديد من الألم والقسوة فى النفس البشرية ..حلم العبور إلى الحياة مرة أخرى والتشبث بالحياة والوجود .

بالرغم من وجود صفات كثيرة للإله , إلا أن صفة الإله الباعث هى أهم صفة تعني أوهام الإنسان , لأنها جسر عبور الموت وإستمرار للحياة مع لذة مرتقبة هى إمتداد للذتنا .

حتى الإنسان المعاصر الذى ملأ معظم الفجوات المعرفية والتى كان الإله حاضراً فيها بكل قوة كتفسير الأمطار والفيضان والزلزال والمرض والرزق ليصل بإدراكه أن كل الظواهر هى أفعال مادية بحتة .
فلم تتبقى إلا فكرة الإله الباعث كمبرر قوى لوجود الإله فبه يحلم مثل أجداده فى عبور الموت وخلق الحياة والمتعة .

عندى سؤال إفتراضى لا يقل شأناً عن فرضية الحياة فى عالم ماورائى ..

ماذا لو جاءتنا رسالة مكتوبة على صفحة السماء مفداها :
" عذراً أيها الإنسان لا توجد حياة بعد موتك ..وعذراً عن إستضافتك عندى ..هى حياة واحدة تنتهى بموتك "

لو تأملنا هذه الفرضية هل تتوقع أن يوجد إنسان سيبدد دقيقة من وقته فى الصلوات والعبادات ؟!!
ستسقط كل الأساطير والميثولوجيا والطقوس ..وسيعيش الإنسان الحياة .

عالم أخر هو حلم خلقناه من رغبتنا فى البقاء والحياة والديمومة متجاوزين الموت وعبثيته وألامه ..راغبين فى مزيد من الحياة والمتعة واللذة .
لن نتوانى أن نخلق الإله الذى يعبر بنا عالم الموت وشريطة أن يكون باعثا ً ..وسنتجاوز فكرة أننا نتبدد فى كل الوجود لأننا نريد أن نعيش وسنجعل الإله بجرة قلم يعيد تجميعنا .!!

من هنا نفهم أننا لم نقيم كل هذه المنظومة إلا تحت حلم ورغبة فى تجاوز الموت والرغبة فى الحياة مجدداً بعالم ملئ باللذة .
ألهتنا نخلق فيها ما نريده لتفى رغباتنا وإحتياجاتنا النفسية و أحلامنا السرابية ..وإن لم يكن للإله صفة سوى أنه الباعث فهذا يكفينا جدا ً.



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- خواطر فى الوجود والإنسان والله _ الأرض حبة رمال تافهة .
- نحن نخلق ألهتنا (3) _ الله عادلا ً .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (6 ) _ أشلاء إنسان .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (5) _ إغتصاب الطفولة .
- نحن نخلق ألهتنا (2) _ الله رحيماً ومنتقماً .
- إنهم يروضون الإنسان كيف يكون منبطحاً .
- نحن نخلق ألهتنا (1) _ الله المقاتل .
- الأخلاق لا تأتى من السماء ..إنها تخرج من الأرض .
- لماذا يؤمنون ..وكيف يعتقدون ؟
- إله راصد ..أم إله نزيه ..أم فكرة مبدعة .
- - رشيد - وموقفه من الإعراب الإلهى .
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (4) _ تكريس العنصرية والكراهية .
- الصراع العربى الإسرائيلى وإشكاليات الخطابات الإلهية .
- حاجات غريبة .!!
- الدين عندما ينتهك إنسانيتنا (3) _ إستحضار العنف وتصعيده .
- الساسة يسطرون الأديان - اليهودية كنموذج .
- السادة يخلقون الأديان .
- حاجة غريبة .. الله ومسلسل التحريف .
- المقدس والتغييب وسر التخلف .
- خرافات الأديان (2) - خلق الأرض والنبات قبل السموات .!


المزيد.....




- ماذا نعرف عن كتيبة نيتسح يهودا العسكرية الإسرائيلية المُهددة ...
- تهريب بالأكياس.. محاولات محمومة لذبح -قربان الفصح- اليهودي ب ...
- ماما جابت بيبي أجمل أغاني قناة طيور الجنة اضبطها الآن على تر ...
- اسلامي: المراكز النووية في البلاد محصنة امنيا مائة بالمائة
- تمثل من قتلوا أو أسروا يوم السابع من أكتوبر.. مقاعد فارغة عل ...
- تنبأ فلكيوهم بوقت وقوعها وأحصوا ضحاياها بالملايين ولم تُحدث ...
- منظمة يهودية تطالب بإقالة قائد شرطة لندن بعد منع رئيسها من ا ...
- تحذيرات من -قرابين الفصح- العبري ودعوات لحماية المسجد الأقصى ...
- شاهد: مع حلول عيد الفصح.. اليهود المتدينون يحرقون الخبز المخ ...
- ماذا تعرف عن كتيبة -نتسيح يهودا- الموعودة بالعقوبات الأميركي ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - سامى لبيب - نحن نخلق ألهتنا (4) _ الله باعثا ً