أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض الأسدي - لا يصلح العطار ما افسده الاميركان!















المزيد.....

لا يصلح العطار ما افسده الاميركان!


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2735 - 2009 / 8 / 11 - 04:32
المحور: كتابات ساخرة
    


مرة أخرى تتصدر الدعوة إلى القائمة المفتوحة في الانتخابات العراقية المقبلة إلى مجلس النواب مكانا مميزا في سلسلة الجدل الدائر حول افضل الطرق الانتخابية لتمثيل العراقيين في مجلس النواب القادم في نهاية هذا العام. ومرة أخرى يشار بقوة – من الجهات التي شرعنت للقائمة المغلقة من قبل طائفية وإقليمية ومحتلة- إلى ضرورة تغيير النظام الانتخابي الحالي من القائمة المغلقة إلى القائمة المفتوحة – مرحى!- بعد أن سجل الشعب العراقي نسبة ضئيلة في الاقبال على انتخابات مجالس المحافظات الأخيرة، يقول العراقيون في وصف القائمة المغلقة مثلا دارجا: لا يعرف رجلها من حماها! وبعد ان اصيبت (العملية السياسية) بمرض (العملياتية) المزمن الذي يشبه البهاق على وجوه الطائفيين والعرقيين وبأفدح الخسائر على المستويين الاخلاقي أولا والمستقبلي ثانيا، حتى بات من الصعب السكوت.. " لم يعد الصمت ممكنا" كما صرح به روجيه غارودي في معرض نقده للماركسية والحزب الشيوعي الفرنسي (جورج مارشيه) في عقد السبعينات من القرن الماضي. لم يعد الصمت ممكنا بل جريمة في حق الشعب العراقي تضاف إلى سلسلة الجرائم التي اقترفت ضده قبل وبعد الاحتلال.
بالطبع إن اعتماد النظام الانتخابي على القائمة المغلقة ليس سيئا في جميع البلدان، فإسرائيل -على سبيل المثال- تعد من اقدم (الديمقراطيات اليهودية: ضد الجوييم = الآخرون من غير اليهود) في منطقة الشرق الأوسط؛ على الرغم من إنها من أعتى أنظمة الفصل العنصري التي عرفها العالم المعاصر، هي لا تزال منذ عام 1948 تعتمد نظام القائمة المغلقة لأنها قد ارتقت - كما هو معروف- بمجتمعها إلى مراحل حضارية عالية ( نظام البالماخ + ليبرالية غربية) حيث يتمكن فيها الناخب من تمييز قائمته المفضلة التي تمثله عن غيرها من القوائم الانتخابية، فضلا عن الخارطة التجزيئية التي عرفها الخليط اليهودي: سفارديم، أشكناز، يهود روس، فلاشا، يهود أصوليون حداسا، يهود ليبراليون، يهود مؤمنون يهود ملحدون!.. المهم ان تكون الصفة اليهودية هي الملازمة للجميع.
لكن مجتمعا كالمجتمع العراقي (صاحب ثاني أعلى رقم في العالم من حيث التقسيم الاثني بعد الصومال) لم يسبق له أن عاش تجارب ديمقراطية حقيقية على الإطلاق لتكون القائمة المغلقة أسلوبا لتجزئته طائفيا وعرقيا ولتؤسس فيه نظام محاصصة شاملا؛ هذا ما اتبعه بول بريمر بعد الاحتلال الاميركي، وكان أسلوبه المميز من خلال عرّابه القانوني للقائمة المغلقة (نوح فيلدمان) حيث رأيا فيها خير وسيلة للإبقاء على صورة (مجلس الحكم) الكالحة بطريقة شرعية هذه المرة: تلك الصورة الكاريكاتورية الغائمة التي ابدعها الاحتلال الأميركي ولم يسجل مثلها قط على مستوى العالم: لكل شهر حاكم (رئيس) معين! – هاللو عراقيون! لكل شهر أمير..! مميزون حتى في نظام الحكم- ولكن من جهة اخرى: سوف يكتب التاريخ بأحرف دموية العن الكلمات في وصم تلك المدة من حياة العراق السياسية. تماما مثلما سيكتب عن عموم ما يعرف بالتجربة السياسية الحالية التي يصرّ بعضهم على نعتها ب(العملية السياسية) تيمنا بعملية السلام الكيسنجرية في الشرق الاوسط دون أن ترشح هذه العملية بمباضعها المختلفة وسكاكينها الملونة إلا عن مزيد من الخراب والدم الفاسد والدمل والبهاق الذي هو أسرع في الإصابة من فلاونزا الخنازير. ودون ان تؤدي عملية السلام الكيسنجرية إلى طريق منذ أكثر من ثلاثين عاما. وربما سيطال الزمن العملية السياسية العراقية أيضا. هذه العملية السياسية المزعومة هي التي أحدثت ما يكفي من شروخ في المنظومة القيمية للشعب العراقي وبناء الإنسان على أسس جمعية كما هو معمول به في معظم البلدان والأمم المتقدمة. وها هي بوادر تفكك نظام إدارة الدولة البريمري - في الدعوة إلى القائمة المفتوحة- هذا النظام الذي وافق عليه (كتبة الدستور) الذين سجلوا أقل المدد في خطاطته إذ يمكنهم دخول كتاب غينس للأرقام القياسية في هذا المجال- هلللويا! على طريقة المبشّرة الانجيلية جويس ماير- فالشعوب تعيش سنوات طويلة لكتابة دساتيرها (الولايات المتحدة 13 عاما وإسرائيل حتى هذه اللحظة بلا دستور مكتوب!) وحتى عشرات السنين أيضا، كما في التجارب البريطانية السياسية العرفية، وهي تستقدم لذلك كبار خبرائها من المشرعين والقانونيين وعلماء السياسة والاجتماع والاقتصاد، ولا تتحول من مادة إلى أخرى ومن فصل لآخر إلا بعد أن تشبع الصياغات والأفكار نقاشا وتعميقا وتثبيتا ورضا – اليس هو ما يعرف بالقانون الاساسي الذي ترشح عنه جميع القوانين الاخرى؟ - من اجل الوحدة الوطنية ومن كلّ الاوجه وبآلاف المرات؛ لكننا اصحاب دستور لم يبق في أيدي كاتبيه وواضعيه الجهابذة إلا شهرين أو اكثر بقليل فابتدعوا فيه ما يعرف بنظام الأقاليم: سؤال: لماذا لا يطالب الاسكوتلنديون بأقليم خاص بهم تمهيدا لكونفدرالية ثم الانفصال بعد ذلك؟! فقد كان لابد من شرعنة تجزئة العراق – على الطريقة البايدنية- عن طريق نظام الأقاليم (وليس توسيع صلاحيات المحافظات كحل وطني وعملي: نظام الولايات المتحدة العراقية) ثم وضع الركائز المستقبلية لعدم عودته دولة قوية ذات تأثير اقليمي واضح كما هو في تاريخه السياسي القديم والوسيط والمعاصر. ومن ثم شرعنة كونفدراليات (كانتونات) مستقبلية يُراد منها تحويل العراق إلى كيان سياسي هش دائما على مستوى سياسته الداخلية والخارجية معا، ومن ثم الاجهاز على النسيج الاجتماعي والتاريخي لشعبه الذي بقي متماسكا على مدى ستة آلاف عام. ولتحقيق الهدف النهائي من كلّ تلك الخلطة السحرية العجيبة: فصل العراق عن محيطه العربي.
وبمراجعة مبسطة للإستراتيجية الإسرائيلية قبل خمسين عاما – اناس تخطط وتنفذ واناس تخرب وتشعوذ- نرى أنها تسعى إلى عاملين أساسيين لمن اراد التوسع بحثا من اخواتي وأخوتي القراء الكرام وهي على الشكل التالي:
- الانقضاض بقوة العسكر والترهيب بالقوة الماحقة: التلويح باسلحة الدمار الشامل ( نظرية الردع الدائم الإسرائيلية) على دول الطوق العربي ومن ثم تطبيع العلاقات معها لتكون جسرا لدول السَوْق العربي (الدول المحيطة بدول الطوق كالعراق والسعودية والسودان وليبيا والجزائر..)
- تنشيط وبعث حركة الأثنيات في هذه الدول بما في ذلك دول الطوق نفسها( لاحظ تصريحات الملك الأردني الاخيرة حول هوية الأردن وربما إثارة قضايا الشركس او من هم من أصل فلسطيني وكذلك كرد سوريا: أحداث القامشلي، ثم تطور قضية الأقباط في مصر والمنطقة الشرقية في السعودية)
- العمل على عدم ظهور رأس عربي توحيدي - مهما كانت هويته السياسية دكتاتوري أو ديمقراطي- بعد مرحلة عبد الناصر والملك فيصل بن عبد العزيز وياسر عرفات وبأي ثمن.
- إعلان إسرائيل دولة يهودية خالصة وغلق ملف العودة للفلسطينيين نهائيا والعمل على ملف (تهجير) فلسطينيي عام 1948: إعلان القدس عاصمة أبدية لأسرائيل)
بالطبع سيصرخ (أبناء ماسون الجدد) من بعض الكتبة أو الإعلاميين العرب: هاهي نظرية المؤامرة تطل برأسها! حسنا ولماذا لاتقرأون أيها السادة لتعرفوا حجم التحديات التي تواجه شعوب المنطقة؟ أم إننا أقل الشعوب قراءة في العالم حسب رأي مناحيم بيغن؟ ولن تعمل هذه الاستراتيجية على الورق وحده كما هي مقررات الحكام العرب المختلفة في قممهم العربية المتعاقبة، وستجد الإستراتيجية الإسرائيلية عشرات المنافذ لأوضاع عربية دكتاتورية هشة ودول لا تعنى بشعوبها وتلحق بها افدح الهزائم العسكرية. لذلك تعمل إسرائيل مع ثلة من الاوضاع العربية المتردية والمستدامة في عدم ظهور شعوب عربية ممثلة على نحو سليم في برلماناتها الشكلية أو المقلوبة كما هو عليه الحال في البرلمان العراقي الحالي. ولن يتحقق عمليا هذا الوضع إلا من خلال البرلمان المقلوب والقائمة المغلقة للتمثيل الانتخابي التي حملت بين طياتها ما يكفي من (السياسيين) انصاف الجهلة والطائفيين والشوفينيين والموتورين وضيقي الأفق والإرهابيين ( ظاهرة عبد الناصر الجنابي وأسعد الهاشمي وغيرهم) وأولئك المرتبطين -علنا- بأجدات دول خارجية مما حال دون ظهور الصوت الوطني الخالص والواضح بين كل ذلك الركام الأسود والفشل على مستوى الدولة والأفراد من صناع القرارات السياسية فيها.
ولا أدل على ذلك من سلسلة القوانين والتشريعات المعطلة في البرلمان العراقي لأسباب تتعلق بالتناحرات السياسية ونظم المحاصصة التي يرفضها جميع السياسيين الحاليين ويعمل بها نسبة كبيرة منهم.
ويتوخى بعض العاملين في غرف العمليات الجراحية في مستشفى (المالكي) التعليمي أنهم من خلال القائمة المفتوحة لأنتخابات المجلس القادم ربما تعالج بعض الامراض المستوطنة في جسد العراق المصاب بانفلونزا الاحتلال. وهم يحاولون ليحاولوا .. فالقضية أوسع من تغيير نظام انتخابي جائر. ولن يصلح العطار ما أفسده الدهر الاميركي!



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- رماد قديم / نصوص لم تنشر كتبت إبان الحرب العراقية الإيرانية
- غرف البالتوك والمنتديات العراقية
- مع الشيخ الدكتور احمد الكبيسي و الصمت على مدير المجاري
- ما تبقى من عازف الساكسفون قراءة عراقية في مذكرات بيل كلنتون
- شكل الدولة القادم في العراق
- البريطانيون: لا حللتم أهلا ولا وطأتم سهلا
- منظومة امنية اميركية جديدة لمنطقة الخليج العربي
- هل يعي (المالكيون) الدرس
- من اجل إصدار قانون للاحزاب في العراق
- المالكي والبرزاني وباب العراق المفتوح
- باركنسون عربي مزمن
- هل كان نهر الدم في غزة يستحقّ هذا القرار الاممي؟
- سفن غزة بلا أشرعة
- عودة العسكر إلى العراق؟؟
- صاحب أكبر (خلوها سكته)
- لنتكاشف: أسئلة مابعد الحرائق
- أوباما: سراب العرب الأخير
- صقور (بيت أفيلح) الأخرانيين
- يوجد لدينا مختبر جديد لإبن الجزري؟!
- عرب عاربة وآمال خائبة وكباب بالساطور!


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط / سامى لبيب
- وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4) ... / غياث المرزوق
- التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت / محمد فشفاشي
- سَلَامُ ليَـــــالِيك / مزوار محمد سعيد
- سور الأزبكية : مقامة أدبية / ماجد هاشم كيلاني
- مقامات الكيلاني / ماجد هاشم كيلاني
- االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب / سامي عبدالعال
- تخاريف / أيمن زهري
- البنطلون لأ / خالد ابوعليو
- مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل / نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - كتابات ساخرة - رياض الأسدي - لا يصلح العطار ما افسده الاميركان!