أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - رياض الأسدي - ما تبقى من عازف الساكسفون قراءة عراقية في مذكرات بيل كلنتون















المزيد.....

ما تبقى من عازف الساكسفون قراءة عراقية في مذكرات بيل كلنتون


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2715 - 2009 / 7 / 22 - 06:50
المحور: سيرة ذاتية
    



عندما كان يعزف الساكسفون تنتفخ اوداجه ويحمر وجهه ويبدو مثل رأس فجل اعجمي. لكن من الصعب ان يدرك الإنسان الرائي لذلك العزف أنه سيعزف التاريخ معه. هكذا تبدأ الأحداث الكبرى وصناعها: بسيطة وغير متوقعة غالبا. لست ادري إن كان ثمة رئيس عربي لدينا يعزف على آلة ما، ام انهم يرون في العزف منقصة لهم.. وربما كان على كلينتون ان يبقى عازفا بعد أن صرح بقوة: "كان حريا ان تسمى الحياة السياسية في واشنطن: آه الجحيم!" (ص576) لكنها لم تكن جحيما حقيقيا إلا على هامات الشعوب التي رزحت تحت الهيمنة والاحتلال الاميركيين.
تبدأ المذكرات الشخصية للرئيس كلنتون في علاقته بالسود على نحو خاص، ودورهم المتميز في تكوين رؤاه الحياتية ومن ثم الشخصية بعد ذلك، واحترامه وأسرته لهم، فقد أخذ هذا الوضع - منذ البداية- حيزا في أهداء مذكراته" وإلى ذكرى جدي الذي علمني احترام الناس الذين يزدريهم الآخرون" (حياتي، بل كلنتون، تعريب محمد توفيق البجيرمي - وليد شحاده راجع النص: مجيد ماجد العمري، لبنان: الحوار الثقافي – ط1- 2004)
والكتاب ضخم نادر في هذه الظروف الثقافية المتسارعة من حياتنا العربية حتى جاز الالف صفحة. لا ادري هل يصبر بعض ابناء هذا الجيل (الإلكتروني) على الجلوس لقرائته من الجلد إلى الجلد أم انهم سوف يستغربون كبر حجمه الذي يشبه (بلوكة) اسمنت عراقية؟ ولا يفوتني حقيقة على اثني بشدة على ترجمته ودقة مراجعته والاهتمام باخطائه الطباعية حتى يكاد أن يكون امثولة للكتب الكبيرة المكرسة لهذا المجال.
بدأ الرئيس بيل كلينتون حياته يتيما عام 1946 لرجل شارك في الحرب العالمية الثانية وقضى في حادث سير غامض. ربما كانت هذه المشكلات الاجتماعية ومناخاتها – تشبه إلى حدّ ما مناخات طفولة الرئيس اوباما أيضا - مدعاة لهذا الولد الذي تربى يتيما كي يشقّ طريقه بعناد في حياة أميركية ِAmrican Way لا ترحم الضعاف في ارادتهم أبدا. وكانت أم كلنتون – العصامية- وزوجها وجده هم محور طفولة بيل: ذلك الولد الضخم الذي لم يصدق بائع تذاكر سينما أنه يبلغ اثنا عشر عاما فقط.
استغرقت علاقة كلنتون بالسود كل صفحات طفولته تقريبا حتى قال عن نفسه: أنه الولد الأبيض الوحيد الذي يلعب مع السود في حيّه. وكانت طفولة عادية على اية حال ما خلا علاقته بالسود، ولا زال كلينتون يعد زوج امه اباه الحقيقي وكذلك أخيه من امه روجر فهو ينادي زوج امه (بابا) طوال كتابته لمذكراته على الرغم من أنه كان رجلا سكيرا من الطراز الاول, وقد اخذ هذا الحيز علامة مؤلمة ليس لدى كاتب المذكرات فحسب بل لدى امه ممرضة التخدير تلك المرأة القوية في علاقاتها والتي تعود معظم شخصية كلنتون وقوة ارادته السياسية لها. ثم ظهرت تلك الإرادة متجلية في تلك النصوص القصيرة والطويلة التي أوردها لأشخاص مختلفين:"وتمجد الفضيلة نفسها : الامل الذي هو جوهر شخصيتي, والذي يلازمني في حياتي كلها." (ص161)
كنت قد قرأت مقتطفات بالإنكليزية هنا وهناك من قبل عن حياة الرئيس كلينتون من أجل البحث العلمي في القضية العراقية وفي محاولات يائسة وشبه محمومة – في الوقت نفسه- لمعرفة ما يمكن أن يحدث على رؤوس العراقيين من ماس وويلات. لكن بات كلّ شيء واقعا حيا بعد ولا يتي الرئيس كلنتون. وهكذا كانت مذكرات الرئيس تثير حفيظة أي باحث مدقق في علم السياسة الدولية لما امتازت مرحلة كلينتون من المحافظة الدائمة على استمرار عذابات العراقيين لما يقرب من ( 13)عاما ولا زالت تلك العذابات باقية واشد ترويعا عن ذي قبل. ومازلت أذكر جيدا تلك الوقفة الفرحة حدّ الانتشاء الزائف للرئيس صدام حسين في محافظة الأنبار وهو يحتفي بهزيمة بوش الأب في الانتحابات الأميركية, حتى انه استل مسدسه (16) اطلاقه وبدأ اطلاق النار في الهواء احتفاء بهذه المناسبة التي عدها صدام نصرا شخصيا له ولسياسته التي لم تكن محسوبة كما يجب على الدوام.
هكذا تحسب الأمور صداميا في الخارج لتصب جزافا في مكبات الداخل بكل روائحها العفنة. ويبدو ان هذه (العقدة) لما تزل تصاحب سياسيي العراق الحالي بعد 2003 أيضا: إنها العقلية الشرقية المليئة بالانتفاخات المرضية والترهلات الخيالية. وخلال دراستي وتعمقي في شؤون العراق والفكر السياسي للرئيس صدام حسين ضحكت في سري من هذا التسطيح السياسي الغريب، ولا اريد أن أقول عنه أنه كان (بلها) من طراز مميت. فلم يكن الرئيس العراقي السابق يعرف جيدا كيف يمكنه التعامل مع مستجدات السياسة الدولية على اية حال, ولا هو معني بقراءة تاريخ العلاقات الدولية، بمقدار رغبته في مشاهدة افلام الكاوبوي عن البلاد المراد معرفتها- هذا ما كشفت عنه مؤخرا وثائق محاكمات صدام التي ترجمت ونشرت حديثا- ولا يعود ذلك بطبيعة الحال إلى جهله الشخصي الكبير بحبائل السياسة الدولية وخفاياها وطرق التعامل مع تطوراتها، بل إلى عدم وجود مستشارين يمكن الركون الى ارائهم في الشدة والرخاء على حدّ سواء.
وكشفت محاكمات صدام عن جانب مروع من هذه الحقيقة لمن يريد متابعة الشأن العراقي عن كثب؛ ولا زالت مقولة خير الله طلفاح ماثلة في ذهني وفي أذهان مجاليي من عراقيي الداخل: " إن الرئيس المؤمن صدام حسين يعلم مستشاريه"! ولا ادري ما حاجتنا إلى مستشار نعلمه اهو مجرد ديكور؟ فالرجل الذي اعلن اخيرا في وثائق محاكمته: أنه ليس سياسيا وهو يكره السياسة، ولسوف يجد المؤرخون ما يكفي من (تأويلات) لذلك في المستقبل فقد كان صدام حسين صادقا في مقولته تلك اكثر من أي تصريح أخر. ولسوف يُكتب عن هذه الدولة لاحقا مئات الدراسات ليس من العراقيين والعرب وحدهم بل من كل باحث ومؤرخ منصف في هذا العالم.
لم يرد أسم صدام في مذكرات كلنتون مباشرة إلى شخصه إلا مرة واحدة فقط في كتاب جاز الألف صفحة في وقت شنّ كلنتون حربين جويتين على العراق عرّفها صدام في حينها (بالرجعة الاولى والثانية). ولم ياخذ العراق – كما يبدو- الحيز المناسب في عقل الرئيس الديمقراطي، لكنه لم يعترف بهذا الخلل المروع بإزاء قضايا العراق في حين أعترف علنا بتقصيره في القضية الرواندية. حسنا إذا كان الأمر كذلك فإن ما جرى للعراقيين في ولايتي كلنتون - كما أرى – يفوق ما حدث في رواندا وما على الباحثين المنصفين من عراقيين وغير عراقيين إلا ان يشمروا عن أذرعهم.
بدت حرب فيتنام كابوسا ملاحقا لبيل وهو يعمل في مكتب الخدمة الخارجية ويدرس في جامعة جورج تاون. وحينما أعلن عن رغبته في الالتحاق بتلك الحرب تيمنا بسيرة والده أوقفه المقربون اليه بدعوى أنه لن يكون غير رقم اخر من الجنود القتلى في فيتنام. وكان أسم صديق كلنتون تومي يونك Tomy Young مدعاة لوقع الكارثة امام ناظريه بعد ان شاهد أسماء قتلى ولايته أركنسو مسجلين لدى رسك احد موظفي الكونغرس. ووصل عدد الجنود المرسلين إلى فيتنام عام 1969 (548) ألفا في واحدة من اكثر الحروب هزلية في التاريخ(ص116) لكنه في النهاية يناقض كلينتون نفسه (ص182) حينما يعترف صراحة برغبته في أن يكون احد الهاربين من الخدمة العسكرية.
وتعد قضية (عراق كيت) واحدة من القضايا التي لم تتخذ حيزا مناسبا لها في الإعلام عموما إذا ما قونت بما يعرف (بإيران كيت) على سبيل المثال حيث عملت إدارة الرئيس بوش الأب في عام 1989 على تحويل مبلغ (2) مليار دولار – من دافعي الضرائب- إلى العراق تحت ستار تطوير الزراعة وعن طريق بنك إيطالي (ص498) لكنها لم تلبث ان تحولت إلى التصنيع العسكري ليستثمرها حسين كامل الذي أثنى عليه الرئيس كلينتون أثناء هربه إلى الأردن بأنه دلّ المفتشين على اكثر من تلك المواقع التي دمرت عام 1991.(ص732)
وإذا كان من خاتمة لهذه المذكرات فإن القاري النهم يبدأ بالبحث عن مونيكا لوينسكي تلك الموظفة المتدربة في البيت الابيض التي أصبحت علاقتها بالرئيس كلينتون مثار جدل على مدى طويل حتى كادت تلك الفضيحة ان تودي بكرسي الرئاسة. وبسبب فضيحة مونيكا كتب كلينتون:" لم اكن أعلم في بداية 1998 انها ستكون أغرب سنة في رئاستي، سنة حافلة بإذلالي وخزيي) (ص838).هكذا تكون النهايات لعازفي السياسة في اغلب الاحيان.



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شكل الدولة القادم في العراق
- البريطانيون: لا حللتم أهلا ولا وطأتم سهلا
- منظومة امنية اميركية جديدة لمنطقة الخليج العربي
- هل يعي (المالكيون) الدرس
- من اجل إصدار قانون للاحزاب في العراق
- المالكي والبرزاني وباب العراق المفتوح
- باركنسون عربي مزمن
- هل كان نهر الدم في غزة يستحقّ هذا القرار الاممي؟
- سفن غزة بلا أشرعة
- عودة العسكر إلى العراق؟؟
- صاحب أكبر (خلوها سكته)
- لنتكاشف: أسئلة مابعد الحرائق
- أوباما: سراب العرب الأخير
- صقور (بيت أفيلح) الأخرانيين
- يوجد لدينا مختبر جديد لإبن الجزري؟!
- عرب عاربة وآمال خائبة وكباب بالساطور!
- ادعوكم للتوقف عن الكتابة!
- الزورخانيون .. وكلّ (24) يوما
- العراقيون رواية بوليسية طويلة
- الماركسية في عالم متغير


المزيد.....




- محكمة العدل الدولية تعلن انضمام دولة عربية لدعوى جنوب إفريقي ...
- حل البرلمان وتعليق مواد دستورية.. تفاصيل قرار أمير الكويت
- -حزب الله- يعلن استهداف شمال إسرائيل مرتين بـ-صواريخ الكاتيو ...
- أمير الكويت يحل البرلمان ويعلق بعض مواد الدستور 4 سنوات
- روسيا تبدأ هجوما في خاركيف وزيلينسكي يتحدث عن معارك على طول ...
- 10 قتلى على الأقل بينهم أطفال إثر قصف إسرائيلي لوسط قطاع غزة ...
- إسرائيل تعلن تسليم 200 ألف لتر من الوقود إلى قطاع غزة
- -جريمة تستوجب العزل-.. تعليق إرسال الأسلحة لإسرائيل يضع بايد ...
- زيلينسكي: -معارك عنيفة- على -طول خط الجبهة-
- نجل ترامب ينسحب من أول نشاط سياسي له في الحزب الجمهوري


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - رياض الأسدي - ما تبقى من عازف الساكسفون قراءة عراقية في مذكرات بيل كلنتون