أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض الأسدي - يوجد لدينا مختبر جديد لإبن الجزري؟!














المزيد.....

يوجد لدينا مختبر جديد لإبن الجزري؟!


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2424 - 2008 / 10 / 4 - 06:30
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


جلس ابن الجزري العالم الميكانيكي العباسي في العصر الثاني على باب داره (مختبره) البسيط باكيا نائحا، وهو يرقب العامة من الدهماء وقد حطمت آلاته الميكانيكية الأساسية في الري والبزل وتصعيد المياه، بعد أن حولتها إلى ركام أسود بدعاوى أنها من أعمال السحرة المارقين. ولم يسجل التاريخ طبعا أيا من (المشايخ) المتحجرين قد أفتى بذلك؟ فالأمر ليس مهما وقتذاك وما هو بذي شأن لأمة تقرب من لفظ أنفاسها الأخيرة. وابن الجزري لم يعد غير محاولة وذكرى في الكتب. محض ما كان. أما العالم (غي كي) وهو أول من طور ميكانيكا آلات النسيج فهو مسطر في مدارسنا باختراعه للمكوك الطائر: مسكين ابن الجزري الذي حاول أن يفكر فقط فلم ينل إلا النسيان، ولا احد يذكره من قريب أو بعيد. مهمش في عصره قبل اختراع التهميش. ومنذ أن طارده العامة ووصفوه بأشنع الصفات وربما شمله (تعزير) المشايخ أيضا. من يدري ما الذي حدث لأبن الجزري حقا.
كانت قضية الحضارة والتقدم هي الشغل الشاغل للمسلمين منذ البداية بعد أن احتكوا بالحضارات العالمية اليونانية والفارسية والهندية. ولم يكونوا بالطبع كما يحاول أن (يصورهم) بعض المستشرقين مجرد مترجمين سيئين لما كانت عليه البشرية من التقدم والحضارة؛ بل كانوا صناع مهرة فيها أيضا، وهذا ما يقرّ به جميع المنصفين. هكذا بقيت قضية الحضارة والتقدم مسألة مطروحة في صلب الفكر العربي الإسلامي منذ عهد ابن الجزري. بيد أن مقياس الحضارة والتقدم كان غائبا طبعا. ثم جاء الغربيون في القرن التاسع عشر ليضعوا مقاييس الحضارة والتقدم للناس فكانت الطاقة هي المقياس الأول.
لا يمكن قياس حجم تقدم وحضارة الشعوب والأمم بمدى استهلاكها للطاقة وحدها. لقد اصطلح علماء الاقتصاد في القرن التاسع عشر على كمية استهلاك الأمة للفحم الحجري مقياسا لتطورها الكمي والنوعي. ثم ما برح المقياس أن انتقل من جديد إلى كمية استهلاك النفط باعتباره مصدر الطاقة البديل، وها نحن نعود كرة أخرى لبحث عن مصدر جديد في الميثانول أو الرياح أو الطاقة الشمسية.. ولم يخرج المعيار عموما عن مفاهيم الماديات طبعا. هكذا هو معيار الغرب للتقدم والحضارة. أما الشرق فلا معيار له طبعا، ولم نسمع بأي معيار مادي أو معنوي أعتمده، وربما لن نسمع قط. لأن قضية الحضارة والتقدم ليست موضوعة على أجندته إلى الوقت الحاضر وخاصة منطقة الشرق الأوسط وبالتحديد المنطقة العربية، وبالتحديد الممل: العراق العظيم!!
وبعد مدة من الزمن الصعب أصبح المقياس علميا جدا؛ حيث تقاس حضارة وتقدم أي شعب بالمخزون العلمي الكامن في عقول أبنائه. فتباهت كوريا الجنوبية - على سبيل المثال – بأن نسبة الحاصلين على شهادة جامعية من سكانها قد جاز40% ؟! من حقّ كوريا أن تفخر بذلك طبعا ما دامت الجامعات مسخرة لخدمة المجتمع والحضارة والتقدم. أما نحن في العراق فلا ادري الطريقة المثلى التي سخرنا بها جامعاتنا ومعاهدنا المريضة، ولخدمة من؟؟ وأي مقياسٍ اتخذناه لقياس تقدمنا وحضارتنا..؟
ربما يكون مقياس (النهب) لأكبر مقدار ممكن من المال العام هو المعيار الأمثل للتقدم والحضارة لدينا: وأنهب وأشلع! ولم لا، فقد سجل العراق وبفخر الدرجة الثانية في العالم بعد الصومال الفاقد للدولة منذ عام 1992 في نسبة الفساد الإداري والمالي حسب تقرير الشفافية الدولية الأخير المكون من (170) دولة بالتمام والكمال ولتحتل إحدى الدول الأسكندنافية المرتبة الأخيرة طبعا. وأن مسؤول النزاهة - بجلالة قدره!- في العراق نفسه قد هرب بجلده إلى أمريكا! القاضي راضي حمزة الراضي وبديله - على خط الدك!!- حيث استضافه الكونغرس الأميركي مؤخرا السيد الراضي ولا ندري متى يستضيف بديله!! و..لا تعليق!! هللي (فطيم) حصلنا على كأس المرتبة الثانية عالميا في السرقة والنهب لمال الشعب العام!
فلماذا نحن في هذا الدرك الأسفل من الفساد العام واللاتقدم واللاحضارة واللانزاهة واللاامن أولا؟ ولم غاب عنا المقياس والقانون الصحيح في الحياة؟ بالطبع سيجيب عن هذه الأسئلة أصحاب الألسن القصيرة - من أمثالي! - ليبرروا الأوضاع السيئة بما هو أسوأ منها وليجملوا القبح القديم والجديد! وسنقول: السبب يكمن في النظام السياسي السابق في العراق؛ هو الذي جعلنا في هذا الدرك الأسفل من التخلف والعمى!! يا للنظام السياسي السابق الذي بدأنا نعلق على شماعته الكالحة جميع أخطاءنا وكلّ تراجعاتنا..
لم يعد الأمر مقبولا أن نحوله إلى أداة قائمة بعد خمس سنوات من سقوطه على الإطلاق، فقد أضحى النظام السابق في هامش التاريخ ولا يجوز بعد ذلك أن نحيل كل معضلة أو مشكلة تواجهنا إلى سؤ إدارته أو دكتاتوريته. علينا إن كنا امة حية أن نواجه مشاكلنا بأنفسنا وأن نترك التبريرات والتأويلات التاريخية إلى الأبد. فنأتي إلى صلب مشاكلنا مباشرة بلا لفّ أو دوران. ألا يمكن أن نعود لنبني مختبرا جديدا لابن الجزري؟



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عرب عاربة وآمال خائبة وكباب بالساطور!
- ادعوكم للتوقف عن الكتابة!
- الزورخانيون .. وكلّ (24) يوما
- العراقيون رواية بوليسية طويلة
- الماركسية في عالم متغير
- تعالوا إلى زها محمد حديد
- تعددت السفن والطوفان واحد
- حديث إبن الرافدين: حساب عرب سياسي
- البحث عن قبعة نابليون
- المسيري: ثلمة في جدار قديم
- نادورام كوتشي
- وهم العالمية: بيس نفر
- حزن ما بعد المليون
- عمود طاجا / عمود تيراقا
- إلى كراج النهضة
- سبخة العرب
- العشرة المبشرون..!
- لماذا ننشر كتبنا هنا؟
- انهض أيها القرمطي
- فتاح باشا


المزيد.....




- العراق.. المقاومة الإسلامية تستهدف هدفاً حيوياً في حيفا
- المقاومة الإسلامية في العراق تعلن ضرب -هدف حيوي- في حيفا (في ...
- لقطات توثق لحظة اغتيال أحد قادة -الجماعة الإسلامية- في لبنان ...
- عاجل | المقاومة الإسلامية في العراق: استهدفنا بالطيران المسي ...
- إسرائيل تغتال قياديًا في الجماعة الإسلامية وحزب الله ينشر صو ...
- الجماعة الإسلامية في لبنان تزف شهيدين في البقاع
- شاهد: الأقلية المسلمة تنتقد ازدواج معايير الشرطة الأسترالية ...
- أكسيوس: واشنطن تعلق العقوبات على كتيبة -نيتسح يهودا-
- آلام المسيح: كيف حافظ أقباط مصر لقرون على عادات وطقوس أقدس أ ...
- -الجماعة الإسلامية- في لبنان تنعي قياديين في صفوفها قتلا بغا ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - رياض الأسدي - يوجد لدينا مختبر جديد لإبن الجزري؟!