أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رياض الأسدي - صاحب أكبر (خلوها سكته)















المزيد.....

صاحب أكبر (خلوها سكته)


رياض الأسدي

الحوار المتمدن-العدد: 2491 - 2008 / 12 / 10 - 09:48
المحور: حقوق الانسان
    


عنوان مسرحية عراقية قديمة لم يمثل فيها لا يوسف العاني ولا إبراهيم جلال ولا محمد وهيب ولا سليمة خضير؛ ليس فيها إلا ممثل واحد كبير يدعى (أبو عراق السكوتي الذي فقد ولده عراق في واحدة من الحروب الرعناء) فبقي يندب حظه العاثر على ضياع تموز كلما فكر بالمسرح والمسرحيين، وربما تكون تلك المسرحية المزعومة من نوع (البانتومايم) قبل أن يتطور المسرح العراقي ثم يتحول إلى الهاوية أخيرا، وهي كلّ ما تبقى لديه فقد كانت تجربة لشبان قضوا في الحروب ولم يبق منهم إلا السيد أبو عراق السكوتي صاحب ألذع عبارة يكررها بعد أن فشل في عرض (خلوها سكته) منذ عام 1958 وحتى يومنا المسكوت عنه هذا!
ربما يكون العراقيون منذ الاحتلال المغولي لبغداد عام 1258 وما أعقبه من احتلالات فارسية تركية وتركية فارسية بالتناوب وانكليزية ثم أميركية أخيرا، وما سيأتي أدهى وأمرّ، هم من أكثر شعوب منطقة الشرق الأوسط تقديسا (للسكته!) لذلك تجد الشعب العراقي يميل إلى الشعر بكل ألوانه والأدب بكل أنواعه والفن بكل أشكاله والغناء بكل أطواره من اجل السيدة السكتة وحدها للتعبير عن الحزن الطاغي والملازم كظل دائم للشخصية العراقية؛ وهذا ما تظهره بوضوح أغاني النواح العراقية الطويلة من اجل الحفاظ على السيدة الرقبة فقط. فالعراقيون يعبرون عن ذواتهم الغارقة بالأسى بتلك الطريقة وذلك الشجن المتواصل العميق المتمظهر بالبكاء السريع: دمعته على خده حتى في الفرح: تجد ذلك في الهور بين أعواد القصب أو وسط الصحراء حيث تتناثر أقبية البدو أو في بيوت الطين وسط المدن الخربة؛ هذا شأن جميع الشعوب المكبوتة والمقموعة والمسكونة بالخوف والرهبة الدائمة.
والبغداديون لا يستعملون كلمة (السكته) كثيرا، هذا ما يفعله أهل الجنوب عادة فيستعملون بدلا عنها كلمة "صنطه" وهي تصحيف أو تحريف أو تخفيف للإنصات، لذلك يقولون دائما حينما تصبح الأمور حرجة" خلوها صنطة!" والحال واحدة أيضا وإن تغيرت المفردات. وهم يخافون من الرجل (السكوتي) ويعدونه خبيثا ما عدا أبو عراق حيث كانت سكوتيته مفروضة عليه. وبين السكتة والصنطه ضاعت حياتك يا (أبا عراق) فقد دخلت عصر (اللادولة واللاحولة واللاقوة واللامستقبل واللاشيء) كما تود في هذه الأيام أن (تتقندل) بعد أن خطّ الشيب مفرقيك. وكلّ ما بقي لديك أيها المسرحي البانتومايم العتيق الذي لم يقدم مسرحية واحدة في حياته: هو أن تدخل عصر (اللانخوة) التي جبلت عليها لتتحول إلى هشيم أسود تذروه الريح فتمحى عن خارطة العالم وتستبدل بقوم آخرين يحبون الكلام ويحبهم ويعملون بالإرادة الجماعية وتعمل بهم ولا يكتب بعضهم على بعض تقارير سود في كلّ العصور الكالحة؟
يا أبا عراق أصبحت حدودك مفتوحة ومعاملك معطلة ومزارعك خاوية وما بقي من معامل بدائية منها يراد له أن تغلق حفاظا على البيئة!! – عبالك حقيقة لدينا بيئة نظيفة!!- فالأمر لا يخلو من رغبة (البعض) و( البعيض) في توريد المنتج الأجنبي بعد أن أصبحت المنتجات العراقية لا تنافس أحدا بسبب تكاليف العم الملعون (الكاز) و(الخالة) المقطوعة الكهرباء و...المشغل لمولدات الكهرباء وارتفاع أسعاره.. وخلوها سكته.. وأما أبناؤك يا أبا عراق فهم عاطلون عن العمل دائما يذرعون الشوارع كلّ يوم بحثا عن عمل أي عمل. وخريجوك يذهبون زرافات ووحدانا لطلب (اللجؤ الإنساني) بعد أن ضاقت بهم أرض العراق بما وسعت في هذه الدولة الأوربية أو تلك فيطردون أو يقبلون. وعلماؤك يا أيها الممثل الصامت أضحوا قتلا وتشريدا وتنكيلا.. ولم تبق الدار إلا لمطيره وطارت به فرد طيره!! ومطيره هذه يا أبا عراق تعرفها جيدا راقصة ملهى قديمة كانت تبيع جسدها بربع دينار أيام زمان، ثم عملت وكيلة امن ومخابرات و.. و.. و.. وخليها سكته! كما تعلن أنت أنها عدوتك اللدودة و(تابعتك) اللئيمة ومخرستك العظيمة فما أن تراها حتى تصاب بالتخشب ويصبح لسانك شفرة حادة.
حيل بيك أبو عراق لأنك أطلت (السكته والصنطه وأششش والأصصص!) أكثر مما يجب.. وها أنت تتلفع بعباءة جدتك الصوف السوداء الخشنة المتهرئة المحاكة يدويا كلما هبت ريح سوداء، ادفع يا أبا عراق ثمن (خلوها سكته) او خلوها صنطه وأششششششششششش! لا تولول ولا تهول ولا تتطير فأنت تتحمل (القسط الأكبر) مما جرى لك .. وما سيجري ألعن وأكثر وحشية لو كنت تعلم.. و(أني شبديه!؟) عبارتك اللازمة الدائمة. لعنة الله عليك يا أبا عراق!! لعد أبق (صنطاوي) إلى الأبد وكذلك ولدك الثاني أنكيدو وأبنتك رافدين والأخرى فرات وحفيدتك عشتار: كلهم دعهم يخرجون من جلدك أو من معطفك الغوغلي.
بيد أن المثل الدائم في طلب الزيجات" السكوت علامة الرضا" لا ينطبق على الشعوب بأية حال من الأحوال. فالسكوت يعني أن ثمة رجالا جاهزون للعمل في أية لحظة للقيام بواجباتهم (التسكيتيه): بنايات مدججة بأعتى أدوات الموت والتعذيب والتغييب والتذويب لاستمرار الصمت العام، وهي تكون جاهزة لأولئك المتكلمين من حملة ألسنة المعارضة المعلقة على صدورهم كأنواط متدلية دائما بسبب عدم القبول بالوهن والخور والضعف والذلة. وعلى الرغم من إن الشعوب الحية استطاعت أن تكسب لنفسها مكانة سواء بالثورات الحمر أو البرتقالية أو الصفراء القادمة! إلا أنها لم تصبح إلى حدّ بعيد مثالا للتحرر قياسا إلى شعوب ال(خلوها سكته القلبية) التي يمكن أن تفقد نفسها بعد ذلك ولن تعود شعوبا على خارطة العالم لأن السكتة أسكتتها إلى الأبد.
ولمن يسأل عن نمط تلك الثورات (الصفر القادمة) التي ستحطم الصمت إلى الأبد؛ عليه أن يقرأ مؤشرات الاقتصاد العالمي الجديدة ومستوى فجوة التكنولوجيا وعصر الاتصالات والعصف المالي بدول جنوب الكرة الأرضية الفقيرة ويقظة شعوب أميركا اللاتينية، وما يمكن للبشرية أن تدخله في أعتاب تحولات مفاجئة كبرى قد تكون من السرعة بمكان مما يتيح للعالم فرصة جديدة في التحرر بقوة من سيطرة عسكرة الرأسمال العالمية الجديدة التي تريد للعالم كلّه أن يكون مستعمرة دائمة يتبع مركزها حيث تدار السياسات ويجري العبث بقوت الناس وحياتهم من اجل حفنة من الأسر التي تمتلك الشركات الكبرى التي يراد لها أن تكون: دولنا القادمة أيضا! وهذه (الحقائق) الجديدة هي التي تصيّر الحروب وتذكي نزعات الإرهاب وتفقر البلدان وتهجر الشعوب وتقسم العالم إلى قسمين في النهاية: من يستحقون البقاء، ومن لا يستحقون، ومن عليهم مغادرة الكرة الأرضية إلى جوفها طبعا.
وإذا كان الكلام - أي كلام - في أي شأن عام ليس من فضة كما هو المثل الدارج حيث يدفع ثمنه باهظا جدا" فالسكوت من ذهب"! وهو الأولى وهو الدائم.. أليس كذلك يا أبا عراق بانتومايم؟ هكذا تصبح الامثال مدرسة سياسية للتدرب على مواجهة مجمل الأحداث التي تعصف بالبلدان المنكوبة بالسكوت. ويقول لك احد أعضاء فرقتك البانتومايم التي أسستها عام 1958أصبح المثل هكذا: إذا كان الكلام كسر عظم فإن السكون أهراق دم!! ولات ساعة مندم.



#رياض_الأسدي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لنتكاشف: أسئلة مابعد الحرائق
- أوباما: سراب العرب الأخير
- صقور (بيت أفيلح) الأخرانيين
- يوجد لدينا مختبر جديد لإبن الجزري؟!
- عرب عاربة وآمال خائبة وكباب بالساطور!
- ادعوكم للتوقف عن الكتابة!
- الزورخانيون .. وكلّ (24) يوما
- العراقيون رواية بوليسية طويلة
- الماركسية في عالم متغير
- تعالوا إلى زها محمد حديد
- تعددت السفن والطوفان واحد
- حديث إبن الرافدين: حساب عرب سياسي
- البحث عن قبعة نابليون
- المسيري: ثلمة في جدار قديم
- نادورام كوتشي
- وهم العالمية: بيس نفر
- حزن ما بعد المليون
- عمود طاجا / عمود تيراقا
- إلى كراج النهضة
- سبخة العرب


المزيد.....




- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- بيان رسمي مصري عن توقيت حرج بعد الفيتو الأمريكي ضد عضوية فلس ...
- مندوب فلسطين الدائم لدى الأمم المتحدة: عدم تبني قرار عضوية ف ...
- الأردن يعرب عن أسفه الشديد لفشل مجلس الأمن في تبني قرار قبول ...
- انتقاد فلسطيني لفيتو واشنطن ضد عضوية فلسطين بالأمم المتحدة
- أبو الغيط يأسف لاستخدام ‎الفيتو ضد العضوية الكاملة لفلسطين ب ...
- إسرائيل تشكر الولايات المتحدة لاستخدامها -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- -الرئاسة الفلسطينية- تدين استخدام واشنطن -الفيتو- ضد عضوية ف ...
- فيتو أمريكي بمجلس الأمن ضد العضوية الكاملة لفلسطين في الأمم ...
- مؤسسات الأسرى: إسرائيل تواصل التصعيد من عمليات الاعتقال وملا ...


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - رياض الأسدي - صاحب أكبر (خلوها سكته)