أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟ - حامد حمودي عباس - أطفالنا يهددهم مستقبلهم المشحون بالوباء .. أين الحل ؟؟















المزيد.....

أطفالنا يهددهم مستقبلهم المشحون بالوباء .. أين الحل ؟؟


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2724 - 2009 / 7 / 31 - 09:51
المحور: ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟
    


في موضوع سابق ، روت لنا الكاتبه العراقيه ناديه كاظم ، حكاية الاطفال الذين قررت الحكومة السويدية احتضانهم عنوة بعد ان بلغها وعن طريق احد الابناء ، بان الاب ( القادم من الشرق العربي) قد هددهم بسكين لكونهم تصرفوا بطريقة لم ترضيه اثناء تواجد العائله في احدى محلات بيع الحلوى . وكانت الكاتبه ممتعضة جدا من اسلوب السويديين وعدم اتسامهم بالرحمه امام توسلات الوالدين باعادة اطفالهم اليهم ، وقد اعيد الاطفال الى أمهم بعد وفاة الوالد حيث غاب المسبب وانتفت الحاجة الى عملية الاحتضان .
وروى لي احد العراقيين بان احد معارفه في فرنسا ، وهو استاذ جامعي يقيم هناك منذ بداية الثمانينات ، قد تعرض لمسائلة السلطات الفرنسيه ، كون ان آثارا للضرب بدت على وجه احدى بناته ، وحين استجوبت عميدة الجامعه التي تدرس فيها البنت عن اسباب كدمة ظاهرة على وجهها ، فقد روت لها الحقيقة حينما ادعت بانها نتيجة لمشاجرة عابره مع اختها في مطبخ المنزل عندما اختلفن حول غسل الصحون واعداد الطعام وكان ما كان .. والد الفتاتين قدم اعتراضا للشرطه بكون ان الحادث يحمل من الخصوصية ما لا يسمح للجهات العامه ان تحاسبه عليه ما دام الامر لم يتسبب بأذى خارج حدود منزله ، وكان الجواب حاسما لا مزحة فيه ، انكم في بلادنا فرنسا ، وعليكم الالتزام بقوانيننا وأعرافنا ، وعندما تكونون تحت رعاية حكوماتكم بامكانكم قطع رقاب بعضكم البعض ، وسوف لن تجدوننا قريبين منكم .
كلتا الحالتين عاشتا معي ضمن محاورة مع الذات ، لأقارن بين أن أكون على صواب أم لا حينما أقرر بأن بواعث التخلف الظاهرة وبشكل واضح على كافة مجالات حياتنا ، هي نتيجة منطقية لما زرع في دواخلنا من أسباب حاولت مقدساتنا أن تجعلها نواميس لنا لا يمكننا الخروج منها بيسر، فالطفل في بيئتنا تعلمنا تلكم المقدسات والنصوص بأن نعامله بضرب التأديب حتى يكون صالحا خلال مراحل نموه الاولى .. كانت محاورتي مع ذاتي في هذا المضمار تجعلني متلبسا بذنب مراقبة الغير حينما أتسمر في مكاني عند منظر طفل يتعرض للاهانة أو الضرب فيستدعي الامر الى احتجاج من ذويه عن تدخلي حتى وان كنت احتج بالصمت فقط .
في بداية الشهر الحالي ، وبينما كنت أتوهم بانني أخلد لراحة البال ، وبعد سهر حتى الصباح بسبب الضجيج القاتل والآتي من مكبرات الصوت في عرس عربي طبقت فيه كل اعراف الاعراس العربية من بواعث الازعاج ، وجربت فيه كافة كاسيتات الدبكة ، وتفنن الاخوان بتثبيت عدد لا يستهان به من مكبرات الصوت على الاسطح القريبة ومنها سطح شقتي المستأجره هرعت لي زوجتي لتطلب مني التدخل فورا لانقاذ طفل كان ابوه قد ربطه الى جذع نخلة في وسط داره في الشقة التي نشرف عليها من عل ، وعندما اقتربت من النافذة المطلة على ساحة دار الرجل افزعتني صرخات الطفل مصحوبة بضربات قوية عرفت بعدها بأنها بواسطة شريط مطاطي صلب كان يهوي به الوالد على جسد ابنه العاري ، لم تنتهي عملية التعذيب الابوية الا بعد توقف الصبي عن الصراخ ولم يبقى الا صدى ضربات السوط ، والغريب ان والدته كانت بالقرب منه لا حول لها ولا قوة امام جبروت الزوج ، الرجل القيم على كل شيء في حياتها وحياة صغارها .. لم تستحمل زوجتي تراجعي عن انقاذ الطفل فذهبت دون الاستأذان مني الى حيث تقف زوجته لتعلمها بان الصبي قد يتعرض لحالة من حالات مرض الصرع لو استمر الامر كما هو عليه ، همست الام في اذنها بانها لا تستطيع التدخل والا سيكون مكانها في نفس مكان ابنها المسكين .
مرت علي عدة ايام وانا لا أستطيع الخلود الى النوم دون ان أفكر باحاسيس ذلك الصبي والذي اصادفه كل صباح يمرح في الشارع المقابل مع اقرانه ، وآثار السياط على وجهه وجسده ، كانت هذه الحاله تتكرر باستمرار مع بقية اخوته ، وكنت كلما التقيت بابيهم المتعجرف صدفة المح على محياه كل مخلفات الارث السقيم لماضينا الموبوء بالظلم وامتهان النفس البشريه ، لقد كان يلزم ابنائه الصغار كل صباح يوم جمعه على ارتداء ملابس التقوى والذهاب معه للاستماع الى الخطبة العصماء لشيخ الجامع ، وحين يعود بهم الى المنزل لا يمر وقت طويل حتى تسمع صراخ احدهم عند خضوعه للتأديب الاسلامي وفق الشريعة وبامانة تامه .
أنا لا يهمني ان ينبري لي بعد حين ذوو مشاعر الاصلاح الديني ليقولوا لي وللاخرين بان الدين لم يامر بهذا ، بل يهمني معرفة من هو المسؤول عن ظلم يقع كل يوم على تلك الاجساد الغضة في كل مكان من شرقنا العربي المتمتع بنعمة التقوى والعفاف ، أهو القانون ، أم المدرسه ، أم اصول التربية المجرده ، أم ان خلفاء الله على ارضه من الفقهاء بالدين هم الذين يتحملون وزر مظالم ابنائنا الضحايا ونسائنا السجينات في غياهب العدم وعوائلنا المحكومة بتعاليم الرب في عليائه ، والتي لم يتكرم أحد بالوقوف عند تفسيرها باتجاه يخدم البشر ويزيح عنهم لجة هذا البحر المتلاطم من اليأس والموت والجهل والمرض والجمود العقلي وعدم تقبل الجديد ؟؟ .
من نفس النافذة الملعونه والتي اسمع من خلالها يوميا صراخ المعذبين بسياط القهر ، استمع صباح كل يوم الى صوت معلمة كم تمنيت ان يتاح لي بان أطير لأتلقفها من حنجرتها اللئيمه حيث تصرخ ولفترة تمتد لطيلة زمن الحصة المقررة للدرس ( صلى الله على محمد ) .. فيجيب التلاميذ الصغار في مرحلة الروضه ( صلى الله عليه وسلم ) .. لتدوم هكذا دوامة في هيجان متبادل حتى يتعب الصغار، فتضعف اصواتهم والمعلمة المفترسه مستمرة بافتراس ارواح البراءة باصرار غريب لا تريد حتى تغيير نبرة الهتاف ولا استبداله بهتاف آخر .. نفس الصراخ وذات الترديد ، وليس من مجير للاطفال الابرياء من أمر ترديدهم المتكرر ولطيلة اكثر من نصف ساعه لجملة واحده دون أن يعرفوا سببا لذلك الهوس الغير مبرر، وتكليفهم بلوك جملة واحده لا يفهمون معناها وهم في سن الروضه المبكره .
النافذة المسلطة علي فجر كل يوم ، حيث اضطر للوقوف عندها لتحضير فطور بناتي وهن يقمن بالاستعداد للذهاب الى مدارسهن ، كانت تجلب لي المتاعب بدل ان تكون مصدر ارتياح لشم نسيم الصباح .. فلقد كنت اشاهد من خلالها استعراضا يرسم امامي صورا من مستقبل أطفال الروضة المجاوره ، حيث ألاحظ وباستمرار تجمع الصبيان في جهة معينه من الساحه والفتيات في الجهة الاخرى وبشكل تلقائي لم يأمرهم به أحد على ما أعتقد .. البنات يلعبن مع البنات ، والاولاد مع الاولاد .. لم ألحظ أية مخالفة يقدم عليها احد الجنسين بالاختلاط بالجنس الآخر ، ولم تحاول المعلمة التي تقوم بالمراقبة في أن تثني الاطفال عن هذا الانعزال الارادي والمقلق والذي من شأنه أن يبني روحا انعزالية ستبقى تفعل فعلها في حياتهم المستقبليه .
لقد أدركت وانا اراقب بتمعن منظر ساحة الروضة المجاوره لشقتي كنه أن يكون ابناؤنا مصدرا لاقلاق مجتمعاتهم حين يكبرون ، فمنهم من يمتشق السلاح حاملا واجب الدفاع عن دينه ، أو قاتلا يقتل اخواته دفاعا عن شرفه المسروق ، أو أنه يحيا مريضا بتأثير الخوف من مخالطة الناس وابتعاده عن الاقتراب من الجنس الآخر .
لا تنتهي تلك الحيرة من كنه اصرارنا على احياء مباعث التخلف فينا وعند كل مفصل من مفاصل حياتنا اليوميه ، ولا تجد أنفسنا راحة بايجاد مفسر قادر على أن يغنينا عن تعب البحث والتقصي ، ليقول لنا بأن رجال ديننا هم الذين يتحملون الوزر الاعظم في بقاء مجتمعاتنا الحاضرة وفي المستقبل رهن اعتقال التخلف والتراجع والموت البطيء ، أو يتحفنا ببديل مقنع آخر يجعلنا نبريء هؤلاء المتربعين على عروش التسلط علينا فنخضع لهم أنفسنا وأموالنا ونفتح لهم بيوتنا دون مقاومه .. حينها سوف تنتهي تلك النزعات الداعية لما يسمى بالتحرر، فنخلع حتى ملابسنا الحالية لنلبس العمة ونطيل لحانا ونقصر من ثيابنا ونستفيد من شرعة الزواج من اربعة بدل البقاء مع واحدة حتى الممات .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لماذا الدين الاسلامي دون الاديان الأخرى ؟؟
- لتتوحد كافة الجهود العلمية من أجل إيقاف ظاهرة التصحر في العر ...
- نعم لمبادرة الدكتوره وفاء سلطان والدكتور سيد القمني في إحياء ...
- منشور خطير كاد يطيح بنظام الحكم في العراق
- أفكار حول إشكالية الهجرة من الريف الى المدينة في العراق .. م ...
- من مظاهر إنحسار الرقي العربي والاسلامي في بلدان اللجوء
- واحة من ذكريات عن مدينة كان يزهو العيش فيها .. وغدت خرابا تن ...
- بين واقع مزري لأمة يقتلها ( محرروها ) .. وبين المشاعر الكاذب ...
- سيد القمني .. مصر قالتها فيك قولة حق .. فالف مبروك .
- ألاستاذ شامل عبد العزيز .. وجهده المتميز لبيان تأثير التيارا ...
- في محافظة ديالى .. كانت لي هذه الحكايه .
- بين تمرد مشوب بالقلق .. ومصير مجهول .. هل من قرار ؟؟
- مجتمعاتنا لم تمر بما يسمونه مرحلة الطفوله ، وأطفالنا هم مشار ...
- ألرشوة حلال .. والمرتشي له ثواب القبول .
- ألعار سيبقى هو المصير المحتوم لجبهة الفكر الرجعي المقيت .
- لمسات لشعار .. فليسقط الوطن ولتحيا المواطنه .
- متى تنتهي عهدة الانظمة السابقه عن ما يجري في العراق اليوم ؟
- وفاء سلطان .. مبضع متمرس ، لا زال يضرب في عمق الورم العربي .
- أنا والأبيض المتوسط ... والمفوضية الساميه لرعاية شؤن اللاجئي ...
- بين الانتصارات الحقيقية للمرأة في الكويت ... وزيف التمثيل ال ...


المزيد.....




- الرئيس الإيراني: -لن يتبقى شيء- من إسرائيل إذا تعرضت بلادنا ...
- الجيش الإسرائيلي: الصواريخ التي أطلقت نحو سديروت وعسقلان كان ...
- مركبة -فوياجر 1- تستأنف الاتصال بالأرض بعد 5 أشهر من -الفوضى ...
- الكشف عن أكبر قضية غسل أموال بمصر بعد القبض على 8 عناصر إجرا ...
- أبوعبيدة يتعهد بمواصلة القتال ضد إسرائيل والجيش الإسرائيلي ي ...
- شاهد: المئات يشاركون في تشييع فلسطيني قتل برصاص إسرائيلي خلا ...
- روسيا تتوعد بتكثيف هجماتها على مستودعات الأسلحة الغربية في أ ...
- بعد زيارة الصين.. بلينكن مجددا في السعودية للتمهيد لصفقة تطب ...
- ضجة واسعة في محافظة قنا المصرية بعد إعلان عن تعليم الرقص للر ...
- العراق.. اللجنة المكلفة بالتحقيق في حادثة انفجار معسكر -كالس ...


المزيد.....



المزيد.....
الصفحة الرئيسية - ملف يوم الطفل العالمي 2009 - كيف نبني مستقبل أفضل لأطفالنا؟ - حامد حمودي عباس - أطفالنا يهددهم مستقبلهم المشحون بالوباء .. أين الحل ؟؟