أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - حامد حمودي عباس - أنا والأبيض المتوسط ... والمفوضية الساميه لرعاية شؤن اللاجئين ... سجال طال وطالت معه الآمال بالحصول على وطن














المزيد.....

أنا والأبيض المتوسط ... والمفوضية الساميه لرعاية شؤن اللاجئين ... سجال طال وطالت معه الآمال بالحصول على وطن


حامد حمودي عباس

الحوار المتمدن-العدد: 2656 - 2009 / 5 / 24 - 08:48
المحور: الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة
    


كان يجلس داخل سيارته خلف المقود ، وهو يحدثني عن آخر فصول لسيرته الذاتية قبل ان يغادر العراق منذ سنتين ، وكنت انا اقف قبالته على رصيف الشارع القريب من بناية المفوضية الساميه لشؤن اللاجئين ، لم اكن اعرفه من قبل ، وسبب معرفتي الطارئة به كانت حاجتي لمن اتحدث معه بانتظار البدء باجراء المقابلات مع طالبي اللجوء ، وثمة صوت لعبد الحليم ينبعث من جهاز التسجيل في السياره وهو يبعث برسالته من تحت الماء ، ليضيف على المشهد مذاق غير سائغ ، كونه يختلط بحديث سمج للرجل لا اول له ولا آخر، وهو ينفخ صدره ويقص علي كيف استطاع ان يكسب عطاء لانشاء عدد من المدارس في محافظته ، وكيف و ( بضربة واحده ) كسب ما لم يكسبه طول ما مضى من العمر، وعندما سألته عما اتى به الى مفوضية رعاية المساكين ، ضحك وقال وهو يرتد للوراء فوق مقعده ( انا لا احتاج صدقة من احد .. جئت لايصال صاحبي فقط ) .. اذن فانا هنا للبحث عن صدقه ، وممن .. من الامم المتحده ، تلك المؤسسة التي تسرق نفطنا وتمنحنا صدقاتها كما قال لي بعد ان رفع من صوت عبد الحليم .
كنت حينها في اشد الشوق لمغادرته ، و شوق اكبر لحمل صوت العندليب الاسمر معي والذهاب واياه الى شاطيء البحر الابيض المتوسط القريب مني جدا ، فلم تكن تفصله عني غير عدة امتار ، كانت روحي الجافة تواقة لاية نفحة من رطوبه .. فانا لست بحاجة لفلوس بقدر حاجتي لما يقذف بي من داخل أسر رهاب الوحدة القاتله .. العراقيون من ابناء وطني لا ادري لماذا يصرون على الابتعاد بعضهم عن البعض الاخر بلا سبب واضح .. وهذا ما عزز على الدوام قوة قيد الانفراد مع عالم الغربه ، جرجرت نفسي باتجاه البحر القريب ، معلنا اعترافي بانه لا مناص من الابتعاد عما ضننت بانه صلة بالوطن ، فالرجل كان يهزء بي وكانه يقول لي انتم من المغفلين الهاربين من نعمة فرهود عام فاتتكم فيه فرصة العيش الرغيد .. جلست وانا احس براحة تامة على رمال شاطيء كان مقفر من الناس ، وبدأت اتطلع لذلك المارد الجبار وهو يشاطرني صمتي عدا عن امواج خفيفة كانت تحاول بلوغ اقدامي الممدة فوق الرمال ، واول ما خطرت في بالي حينها من خلال امتداد الافق البعيد فكرة ان يكون في هذا الوجود عالمان ، أحدهما ينعم بحياة تسير مفاهيمها وفقا لسنن بشرية خطوطها واعرافها متقنة الى الحد الذي يجعلها حياة بكل ما تتسم به هذه المفردة من معاني ، وعالم آخر يتساوى فيه ضرر ان تذبح شاة أو يذبح بشر لا فرق بين المعنيين الا في واحدة ، وهو ان الشاة قد يمر جثمانها بنواميس مقدسة تمنحها بركات ذابحيها ، في حين ترمى جثث البشر احيانا في ثنايا اكوام القمامة ياكلها ذباب الفضاء المحيط .
عبر هذا البحر الشاخص امامي من الممكن ان يكون لي احد امرين ، فاما ان اكون جثة ياكلها الذباب او ان اكون ذا معنى آخر كالذي يحمله اقراني ممن قدر لهم ان يحلوا في عوالم المدنية الحقه .. لقد قدر لي حين كان الناس في بلادي ينظرون لمن يسافر الى خارج العراق بمنظار الهيبة والتمني ، أن اسافر وبالطائره ، وقدر لي ايضا ان اكون من الملبين لنداء التفوق العلمي والعودة للوطن ، وكان ان عشت كل مظاهر الجدب في وطني ، وحلت بي وبابنائي ما لا تحسب مقاديره من اهوال العذاب ، حتى امسكت متأخرا بخيط رجاء ضعيف انقطع بي عدة مرات كي اصل الى حيز يحميني من هول نهاية مؤسفه .
لقد استطعت البقاء على الاقل بعيدا عن وسط من السهل جدا أن اكون فيه ضحية لمههوس قد يغدر بي على حين غرة لا لشيء الا لمجرد نزوة اشتهاء بالقتل .
وآلمني بشده ان البحر رغم شكواي له وقضم افكاري في حضرته لم يكن آبها بي وبما انا فيه من تسامر يبدو من طرف واحد ، ولم يثنني هذا الالم عن استكمال استرجاع شضايا العمر ،لأتمم شكواي وبصوت مسموع احيانا ، مستفيدا من وحدتي وغياب الرقيب ، وتحسست اوراقي الثبوتية والتي قيل لي بان الامم المتحده سوف تطلبها مني قبل ان تقرر فيما لو كنت مستحقا لكسب صفة لاجيء من عدمه ، ولو تقرر القبول بدعواي فانها ستكون الخطوة الاولى لتحقيق امنية احاول اللحاق بها قبل ان يسبقني القدر المحتوم لقوله الفصل ، وينتهي كل شيء ، فلطالما حلمت أن اتحرر من لهاث طال امده لم استقر خلاله في وطن ، حلمت بان اتمرد على تقاليد التقدم في العمرفاحصل على زجاجة الخمر التي فارقتها منذ كنا شبابا نغني للحياة ، وننعم بعراق يعمره فن وشعر وموسيقى ، وتعقد فيه جلسات الانس على ضفاف الفرات ، حلمت بان اغني وعلى طريقة مغني الاوبرا رافعا صوتي باقصى ما استطيع دون ان يختزلني الحياء الكاذب من عرف كاذب ، يطلقه ويعمل بموجبه مجتمع كاذب بل ومنافق في اغلب تصرفاته .. وحلمت بان اكتب واخطب واناقش وابدي رأيا أيا كان هذا الرأي في السياسة أم في الجنس ، أو في محاورة ربي كما اشاء وبالطريقة التي أشاء، دون ان يلمزني مدع بالدين ليجعلني كافر وزنديق ، وحلمت كذلك .. بأن ابدو وقحا على سجيتي لاعلن عشقي لعيون امرأة وان كانت تصغرني سنا وبفارق كبير ، فاقول لها وبالمباشر انت جميلة وعيونك سحرتني ، ولا مانع حينها من ان تبتسم او يكفهر وجهها ما دمت قد أفضيت بما يعتصر روحي من حب للحياة . وامتد حلمي الكبير ليشمل امنياتي في ان احتضن ابنتي الصغرى واطوق جسدها الغض ، ونحن نتمشى في حديقة عامه لا نخاف من شرير يضمر لنا سوءا ولا قبيح يرمينا بعدم الخلق ، وحلمت .. ولم اتم حلمي هذه المره كوني افقت على صوت احدهم وهو يناديني من بعيد ، بان ابواب المفوضية قد فتحت ويدعوني للاسراع بالوقوف في صف المراجعين .



#حامد_حمودي_عباس (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين الانتصارات الحقيقية للمرأة في الكويت ... وزيف التمثيل ال ...
- من منكم يعرف ( صبيحه ) ... سمراء العراق ... ضحية الزمن المكر ...
- ما هو السبب في انقراض حضارتنا ، كما يقول أدونيس ، وماذا علين ...
- هكذا يعاملون نسائهم ... وبهذه الطريقة نعامل نحن نسائنا .. فه ...
- ألمشهد العراقي من خلال بيان نيسان للحزب الشيوعي العراقي .
- منابر ألفتوى ألدينية وعواقب اجترار ألتاريخ ألبائس
- تجليات فكرية من وحي الواقع .
- معهد ألفنون ألجميلة في بغداد .. مهدد بالاغلاق وتحويله الى مؤ ...
- ألمهندس سلام أبراهيم عطوف كبه .. ومحنته مع وزارة ألهجره وألم ...
- مصادر فكر ألتنوير .. وضرورات ألتوحد لكسر شوكة ألمقدس .
- الاستاذ منير ألعبيدي وعقلية ألمثقفين ألحزبيه .
- أبشروا بزيارة قريبة لامير ألمؤمنين من ضواحي أفغانستان الى أل ...
- هل حقا أن أمتنا قد دخلت مرحلة ألانقراض ؟!
- آن ألاوان لاحياء ذكرى ألخالد فهد ورفاقه ، وتأسيس متحف يحكي م ...
- أنا والامام ألعباس .. وألطواشه !
- ألشيوعيون في العراق .. رموز نضالية عالية ألشأن لا تطالهم رمو ...
- سيبقى ألحزب ألشيوعي ألعراقي لونا مبهرا في نسيج ألحركة ألنضال ...
- أيها ألعراقيون .. لا تستغفلكم دعوات ألمصالحة فتعودوا ضحايا م ...
- مع خالص تحياتي للمرأة ألنموذج بيان صالح .. ألمرأة في بلادنا ...
- حجر آخر ..في المياه الراكدة للحزب ألشيوعي ألعراقي .


المزيد.....




- السعودية.. الإعلان عن المرشحين للمرحلة النهائية من Joy Award ...
- أول زيارة رفيعة المستوى منذ سقوط الأسد.. وفد تركي-قطري يصل إ ...
- عُثر عليه في سوريا هائمًا في الطريق.. فيديو يُظهر أمريكيًا ي ...
- وفد تركي قطري كبير في دمشق لبحث تفاصيل المرحلة المقبلة في سو ...
- الرئيس الصربي يستجيب لمطالب المحتجين بعد أسابيع من الاحتجاجا ...
- ما مستقبل القواعد العسكرية الروسية في سوريا؟
- كيف يشكل التنوع الطائفي والعرقي فسيفساء سوريا؟
- أوراق ومهدئات وخريطة للجولان المحتل.. ما الذي تركه الأسد في ...
- بين شرب القهوة وتدخين السجائر.. جنود الجيش الإسرائيلي يستمتع ...
- -عودة سياسية مذهلة-.. مجلة تايم تختار ترامب كشخصية العام


المزيد.....

- العلاقة البنيوية بين الرأسمالية والهجرة الدولية / هاشم نعمة
- من -المؤامرة اليهودية- إلى -المؤامرة الصهيونية / مرزوق الحلالي
- الحملة العنصرية ضد الأفارقة جنوب الصحراويين في تونس:خلفياتها ... / علي الجلولي
- السكان والسياسات الطبقية نظرية الهيمنة لغرامشي.. اقتراب من ق ... / رشيد غويلب
- المخاطر الجدية لقطعان اليمين المتطرف والنازية الجديدة في أور ... / كاظم حبيب
- الهجرة والثقافة والهوية: حالة مصر / أيمن زهري
- المرأة المسلمة في بلاد اللجوء؛ بين ثقافتي الشرق والغرب؟ / هوازن خداج
- حتما ستشرق الشمس / عيد الماجد
- تقدير أعداد المصريين في الخارج في تعداد 2017 / الجمعية المصرية لدراسات الهجرة
- كارل ماركس: حول الهجرة / ديفد إل. ويلسون


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الهجرة , العنصرية , حقوق اللاجئين ,و الجاليات المهاجرة - حامد حمودي عباس - أنا والأبيض المتوسط ... والمفوضية الساميه لرعاية شؤن اللاجئين ... سجال طال وطالت معه الآمال بالحصول على وطن