أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحافظ - حزن طفولي يرتدي زي انت عمري!














المزيد.....

حزن طفولي يرتدي زي انت عمري!


عزيز الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2609 - 2009 / 4 / 7 - 07:33
المحور: الادب والفن
    


لم يكن لشراع سفينة سنه اليافع، أن تبحر في لجّة خضم يم الاحزان أو تجول في ذرات العشق و نيوترونات الصبابة فلم يبلغ فيزياوية الغرام بعد ولكن الاحزان نفسها كانت تقضم فرحته الطفولية وبراءته وتقيّد انطلاقته لان ابيه مسجون في سجن منطقة اسمها باب الشرقي وهو احد ابواب بغداد المنقرض التاريخ والمتعلق بذكريات البقاء السرمدي في ذاكرة البغداديين. لاول مرة مع ابن عمه يزور المنطقة متلهفا لعناق ابيه متجولا بالتمعن في خيال شريط لقائه ،هل يستطيع عناقه أم تمنعه القضبان؟ هل يستطيع تقبيل وجناته أم يبعده السّجان؟ هل يرتوي من حنان إحتضانه؟ بل هل سيعرفه اباه؟ وجد نفسه وسط خليط الحيرة والفوضى والزحام، الوقت ظهرا والقيظ ساطع براّق الضياء وعربات خشبية ذات 3 عجلات منتشرة كنسيج السجادات الايرانية تسمح للمارة والمتبضعين والرواد بالتوقف والسير دون زحمة فقد خلق وجودها أخاديدا و ممراتا و تلافيفا افعوانية غريبة النهايات .كانت جميع العربات مفروشة بالنايلون الابيض السميك المصقول وتوسم بمظلات مرتفعة باعمدة خشبية تهندست بطراز متساوٍ فيها الباعة يعرضون التمر العراقي بكل صنوفه في اوعية بسيطة مع اللبن الرائب السائل المخلوط بالثلج المحلي المصنوع قبل ظهور التلوث البيئي! فلم يفكر الناظر بخطورةٍ جرثومية او تلوثية مع حرص الباعة علىتنظيف السطوح البراقّة لعرباتهم كل لحظة فتوقف مع ابن عمه وارتشف رحيق لبن كانما لاول مرة يستذوقه، يقطّعون الرشف باكل تميرات ذات مذاق لايوصف.
لكن الطفل المنتظر لقاء والده السجين على بعد خطوات لم يبهره ذاك الفسيفساء الذي هوفي وسطه المكاني مبهورا ولاجودة التمور المعروضة وزحمة الناس بل ابهره ارتفاع الموجات الغنائية من كل العربات سوية بصوت من مذياع في كل العربات، يصدح باغنية ام كلثوم انت عمري! كان يلتفت للجهات الاربعة ليجد صوتها ينساب بين ضلوع متلوعة تهز رؤوسها بتلقائيات استجابية للنغم واللحن الشجي، كان الصوت ستريو لان المذياع والزمن متعانقان مع ام كلثوم في تلك الظهيرة القائضة.كانت الاغنية تأسر المشهد كله وتسجن الرواد والارض والسماء والاقداح والرطب الجني!! لوحة حزن علّقها مجانيا كل الباعة كإنما اتفقوا على بيع الحزن الغامر مع زجاجية الاقداح لتثير مياه لادميعات الاحداق!تمنى ان يسمعها ابوه كي يعي كيف ترسم اصابع الاحزان لوحاتها المجانية في احداقه فلاول مرة يعي الطفل ان هناك عربات تبيع الحزن مع التمر والاقداح اللبنية!
كان المشهد كله كلثومي مع ان كل دور السينما التي تشرف على بقعة العربات الحزائنية، تعرض شتى اللافتات المثيرةواللحوم البيضاءوالمايوهات ولكنها كلها لم تاسر غرائزية الطفل الذي دخل الموقف السجن تلاحقه النغمات الشجية، ليجد اباه بالانتظار فيحتضنه معانقا لينفجر الابن بالبكاء الحاد فقد كانت كتلة الحزن التي ولدها المشهد الكلثومي بحاجة الى شرارة عود ثقاب ابوي للاشتعال والاتقاد ليطلق العنان لدموعه المركبة من حزن رسمته عربات لتمر ولبن وموسيقى تصويرية جنونية الحزن المتقدّ وذراعين حنونتين هشمت كل براءة صبيانية مكبوتة في احشائه الندية التي شواها حزن كلثومي!
عزيز الحافظ



#عزيز_الحافظ (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- لبوة تفجر قنبلة نيوترونية على الفاشست
- هل أ نصفت التشريعات الإسلاميةالمرأة بالطلاق؟ ج1
- لبوة تفجر قنبلة نيوترونية على الفاشست
- كناري الرصيف
- للقصص زهو تشكيلي
- يابشير تمتع بالتحدي الأجوف وأترك لشعبك العناء
- تحية لمنتخب الجرأة العراقي الجديد
- للعدالة دائما ،نورس
- حرباوية فاشستي
- كيف يتم تطوير الرياضة العراقية؟
- بسمتان بلاسحاب
- أحزان تمتطي المكوث
- راضي شنيشل والخطوة الجريئة
- فاصل.... فلن تتحدثوا!
- منقوشات حناء حزن.. تبحث عن كفين!
- نسمة هربت من قيظ الفاشست!
- دخان مجزرة خانق - من قصص الفاشست
- مرابية بين مخالب المغيب
- لماذا خسر الحزب الشيوعي العراقي الانتخابات؟
- ترحال


المزيد.....




- عودة هيفاء وهبي للغناء في مصر بحكم قضائي.. والفنانة اللبناني ...
- الأمثال الشعبية بميزان العصر: لماذا تَخلُد -حكمة الأجداد- وت ...
- بريجيت باردو .. فرنسا تفقد أيقونة سينمائية متفردة رغم الجدل ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو، فماذا نعرف عنها؟ ...
- الجزيرة 360 تفوز بجائزة أفضل فيلم وثائقي قصير بمهرجان في الس ...
- التعليم فوق الجميع.. خط الدفاع في مواجهة النزاعات وأزمة التم ...
- -ناشئة الشوق- للشاعر فتح الله.. كلاسيكية الإيقاع وحداثة التع ...
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية بريجيت باردو عن 91 عاما
- وفاة أيقونة السينما الفرنسية.. بريجيت باردو
- من جنيف إلى الرياض: السعودية ومؤسسة سيغ تطلقان مشروعًا فنيًا ...


المزيد.....

- دراسة تفكيك العوالم الدرامية في ثلاثية نواف يونس / السيد حافظ
- مراجعات (الحياة الساكنة المحتضرة في أعمال لورانس داريل: تساؤ ... / عبدالرؤوف بطيخ
- ليلة الخميس. مسرحية. السيد حافظ / السيد حافظ
- زعموا أن / كمال التاغوتي
- خرائط العراقيين الغريبة / ملهم الملائكة
- مقال (حياة غويا وعصره ) بقلم آلان وودز.مجلةدفاعاعن الماركسية ... / عبدالرؤوف بطيخ
- يوميات رجل لا ينكسر رواية شعرية مكثفة. السيد حافظ- الجزء ال ... / السيد حافظ
- ركن هادئ للبنفسج / د. خالد زغريت
- حــوار السيد حافظ مع الذكاء الاصطناعي. الجزء الثاني / السيد حافظ
- رواية "سفر الأمهات الثلاث" / رانية مرجية


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحافظ - حزن طفولي يرتدي زي انت عمري!