أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحافظ - منقوشات حناء حزن.. تبحث عن كفين!














المزيد.....

منقوشات حناء حزن.. تبحث عن كفين!


عزيز الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2575 - 2009 / 3 / 4 - 05:45
المحور: الادب والفن
    


لم تترك له حياته العسكرية ساحة لمستقر وارتياح، كانت المغامرة تستهويه والمجازفة تأسر لبه فلم يعد يفكر بالزواج فصفارة قطاره أدمنت الزعيق دون جدوى... فما يكاد يطأ عتبة داره حتى يقطع التقاط أنفاسه ،تلفون استدعاء عسكري أو يسمع نفير سيارته المتميز ليجد السائق بالانتظار.. قتلته الرتابة وتوسلات أمه بالزواج الحتمي فناقوس العزوبية مطنب بالرنين فجسده الآن آليات يقودها مغناطيس العمل الرتيب حيث يشاء... قرر الارتباط بأول هدف حددته أمه وبعد صدور الموافقات الأمنية من الفاشست تزوج من كان لا يراها الا لماما وشعر بالسعادة لحملها السريع وأثمر الحمل ولدا ذكرا لم يهيئ له حتى مقدمات التسمية...
قلب الطفل رتابة حياته واخذ يختلس الزمن ليراه ويلاطفه ويحمله ووفر له كل مباهج الطفولة من دراجة ثلاثية حتى قبل أكمال مسير الطفل بالحجلة.كان الاب يحب المنحوتات والمنقوشات وزيّن غرفة نومه بكل ما يؤطر فنانيته المرهفةالمتضاده والمتنافره مع طبعه العسكري الوظيفي فارتسم الانبهار على عيون الطفل وهو يحدق بتشكيلات وتلافيف النقوش والمنحوتات حوله ويوما ما بذائقية المستكشف والمستطلع والمصمم حمل سكينا صغيرا وبدأ ينحت بالفراغات من نقوش دولاب ملابس والديه ليجد مطاوعة الخشب وسهولة عريكته وهو يمرر بلاهندسية، سكينة الحفر الهوجاء، لم يستوقفه احد فالأم غائبة في عالمها المطبخي اليومي فلم يقطع مسير أنامله التخريبي بالنقوش إلا صرخة أبيه الفجائية! لا..لا غضب وأزبد..برق وأرعد.. هدّد وتوعّد...تملكه الحنق وجذب السكين من يد ابنه طائش الفكر مترهل العفو سارجا ماسكا لجام العقوبة..قلب النصل على الوضع الأفقي وشرع يضرب ظهر كفي ولده بها بقسوة وبلاهة دون ان يحن لأنين ابنه وشهقاته الطفولية ودمعياته المغادرة لمحاجره الدهوشْْْ!ارتدى الكفان اللون الأزرق، لم تتدخل الأم إلا بعد نهاية صولة فارس العقوبة الاهوج الاحمق...تركهم وعاد مكسورا لوظيفته...
هدأ كل شيء. الصمت يخيم على الدار نام الطفل مخفيا كفيه ظانا عودة أبيه وتجديد العقوبة،لاحظت الام في الصباح انتفاخ أوداج الكفين وتبخترهما بحسرة مخفية واكتئاب،غيرت ملابسها وحملته للمستوصف القريب نظر الطبيب لها بدهشة وانذهال وتحير يلتقمه هسيس مكبوت... ماذا حصل؟ لم تخبره الواقعة.. كانت تقاسيمها ترفض إدانة زوجها فطلب منها الطبيب التحاليل والأشعة فأنجزها القلب المتلظي الملوّع وعادت للدكتور الذي كان يبحث عن قواعد لغويةالكلمات التي يختارها لزرع الطمانينة وبصوت متحشرج أخبرها:بإصابة وليدها بالغر غرينا!! وحاجة الكفين للقطع الفوري،ذهلت الأم وصعقها الخبر وأنزلت الأحزان ستائرها على الوجه المتلظي فلم تحبس قفزات الدمع ولاالية لطم الخد التلقائية...ماذا ستفعل؟ كيف تتصل بابيه؟ لا تستطيع الانتظار ولا اتخاذ القرار،عادت لتخبر عمتهادون انتظار ردود فعلها...جاء الأب ليشاهد فصول المسرحية التراجيدية التي وضع سيناريوهاتها برعونته،انهار وسقط عرش هيبته وانمحق جبروت سطوته تهالك الى مقعد قريب ثم نهض بعنف ظاهر حاملا وليده للمستشفى العسكري وبعد إكمال الفحوصات صدر القرار الطبي بإعدام الكفين دون استئناف!لم يكن للدمع حيزا للإبحار من إحداقه المتلظية المنذهلة... ادخله صالة العمليات بما لم يرسمه في غباءالسيناريو وبعد سويعات اخرج طفله مع ممرض مختص لتطبيب الجراح،صحا الطفل ليفتقد غياب كفيه وظن أنهما عصفورتين محلقتين في سماء طفولته وخياله الخصب او انهما يلعبان معه لعبة (الغميضة)...
التئم الجراح ولم تلتئم جراح ونزف الوالدين وصمت جدته..مرت الأيام تغيرت اهتمامات الطفل فالحاجة لليدين تمنع الإبحار في متعة ألعابه بما يجلبه الاب من هدايا أوفواكه لايستطيع ان يهش بها محبورا مسرورا فلم يمنعه ذاك من الركض نحو ابيه وقد ارتسمت في ذاكرته القسوة والعقوبة ولكنه الان لايري اباه يرتدي هذه الملامح..تجرأ الطفل وقال بابا انا الآن عاقلا ولا اخرب !اريد ان اركب الدراجة ارجوك اعد لي الكفين!
هرع الوالد المفجوع مستجيبا هادر الغضب فتح دولاب ملابسه المنقوش بحناء تصرفه الجنوني اخرج مسدسه العسكري وترك لرصاصة واحدة نقوش الاستقرار في دماغه الأجوف!
أنهامنقوشات للإحزان تنتشي بالتحليق!
عزيز الحافظ



#عزيز_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نسمة هربت من قيظ الفاشست!
- دخان مجزرة خانق - من قصص الفاشست
- مرابية بين مخالب المغيب
- لماذا خسر الحزب الشيوعي العراقي الانتخابات؟
- ترحال
- من قصص الفاشست
- التطور الكروي العراقي
- الترقب وبطولة القارات
- غصّة
- حكامنا الكرويين والطموح التطويري
- جنون صدفة
- أهلا براضي شنيشل للالق الكروي القادم
- الانتخابات الإسرائيلية- رؤية
- ثلاجة الموتى
- شذرتان
- خواطر من سجن ذكرياتي
- قصتان من حديقة عراقية
- قصتان قصيرتان
- قصة بعنوان(صهيل خطيئة !!)
- صيد الفقمة!


المزيد.....




- وفاة الفنان المصري المعروف صلاح السعدني عن عمر ناهز 81 عاما ...
- تعدد الروايات حول ما حدث في أصفهان
- انطلاق الدورة الـ38 لمعرض تونس الدولي للكتاب
- الثقافة الفلسطينية: 32 مؤسسة ثقافية تضررت جزئيا أو كليا في ح ...
- في وداع صلاح السعدني.. فنانون ينعون عمدة الدراما المصرية
- وفاة -عمدة الدراما المصرية- الممثل صلاح السعدني عن عمر ناهز ...
- موسكو.. افتتاح معرض عن العملية العسكرية الخاصة في أوكرانيا
- فنان مصري يكشف سبب وفاة صلاح السعدني ولحظاته الأخيرة
- بنتُ السراب
- مصر.. دفن صلاح السعدني بجانب فنان مشهور عاهده بالبقاء في جوا ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحافظ - منقوشات حناء حزن.. تبحث عن كفين!