أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحافظ - ثلاجة الموتى














المزيد.....

ثلاجة الموتى


عزيز الحافظ

الحوار المتمدن-العدد: 2549 - 2009 / 2 / 6 - 04:39
المحور: الادب والفن
    


تهالك إلى فراش أرض غرفته الرّث...مرهقا متثاقلا بعد نهار عمل عضلي شاق ومضن..يدفع عربة خشبية في السوق المحلي لمدينته مقلاّ كل الحمولات المتوسطة والمتبخترة....فهي مصدر رزقه الوحيد... لم يكترث لإقتراب طفليه...بل لم تجد لهم ،شفتاه الاببسمة غامضة فهم لايفقهوون ضنك عيشه...
جال مرارا ومرارا بنظره في ديكور غرفته مهموما متعوسا....فقد كانت ترتدي كل ملابس البؤس والشقاء!
الستارة البالية..والشباك العاري من الزجاج...والوسائد المتهرئة... وفراش الأرضية والأغطية الفاقدة الألوان وسمة التعريف,,,,شكرا لله.. وصبرا!
غدا سيتغير كل شيء في حياته... غدا سيتوجه للجنة الطبية لفحص بداية التعيين... حاملا بنشوة المنتصر...شهادة البكالوريوس في الفيزياء والمدسوسة بين احشاء فراش النوم البالي فقد كان ممنوعا من التعيين لاسباب أمنية وكأن التعيين منصات إطلاق صواريخ عابرة للقارات!
والسبب جريرة... ارتكبها أب لم يره وأم ماتت كمدا وحزنا عليه،بعده والجريرة في النظام الفاشي قد تكون حتى بحجة عدم إحترام النشيد الوطني!
عاش يتيما مع أخواله تلاحقه تهمة الاب في كل طلب معلومات...مع انه لم يأبه لجثة ابيه التي لم يعلم اي تراب في الوطن يحتضنها بشوق وحنان... فحاضره أقسى من التبحر في مواقع جثث الاحبة الموتى...
أندس في فراشه الذي كان يحمل كل طيات شوارع مدينته وهو يجوبها سنوات بعربته حتى حفظ التلافيف والمنعرجات كما برع في دراسته الفيزياوية...
نهض كعادته لصلاة الفجر بميقاتها... لم يتحمس لفطور كل يوم...فهو يترك لقمته لأطفاله تناور بها أمهم بين وجبات الطعام النزر...
تحسس ملفّ معاملته وملحقاتها وقرر أن يبّكر بالذهاب للجنة الطبية... وصل المكان فبقربه يرتكن كراج عرباتهم الشامخ!أندس في الجموع محاورا من جاوره... بحبور..
مرّ زمن الانتظار بتثاقل قاس... حصل ما لم يكن في الحسبان؟
عصف ونار...أشلاء تتشظى من لحم البشر...احتراق وسيول دم جارف صبغت الجدران والشارع والعربات والسيارات بكل مايذهل المرضعات جعلهم كعصف مأكول...لم يتحسس جسده وما ألّم به,,,
كان في الرمق الاخير،تعرّف بنصف عين ووعي على زميل مهنة له مع أخر يرفعانه من الأرض الى عربة خشبية...تسير به مسرعة في مطبات يعرف خباياها وتلافيفها جيدا...تذ ّكره بوعورة فراش نومه...ورأسه يتوسدحافة العربة متدليا كغصن بعد قطاف...يتموج مع المطبات..جسده متكور.. سمع هسيسا منهم((الى الثلاجة)) أنتابه سرور عظيم!!ثلاجة؟! تذكر ان أول أمانيه بمحاربة فقر غرفته.. شراء ثلاجة يزيّن بها وحشة فناء الغرفة الجرداء قبل حلول الصيف!! يا لسرعة التحقق!!
لم يكن يعلم إنهم ينقلوه لثلاجة الموتى!!!
عزيز الحافظ



#عزيز_الحافظ (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شذرتان
- خواطر من سجن ذكرياتي
- قصتان من حديقة عراقية
- قصتان قصيرتان
- قصة بعنوان(صهيل خطيئة !!)
- صيد الفقمة!
- تزحلق على جليد مُسال!!


المزيد.....




- في وداعها الأخير
- ماريو فارغاس يوسا وفردوسهُ الإيروسيُّ المفقود
- عوالم -جامع الفنا- في -إحدى عشرة حكاية من مراكش- للمغربي أني ...
- شعراء أرادوا أن يغيروا العالم
- صحوة أم صدمة ثقافية؟.. -طوفان الأقصى- وتحولات الفكر الغربي
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم -
- وفاة الفنان العراقي عامر جهاد
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم
- غَيْرُ المَأسُوْفِ عَلَيْهِم .
- الفنان السوداني أبو عركي البخيت فنار في زمن الحرب


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عزيز الحافظ - ثلاجة الموتى