الحكم الذاتي للفلسطينيين

محمد كليبي

الحوار المتمدن-العدد: 2492 - 2008 / 12 / 11 - 08:19
المحور: القضية الفلسطينية
    

قرأت , في صحيفة الاتحاد الظبيانية , مقالا للسيد " زبيجنيو بريجينسكي " مستشار الأمن القومي للرئيس الاميركي الأسبق " جيمي كارتر " , بعنوان : " شروط حل القضية الفلسطينية " . أقتطف منه الفقرة التالية : (( والواقع أن ّ عناصر الحل والاتفاق واضحة للعيان . ولا بد في هذا الاطار من ان يقوم الرئيس الأميركي , أمام الجميع , بتحديد المعايير الأساسية التي تراها بلاده ضرورية لتحقيق سلام عادل ودائم في المنطقة يرضي جميع الأطراف , وينهي الصراع . تلك المعايير تنهض على أربعة مبادئ محورية : الانسحاب الى حدود 1967 مع بعض التعديلات البسيطة والمتبادلة بين الطرفين , تعويض اللاجئين الفلسطينيين بدل حق العودة , اعلان القدس عاصمة للدولتين , ثم دولة فلسطينية منزوعة السلاح ... )) .
وقد قدّم السيد بريجنيسكي هذه الافكار كمبادرة منه الى الرئيس الاميركي المنتخب " باراك أوباما " لحل قضية الشرق الاوسط والصراع الفلسطيني الاسرائيلي .

ومع أن تلك المباديء الأربعة , مباديء جيدة , ونوافقه عليها من حيث المبدأ , الاّ أنّ بعضها غير واقعي , على الأقل من وجهة النظر الاسرائيلية والفلسطينية على حد سواء . فأورشليم / القدس , مثلا , مدينة غير قابلة للتقسيم باعتبارها مدينة مقدّسة لدى الطرفين , ويصرّ الطرف الاسرايلي تحديدا على وحدة المدينة كعاصمة للدولة العبرية , بينما بعض الفرقاء الفلسطينيون يقبلون بفكرة تقسيم القدس / أورشليم وآخرون يرفضون ذلك . وحق اللاجئين يعتبر من وجهة نظر الفلسطينيين حق مقدّس لا يمكن التنازل عنه .
أما القول بدولة فلسطينية " منزوعة السلاح " , وان كنت أتفق مع هذا الطرح , الاّ أنني أعتبر أنّ ذلك سيكون بمثابة أو أقرب الى " الحكم الذاتي " للفلسطينيين منه الى الدولة الفلسطينية . فما الفرق بين اعطاء الفلسطينيين حكما ذاتيا ضمن الدولة الاسرائيلية وبين اعطائهم دولة منزوعة السلاح ؟ أعتقد انه لا فرق , فدولة منزوعة السلاح هي بمثابة حكم ذاتي . ثم انه اذا ما تم قيام دولة فلسطينية , ولوكانت منزوعة السلاح , فهل يسري عليها , كدولة ذات سيادة مفترضة , مبدأ عدم عودة اللاجئين اليها , مجرّد تساؤل ؟
ثم ان الواقع الجغرافي والسياسي للفلسطينيين لا يؤهلهم لتأسيس دولة , بمعنى دولة واحدة مستقلة . فجغرافيا نجد ان الأراضي الفلسطينية مجزأة وغير قابلة فعليا لقيام دولة واحدة متماسكة عليها . وسياسيا نجد ان الفلسطينيون منقسمون على أنفسهم الى فصائل وحركات ومنظمات , متنافرة متناحرة , حتى وصل الامر بهم اليوم الى أن يستقل كل فصيل منهم بجزء من الارض المجزأة .

وبناء على ذلك فان الحل الامثل - في اعتقادي - لهذه القضية , والذي يتلاءم ويتناسب مع الواقع الجغرافي والسياسي , يتمثّل في انشاء كيانين مستقلين للفلسطينيين يتمتعان بالحكم الذاتي الموسّع , أحدهما في الضفة الغربية والآخر في قطاع غزة .
مع بقاء أورشليم عاصمة موحدة لدولة اسرائيل ( والسماح للفلسطينيين بمجب اتفاقية بحق زيارة الاماكن المقدة بدون عقبات ) مقابل حق العودة للاجئين الفلسطينيين الى الضفة والقطاع حصرا , أي الى منطقتي الحكم الذاتي الفلسطيني .

#محمد_كليبي (هاشتاغ)      

---

---

الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 

اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل	حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين

كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على:

الفيسبوك

التويتر

اليوتيوب

RSS

الانستغرام

لينكدإن

تيلكرام

بنترست

تمبلر

بلوكر

فليبورد

الموبايل

كيفية إشراك-إيصال مواضيعكم أو مواضيع تهمكم  إلى اكبر عدد ممكن من القراء والقارئات