صادق الازرقي
الحوار المتمدن-العدد: 2463 - 2008 / 11 / 12 - 04:27
المحور:
الادارة و الاقتصاد
يأتي تصريح وزير التخطيط السيد علي بابان بشأن خطته الهادفة الى الحد من الضغط على ميزانية الحكومة العراقية من خلال خفض الوظائف الحكومية بمقدار 75 بالمائة على حد تعبيره في ظل انعدام شامل وتدهور خطير في الضمان الاجتماعي الذي من المفروض ان يتمتع به العاملون او الذين سيعملون في القطاع الخاص وفي ظل فساد ينخر عميقا في جسد مؤسسات الدولة خصوصا تلك المتعلقة بقضايا الضمان والتقاعد ولو جارينا الخطة المذكورة وافترضنا جدلا انها ستنفذ .. ترى ما الذي يضمن حقوق الموظفين والعاملين الذين ينقلون الى القطاع الخاص في ظل هذه الفوضى العارمة التي يشهدها الاقتصاد والحياة العراقية وفي ظل انعدام اي اعانات او رواتب للعاطلين كما هو معمول به في الدول المتحضرة .. لو كان ثمة ضمانات بهذا الشأن لهلل الجميع لذلك ولما (دوّخ) الكثير من الشباب رؤوسهم في التفكير بمستقبلهم الذي يضمن لهم حقوقهم من ثروة العراق ويمهد لهم طريق الزواج وتأسيس البيوت وغيرها من متطلبات الحياة الطبيعية .. إذا كان الامر كذلك فاهلا بالقطاع الخاص فسيؤسس خريج الجامعة مثلا ًتوجهه على اساس ان العمل في القطاع الخاص يوفر له الضمان الصحي وان خدمته تحتسب لأغراض التقاعد وغيرها من المميزات التي من يتمتع بها العاملون في الدولة اما قبل تنفيذ ذلك وتوفير المستلزمات الضرورية له فان الامر يعد ضربا من الخيال وسابق لأوانه وانه باعتقادنا يطرح مثلما تطرح العشرات بل المئات من الخطط والمشاريع والتي لم ير المواطن العراقي منها شيئا رغم مرور خمس سنوات منذ اسقاط النظام المباد والمفارقة من امر تلك الخطط ان معظمها يحدد سقفا ً زمنيا ً بمقدار عشر سنوات لأغراض التنفيذ فهل يعني ذلك ان على المواطن ان ينتظر عشر سنوات اخرى لتحقيق ما يصبو اليه في حياته ومنها تحسين واقعه ومعيشته. وما الفائدة من تحديد السنوات العشر والعشرين إذا كنا لم نفعل شيئا فيما يتعلق بالتمهيد لتك الخطط ووضع الأسس الآنية المطلوبة لتنفيذها.
وعلى افتراض ان خفض أعداد العاملين في مؤسسات الدولة سيقلل الضغط على الميزانية ويوفر الأموال فان ذلك لن يتم الا بتفعيل الاقتصاد والاتفاق مع الدول المتطورة التي نرتبط بعلاقات وثيقة معها على إعادة البنى التحتية في العراق وإنشاء المصانع وإعادة تنشيط الزراعة وغيرها من المتطلبات ومن دون ذلك سنترك خريجي الجامعات الذين لم توفر الدولة الوظائف لهم برغم تخرجهم يعظون اصابع الندم لقضاء سني اعمارهم في الدراسة كما سنزيد اعداد العاطلين عن العمل والتي يقدرها الخبراء وهو ما اعترف به السيد الوزير باكثر من اربعين بالمائة.
وأخيرا نقول اننا إذا اردنا تقليص أعداد العاملين في القطاع العام وتحويلهم الى القطاع الخاص (ونحن لسنا ضد تلك العملية في بعض الحلقات) فيجب ان نقرن ذلك بتوفير الضمانات المطلوبة للمنتقلين وكذا لجميع الذين يعملون او سيعملون في القطاع الخاص ومنها ضمانات التقاعد والاعانات المرضية والاجتماعية ومنها مخصصات الزوجية والاطفال .. ومن دون كل ذلك وغيره لن تتحقق الفائدة المرجوة من تقليص الوظائف.
#صادق_الازرقي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟