أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - رائحة الوطن














المزيد.....

رائحة الوطن


البتول المحجوب

الحوار المتمدن-العدد: 2449 - 2008 / 10 / 29 - 06:06
المحور: الادب والفن
    


يجلس على ربوة، يرمي بصره بعيدا.. عل القتامة تنكشف. عيناه تعودتا فضاء زنزانة ضيقة قاتمة اللون والجدران.عيناه في شوق لرؤية ألوان الفرح. علّها تنسيه لون العتمة وجدران زنزانة طينية اللون.مازال صرير بابها في أذنه وحزمة مفاتيح صدئة يحملها حارس لعين.
يصيخ السمع لصرير أبواب الزنازين الأخرى. صرير يشبّهه أحيانا بعزف مسائي.
من زمان لم يسمع صوت عزف موسيقى.يغمض عينيه ويحلم عبر صرير الأبواب، بعزف موسيقي في هذا المساء الحزين.يحاول جاهدا أن لا يفقد السمع في هذا المكان الموحش.يصيخ السمع،يضع أذنه على جدران الزنزانة الموالية علّه يتعرف على أصوات الوافدين الجدد على “الدار”…
عيناه البنيتان أصيبتا بعمى الألوان.ذاكرته في خضم الغياب فقدت تفاصيل ملامح وجوه أحبتها يوما ما.ما أمر الفقدان على مرأى منك أيها الوطن المهزوم..
يخرج من زنزانته منكسرا..تاركا أحبة وشهداء هنا وهناك. في مقابر منسية لا يعرف لها مكانا..يردد بينه وبين نفسه بصوت يكاد يكون مسموعا:
-وعد مني أن أعود للبحث عن رفاتكم الطاهرة..؟
يشعر بحرقة وغصة.يتذكر يوم سأل ذاك الحارس اللعين عن مدافن الشهداء..يومها أتاه الرد باردا وقاسيا:
- قبورهم سويت بالأرض، تحت جنح الظلام كي لانترك لهم أثرا..
يصمت على مضض..يشعر بالغصة والحرقة والهزيمة. عند خروجه من باب القلعة المهجورة. يجول ببصره الضعيف متسائلا..:
-أين يا ترى قبور الشهداء الأحرار..؟
يأتيه صدى الصوت..وصدى السؤال الجريح.يتابع سيره، ناقما على جدران زنزانة قاتمة.يشد الرحال بحثا عن حضن وطن دافئ لا حدود له ولا جدران ولالون غير لون السماء الجميل..ولون رمال ذهبية،تقلبها الرياح يمينا وشمالا راسمة لوحة على خدها الجميل.
من بين حناياها يحاول أن ينسى رائحة جدران زنزانة عفنة، مستعينا برائحةالوطن.الشبيهة برائحة الأمهات الطيبات،المتعبات من الانتظار.يتذكر تجاعيد الزمن على وجوههن كتجاعيد وطن جريح. ذكرى بقيت محفورة في ذاكرته.عصية على النسيان.. يبتسم بحب ووجع وحرقة، مرددا أمام الآخرين:
-انه الوطن.رغم الوجع، يبقى حضنه دافئ حتى وان انكسرت أمام صمته ولم يحرك ساكنا.
دوما يلتمس العذر لهذا الوطن المهزوم..
يأخذ نفسا عميقا من سيجارته ويصمت.بين دخان السيجارة وحزن عينيه،تمتد مسافات الوجع.وذكرى جدران زنزانة قاتمة اللون.ذاكراته تضج بتقاسيم وجوه رفاق الألم والمعاناة.رفاق زنزانة قاتمة.حكاياتهم لا تنتهي رغم وجع البوح.عذاباتهم، ألامهم وأفراحهم أيضا.فبعض الهم يضحك أحيانا..
يتذكر عذابات السنين الطوال، يتذكر الم الضربات القاسية أثناء التحقيق.. صراخ هنا وهناك.تطول فترات التعذيب.ذكرى أقبية العتمة وعذابات النساء وتعذيبهن في العنبر الأخر..أي زمن هذا الذي تهان فيه المرأة..؟
المرأة في عرفه أقدس وأنبل من أن تمس شعرة واحدة منها. كيف بالله تهان تحت سياط التعذيب..؟
تبا لهذه الجدران الصماء وتبا لهذا القهر.. تتصاعد وتيرة الدق على جدران الزنازين احتجاجا على تعذيب النساء..
يشعر بالوحدة والوجع، بين أحضان وطن صامت وحزين أمام قتامة الجدران..



#البتول_المحجوب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- صمت المدن
- سر الحكاية
- الكوخو
- السبحة
- ذكرى
- حكاية امراة
- اوتار
- برودة المنافي
- الجمعة الحزين
- علبة بريد
- مساء احد منسي
- الحلم الجميل
- الثامن عشر من ايار
- محطة القطار
- الطيور المهاجرة
- المسافات
- الهاتف
- انتظار
- طنطان:مدينة الوجع
- رحيل امرأة


المزيد.....




- السفارة الروسية في بكين تشهد إزاحة الستار عن تمثالي الكاتبين ...
- الخارجية الروسية: القوات المسلحة الأوكرانية تستخدم المنشآت ا ...
- تولى التأليف والإخراج والإنتاج والتصوير.. هل نجح زاك سنايدر ...
- كيف تحمي أعمالك الفنية من الذكاء الاصطناعي
- المخرج الأمريكي كوبولا يطمح إلى الظفر بسعفة ذهبية ثالثة عبر ...
- دور النشر العربية بالمهجر.. حضور ثقافي وحضاري في العالم
- شاومينج بيغشش .. تسريب امتحان اللغة العربية الصف الثالث الاع ...
- مترو موسكو يقيم حفل باليه بمناسبة الذكرى الـ89 لتأسيسه (فيدي ...
- وفاة المخرج السوري عبد اللطيف عبد الحميد عن 70 عاما
- بسررعة.. شاومينج ينشر إجابة امتحان اللغة العربية الشهادة الا ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - البتول المحجوب - رائحة الوطن