أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ابراهيم علاء الدين - الاسلاميون واليسار المراهق واوهام انهيار امريكا والراسمالية















المزيد.....


الاسلاميون واليسار المراهق واوهام انهيار امريكا والراسمالية


ابراهيم علاء الدين

الحوار المتمدن-العدد: 2431 - 2008 / 10 / 11 - 08:51
المحور: الادارة و الاقتصاد
    


تصاعدت خلال الايام القليلة الماضية الاصوات التي تبشر بانهيار الراسمالية من اقلام بعضها ينتمي لليسار الطفولي المراهق تؤكد عودة الاشتراكية الى الاقتصاد العالمي، واخرى من الاحزاب الاسلاموية، تبشر وتبرهن على ان الاقتصاد الاسلامي سوف يسود العالم، بعد ان هوت امريكا واحلامها واقتصادها الى اسفل السافلين على حد تعبير احد شيوخهم الذي يصف نفسه بالباحث والكاتب الاسلامي.
والحقيقة ان مثل هذه الاصوات لا يكترث بها احد من الزاوية الاقتصادية، لانها عبارة عن اوهام واحلام وامنيات ليس لها علاقة بالواقع .. ولكن من الناحية السياسية هناك ضرورة للتصدي لمثل هذه الافكار لما لها من تاثير سلبي على وعي الناس نظرا لما تنطوي عليه من تضليل واوهام ، ومجافاة للحقيقة والواقع، الامر الذي يؤدي الى اشاعة وعي زائف مخدر يعطل طاقات الامم ويضعف حوافز العمل لتغيير الواقع بشكل حقيقي وفاعل.
فانظروا ماذا يقول احد شيوخ الاسلامويين تحت عنوان "نعي دولة عظمى" يقول "في ظل رياح النصر الكبير القادم من الشرق والإعصار المالي الذي يضرب الولايات المتحدة وببالغ الفرح والسرور والسعادة والتشفي يسُرنا أن نزف البُشرى للمستضعفين والفقراء والمساكين في الأرض والشعوب المقهورة عامة والمسلمين منهم خاصة نبأ الإنهيار الوشيك لأمريكا في جرف هار بعد أن اصبحت في حالة ميؤوس منها ( HOBLESS) بعد أن قصمها الله واليكم البيان".
ويضيف الشيخ الواهم الحالم قائلا "فالكارثة المالية التي حلت على رأس امريكا ليست ازمة مالية, بل هي ريح صرصر عاتية سخرها الله عليها فهي لن تبقي ولن تذر,فهي أشبه ما تكون ب( إعصار تسونامي) سيعصف بها ويخسف بدارها كما خسف الله بقارون وبداره الأرض, فالولايات المتحدة الأمريكية هي قارون هذا العصر لسان حالها يقول كما قال قارون والذي كانت مفاتيح خزائن أمواله ينوء بحملها عصبة من الرجال الأشداء (إنما أوتيته على علم مني).

فيما انبرت بعض الاقلام اليسارية تبشر بان الازمة الاقتصادية الراهنة ستؤدي الى الافلاس الجماعي ، وان الفلسفات الراسمالية (اقتصاد السوق) اعلنت هزيمتها، وان ما يشهده العالم اليوم هو نهاية لعصر الراسمالية وعصر اقتصاد السوق وعودة لعصر التاميم الاشتراكي، وراي بعض اليساريين ان ما يحدث في اسواق العالم يمثل امكانية تغيير او الغاء النظم والاليات التي كانت تسيره، لغرض ردم الفجوة الكبيرة، والعودة لمرحلة التوازن، فيما رأى البعض الاخر بان عصر الهيمنة الامريكية على الاقتصاد العالمي قد انتهت.
ما سبق ايراده هو عبارة عن ملخص مكثف جدا لما حملته بشارات الكتاب من اليمين واليسار المراهق الذين عادة ما يلتقون عندما يكون الطرف الثالث هو الولايات المتحدة ، في توزيع واشاعة وتعميم الوهم والتضليل، مما يؤدي الى خداع الجمهور وتغييبه عن معرفة حقيقة ما يجري وما يدور على الارض بشكل واقعي وحقيقي.
بل ويذهب شيخ مأفون في وصف الاوضاع الاقتصادية في الولايات المتحدة بالقول " وإن مابشّر به والدي رحمه الله في (كتابه الغيب في المعركة وكتابه زوال إسرائيل حتمية قرأنية) تحت عنوان الإنهيار القادم قبل عشرين عاما بدأ يتحقق,وهذا التنبؤ ليس معتمدا على الفتح بالفنجان ولا الضرب بالرمال ولا بالمندل ولاالعلم بالغيب,وإنما إعتماداً على ماجاء في القرأن والسنة".
الى هذا الحد يسود الجهل وتسيطر الاوهام على اصحاب العقلية المتزمته ، العاجزة عن تحليل الاحداث بعين الناقد العلمي الموضوعي الى حد ما (لا يوجد حياد مطلق بالطبع)، والتي لا تعرف سوى الاوهام والامنيات اساسا للتحليل والاستنتاج ولا تعلم ان هناك اسس علمية اقتصادية تمكن الباحث من الوقوف على درجة قريبة من الصحة في الاستنتاج والتعليل والتنبوء.
وهذه الاسس العلمية تقول ان ما يحدث في العالم بغض النظر عن التسمية .. هزة ... زلزالا ... كارثة .... اقتصادية فان ذلك يختلف عليه اثنان.
لكن الخلاف ينشا عند محاولة تقدير حجمها وابعادها ، ويتسع الخلاف عند محاولة تقدير نتائجها، ويتفاقم الخلاف عندما يحاول البعض ان يصور ان هذه الازمة هي بمثابة اعلان على انتهاء العصر الرأسمالي واقتصاد السوق، كما سبق واشرنا اعلاه الى نماذج من هذا الصنف.

الامر الذي يتطلب عرض تصور مبسط قدر الامكان لطبيعة الازمة الاقتصادية ، وابعادها ، وما سوف تسفر عنه. وذلك لتبيان انها ليست نذيرا او بشيرا بانتهاء العصر الراسمالي ، كما يتنبأ ويتمنى اصحاب النظرة الطالبانية والقاعدية واصحاب بن لادن، ودراويش الاحزاب الاسلاموية.
وايضا للتاكيد على تسرع وخطأ وخطل نظرة اليسار الطفولي المراهق الذي يتخيل ان الاقتصاد الراسمالي هشا الى الدرجة التي ستعصف به هزة او كارثة اقتصادية او سياسية او عسكرية، ويغيب عن بال هذا النوع من اليسار ان سقوط الراسمالية قبل ان تستكمل مهمتها سيؤدي بالمجتمعات الى العودة للنظم البربرية، وبالتالي فان هذا يتناقض مع الفلسفة الماركسية، ومفهومها للتطور التاريخي ومقومات الانتقال من نظام اقتصادي اجتماعي عال من التطور والابداع الى نظام اقتصادي اجتماعي اخر اكثر تطورا وابداعا.

ولعرض صورة مبسطة عن الازمة الاقتصادية في العالم ، ساقدم صورة عن اوضاع الاسواق المالية العربية كما جاءت بتقرير لصندوق النقد العربي كنموذج تقريبي لما حدث ويحدث في اسواق المال العاليمة ، فقد جاء بالتقرير " بلغت القيمة السوقية للشركات المدرجة في الأسواق العربية نحو 389ر1 تريليون دولار في الربع الثاني من العام الجاري مرتفعة بنسبة 5.9 %، عن مستواها في نهاية الربع الأول، ومرتفعة بنحو 49.1 % مقارنة بقيمتها في نهاية الربع الثاني من العام الماضي".
تصوروا معي ... ارتفعت القيمة السوقية بنحو 50 بالمائة خلال سنة واحدة، وهذا الامر لا يمت للاسس الاقتصادية او أي منطق اقتصادي بصلة، والسبب في هذا الارتفاع ليس له علاقة بأي قيمة مضافة حققتها الشركات المدرجة بالاسواق، وليس له علاقة بارباحها، وكل ما الامر ان هذا الارتفاع جاء نتيجة المضاربة، الناتجة عن توفر السيولة بايدي المستثمرين، الذين حصلوا عليها من خلال قروض مصرفية، بضمانات ملكية اسهم او ضمانات عقارية.
لاقدم لكم مزيدا من التوضيح : لو افترضنا ان رجل اعمال يمتلك 100 الف سهم في شركة الاتصالات على سبيل المثال، كانت قيمة السهم عند شرائه نصف دولار، اذن راس ماله الاساسي يكون 50 الف دولار، المضاربة رفعت سعر السهم خلال سنة بنسبة 50 بالمائة، اذن اصبح يملك 75 الف دولار، ذهب الى البنك وحصل على قرض قدره 50 الف دولار بضمانة الاسهم التي يمتلكها في شركة الاتصالات، ودفع 10 الاف دولار نقدا فوائد للبنك، ووظف ال 50 الف دولار بشراء اسهم جديدة، فاشترى 6ر66 الف سهم بسعر 75ر0 دولار للسهم ، اذن اصبح يمتلك 6ر166 الف سهم ورأسماله الاساسي اصبح 110 الف دولار ، وراسماله التجاري على ضوء سعر الاسهم الحالي اصبح 125 ألف دولار، وبعد سنة ارتفعت قيمة الاسهم ايضا ب 50 بالمائة، فاصبح سعر السهم الواحد 121ر1 دولار، اذن تصبح ثروته الاجمالية هي (121ر1X 6ر166 الف سهم = 7ر186 الف دولار. فيكون حقق صافي ربحا قدره (6ر186- 110 = 6ر71) الف دولار في سنتين. (أي قرابة 65 بالمائة عائدا على راس المال. فلو تراجعت اسعار الاسهم بنسبة 50 بالمائة فسيظل رابحا بنسبة 15 بالمائة وهي النسبة المعقولة للاستثمار المطابقة لمنطق الاستثمارالمعقول.

علما بان رجل الاعمال هذا يعتبر مستثمرا محافظا ، لم يشتغل بالمضاربة، ابدا ولم يشتر او يبيع طوال السنة، (فيم الغالبية العظمى ممن يشتغلون بالبورصات يقومون بالاف العمليات من شراء وبيع خلال السنة ، وبالتالي فان اغلبهم يحقق ارباحا بعشرات اضعاف راس المال المستثمر، ولكن للتبسيط سنظل مع نموذج المستثمر المحافظ).

والان لنطبق النتيجة الفردية هذه المتعلقة برجل الاعمال على البورصات العربية كلها.
فقد جاء في تقرير صندوق النقد العربي " أن سوق الأسهم السعودية جاءت في المرتبة الأولى، من حيث القيمة الرأسمالية، حيث بلغت قيمتها نحو 473.247 مليار دولار، وهي قيمة تمثل 34.1 % من قيمة البورصات العربية مجتمعة، تلتها بورصتا القاهرة والإسكندرية (مصر) بنحو 152.817 مليار دولار، أو ما نسبته 11 % من قيمة البورصات العربية، ثم سوق دبي المالي بنحو 137.166 مليار دولار، أو ما نسبته 9.9 % من قيمة البورصات العربية، وسوق الدوحة للأوراق المالية بنحو 135.722 مليار دولار، أو ما نسبته 9.8 % من قيمة البورصات العربية، وسوق أبو ظبي للأوراق المالية بنحو 133.923 مليار دولار، أو ما نسبته 9.6 % من قيمة البورصات العربية، وسوق الكويت للأوراق المالية بنحو 119.562 مليار دولار، أو ما نسبته 8.6 % من قيمة البورصات العربية.
ووفقا لتقرير صندوق النقد العربي، فقد سجلت قراءة المؤشر المركب، الذي يحتسبه الصندوق لهذه الأسواق، نحو 320.5 نقطة، بارتفاع بلغ نحو 10.1 نقطة، أو ما نسبته 3.25 %، مقارنة بنهاية الربع الذي سبقه، وبارتفاع بلغ نحو 80.6 نقطة، أو ما نسبته 33.6 %، مقارنة بنهاية الربع الثاني من عام 2007.
وأظهرت المؤشرات التي يحتسبها الصندوق تحسناً ملحوظاً في أداء أغلبية البورصات، سواء بالمقارنة بالربع السابق أو مع الربع الثاني من العام الماضي، فقد سجلت 12 سوقاً تحسناً في أدائها خلال هذا الربع، هي بورصة الأردن بنسبة 31.4 %، وبورصة بيروت بنسبة 29.9 %، وسوق الدوحة بنسبة 19.2 %، وسوق أبو ظبي بنسبة 11.5 %، وبورصة تونس بنسبة 9.9 %، وسوق مسقط بنسبة 8.9 %، وسوق الكويت للأوراق المالية بنسبة 5.5 %، وسوق الأسهم السعودية بنسبة 3.9 %، وسوق فلسطين بنسبة 3.7 %، وسوق دبي بنسبة 1.4 %، وسوق البحرين بنسبة 1 %، وبورصة الجزائر بنسبة 0.9 %.
ومن ناحية أخرى، تراجع أداء ثلاث أسواق فقط، مقارنة بالربع السابق، هي بورصتا القاهرة والإسكندرية بنسبة -6.3 %، وبورصة المغرب بنسبة -4.8 %، وسوق الخرطوم بنسبة -1.3 %. أما مقارنة بالربع الثاني من العام الماضي، فقد ارتفعت مؤشرات كافة البورصات العربية، بنسب تتراوح ما بين 45 الى 62 بالمائة وبمتوسط 8ر49 بالمائة تقريبا.
ارجو ان تكون الصورة قد اتضحت تماما فالارقام السابق ذكرها تقول ان المستثمر في الاسواق العربية ارتفع راسماله بنسبة 50 بالمائة خلال سنة)
انتهى الاقتباس من تقرير الصندوق.

اذا فلو ادي التراجع والنزيف الحالي الى هبوط البورصات بنسبة 50 بالمائة ، فان ذلك لا يؤدي الى افلاس ولا الى انهيار الاسواق، لان النزيف يحدث حتى الان في جانب الارباح المحققة سلفا، فما بالنا ان الاسواق لم تفقد حتى الان اكثر من 15 الى 20 بالمائة حتى الان، فلماذا الرعب والترويع والترويج للاوهام والاضاليل والاباطيل ..؟؟

وهكذا هي الحال في اسواق المال العالمية، حدوث خسائر ضخمة في اصل الارباح المحققة في السنوات السابقة وليس في اصول راس المال، لكن المشكلة التي تسببت بها هذه الخسائر ان هناك مشاريع وخطط وبرامج واقراض وقروض تمت على اساس ان الربح الذي تحقق سوف يتم المحافظة عليه، وهذا ما لم يحدث، مما ادى الى تعرض القطاع المصرفي لازمة طاحنة لانه قدم قروضا هائلة بضمانات اسعار الاسهم متضمنة الارباح المحققة (أي وفق سعرها السوقي بتاريخ تقديم القرض) والان اسعار الاسهم السوقية انخفضت بنسبة 30 الى 40 بالمائة، وان حدثت عملية تسييل للاسهم (أي بيعها بهدف الحصول على اموال نقدية) فان ما تبقى لا يغطي قيمة القروض، بالاضافة الى انه سيؤدي الى افلاسات واسعة جدا في اوساط المستثمرين، واذا لم تحصل البنوك على اقساط القروض فانها ستتوقف عن العمل، لانها لا تمتلك السيولة الكافية لتمويل طلبات جديدة للمقترضين، اذن الدائرة مغلقة وكل اطرافها يعانون الازمة .. فما الحل..؟؟
الحل يكون بتدخل الحكومة لتشتري ديون البنوك وشركات التامين وشركات الرهن العقاري مقابل تملك حصص مؤثرة بهذه المؤسسات، وهذا سيؤدي الى اعادة دورة راس المال من جديد من منطلق الاسعار القائمة حاليا، والمراهنة على ارتفاعها مستقبلا عندما تحقق السوق توازنا، وبعد ذلك ستعود الحكومات لتطبيق برنامج الخصخصة من جديد بعد ان يتعافى السوق وتستقر الاوضاع المالية.
وهذا ما قامت به الادارة الامريكية وتبعتها معظم الحكومات الغربية والاسيوية كل حسب وضعها الخاص، والامر المدهش والذي قد لا يعرفه الكثيرون ان دولة الكويت طبقت هذا النظام قبل حوالي 40 سنة من الان ونجحت نجاحا باهرا.
فربما لا يعرف كثيرون ان سوق الاوراق المالية في الكويت تعرضت الى انهيار في نهاية سبعينات القرن الماضي وعرف "بازمة المناخ" حيث انهارت اسهم جميع الشركات في البورصة، وكثير منها اعلن الافلاس، وخسر معظم المساهمين كل ما يملكونه من اموال، وكادت ان تحدث كارثة انسانية واجتماعية.
فما الذي حصل ؟؟
لذي حصل ان قامت الحكومة الكويتية بشراء معظم الشركات واصولها ، كما اشترت حصصا كبيرة في شركات اخرى لم تنهار تماما، وشددت الحكومة الرقابة على عمليات الاتجار بالاسهم، وطورت نظام تاسيس الشركات، ووضعت قيودا على ادرجها في السوق، وطورت كافة الانظمة ذات الصلة بعمليات التداول، مثل الرقابة وشركة المقاصة، وشدد البنك المركزي شروط الاقراض بضمان الاسهم، الى اخره.
وفي غضون خمس سنوات عادت السوق الكويتية افضل كثيرا مما كانت عليه، وبشروط استثمار افضل واضمن وايسر واكثر شفافية ووضوح.

فالحكمة والضرورة تتطلب تدخل الحكومات للرقابة على المؤسسات المالية والاقتصادية، وتزداد الضرورة عند تعرض هذه المؤسسات للازمات كما يؤكد " عالم الاقتصاد الانكليزي "كينز" بحيث يتم التخفيف من الاعتماد على الية التوازن التلقائي للسوق.
وهذا ما قامت به الادارة الامريكية بان سخرت مبلغ 700 مليار دولار لتقوم بما قامت به حكومة الكويت قبل 40 سنة، الفارق الوحيد ان ازمة المناخ بالكويت كانت كلفتها حوالي 3 مليارات دولار، فيما ازمة امريكا قيمتها 700 مليار (المسالة نسبة وتناسب بين قوة الاقتصادات لكن المبدأ واحد)
اذن على أي اساس واي منطق يتبجح ذاك الشيخ الاسلاموي بالقول " وببالغ الفرح والسرور والسعادة والتشفي يسُرنا أن نزف البُشرى للمستضعفين والفقراء والمساكين في الأرض والشعوب المقهورة عامة والمسلمين منهم خاصة نبأ الإنهيار الوشيك لأمريكا".
اليس في ذلك خلل وخطل وهرطقة وادعاء كاذب وتضليل للناس والعباد؟
وحتى وان كانت البشرى ونبوءة والده حقيقية فهي لا تشكل خطرا على الشعب الامريكي وشعوب اوروبا الغربية فان "التسونامي" المالي الداهم مهما بلغ من القوة فهو لن يقوى سوى على الضعفاء واصحاب منطق التواكل والشعوب التي تعتمد في حياتها على الاستيراد، ولا يوجد فيها أي نوع من الحماية او الضمان الاجتماعي للموطنين، ولن تمس الأمريكيين والأوربيين، الذين تكفل لهم دولهم نظما للضمان الاجتماعي والصحي والتعليمي، ومتطلبات الحياة الاساسية.

ويعتقد الكثير من المحللين الاقتصاديين ان الازمة الحالية سوف يكون لها فوائد ومنافع هامة في دفع مسيرة الاقتصاد العالمي نحو تحق التوازن والتكافوء بين قطاعاته المختلفة، خصوصا في اعادة الاهتمام الى الاستثمار المباشر في الصناعة والزراعة والقطاعات الانتاجية الاخرى، حيث ان احد الاسباب الرئيسية للازمة هو حيازة الاستثمار غير المباشر (في اسواق المال) على حصة هائلة من الاموال التي كان يتوجب ان تتجه للقطاعات الانتاجية الاخرى، وذلك بسبب الاغراءات الهائلة التي قدمتها البورصات لاصحاب رؤوس الاموال وفي مقدمتها تحقيق ارباح ضخمة بزمن قياسي. (وهذا موضوع يستحق ان يفرد له مقال خاص).
ونعود مرة اخرى للمبشرين بنهاية العصر الراسمالي واقتصاد السوق فنقول لهم ان جوهر الاقتصاد الراسمالي يقوم على اساس تعظيم شان الملكية الفردية، والمحافظة عليها وتوفير كافة الشروط التي تضمن صيانتها وتنميتها.
ولم تعرف البشرية في سياق تطورها الاجتماعي وازدهار الانتاج وزيادة الخيرات الاجتماعية عندما تم وصل عصر الاقطاع الى طريقه المسدود، سوى النظام الراسمالي يقابله النظام الاشتراكي – الشيوعي القائم على تعظيم الملكية الجماعية لوسائل الانتاج.
وبالتالي نستطيع ان نفهم ان الفلسفة الاقتصادية الشيوعية لها الحق بالعمل على تحطيم اسس النظام الاقتصادي الراسمالي لانها تقف على نقيضه تماما، لكن رجال الدين وشيوخ الاحزاب الاسلاموية كيف يعملون على تحطيم النظام الاقتصادي الراسمالي بينما فكر الاسلام الاقتصادي يقوم على اساس الملكية الفردية وتقديسها وتعظيمها أي ان الفكر الاقتصادي بالاسلام هو فكر راسمالي ايضا.
ومن هنا اقول ان هؤلاء المتاعيس من الاسلامويين الذين يتصدوا للحديث عن الازمة المالية في العالم اليوم انكم كما يبدو لا تدركون اصلا ما هو مفهوم الاقتصاد الراسمالي وانه هو الذي تدعو الديانة الاسلامية الى تطبيقه وتنفيذه، لان نقيضه هو الاقتصاد الاشتراكي الشيوعي، ولا ثالث لهما.
وكل ما في الامر ان الاسلامويين لديهم صورة تجميلية للاقتصاد الراسمالي فهم يرو ان نظام الزكاة يحقق نوعا من العدالة الاجتماعية، فتعين الفقير على توفير احتياجاته الاساسية، لا اكثر ولا اقل .. والا فليتفضل أي من الاحزاب الاسلاموية وخبرائهم ودهاقنتهم وعلمائهم فيقول ان الاقتصاد الاسلامي يلغي الطبقات، ولا يسمح بالملكية الفردية، ولا يسمح باستغلال الاثرياء للفقراء، وانه يلغي الفوارق الطبقية والاجتماعية، او انه سوف يسخر موارد الدولة بشكل عادل لخدمة المجتمع، وكيف سيتم ذلك ، وهل شهدت عصور الخلافة الاسلامية في أي وقت تطبيقا حقيقيا لما يروجون له، متى وكيف واين ومن هو الخليفة العظيم الذي طبقه وتجاهله التاريخ والمؤرخين؟. ( ولا تذكروا هنا بعض الروايات التاريخية عن عصر عمر بن عبد العزيز، الحاكم الزاهد الذي اتخذ قراره زهدا وطمعا بالجنة، فوزع جزءا من ثروة كان جمعها ابناء عمومته قبله دون اكتراث بالفقراء والجوعى والمساكين والمحتاجين).
اما فيما يتعلق بالنظام الراسمالي عموما وان كان جوهره واحد الا ان تطبيقاته مختلفة ، فالراسمالية الاوربية مثلا اقل وحشية من الرأسمالية الامريكية، فرغم ان الجوهر واحد وقائم على احترام وتوقير وتعزيز الملكية الفردية، الا انها نحت نحو الراسمالية الاجتماعية فاوجدت دولة الرعاية الاجتماعية التي وفرت لشعوبها درجة عالية من الخدمات الاساسية المجانية كالتعليم والصحة والسكن وتوفير فرص العمل او تقديم معونات اجتماعية للعاطلين عن العمل، بالاضافة الى رعاية الطفولة وكبار السن والمحتاجين.
ربما وكما يقول خبراء الاقتصاد الاصلاحيون ان تدفع الازمة المالية الحالية الولايات المتحدة الى الميل نسبيا للاسلوب الراسمالي الاوروبي، وفي ذلك تعزيز للاقتصاد الامريكي وللاقتصادات العالمية كلها، لان البشرية ستوظف في هذه الحالة جزءا اكبر من مواردها المالية في الانتاج المباشر ، في الاستثمار المباشر، بدلا من الاستثمارات الورقية غير المباشرة.
وليطمئن اليسار بان الراسمالية لن تتهاوى الا بعد الوصول الى نهايات احلامها بتحقيق الرفاه الاجتماعي والاقتصادي لشعوبها، وفي ذات الوقت تكون الشعوب تناضل لتحقيق المساواة والعدالة، فتكون الاستجابة تدريجية وطوعية ومنطقية بانتقال المجتمع من الراسمالية الى الشيوعية كما بشر ماركس بذلك.
وللتذكير فان الماركسية اكدت على ان النظام الراسمالي سيظل يمر بدورات متعاقبة من الازدهار والاندحار في سياق رحلته الى الاعلى.
اما بالنسبة لهراطقة اليمين بغض النظر عن منابتهم الفكرية دينية لاهوتية كانت او وثنية ، فان مواقفهم السياسية المعادية للحضارة الغربية ، معروفه ولا اعتراض لاحد عليها ، فلهم مطلق الحرية ان يدعو الى ما يرونه صحيحا، ولكن ليس على اساس من التضليل والكذب والخداع، او اذا اخذنا الامر بحسن نية فلا يجب ان يتصدى امام مسجد او حارس كنيسة ، او مرشد لمعابد بوذية لقضايا اقتصادية، هي ارفع مستوى بكثير من مستوى تفكيره، ومن الخطأ ان يقدم هؤلاء تصوراتهم لمستقبل النظم الاقتصادية على الارض بناء على امانيهم واحلامهم ورغباتهم. او بناء على ان "والدي تنبأ بانهيار امبر اطورية الشر".



#ابراهيم_علاء_الدين (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بين مرجانه وهيلانه ضاعت لحانا
- الاستاذ صبحي حديدي .. ووهم انهيار العصر الراسمالي ..
- انظروا ماذا يناقش كتاب العدو وماذا يناقش الفلسطينيون
- الدكتور صلاح عودة الله يساري يكتب باليمين
- بنت الخطيئة أغوت الاستاذ رشيد
- لا يوجد حياد ولا موضوعية يا استاذ عاطف الكيلاني ...
- الكويتي يعيش في دولة رفاه دون شيوعية او اشتراكية
- الفتاوي السخيفة ليست جديدة .. واسألوا السيدة فريدة
- جمهورية العقلاء العرب
- كل من يخالفنا الرأي عميل وخائن؟؟؟
- رشيد قويدر والسلفية اليسارية (2 من 2)
- رشيد قويدر والسلفية اليسارية (1من2)
- دور قطر المشبوه
- هل حال القاهرة افضل من غزة او بغداد..؟؟
- سوريا وقطر تحبطان محاولة لاستعادة الوحدة الفلسطينية
- كفى حديثا عن فساد السلطة الفلسطينية
- عجائز منظمة التحرير وحكومة فياض (5) والاخيرة
- عجائز منظمة التحرير وحكومة فياض (4)
- عجائز منظمة التحرير وحكومة فياض (3)
- عجائز منظمة التحرير وحكومة فياض (2)


المزيد.....




- ماكرون يتحدث مجددا عن -صادرات الأسلحة لإسرائيل-
- أسواق الذهب العراقي.. كيف تتفاعل بغداد وأربيل مع تقلبات الأس ...
- كردستان يخفّض إنتاجه من النفط إلى النصف
- مصر تشارك في اجتماع وزراء المالية ومحافظي البنوك المركزية لم ...
- مسؤول أمريكي: انسحابنا من صندوق النقد والبنك الدوليين يمثل خ ...
- أميركا توسع عقوباتها ضد إيران ردا على قصفها لإسرائيل
- وزارة الخزانة الاميركة تعلن فرض حظرا جديدا على 16 مؤسسة ايرا ...
- وزارة الخزانة الاميركة تعلن فرض حظرا جديدا على 16كيانا ايران ...
- مناقشة الشؤون المالية مع مسني العائلة.. 6 أمور يجب التطرق له ...
- سندات لبنان ترتفع لأعلى مستوى في عامين رغم الحرب


المزيد.....

- الإشكالات التكوينية في برامج صندوق النقد المصرية.. قراءة اقت ... / مجدى عبد الهادى
- ثمن الاستبداد.. في الاقتصاد السياسي لانهيار الجنيه المصري / مجدى عبد الهادى
- تنمية الوعى الاقتصادى لطلاب مدارس التعليم الثانوى الفنى بمصر ... / محمد امين حسن عثمان
- إشكالات الضريبة العقارية في مصر.. بين حاجات التمويل والتنمية ... / مجدى عبد الهادى
- التنمية العربية الممنوعة_علي القادري، ترجمة مجدي عبد الهادي / مجدى عبد الهادى
- نظرية القيمة في عصر الرأسمالية الاحتكارية_سمير أمين، ترجمة م ... / مجدى عبد الهادى
- دور ادارة الموارد البشرية في تعزيز اسس المواطنة التنظيمية في ... / سمية سعيد صديق جبارة
- الطبقات الهيكلية للتضخم في اقتصاد ريعي تابع.. إيران أنموذجًا / مجدى عبد الهادى
- جذور التبعية الاقتصادية وعلاقتها بشروط صندوق النقد والبنك ال ... / الهادي هبَّاني
- الاقتصاد السياسي للجيوش الإقليمية والصناعات العسكرية / دلير زنكنة


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - الادارة و الاقتصاد - ابراهيم علاء الدين - الاسلاميون واليسار المراهق واوهام انهيار امريكا والراسمالية