أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - على باب فيروز














المزيد.....

على باب فيروز


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2352 - 2008 / 7 / 24 - 10:31
المحور: الادب والفن
    


قبلما أطرقُ البابَ لابد أن يأتيني صوتُ فيروز. وإذن هل أخطأتُ البابَ اليوم؟ هذه أم كلثوم! أقولُ لنفسي. أما البابُ، فيخصُّ عيادةَ الأسنان بالمركز الطبيّ بمدينة الرحاب. وأما “طَرقي” البابَ، فهو فِعْلٌ شبهُ يوميّ، ذاك أنني مريضةُ أسنانٍ مزمنة. وآه من وجعِ الأسنانِ الذي وصفَه أنيس منصور بقوله: “ليس أصعبَ من عذابِ الضمير، إلا عذابُ الأسنان.”

مأساتي ليست لخلل خَلْقيّ بأسناني، كما أوهمتني إحدى الطبيبات، ولا بسبب نقص الكالسيوم في جسمي (لا أحبّ اللبن وكنت وأنا طفلة أدلق كوبي في صحن القطة في غفلة من أمي)، بل أيضا بسبب إيماني المطلق بالمرأة واستحقاقها السيادة ووجوب تأنيث العالم. فالمرأةُ نقطةُ النورِ والجمال والرقيّ في هذا الكون. عشر سنوات وأنا أعودُ “طبيبات” أسنان. لكنهن خذلنني مثلما فعل رجالُ “قلب الأسد” فهتف: كلُّ رجالِكَ خانوكَ يا ريتشارد!” كنّ يتعلّمن الطبَّ في فمي، فخرّبن أسناني “اللولي”. لم يكتفين بالتخلّص من كلِّ أضراسي، كونها زائدةً عن الحاجة، بل نزعن الأعصابَ والجذورَ والأوتارَ حتى غدا مستحيلا أن تستقرَّ تركيبةُ بورسلين في فمي لأكثر من شهر.

“عماد نهاد فؤاد”! هل هذا اسمٌ أم قصيدةُ هايكو؟ هذا الجَرْسُ الموسيقيّ لابد يُخفي شيئا. لم أفقد إيماني بالمرأة، لكن لماذا لا يكون رِهاني القادمُ على الشِّعر طالما خذلتني النسوية؟ أقول لنفسي. عماد: قوة، فؤاد: رحمة، ونهاد: من الامتلاء، حسب المعجم، وهل أحتاجُ إلا لطبيب “يمتلئ” “قوةً” في العلم، و”رحمة” في الروح؟ طرقتُ البابَ بثقة. فإذا بـ: “فيه باب غرقان بريحة الياسمين/ فيه باب مشتاق/ فيه باب حزين/ فيه باب مهجور أهلو مِنسيين/ هالأرض كُلا بيوت/ يا رب خليها مزيـّنة بإبواب/ ولا يحزن ولا بيت/ ولا يتسكر باب.” فاستبشرتُ خيرا. فماذا يطلبُ المرءُ أكثرَ من كلمات جوزف حرب، وموسيقى فلمون وهبي، وصوت فيروز، حتى ينسى وجعَ أسنانه؟ وماذا يا ترى وراء هذا الباب؟

أنا من أكثر من كتب عن فيروز، وأكثر من أحبها وامتنَّ لها ، ولدي نظريةٌ حاسمةٌ تقول: إن مَن يستمع إلى فيروز كثيرا لابد أن يكون حقيقيًّا وجادًّا وفنانًا. ذاك أن بصوتِ فيروز طاقةً تُهذِّب الروحَ وتُرقيها وتُطوّرها. فيشقُّ على سامعِها ألا يكون جميلا، وإن حاول. وإذن فأسناني الآن بين يدي طبيب من مدرسة فيروز. اطمئني يا بنت! أقولُ لنفسي. وبالفعل، خلال عام راح الرجلُ يصلح ما أفسده الدهرُ، والقِطةُ، والنساء. ينظر في الأشعة البانورامية ويضحك لأن الطبيبةَ أدخلتِ المسمارَ في مُصْمَتٍ وتجاهلتِ القناةَ الصحيحة، فأسأله: بتسمع فيروز كتير؟ فيجيب: كلَّ يوم! فأطمئنُ أنا.

بالأمس طرقتُ البابَ فلم تأتني فيروز! بل أم كلثوم. رائع أيضا، وهل أجمل منها؟ لكن قلقي على أسناني جعلني أسالُ: خير يا دكتور، هل هجرتَ فيروز؟ فقال: لا أبدا، بس من باب التجريب طعّمت اسطوانةَ فيروز ببعض الأغنيات الشبابية ففسد الأمر. فقلتُ له: طبعا يا دكتور، هل يُخلطُ التِّبرُ بالتراب! فقال: بس تعرفي، أمس وضعتني أم كلثوم في حال شجن صوفيّ فاتن! فأجبته: نعم يا دكتور، التنقّلُ بين فيروز وأم كلثوم هو ارتحالٌ بين حُسْنَيْين، فتطفرُ الروحُ بالرَغَد. جريدة “المصري اليوم” 14/7/08



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      


ترجم الموضوع إلى لغات أخرى - Translate the topic into other languages



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- شجرةُ البون بون
- قارئة الفنجان
- هنا فنزويلا
- اِستمرْ في العزف يا حبيبي!
- لسه الأغاني ممكنة؟
- ارفعْ مسدسَك عن أنفي، أُعْطِكَ فرجينيا وولف
- سؤالُ البعوضةِ والقطار
- ترويضُ الشَّرِسة
- مَن يخافُ -حين ميسرة-؟
- ولم يكنِ الفستانُ أزرق!
- أعوامٌ من النضال والاعتقال-مشوار فخري لبيب
- إلى أين تذهبُ الشمسُ... يا جوجان؟
- انظرْ حولك في غضب
- ثقافةُ الوقوف في البلكونة !
- بالطباشير: فقدانُ الهالة
- داخل رحم
- الأحدب والجميلة
- ناعوت: «الهدم والبناء» في الوعي أصعب من «المعمار!-
- السوبر قارئ
- عينا الأبنودي


المزيد.....




- بمناسبة مرور 100 عام على ميلاده.. مهرجان الأقصر للسينما الأف ...
- دراسة علمية: زيارة المتاحف تقلل الكورتيزول وتحسن الصحة النفس ...
- على مدى 5 سنوات.. لماذا زيّن فنان طائرة نفاثة بـ35 مليون خرز ...
- راما دوجي.. الفنانة السورية الأميركية زوجة زهران ممداني
- الجزائر: تتويج الفيلم العراقي -أناشيد آدم- للمخرج عدي رشيد ف ...
- بريندان فريزر وريتشل قد يجتمعان مجددًا في فيلم -The Mummy 4- ...
- الكاتب الفرنسي إيمانويل كارير يحصد جائزة ميديسيس الأدبية
- -باب البحر- في مدينة تونس العتيقة لا يطل على البحر
- -طاعة الزوج عبادة-.. فنانة خليجية تشعل جدلا بتعليق
- لغة الدموع الصامتة


المزيد.....

- الذين باركوا القتل رواية ... / رانية مرجية
- المسرواية عند توفيق الحكيم والسيد حافظ. دراسة في نقاء الفنون ... / د. محمود محمد حمزة
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة. الطبعة الثانية / د. أمل درويش
- مشروع مسرحيات مونودراما للسيد حافظ. اكسبريو.الخادمة والعجوز. ... / السيد حافظ
- إخترنالك:مقال (الثقافة والاشتراكية) ليون تروتسكي. مجلة دفاعا ... / عبدالرؤوف بطيخ
- المرجان في سلة خوص كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- بيبي أمّ الجواريب الطويلة / استريد ليندجرين- ترجمة حميد كشكولي
- قصائد الشاعرة السويدية كارين بوي / كارين بوي
- ترجعين نرجسة تخسرين أندلسا / د. خالد زغريت
- الممالك السبع / محمد عبد المرضي منصور


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - على باب فيروز