أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - ثقافةُ الوقوف في البلكونة !














المزيد.....

ثقافةُ الوقوف في البلكونة !


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2273 - 2008 / 5 / 6 - 10:59
المحور: حقوق الانسان
    


حدثنا محمود أمين العالم قائلاً: لو أن شخصاً ما، يسير في شارع ما، وسقطتْ عليه بلكونةٌ، ومات، ليست المصادفةُ هنا أنه مشي في شارعٍ بعينه، في لحظةٍ بعينها، فسقطتْ عليه بلكونةٌ وقتلته، بل إن المصادفةَ هي ألا يحدث كلُّ هذا. تلك هي «فلسفة المصادفة»، لكنه لم يحدثنا عن صبي (مصري) يقف في بلكونة منزله (بمصر) فتقصفُ عمرَه القصيرَ رصاصةٌ (مصرية)، انطلقت من مسدس فرد «أمن» (مصري).

ويصرخ رجلٌ ملتاعٌ والدموعُ تخنقُ صوتَه في وجه اللواء محمد عبد الفتاح عمر: «إنتَ ابنكْ نامْ في حضنك، لكن أنا ابني رااااااح!» فيوضحُ وائل الإبراشي للسيد اللواء أن الرجلَ هو والدُ الصبي الشهيد. لكن اللواء (المصري!) يرفضُ بحسم منْحَ الصبي لقبَ «شهيد»! يندهشُ الإبراشي من «استخساره» مجرد لقب «لا حيقدم ولا حيأخر»، بس يمكن يريح «شويه» قلبَ أمٍّ ثكلي وأبٍ مقهور! ويسأله: يعني لو ابن سيادتك هو الذي قُتل يا سيادة اللواء؟ فيرد اللواءُ بغلظة: «ما يغور في ستين داهية»! يطرق الإبراشي غيرَ مصدق، وفي فمه ماء (لأن موقعَه كمذيع يفرض عليه الحياد).

ثم يتساءل حول مشروعية الإساءة البدنية لمعتقلي المحلة. فيرد اللواء: و«يتْسِحْلوا» كمان عشان مصر! ويتعجب المذيع: إذا كانت العقلية الأمنية لضابط الشرطة تفرزُ مثل هذا «الخطاب» فماذا عن سلوكِه الفعلي؟ ويوضح سيادة اللواء أن من حق الأمن أن يطلق النار «عشوائيا» وقت المظاهرات، فتصيبُ من تصيب. حتي ولو كان المصابُ صبياً واقفاً في حاله يتفرج من بلكونة؟ فيرد اللواء: أيوا طبعا مادام معندوش "ثقافة الوقوف في البلكونة"!!!

هذا الحوار لم يكتبه صمويل بيكيت في أوج عبثه، وليس من «سيسحلهم» سيادة اللواء «ليغوروا في ٦٠ داهية» صهاينةً ولا جواسيسَ ولا سفاحين كما قد يتبادر لذهن القارئ، بل هم مواطنون مصريون، «زيي وزيك كده»، لا ذنبَ لهم سوي أن الأشياءَ في بلادي لا تُسمي بأسمائها.

مشكلتي في الحياة، كما يقول أصدقائي، أنني كائنٌ «مُعجمي». يعني لا أفهم الأشياءَ إلا بردّها إلي مُسماها الأول. أصدقُ النظريةَ، حتي ولو ناقضها الواقعُ. أصدق الكتبَ والمثالَ. ولذا كنتُ أتصور أن «الأمن» وظيفته (الوحيدة) «تأمين» المواطن، لا قتله وسحله! ولذا أيضا كنت أتصور أن «المتهم بريء حتي تثبت إدانته» كما يقول الكتاب.

لكن الواقع يقول إن قانونَ الطوارئ يسمح للجهاز الأمني بالقبض علي «أي مواطن» دون جريرة ويعذبه ويقتله حتي. فإذا أُثبِتت براءتُه، بعد موته، ينقسم ردُّ الفعل إلي قسمين: لو كان القائدُ اسمه: «محمد عبد الفتاح عمر» سيقول: في ٦٠ داهية! ولو كان أي حد تاني سيقول: «معلش الله يرحمه، أهو شهيد، والشهداء عند ربهم يرزقون».

أما والدُ طالب الجامعة الذي فُقد في المعتقلات ولم يستدل عليه أبدا فقد توسّل علي الشاشة باكيا: اِحبسوا ولادنا زي مانتوا عايزين، بس والنبي يا باشا تقولولنا: ابنكم عندنا واحنا حابسينه، عشان منفضلش ندوّر عليه!! قالها بكل صدق وبكل تسليم أن لا حقّ له أبدا في هذا البلد، وبكل اقتناع أن الطبيعي أن يعتقل ابنُه دون ذنب. ولأنني كائنٌ «مُتحفي منقرض»، كما وصفني أحمد المسلماني ذات لقاء، فقد اندهشتُ كثيراً!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- بالطباشير: فقدانُ الهالة
- داخل رحم
- الأحدب والجميلة
- ناعوت: «الهدم والبناء» في الوعي أصعب من «المعمار!-
- السوبر قارئ
- عينا الأبنودي
- اِصمتْ حتى أراك!
- كلام شُعَرا...!
- أنفي والجيرُ المبتّل
- الجميلُ الذي أخفقَ أن يكونَ عصفورًا
- بالطباشير : عزيزي الله، من رسم الخطوط حول الدول؟
- بالطباشير: آخرُ مُعتزلةِ هذا الزمان
- بالطباشير:يا باب الورد، حِصَّة وين؟
- الشَّحّاذ
- بالطباشير: -سُرَّ مَنْ رآكِ- أيتها الغيوم
- بالطباشير: يحدثُ هذا، وشكرا لفلسفة المصادفة
- بالطباشير: أنا الأديبُ الألْمَعيُّ مِنْ حَيِّ أَرْضِ المُوصِ ...
- بالطباشير: اِسفكسيا الجمال
- قطعة من الفراغ-قصائد إيميلي ديكينسون
- صقيعٌ لم يَحُلْ دونه أحد


المزيد.....




- السعودية وقطر تُعلقان على تقرير اللجنة المستقلة بالأمم المتح ...
- إعلام عبري: مجلس الأمن الإسرائيلي بحث سرا سيناريوهات اعتقال ...
- ذياب: يطالب بالافراج عن المعتقلين والنشطاء فورًا، ويقول سياد ...
- الخارجية الإسرائيلية: قرار ألمانيا تجديد التعاون مع -الأونرو ...
- بعد أنباء عن خروج السنوار من الأنفاق.. عائلات الأسرى تتظاهر ...
- تغطية حرب غزة.. قيود غربية على حرية التعبير؟
- الرئيسان التركي والألماني يبحثان بأنقرة وقف الحرب على غزة وت ...
- الأمم المتحدة تطالب بتحقيق مستقل حول المقابر الجماعية في مس ...
- مخيمات واحتجاجات واعتقالات.. ماذا يحدث بالجامعات الأميركية؟ ...
- ألمانيا تعتزم استئناف التعاون مع الأونروا


المزيد.....

- مبدأ حق تقرير المصير والقانون الدولي / عبد الحسين شعبان
- حضور الإعلان العالمي لحقوق الانسان في الدساتير.. انحياز للقي ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- فلسفة حقوق الانسان بين الأصول التاريخية والأهمية المعاصرة / زهير الخويلدي
- المراة في الدساتير .. ثقافات مختلفة وضعيات متنوعة لحالة انسا ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نجل الراحل يسار يروي قصة والده الدكتور محمد سلمان حسن في صرا ... / يسار محمد سلمان حسن
- الإستعراض الدوري الشامل بين مطرقة السياسة وسندان الحقوق .. ع ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني
- نطاق الشامل لحقوق الانسان / أشرف المجدول
- تضمين مفاهيم حقوق الإنسان في المناهج الدراسية / نزيهة التركى
- الكمائن الرمادية / مركز اريج لحقوق الانسان
- على هامش الدورة 38 الاعتيادية لمجلس حقوق الانسان .. قراءة في ... / خليل إبراهيم كاظم الحمداني


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - حقوق الانسان - فاطمة ناعوت - ثقافةُ الوقوف في البلكونة !