أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - عينا الأبنودي














المزيد.....

عينا الأبنودي


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 2270 - 2008 / 5 / 3 - 10:36
المحور: سيرة ذاتية
    


موقفان لي مع الأبنودي لا أنساهما أبدا ما قدّر الله لي أن أحيا. أحدُهما في الثمانينيات الماضية وأنا بعدُ طالبةٌ بالفرقة الأولى بكلية الهندسة. والآخر قبل سنوات قليلة خلت. كانت اللجنةُ الثقافية بكلية الهندسة جامعة عين شمس قد دعت الأبنودي لإحياء أمسية شعرية استجابةً للطلاب. ولأنه جميلٌ فقد لبّى. ولا أنسى ابتسامته الرائقة ونحن نقاطعه ليعيد ونردد معه "جوابات حراجي القط" التي نحفظها عن ظهر قلب. صوتٌ عملاق قُوامه مئات الطلبة في نَفَس واحد يقولون: "وانشالله يا حراجي ما يوريني فيك يوم/ وانشالله تكون تعلمت ترد قوام/ ومادام احنا راسيين ع العنوان/ والله ما حنبطل بعتان/ مفهوم../ أسوان/ زوجي الغالي/ لاوسطى حراجي القط / العامل في السد العالي "
ولأنه جميلٌ أيضا فقد رحّب بسماع "المواهب الشابة" من طلاب الكلية. كان ذلك في مدرج "فلسطين" المهيب الذي يحتلُّ مكانا بارزا في واجهة المبني العريق. وبالطبع لم أكن من بين المواهب الشابة. لكن أصدقاء أشرارًا ممن يعرفون عن محاولاتي الشعرية وشوا بي ودفعوني دفعا لألقي قصيدة على مسمع ومرأى من الأبنودي. وهو الحدث الجلل لو تعلمون! وكان الامتحانَ الأصعب والموقفَ الأرهب. على أنني بعد بعض تردد وكثير تلعثم ألقيتُ ما في جعبتي. وحين تقدمت لمصافحته مُطرقةً خجلى وجلى كان نثارُ كلمات مما يشبه الاعتذار يتدفق من شفتي. فما كان إلا أن احتضنني وقال بصوت عال بلكنته المصرية الجنوبية البديعة "انتي شاعرة يا بت، اوعاكي تسيبي الشعر!". وكانت شهادةً كبرى أمام ألف طالب على الأقل. صحيحٌ أنني لم آخذها إلا على محمل التشجيع مما يليق بشاعر كبير نحو صبية تحاول الشعر، وصحيحٌ أني لن أنشر حرفا إلا بعد هذه الواقعة التاريخية، بالنسبة لي، بعقدين كاملين، إلا أنني طوال هذين العقدين سأظل أحتفظ بتلك الشهادة في داخلي بوصفها تميمتي السرية. أُخرجها في خلوتي لأقوى كلما انهزمت، وأستحضرُها فوق طاولتي كلما راودني الشعرُ وحاولت الفرار منه تأدبا من أن ألوّث الورق كما يقول نزار قباني.
الموقف الثاني كان قبل سنوات في مركز القاهرة لدراسات حقوق الإنسان. كان الأبنودي يلقي قصيدة "يامنة". ولما حرصتُ على اقتناص مقعد في الصف الأول، تماما في مواجهة الشاعر، ولما كان إلقاؤه كالعادة بديعا وساحرا، ولما كانت ملامحه تقول الشعرَ مع صوته، ولما كانت القصيدة ماسّة جدا وحارقةً، فقد بكيت عندما قال: "ولسه يامنة حاتعيش وحاتلبس/ لمّا جايب لي قطيفة وكستور؟/ كنت اديتهمني فلوس/ اشتري للركبه دهان./ آ..با..ي ما مجلّع قوي يا عبد الرحمان/ طب ده انا ليّا ستّ سنين مزروعة في ظهر الباب/ لم طلّوا علينا أحبة ولا أغراب./خليهم/ ينفعوا/ أعملهم أكفان.!/ كرمش وشي/ فاكر يامنة وفاكر الوش؟/إوعى تصدقها الدنيا../ غش ف غش! /مش كنت جميلة يا واد؟/ مش كنت وكنت/ وجَدَعَة تخاف مني الرجال؟/ لكن فين شفتوني؟/ كنتوا عيال!/ حاتيجي العيد الجاي؟/ واذا جيت/ حاتجيني لجاي؟/ وحتشرب مع يامنة الشاي؟/ حاجي يا عمة وجيت/ لا لقيت يامنة ولا البيت!". بكيتُ. فما كان منه إلا إن انتزع منديلا ورقيا من فوق المنصّة وناولني قائلا بلكنته الجنوبية الفاتنة: والله يا عبدُ الرُحمان بكّيت "فاطنة" الحلوة!
عقدانِ بين هذين الحدثين الفاعلين في حياتي. وبين العقدين مئات من قراءة الأبندوي وكثير من دموع تغسل الروح كما التطهر الأرسطي. أيها الجميل يا مخبي في عينيك السحراوي تملي حاجات، كل سنة وأنت طيب يا راجل يا طيب. عُدْ إلينا سريعا لأننا نحتاج إليك!



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- اِصمتْ حتى أراك!
- كلام شُعَرا...!
- أنفي والجيرُ المبتّل
- الجميلُ الذي أخفقَ أن يكونَ عصفورًا
- بالطباشير : عزيزي الله، من رسم الخطوط حول الدول؟
- بالطباشير: آخرُ مُعتزلةِ هذا الزمان
- بالطباشير:يا باب الورد، حِصَّة وين؟
- الشَّحّاذ
- بالطباشير: -سُرَّ مَنْ رآكِ- أيتها الغيوم
- بالطباشير: يحدثُ هذا، وشكرا لفلسفة المصادفة
- بالطباشير: أنا الأديبُ الألْمَعيُّ مِنْ حَيِّ أَرْضِ المُوصِ ...
- بالطباشير: اِسفكسيا الجمال
- قطعة من الفراغ-قصائد إيميلي ديكينسون
- صقيعٌ لم يَحُلْ دونه أحد
- الدينُ لله، فهل الوطنُ للجميع؟
- بالطباشير: لفرط حضورِكَ، لا أراك!
- بالطباشير: عِقابُ المرايا
- بالطباشير: يا قمر على دارتنا
- بالطباشير: عمتِ صباحًا يا استاطيقا القبح
- بالطباشير: أنا أندهش إذًا أنا إنسان


المزيد.....




- بالخيام والأعلام الفلسطينية.. مظاهرة مؤيدة لغزة في حرم جامعة ...
- أوكرانيا تحوّل طائراتها المدنية إلى مسيرات انتحارية إرهابية ...
- الأمن الروسي يعتقل متهما جديدا في هجوم -كروكوس- الإرهابي
- الدفاع الروسية تعلن القضاء على 1005 عسكريين أوكرانيين خلال 2 ...
- صحيفة إسرائيلية تكشف سبب قرار -عملية رفح- واحتمال حصول تغيير ...
- الشرطة الفلبينية تقضي على أحد مقاتلي جماعة أبو سياف المتورط ...
- تركيا.. الحكم بالمؤبد سبع مرات على منفذة تفجير إسطنبول عام 2 ...
- صحة غزة تعلن حصيلة جديدة لقتلى وجرحى القصف الإسرائيلي
- -بلومبيرغ-: إسرائيل تجهز قواتها لحرب شاملة مع -حزب الله-
- بلينكن يهدد الصين: مستعدون لفرض عقوبات جديدة بسبب أوكرانيا


المزيد.....

- سيرة القيد والقلم / نبهان خريشة
- سيرة الضوء... صفحات من حياة الشيخ خطاب صالح الضامن / خطاب عمران الضامن
- على أطلال جيلنا - وأيام كانت معهم / سعيد العليمى
- الجاسوسية بنكهة مغربية / جدو جبريل
- رواية سيدي قنصل بابل / نبيل نوري لگزار موحان
- الناس في صعيد مصر: ذكريات الطفولة / أيمن زهري
- يوميات الحرب والحب والخوف / حسين علي الحمداني
- ادمان السياسة - سيرة من القومية للماركسية للديمقراطية / جورج كتن
- بصراحة.. لا غير.. / وديع العبيدي
- تروبادورالثورة الدائمة بشير السباعى - تشماويون وتروتسكيون / سعيد العليمى


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - سيرة ذاتية - فاطمة ناعوت - عينا الأبنودي