في سياق مناقشة موضوع الفدرالية القومية الجيو – سياسية الكردستانية الذي يحظى الآن باهتمام ومتابعة القوى والشخصيات السياسية والثقافية ومنابر الأعلام في كردستان العراق ، كنت قد طرحت وجهة نظري من خلال مقالة نشرت على صفحات – خةبات - في حلقتين يومي 21-22/12/2003 والتي احتوت عدداً من المقترحات والملاحظات القابله للنقاش والدراسة من جانب المعنيين . ومن اجل استكمال البحث في هذا الموضوع الهام الذي يتطلب وقتاً وجهوداً متواصلة للأقتراب من الهدف المرجو في بلورة الصياغة الأنسب لمحتوى الفدرالية المنشودة من جانب شعب كردستان عبر طبقاته الأجتماعية وقومياته واديانه ومذاهبه ومن خلال مؤسساته الشرعية واداراته وتعبيرات مجتمعه المدني من احزاب وجمعيات وهيئات ونقابات . رأيت من المناسب القيام بشرح مقترح " المؤتمر الشعبي الكردستاني " شكلا ومضموناً وهدفاَ وذلك لتسهيل عملية النقاش وافساح المجال للرأي الآخر ليدلي بنظرته حول المؤتمر المنشود الذي مازال كفكرة أولية يحتاج الى المزيد من البحث والأغناء والرعاية حتى يجد مكانة ويلاقي حظه من التطبيق على الصعيد العملي .
في تعريف المؤتمر الشعبي الكردستاني :
هو لقاء موسع تشرف عليه وتحققه لجنة تحضيرية منبثقه عن المجلس الوطني لكردستان – البرلمان – لكونه المؤسسة الشرعية المنتخبة حسب الأصول الديموقراطية وصاحب الصلاحيات الدستورية والقانونية للأقدام على سن تشريعات واتخاد قرارات على صعيد اقليم كردستان الذي انتخبه ومنحه الشرعية والحصانه ، وفوضه بالتعبير عن اهداف وارادة شعب الأقليم وليس هناك اية جهة اخرى أفضل وانسب من البرلمان للقيام بمهام الأشراف على عقد هذا المؤتمر .
أما المشاركون في هذا اللقاء فمن المفيد أن يعبروا واقعياً عن جميع مكونات كردستان العراق القومية من كورد وتركمان وكلدان وآشوريين وعرب ، والسياسية والدينية والمذهبية والأجتماعية وبالأضافة الى ممثلي مختلف مناطق كردستان التي كانت ضمن المناطق المحررة أو التي حررت بعد زوال الدكتاتورية. من الضروري أن يتمثل فيه ايضاً كوردستانييوا الشتات والأطراف والمدن العراقية ، واذا كان العدد الأجمالي الممثل لمناطق كردستان وحسب التقدير الأولى يبلغ –200 – فمن المناسب أن يتكون ممثلو الخارج من – 25-ومدينة – بغداد من – 20 – ومدينة الموصل من – 15 – والشريط الحدودي العراقي – الأيراني في الجنوب الغربي من – 10 - . ولا يمكن أن يعقد المؤتمر بدون تمثيل متوازن للمرأة الكردستانية التي عليها القيام بدورها على اكمل وجه خاصه في مجال تثبيت حقوقها الدستورية
* في مقالتي السابقه ظهر الأسم – المؤتمر القومي والوطني الكردستاني – والأصح هو : المؤتمر الشعبي الكردستاني ، ولذلك اقتضى التنويه .
والقانونية على الأقل على صعيد الفدرالية الكردستانية . ان أفضل مكان لعقد هذا المؤتمر الشعبي هو برلمان كردستان في – هةولير–العاصمة ومن المستحسن أن يتم التفريق هنا بين طبيعة اعضاء البرلمان وآلية انتخابهم من جهة وبين نوعية ممثلي المؤتمر ومضمون مهامهم فهناك فرق شاسع بين الجانبين ففي حين ان اعضاء البرلمان ينتخبون من الشعب حسب الأقتراع السري ومن حق أي مواطن الترشح والتصويت ، فان مندوبي " المؤتمر الشعبي الكردستاني " ليسوا منتخبين بل سيعينون من قبل اللجنة التحضرية على أن يتوفر فيهم شرط معرفة واستيعاب مسائل الدستور والصيغ الفدرالية وقابلية مناقشه هذه المسائل والأسهام في عملية التوصل الى ما يعبر عن ارادة الأغلبيه من جماهير شعب كردستان وان يكونوا من سكان مختلف المناطق دون تمييز . لاشك أن اعمال هذا المؤتمر ومناقشات مندوبيه ستأخذ حيزاً واسعاً من الوقت والجهد ويفضل في هذه الحالة ان يبقى الوقت مفتوحاً لحين انجاز مهامه .
من أين ستبدأ اعمال " المؤتمر الشعبي الكردستاني " :
لاشك أن صيغتي " الدستور الفدرالي العراقي والكردستاني " يشكلانالمادة الأساسية للبحث والنقاش واللذان استحوذا على موافقة الأحزاب الكردية وعلى اقرار البرلمان ويجب القول ومن باب الأعتراف بالحقائق أن اغلبية القوى السياسية للقوميات الكردستانية الأخرى ( تركمان – كلدان – آشورييون ) اما لم تؤيدهما واما رفضتهما ولها ملاحظات ومآخذ مشروعة وجوهرية على بعض بنودهما ، من جهة اخرى . فإن الصيغتين بحاجة الى تعديل في بنود اخرى واعادة نظر بروية ومسؤولية حيث طرحا كما هو معروف قبل تحرير العراق وفي وقت كان النظام الدكتاتوري مازال متسلطا على رقاب الشعب العراقي اضافة الى حصول تطورات عراقية وإقليمية ودولية حول مسألة الشعوب والقوميات تشجع على المزيد من الشفافية والتمسك اكثر بمبدأ حق تقرير مصير الشعوب وبالحل الفدرالي طريقاً لحل المسألة القومية الأكثر قبولاً في هذه المرحلة .
من جهة اخرى فان هذا المؤتمر المنشود لاينطلق من فراغ ولا يشكل الخطوة الأولى في تحقيق هدف التوصل الى صيغة مناسبة للدستور والفدرالية فبا الاضافة كما ذكرنا الى الصيغتين المطروحتين المعبرتين عن الموقف الكردي ، هناك جهود سياسية وحزبية وثقافية واعلامية تبذل من جانب قطاعات واسعة من النخبة الكردية في معظم مناطق اقليم كردستان ومدنها على شكل ندوات وحلقات دراسية ومقابلات تلفزيونية واذاعية وصحافية تتناول موضوع الدستور والفدرالية ، وهناك ايضاً مجموعات تدعو الى اجراء استفتاء – ريفراندوم – عام في كردستان حول هذا الموضوع ، وهناك بعض المواقف الأخرى تصب بشكل أو باخر في هذا المجرى العام .
ومن هنا فان فكرة " المؤتمر الشعبي " لاتتعارض مع ماحصل حتى الآن بل هي استكمال لنفس المسيره وتطوير خلاق لما تم انجازه حتى الآن ودفع قوي لقضايا المصير نحو الشعب والجماهير الواسعة لتبت فيها
وتتدارسها ، ومن المؤكد أن عقد المؤتمر وتحقيق مهامة سيشكلان دعما لقضية الأستفتاء . التي تستحضر على الفور تساؤلا مشروعاً وهو الأستفتاء على ماذا ؟ فمهمة المؤتمر الأساسية اذا هي بلورة صيغة مناسبة
معدلة ومتطورة وعميقه لكل من الدستور والفدرالية . وانجاز هذه الصيغة الشفافة ونشرها وتوزيعها بين صفوف الشعب عبر مختلف الوسائل الأعلامية سيساعد على امكانية اختياره والصويت عليه خلال عملية الأستفتاء ، هذه العملية – الأستفتائيه – التي لن تكون ناجحة وموفقه اذا لم يكن هناك برنامجاً أو صيغة تطرح للأستفتاء تكون واضحة المعالم ومدروسة خاصة من خلال مؤتمر شعبي كردستاني معبر كما نطرحه الآن وندعو اليه .
ان مثل هذه المؤتمرات الشعبية واضافة الى دورها التعبوي في انهاض الجماهير وتوعيتها ودفعها للتفاعل اكثر مع قضاياها الأستراتيجية والمصيرية فانها تؤدي وظيفة اخرى أساسية وهي انجاز مهام قومية ووطنية كقوة رديفة ومتكاملة مع المؤسسات الأخرى من تشريعية وتنفيذية ونضاليه .
ان مجتمعنا الكردستاني احوج ما يكون اليوم الى مثل هذه المبادرات والنشاطات النوعية فالطبقات والشرائح الأجتماعية وخاصة قطاع الشبيبه والجيل الجديد بأمس الحاجة الى المبادرات الجديدة لان البنى الحزبية القديمة السائدة بنظمها وقواعدها واساليبها لاتفي تماماً بحاجات الناشئه الجديدة في القرن الحادي والعشرين التي تعيش في اجواء العولمة وتتلقف الأخبار عبر الأنترنيت والفضائيات وتعجز هذه البنى عن اداء وظيفتها السابقه حيال الوطن والمجتمع بصورة كامله ولابد في الحالة هذه من طرق جديدة ووسائل جديده ولغة جديده وخطاب جديد وردائف مستحدثه من اجل التمكن من ايصال الصوت الى اوسع الأوساط الشعبية واشراكها واستنهاضها لتحمل المسؤولية في تقرير مصيرها والمساهمة في تنظيم حاضرها ورسم مستقبلها والأستعداد للدفاع عن حقوقها . وهذا بحد ذاته دعم واسناد لنضال الأحزاب القومية الديموقراطية في تحقيق اهدافها التي تناضل من اجلها منذ عقود وقدمت في سبيل ذلك مئات الآلاف من الشهداء وانجزت العديد من المهام والمكاسب .
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
