مقترحات حول الفدرالية الكردستانية العراقية :
أولاً : بعد اجتياز المرحلة الأنتقالية الراهنه ما بعد تحرير العراق من الدكتاتورية فان الشعب العراقي مقبل على بناء عراق جديد في ظل توازنات سياسية وقومية و اجتماعية جديدة وانجاز دولة عصرية على قاعدة عقد سياسي واضح يعبر عن الواقع القومي والسياسي و يمثل المصالح القومية لمختلف مكونات العراق . ولأن نظام الدولة المركزية الفردية المطلقة قد انهار ولان قاعدة النظام البعثي الشوفيني السابقة قد تلاشت فهناك حاجه ضرورية ماسة لاعادة بناء دولة حديثة يقودها نظام ديموقراطي تعددي فدرالي حسب ارادة ومشيئة عناصر الشعب العراقي وابناء قوميتيه الرئيسيتين العربية الكردية وسائر قومياته. واذا كان تفكيك النظام الشمولي السابق قدتم وانجز فإن البديل سيكون نقيضه تماماً .
انطلقت الدكتاتورية في حكمها التسلطي من مفاهيم القومية الواحده ، والحزب الواحد والعشيره الواحده والزعيم الأوحد واسست دولة حسب تلك المفاهيم الفاشيه على حساب تغييب الكرد وانتهاك حقوقهم وتهديد وجودهم . والآن فإن المهمة المركزية هو البحث عن افضل السبل لاعادة بناء الدولة العراقية ككيان تعددي مركب يحق لاي من عناصر هذه التركيبه تقرير مصيره بحرية والعنصر الكردي قد اختار النظام الفدرالي بارادته الحرة منذ عام 1992 وهو يجدد اليوم هذا الخيار في العراق الجديد ، وقد قدم مشروعه كبرنامج كردستاني للسلام والوئام والشراكه . ومن المفيد في المرحلة الراهنة تنشيط الجهد الفكري والنظري بين صفوف النخبة السياسية والثقافية العراقية ومن ضمنها الكردستانيه للتوصل الى افضل صيغه فدرالية للعراق ككل ولكردستان فدرالي وهذا ما اطلق عليه الرئيس مسعود البارزاني بمرحلة معركة الدستور .
ثانياً : من بين جميع الأشكال الفدرالية التي مررنا على ذكرها فإن هناك شبه اجماع على ان العراق بلد متعدد القوميات لذلك فإنه يدخل في خانة البلدان التي تناسبها الصيغة الفدرالية على أساس الأتحاد الأختياري الطوعي بين عناصرها القومية المكونه للنسيج الأجتماعي والبشري ومثل تلك الصيغة التي ستنمو في اطار ديموقراطي ستعزز من احترام خصوصيات وحقوق كافة الأديان والمذاهب التي تميز الشعب العراقي ، ومن هنا فإنه من الخطأ البالغ والقاتل ان ينحو البعض الى اثارة صيغ اخرى من – الفدراليات – التي لاتناسب الوضع العراقي وهؤلاء – عن قصد أو سهو – يصبون الماء في طاحونة الصراع القومي ، وعدم احترام حقوق الآخرين ووجودهم ويصرون بذلك على ادامة الوضع السابق والحفاظ على امتيازات وتسلط القومية السائده على حساب وجود ومصالح ومستقبل الشعوب والقوميات العراقية الأخرى وفي المقدمة شعب كردستان .
فتراهم يروجون – لبدع فدرالية – على غرار – الفدرالية الأدارية أو الفدرالية على أساس – المحافظات – وذلك دون اية التفاتة الى الطابع القومي للمسألة الكردية ، والوجود الجغرافي لاقليم كردستان وتطورات التاريخ السياسي والقومي للعراق منذ الأنتداب البريطاني وحتى الآن ، مروراً بالثورات والأنتفاضات التي قامت في كردستان ضمن اطار حركة تحرر قومي لها ابعادها العراقية الوطنية والقومية الكردية والأنسانية العالمية .
ان الصيغة الأنسب على ضوء التجارب العالمية والأقليمية وحتى العراقية هي فدرالية كردستانية عراقية على أساس قومي وجغرافي وسياسي وهي التي ارتضاها شعب كردستان بارادته الحرة كونه المسؤول عن مصيره أولا وآخرا ، وتطبيق هذه الصيغة تتطلب ازالة آثار التعريب العنصري الذي حصل في كردستان منذ تسلم حزب البعث للسلطة وعودة السكان الأصليين الى ديارهم ، وكذلك اعادة ترتيب وربط الأقضية والنواحي والمناطق الى مواقعها الأدارية السابقة والتي جرى المس بها وتفكيكها لاسباب قومية عنصرية تخدم مخطط التعريب ، وفي هذا السياق وبسبب ازدياد عدد السكان والحاجه الى مراكز خدمات جديده تعليمية وادارية وصحية فمن المناسب ان يجري التفكير باستحداث محافظات جديدة ضمن اقليم كردستان وهناك من يقترح محافظتين جديدتين في كل من – خانقين – و – سنجار - . ومن الواضح ان كل هذه الخطوات والجهود يجب أن تتوج باجراء احصاء سكاني عام في العراق ومن ضمنه كردستان يتم فيه التحقق من عدد سكان القوميات في المدن والمناطق كافة وليتم على ضوء نتائجهه التعامل مع مكونات الشعب العراقي وجوداً وحقوقاً وجغرافياً .
ثالثاً : تطوير الرؤية الكردية حول القوميات الكردستانية الأخرى ( تركمان – آشورييون – كلدان ) والأنتقال بها من موقع اتخاذ الموقف السياسي العام كما هو متبع – رغم اهميته – الى موقع تبني قضاياها بصورة كاملة واعتبارها مهام تتساوى في اهميتها وضرورة انجازها مع قضاياها القومية في المحافظات والأقضية والمناطق الكردستانية بما فيها وجودها وربط مؤسساتها بالأداره الفدرالية لأقليم كردستان مع تمثيلها العادل في جميع تلك المؤسسات بما فيها المؤسسات الأتحادية على صعيد العراق وذلك اسوة بتمثيل ومشاركة القوميتين العربية والكردية . ان من شان ذلك شعور هذه القوميات الكردستانية التي تتعايش مع الكرد منذ مئات السنين بالأطمئنان على مصيرها ومستقبل اجيالها والتحول اكثر نحو التعايش وتحمل المسؤولية في البناء . بالأضافة الى كونه نقلة حضارية كردية نحو تعميق حوار الثقافات والأقوام في كردستان وفي الشرق الأوسط برمتها وتقديم نموذج مدني انساني لكافة دول وشعوب المنطقة والعالم ، وقطع الطريق على اية تدخلات خارجية بذريعة حماية هذه القوميات .
رابعاً : سعياً وراء بلورة الصيغة المثلي لفدرالية كردستانية ودستور يؤطرها على صعيد العراق والأقليم فقد ظهرت اجتهادات ومقترحات ومشاريع عديدة حتى الآن وكان من المتوقع أن تشهد هذه المسألة اهتماماً اكبر من جانب النخبة الثقافية الكردستانية ووسائل الأعلام في الأقليم إلا ان معظم الجهود المبذوله حتى الآن يرضخ لارادات حزبية ومصالح ذاتية ضيقه ولهذا السبب لم تصل قضية الفدرالية والدستور والمصير الى الأوساط الشعبية والرأي العام الكردستاني حسب ما هو مطلوب بالحاح في اجواء الحرية والديموقراطية والمنافسة السلمية في الأبداع وتقديم الأفضل للمجموع .
في اطار طرح المشاريع والأفكار سمعنا وقرأنا بعد نشر مشروعي الدستور الفدرالي ( العراقي والكردستاني ) اقتراحاً يدعو الى اجراء استفتاء عام كردستانى لاختيار الصيغه الفدرالية والدستور ، كما عرض البعض ضرورة عقد ميثاق بين الأطراف ، و دعا البعض الى اتفاق الأحزاب حول الصيغ المناسبة .
قبل الخوض في التفاصيل من المفيد التذكير بأن المشروعين الكرديين المطروحين منذ ماقبل تحرير العراق يعتبران من اهم وانضج المشاريع المطروحة على الساحة العراقية ولكنهما رغم ذلك يحتاجان الى بعض التعديلات باتجاه التطوير وهذا ما نحاول تحقيقه في هذا الجهد المتواضع .
أما بشان مقترحنا حول الموضوع فنرى أن الوسيلة الأنجح للتوصل الى صيغة ارقى للفدرالية الكردستانية والدستور وتكون محصنة من الناحية الشرعية والقانونية والشعبية ومعبرة في الوقت ذاته عن ارادة الأغلبية الساحقه لشعب كردستان هي التحضير الهادئ والدقيق والجاد لعقد مؤتمر شعبي كردستاني يتولى ذلك المجلس الوطني الكردستانى – البرلمان – كمؤسسة شرعية منتخبه من ممثلي القوى السياسية والأجتماعية والمؤسسات الثقافية والقوميات المتواجدة في كردستان ، والنقابات والمراجع الدينية والمذهبية . ثم يخرج هذا المؤتمر بتوصيات وقرارات نافذه على شكل ميثاق كردستاني حول الدستور – والفدرالية والشراكة والأتحاد الأختياري واقتسام السلطة والمواد الأقتصادية ، ويجري الألتزام بهذا أمام الشعب العربي في العراق وسلطة التحالف و هيئة الأمم المتحدة .
خامساً : على صانعي قرار المصير الكردستاني والنخب السياسية والثقافية والقوى الوطنية والقومية أن تسلم باحدى حقائق العصر الراهن حقيقة أن حل المسألة القومية في أي بلد من بلدان العالم والتي كانت تدار من قبل انظمة مركزية شوفينية وان أي اعادة بناء للدول المتعددة القوميات على اساس الفدرالية والشراكة الأتحاد الأختياري في ظل موازين القوى الدولية الراهنة والقطبية الواحده لن ينجز –حل المسألة القومية – إلا بتضافر الجهود الخارجية والداخلية ووجود قوى التحالف في العراق سيساعد في ترتيب الحل الأنسب لقضايا العراق القومية وعلى رأسها الفدرالية الكردستانية ان كان على صعيد تقديم الخبره والأستشارات أو التقريب بين وجهات النظر لدى النخبتين العربية والكردية ، أو تقديم الضمانات في انجاح الحل وهذا لايلغي دور هيئة الأمم ومؤسساتها المتعدده في القيام بالدور الملطلوب في هذه الأتجاه . نقول ذلك انطلاقاً من احداث وتجارب الأمس القريب في يوغسلافيا السابقة وتيمور الشرقية والسودان ، وافغانستان وكلها بلدان متعددة القوميات مثل العراق .
سادساً : من الواضح وحسب خصوصية وضع كردستان العراق فإن الفدرالية الكردستانية يجب أن تراعي متطلبات العمق الكردستاني في الجوار وذلك بشرعية واحقية التواصل الثقافي والاجتماعي والأنساني مع العمق الكردي على جوانب الحدود العراقية – الأيرانية – التركية – السورية في اجزاء كردستان الأخرى ، وان يتضمن كل من الدستور الفدرالي الكردستاني والفدرالي العراقي بنداً ينص على هذا المبدأ الذي يدعم بصورة مباشرة العلاقات العربية الكردية ، ويشجع على الحوار بين الشعبين وحركتيهما الوطنيتين .
من جهة اخرى فإن القيادة السياسية الكردستانية عليها التزامات قومية تجاه أشقائها في الأجزاء الأخرى . كما نها تتحمل مسؤولية تاريخية أمام الأشقاء في مجال الألتزام بالثوابت القومية حول جغرافية كردستان ، وحق تقرير المصير والتي لن تكون مجال التنازلات والمساومات السياسية في أي حال من الأحوال
سابعاً : من ضمن الألتزامات القومية المطلوبة من الفدرالية الكردستانية المنشودة ومن اجل ازالة كل العقبات الأقليمية امام حل المسألة الكردية في العراق واحلال السلام والأستقرار في المنطقة وحل المسألة الكردية في البلدان الأخرى عبر الحوار والتفاهم والعلاقات الديموقراطية والأتحاد والتعايش ، من المفيد الدعوة لاحقاً الى عقد مؤتمر اقليمي – دولي بمشاركة المؤسسات الأمريكية والأوروبية والأمم المتحدة وممثلي الأطراف المعنية من ممثلي الدول المقسمة لكردستان وممثلي الحركة القومية الكردية لوضع خارطة الحل الفدرالي للقضية الكردية في الشرق الأوسط بالتوافق بين الأطراف والتعاقد حول المصير وبتوفير ضمانات دولية بهدف انجاح الحل المنشود .
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
اليوتيوب
لينكدإن
تيلكرام
تمبلر
بلوكر
الموبايل
