أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - متاهات اللون وجُزر الفراغ في ذاكرة الفنان علي النجار














المزيد.....

متاهات اللون وجُزر الفراغ في ذاكرة الفنان علي النجار


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2207 - 2008 / 3 / 1 - 08:38
المحور: الادب والفن
    


تكمن أهمية الفنان علي النجار في جمْعِه بين موهبتي الرسم والتلوين في آنٍ معاً. فهو من الفنانين العراقيين القلائل الذين يُولون اللون أهمية كبرى الى الدرجة التي يتحول فيها السطح التصويري، بعيداً عن الموضوع، الى معلم بارز كما فعل سَلَفه الفنان فائق حسن. ومن يطيل النظر الى لوحات علي النجار العشرين في معرضه الأخير المعنون " حدود الذاكرة " والذي احتضنه غاليري " Posk " في لندن، سيكتشف أن هناك شبكة من العلاقات اللونية المعقدة والمدروسة بعناية فائقة، فالألوان الصريحة تخبئ وراءها موضوعات غامضة لا يمكن إستدراجها وفك مغاليقها بسهولة ما لم يتأمل الناظر بعمق الى وحدات اللوحة وتكويناتها الأساسية، وهي للمناسبة ليست كثيرة في الأعمال الفنية لعلي النجار. فلوحته، في الأعم الأغلب،ً متقشفة مقتصدة، لكنها بالمقابل شديدة التعبير والرمزية، فهي تعوّل كثيراً على الدلالات الفنية والجمالية والمثيولوجية، وما نعنيه بالمثيولوجيا هنا، هي الأساطير الشخصية التي يجترحها الفنان من مخيلته المحتشدة بالصور والألوان القارة وغير المتعينة. إن عدم إكتظاظ لوحة علي النجار بالموضوعات، ونأيِّها عن الزوائد التي غالباً ما تكون مضرّة بالعمل الفني، هي دليل على جرأة الفنان وحريته في التعامل مع قماشة الرسم التي تحتضن أفكاراً قليلة محددة، لكنها تقول أشياءً كثيرة، وتوحي بمفهوماتٍ قد لا تخطر على بال المتلقين للعمل الفني. يمكننا القول من خلال هذا المقترب النقدي أن الفراغَ في لوحة النجار ليس إعتباطياً، وإنما هو مبني على وفق رؤية فنية تهدف الى ترويح عين المتلقي، وتتيح له امكانية السياحة في متن عدد من الرموز والإحالات البصرية التي لا تخلو من صعوبة. فالمعروف عن لوحات النجار أنها مُضمرة، وموارِبة، وعصيّة على التأويل، ولعل أبرز معالمها هو هويتها الهلامية المتداخلة التي تجمع بين التشخيص والتجريد تارة، وبين البساطة والرمز تارة أخرى مُستعيرة مادتها من الأشكال البشرية والحيوانية والنباتية من دون أن تهمل الأشكال الجامدة التي يبثَّ فيها الفنان حياة نابضة متحركة تشي بقدرته على الخلق والتكوين الفنيين. إن السمة الأساسية في لوحات علي النجار هي هلاميتها وإمتداداتها الأميبية المنسابة بحركات متمعجة مسترخية تخلق عوالمها الدالة التي تقودنا في أغلب الأحيان الى المناطق النفسية النائية، خصوصاً وأن الفنان قد مرَّ بظروف صحية شائكة إستأصل فيها الأطباء الجرّاحون " وحشاً سرطانياً " كان يفتك بخلاياه جسده. ومنْ يمعن النظر الى هذا الوحش سيجده، كما وصفه الفنان " وديعاً بملمس ناعم يخلِّف رعشة في الأنامل " هذا الشكل الهلامي الإسفنجي بدأ يتكرر كثيراً في لوحات علي النجار منذ أجرى عملية الإستئصال الخطيرة وتجاوزها بعد أن تشبت بقوة الإرادة، وحق العيش، وحُب الحياة على الصعيدين الإبداعي والبيولوجي. إن سؤال الموت يفضي بالفنان المبدع الذي لم يقُل كل أشيائه بعد، الى أغوار النفس البشرية اللائبة التي ُدرك جيداً أنها تقف على حافة الهاوية، وأنها مرشحة للسقوط في يوم ما، وكل ما تفعله الإرادة هو أنها تطيل من مدة التوازن القلق، وتكشف لهذا الكائن المتأرجح جزءاً من المساحات العصية التي أشرنا إليها سلفاً. في أحد معارضة السابقة التي إنضوت تحت عنوان " لغة الجسد " ركز فيها الفنان على ثيمة واحدة تمحورت على الجزء المُسرطّن من جسده، غير أن هذه الثيمة الحساسة أخذت شكل المتوالية القصصية. فكل لوحة هي قصة واحدة، غير أن هناك خيطاً لا مرئياً يجمع بين هذه القصص جميعاً لتؤلف ما يشبه العمل الروائي الكبير الذي يكتمل بمجمله، كما أنه يضيء للمتلقي بقعاً خاصة إذا ما إختار المُشاهد أن يتمعن في كل لوحة على إنفراد. لا شك في أن السؤال الشكلاني يتحدى الناقد التشكيلي أولاً لأنه معني قبل المتلقين في الإجابة على الأسئلة التي تطرحها الأعمال الفنية الغرائبية لعلي النجار. يمكننا القول بإطمئنان كبير أن العالم الفني لعلي النجار هو عالم سوريالي تتجاور فيه الغرائبية الى جانب الحس البدائي، والتشخيصية الى جانب التجريد التعبيري المقنن بلمسات الفنان وخصوصياته الشكلانية التي يندر أن تحيل الى غيره من الفنانين العرب أو الأجانب. هذه المناطق المشتركة، مقرونة بخصوصية الفنان اللونية، هي التي تؤسس عالم علي النجار الذي يتماهى مع البراءة، والطفولة، وشعرية الثيمة، وموسيقى اللون المنبعثة من أعماق الذاكرة البعيدة التي تختصر المسافات في عمله الفني الذي يجمع بين فلسفة الجمال، وجمال الفلسفة التصويرية حينما تأخذ الثيمة شكل المتاهة البصرية. وجدير ذكره أن الفنان علي النجار من مواليد بغداد عام 1940. تخرّج في معهد الفنون الجميلة ببغداد عام 1961. أقام عدداً من المعارض الشخصية والمشتركة من بينها معرض الجمعية الكويتية في الكويت، ومعرض السنتين العالمي الثالث في القاهرة، ومعارض الفن العراقي المعاصر في دمشق وموسكو وبرلين. ومعرض ثيربانتس في المركز الثقافي الأسباني في عمّان. إضافة الى عدد من المعارض الشخصية والمشتركة في السويد.




#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الشاعر أحمد الصافي النجفي بين غُربة الروح وغُربة الفكر
- السيرة الذاتية- الروائية: - غصن مطعم بشجرة غريبة - مثالاً
- التشكيلي الكردي صدر الدين أمين . . . من البكتوغرافي الى الشا ...
- - فهرس الأخطاء - والأنموذج المُحزِن للتيه العراقي:عبود الجاب ...
- هيمنة الشتاء النووي في - الطريق - الى العدم
- الروائي المصري رؤوف مسعد: أنا أقلية في المجتمع الهولندي، وأق ...
- الروائي المصري رؤوف مسعد: أنا متمرد بالسليقة على أسرتي، وطبق ...
- الروائي المصري رؤوف مسعد: ما أكتبه يثير القلق والحفيظة والضغ ...
- الديناصورات: عمالقة بتاغونيا: رسوم متحركة تحفِّز الخيال والر ...
- شعرية نزار قباني تحت مجهر صلاح نيازي: لماذا أحسَّ نزار بالشي ...
- كيت بلانشيت . .السمكة الصغيرة التي سقطت في نافذة العنكبوت
- غمامة زها حديد تهبط على ضفة التيمز
- مارك والنغر يفوز بجائزة تيرنر الفنية: عمل يجمع بين المفردة ا ...
- - متاهة بان - للمخرج المكسيكي ديل تورو: تحفة بَصَرية تؤرخ لن ...
- - مئذنة الشعر -. . قراءات نقدية في التجربة الشعرية لباسم فرا ...
- الروائي مجيد خضر الهماشي يستجير من الرمضار بالنار، ويتخذ من ...
- الفنان التونسي لطفي عبدلي: الوسامة وحدها لا تكفي لخلق الجاذب ...
- في شريطه القصير - البغدادي - لميثم رضا: عراقي وبريطانية يتقا ...
- قراءة في الأداء التعبيري لنيكول كدمان في - الموت من أجل . . ...
- حدود الفنتزة في فيلم - لص بغداد -


المزيد.....




- بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن ...
- العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
- -من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
- فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
- باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح ...
- مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل ...
- لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش ...
- مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
- مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف ...
- -بنات ألفة- و-رحلة 404? أبرز الفائزين في مهرجان أسوان لأفلام ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - متاهات اللون وجُزر الفراغ في ذاكرة الفنان علي النجار