أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - التشكيلي الكردي صدر الدين أمين . . . من البكتوغرافي الى الشامانية














المزيد.....

التشكيلي الكردي صدر الدين أمين . . . من البكتوغرافي الى الشامانية


عدنان حسين أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 2180 - 2008 / 2 / 3 - 09:28
المحور: الادب والفن
    


دأبَ الفنان البدائي صدر الدين أمين منذ بضع سنوات على إقامة معارضه التشكيلية عبر البريد الإليكتروني متخلصاً من عبء الصالات الفنية، وتقاليدها التي لا تخلُ من بذخ لا يليق بفنان بدائي ينتمي الى الكهف والغابة والجدول. وفي العام الماضي وزع صدر الدين أمين " 46 " لوحة على أصدقائه ومعارفة الأقربين والأبعدين مشفوعة برسائل إليكترونية مليئة بالسخرية والتهكم والكوميديا السوداء التي لا تستثني أحداً بما فيها شخص الفنان وأسرته الكريمة. وتأكيداً لنزوعه الساخر والطريف فقد بعث لي ذات مرة صورة عائلية له، يظهر فيها الى جانب زوجته وبنتيه الكريمتين، وقد ذيّلها بعبارة " المجانين الأربعة "، بينما ذيّل صورته الشخصية الأخرى مع زوجته بعبارة " الحسناء والوحش ". كما أنه لا يجد حرجاً في أن يلقِّب نفسه بـ "المرجع التشكيلي الأعلى ". إن ما يثير الإنتباه في تجربة الفنان صدر الدين أمين هو نزوعه البدائي من جهة، وتبنّيه للإتجاه التشخيصي في الرسم. ولو سلّمنا جدلاً بأن صدر الدين قد أعلن قطيعته مع الواقع الراهن، وذهب بكامل قواه العقلية الى الزمن البدائي " الإفتراضي " مستعيناً بالتقنية البكتوغرافية أو " الكتابة الصورية " التي تؤهله للبقاء في ذلك العالم المتخيل لأطول مدة زمنية ممكنة. والغريب أن صدر الدين يقيم في ذلك الزمن الإفتراضي منذ عشرين عاماً أو يزيد. وها هو الآن في معرضه الأخير مُصِّر على المكوث في الزمان والمكان الإفتراضيين. يحتشد في بعض لوحاته أكثر من مئة " فيكر " أو تكوين يأخذ في الغالب صيغة " الغرافيم " غير أن هذه الوحدة التشكيلية العضوية المرنة يمكن أن تقرأ لوحدها تارة، أو ضمن السياق الجمعي الذي وردت فيه. لا تخلُ أعماله من الرؤية الطفولية التي تتشبث بعناصر الدهشة والإستغراب، كما أن رؤية الفنان نفسه، وهو يعيش في عالمين إثنين في آنٍ واحد، لا تتبرأ كثيراً من الشطح أو اللمسة الجنونية في بعض الأحيان، تلك اللمسة التي يحبها الفنان ولا يجد حرجاً في إذاعتها أو الإعلان عنها في أي محفل فني أو ثقافي. ولأنني متابع جيد لموقعه الإليكتروني فقد إكتشفت أنه قد بعث صور لوحاته التشكيلية الأخيرة لعدد كبير جداً من الكتاب والنقاد والمثقفين والفنانين العراقيين والعرب على حد سواء. وقد كانت الردود في عمومها إيجابية، وقد إستطاع صدر الدين فعلاً أن يحفز بعض الأقلام النقدية للكتابة عن تجربته كما لو أنه أقام معرضاً شخصياً في صالة فنية مرموقة. ما سر إهتمام النقاد والفنانين العراقيين والعرب بتجربة الفنان البدائي صدر الدين أمين؟ وهل أن مرّد هذا الإهتمام لثيماته أو لموضوعاته الغريبة، أم لتقنيته التشخيصية، و" الغرافيمية " على وجه التحديد؟ البعض يرى أنه صانع أمهر للدهشة والغرابة. فيما يرى البعض الآخر أنه فنان بدائي عاش بالمصادفة في هذا الزمن الراهن! وحينما يثير السائل جملة من التساؤلات فإنه لا يتوقع، بالنتيجة، أن يحصل من الفنان على أجوبة شافية لأسئلته المورقة. إن إحتشاد السطح التصويري بهذا العدد الكبير من الأشكال والمصغّرات التكوينية يكشف عن غزارة ثيماته. فلوحته أشبه بالغابة الكثيفة التي قد تضيق أحياناً بأشجارها الى الدرجة التي تعيق المكتشف من الوصول إليها أو التجوال تحت ظلالها الوارفة. إن العودة الى الوراء هي عملية شاقة من دون شك حيث يستنفر الفنان كل مكامن مخيلته حتى يعيش في ذلك الزمن البدائي الأول، ويؤسس تجربته عليه. إن ما يميز لوحة صدر الدين عن غيرها من اللوحات الفنية لأي فنان آخر، عراقياً كان، أو عربياً، أو عالمياً، هو إحتفاليتها. فلوحته محتفية بمخلوقاتها الغربية والإستثنائية والنادرة في كثير من الأحيان. فالألوان مبهجة، مشرقة، فرحة، وخطوط تكويناته البشرية أو الحيوانية أو النباتية قوية جداً، وجريئة الى الدرجة التي تكشف عن ثقة الفنان بعمله الفني. ثمة حيوانات يمكن أن نردها الى الأسد واللبوءة والفهد والتنين والأيل والثعلب والدجاجة والطاووس والديك الرومي والهدهد ونقار الخشب والعندليب والطائر المغرد وما الى ذلك. وهناك شموس وأقمار ونجوم وأجرام سماوية أخرى مصغرة، وهناك أشجار وأنهار وغدران وبحيرات تسبح فيها مئات الحيوانات الصغيرة التي أخذت شكل الرموز والأحرف السومرية القديمة. وإضافة الى كل هذه المعطيات فهناك " الشامان " وهو الكائن القبْلي الذي يمثل دور الوسيط بين كائنات العالم المرئي وبين أرواح العالم اللامرئي حيث يقوم ممارسة السحر لأغراض العلاج، والتنبؤ بالغيب، والسيطرة على الأحداث الطبيعية. استثمر صدر الدين " الشامانية " بوصفها مذهباً " يعبر عن حيوية المادة " ويعتقد أتباع هذا المذهب " الأرواحي " بأن كل ما في الكون له روح أو نفس، بل هم يذهبون أبعد من ذلك حينما يقولون بأن الكون نفسه له روح أيضاً. وأن هذه الروح أو النفس هي " المبدأ الحيوي المنظم للكون " بحسب تفسير قاموس المورد ". يرى صدر الدين من الناحية الفنية أن دوره هو أقرب الى دور الشامان الذي يريد أن يرى ما لا يراه الآخرون، ويتصل بالأرواح اللامرئية التي يصعب على الناس العاديين الإتصال بها. وهذه العملية الغامضة والسرية لا تتم إلا عبر " اللوحة الشامانية " التي تمسك بشيء غير مرئي في الأقل، وتضعه في صلب العمل الفني. وعلى رغمٍ من أن الطقوس الشامانية تمارس في الأجزاء الشمالية من قارة آسيا، إلا أن صدر الدين مفتون بالطقوس الشامانية التي يمارسها المواطنون الأمريكيون البدائيون الذين هم أقرب الى روحه ونظرته البدائية للكون. لا بد من الإشارة الى أن صدر الدين قد أفاد كثيراً من موروث الحضارات العراقية المتعاقبة، لكن تأثير الحضارة السومرية يظل هو الأقوى، وذلك لقرب الأحرف السومرية من البكتوغرافي أو " الكتابة الصورية " المُشار إليها سلفاً. وهذه الخلاصة تشجعنا على القول بأن صدر الدين هو شامان سومري ظهر مصادفة في النصف الثاني من القرن العشرين!



#عدنان_حسين_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- - فهرس الأخطاء - والأنموذج المُحزِن للتيه العراقي:عبود الجاب ...
- هيمنة الشتاء النووي في - الطريق - الى العدم
- الروائي المصري رؤوف مسعد: أنا أقلية في المجتمع الهولندي، وأق ...
- الروائي المصري رؤوف مسعد: أنا متمرد بالسليقة على أسرتي، وطبق ...
- الروائي المصري رؤوف مسعد: ما أكتبه يثير القلق والحفيظة والضغ ...
- الديناصورات: عمالقة بتاغونيا: رسوم متحركة تحفِّز الخيال والر ...
- شعرية نزار قباني تحت مجهر صلاح نيازي: لماذا أحسَّ نزار بالشي ...
- كيت بلانشيت . .السمكة الصغيرة التي سقطت في نافذة العنكبوت
- غمامة زها حديد تهبط على ضفة التيمز
- مارك والنغر يفوز بجائزة تيرنر الفنية: عمل يجمع بين المفردة ا ...
- - متاهة بان - للمخرج المكسيكي ديل تورو: تحفة بَصَرية تؤرخ لن ...
- - مئذنة الشعر -. . قراءات نقدية في التجربة الشعرية لباسم فرا ...
- الروائي مجيد خضر الهماشي يستجير من الرمضار بالنار، ويتخذ من ...
- الفنان التونسي لطفي عبدلي: الوسامة وحدها لا تكفي لخلق الجاذب ...
- في شريطه القصير - البغدادي - لميثم رضا: عراقي وبريطانية يتقا ...
- قراءة في الأداء التعبيري لنيكول كدمان في - الموت من أجل . . ...
- حدود الفنتزة في فيلم - لص بغداد -
- المخرج رونالد إيميريش يوحِّد قوى الأرض ضد طواغيت السماء
- المخرج الأمريكي ويْس كرافِن يستوحي - موسيقى القلب - من - عجا ...
- أمجد ناصر وشروط الإستجابة لقصيدة النثر الأوروبية الخالصة


المزيد.....




- فادي جودة شاعر فلسطيني أمريكي يفوز بجائزة جاكسون الشعرية لهذ ...
- انتهى قبل أن يبدأ.. كوينتن تارانتينو يتخلى عن فيلم -الناقد ا ...
- صورة فلسطينية تحتضن جثمان قريبتها في غزة تفوز بجائزة -مؤسسة ...
- الجزيرة للدراسات يخصص تقريره السنوي لرصد وتحليل تداعيات -طوف ...
- حصريا.. قائمة أفلام عيد الأضحى 2024 المبارك وجميع القنوات ال ...
- الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
- الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم ...
- الأربعاء الأحمر -عودة الروح وبث الحياة
- أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم ...
- -جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال ...


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - عدنان حسين أحمد - التشكيلي الكردي صدر الدين أمين . . . من البكتوغرافي الى الشامانية