|
يافرحتنا..اكبر سفارة بالعالم !
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2026 - 2007 / 9 / 2 - 11:17
المحور:
كتابات ساخرة
البلدان الكبيرة تحتضن احداثا جسام ، والشعوب الكبيرة تشهد امورا ضخام .ففي العراق اقتربت المراحل النهائية لأنشاء اكبر سفارة امريكية بالعالم ! ( 650000 ) متر مربع هي مساحة هذا الصرح ( تعادل مساحة دولة الفاتيكان ) ، كلفته حوالي (600) مليون دولار ، يكفي لأسكان ( 1150) موظف . لم يعمل المهندسون والعمال العراقيون في هذا الموقع بحجة انهم غير منضبطين وان ذهابهم ومجيئهم يوميا فيه مخاطر أمْنية . يحتوي المجمع السفارة على قاعات لمزاولة انواع عدة من الرياضة ، واسواق متكاملة ومدارس للأطفال ومستوصفات . انها مدينة امريكية صغيرة في مركز بغداد . للولايات المتحدة الامريكية اكثر من مئة وعشرون سفارة وقنصلية في ارجاء العالم ، فلماذا هذه المنشأة العملاقة في بغداد بالذات ؟ هنالك الصين واليابان وروسيا والمانيا والسعودية والمكسيك وكوريا والبرازيل وفرنسا وعشرات الدول الاخرى الاكبر مساحةً والاكثر نفوساً والاغنى اقتصاداً والاهم موقعاً ؟ هل لأن مَعَّزة العراقيين كبيرة جدا عند الامريكان ؟ هل يمكن ان يكون المكان اعجبهم ؟ اذا كان القصد هو مراقبة ايران عن كثب ، فأن من السهل ممارسة هذا من البلدان المحيطة بأيران والتي للولايات المتحدة نفوذ كبير فيها ، فالكويت تبعد ( شمرة عصا ) عن ايران وفيها قواعد عسكرية امريكية ، ولتركيا حدود طويلة مع ايران وهي عضو في الحلف الاطلسي الذي تقوده امريكا ، وكذلك فأن افغانستان جار ايران الشرقي ، تحت النفوذ الامريكي المباشر . اذا كان النفط والاحتياطي الهائل هو السبب ، فهنالك آل سعود النفطيون أصدقاء الامريكان التقليديون والذين لايسمحون من خلال ( اوبك ) بأن ترتفع اسعار النفط وذلك خدمة لأسيادهم في امريكا خاصة والغرب عموما ، والامارات الخليجية النفطية المحمية امريكيا ، وصديقة امريكا الجديدة جمهورية ليبيا الشعبية العظمى ! . هل في نية امريكا بناء سفارة على شكل جزيرة معزولة محمية بصورة جيدة ، تدير شؤون العراق والمنطقة من خلال اجهزة الكومبيوتر والتحكم عن بعد ؟ المهم في الامر هو خطأ الذين يعتقدون ويتوقعون قرب انسحاب الامريكان من العراق ، وكأنهم جاءؤا فقط لأزاحة صدام واقامة حكم ديمقراطي . هل من المعقول ان تصرف مئات مليارات الدولارات وتخسر حوالي اربعة آلاف ضابط وجندي ( المعلن عنهم لحد الان ) عدا آلاف المعوقين والجرحى ، ثم تنسحب ببساطة وكأن شيئاً لم يكن ؟ ان بناء هذه [ السفارة ] الضخمة لايدل بتاتا على نية الخروج من العراق في المستقبل المنظور ، من الممكن ان الادارة الامريكية الحالية او الادارة المقبلة سواء كانت جمهورية او ديمقراطية ، من الممكن ان تسحب جزءا من قواتها او تعيد انتشارها لأغراض انتخابية ، ولكن ان تترك العراق كليا فهذا من غير المسموح به امريكيا . فلقد ثبت رغم الادعاءات الجوفاء لصدام ، ان الحلقة الاضعف في ( محور الشر ) كان العراق ، حيث ان كوريا الشمالية توصلت الى شبه تفاهم مع امريكا والغرب وتساوم بكفاءة حول قضاياها المعلقة ، وايران لا تقاوم بشراسة فقط ، بل هي ناجحة لحد الان في التصدي لأمريكا بأقل الخسائر وبمهارة كبيرة أجبرت الامريكيين على الجلوس معهم على طاولة المفاوضات في بغداد ، وسوريا رغم مشاكلها الجدية ، لاتزال تمتلك شيئاً من براعة حافظ الاسد في تعامله الذكي مع المتناقظات ، واستثمار علاقاتها مع حزب الله وحماس وايران ومغازلتها لأمريكا والغرب في نفس الوقت للخروج من مأزقها كالشعرة من العجين ، اما ليبيا فلقد اشترت تذكرة انتقالها من ( محور الشر ) الى ( محور الخير ) بالدولارات التي دفعتها نقدا الى عوائل ضحايا لوكربي . على اية حال هنالك عدة حسنات لبناء اكبر سفارة امريكية بالعالم في بغداد ، فكل دول الخليج ( المعتدلة ) بما فيها السعودية تحسدنا الان وتَغير منّا لانها كانت تتمنى ان تكون هكذا سفارة في بلدانهم ! وكذلك فالدول ( المتشددة او المتطرفة ) مثل ايران او سوريا سوف تحسب لنا الف حساب لان سفارتنا – عفوا السفارة الامريكية في بغداد – ستكون هي المسؤولة عن تنفيذ المشروع الامريكي في الشرق الاوسط الجديد ، اضافة الى ان العراق صار حائزا على عدة القاب بعد اكتمال السفارة فمثلا ان بلدنا الان : اول بلد في عدد ضحايا الاعلاميين والصحفيين حيث تجاوزنا رقم مئتي قتيل ، اول بلد نفطي تخطت فيه نسبة الفقراء 35% ، اول وطن ربع سكانه مهاجرون ومهَّجرون !، اول دولة في عدد الارهابيين الداخلين اليها من كل حدب وصوب ! ماذا نريد بعد ؟
#امين_يونس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
دول الجوار العراقي
-
الاصلاح الاقتصادي في العراق
-
الديمقراطية العراقية...وجهات في النظر
-
في العراق..عندما يتكلم السياسي بصراحة
-
العراق ..في زاوية ضيقة انت محاصر
-
في العراق...ابناء المسؤولين اكثر ذكاءا
-
الامريكان بدؤوا خطة الحمام الزاجل
-
الحكومة العراقية الجديدة...قول وفعل
-
العراق .. البلد الاول في عدد اللجان
-
ايها اليابانيون..اطلبوا العلم ولو في العراق
-
امريكا والفساد في العراق
-
-مأساة فرد قد تعكس معاناة امة-
-
فقراء العراق والوحوش الضارية
-
مفارقات عراقية
-
جمجمال...مطالب عادلة ..وعنف غير مبرر
-
المقاومة الشريفة
-
المشهداني الرصين
-
تبرع ليس في محله
-
حذار من غضب ولد الخايبة
-
رائحة النفط الكريهة
المزيد.....
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
-
مهرجان بابل يستضيف العرب والعالم.. هل تعافى العراق ثقافيا وف
...
المزيد.....
-
فوقوا بقى .. الخرافات بالهبل والعبيط
/ سامى لبيب
-
وَيُسَمُّوْنَهَا «كورُونا»، وَيُسَمُّوْنَهُ «كورُونا» (3-4)
...
/ غياث المرزوق
-
التقنية والحداثة من منظور مدرسة فرانكفو رت
/ محمد فشفاشي
-
سَلَامُ ليَـــــالِيك
/ مزوار محمد سعيد
-
سور الأزبكية : مقامة أدبية
/ ماجد هاشم كيلاني
-
مقامات الكيلاني
/ ماجد هاشم كيلاني
-
االمجد للأرانب : إشارات الإغراء بالثقافة العربية والإرهاب
/ سامي عبدالعال
-
تخاريف
/ أيمن زهري
-
البنطلون لأ
/ خالد ابوعليو
-
مشاركة المرأة العراقية في سوق العمل
/ نبيل جعفر عبد الرضا و مروة عبد الرحيم
المزيد.....
|