|
الاصلاح الاقتصادي في العراق
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 2000 - 2007 / 8 / 7 - 05:15
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
استضافة مجلس النواب قبل بضعة ايام لنائب رئيس الوزراء برهم صالح والمسؤول عن الملف الاقتصادي ، كشفت امرا هاما ، وهو اهتمام الحكومة الجاد بتنفيذ التزامات العراق تجاه البنك الدولي وصندوق النقد الدولي . حيث قال صالح بأن 75% من التزاماتنا قد نفذت بالفعل واورد مثالا على ذلك رفع الدعم عن المشتقات النفطية من بنزين ونفط ابيض وكازاويل . ان مايطالب به البنك الدولي وصندوق النقد الدولي ومنظمة التجارة العالمية هو ( الاصلاح الاقتصادي ) وهذا المصطلح واسع في معانيه ويهدف الى تحويل الاقتصاد من اقتصاد مُوّجَه من قِبل الدولة الى (اقتصاد السوق) ، وايضا تطوير السياسة المالية والسياسة النقدية بما يلائم التطورات الهائلة الحاصلة في العالم خلال الاربعين سنة الماضية . مما لاشك فيه بان الاقتصاد العراقي بحاجة ماسة الى تغييرات جذرية تواكب التغيير السياسي الذي حصل بعد 9/4/2003 والذي ادى عمليا الى انهيار الدولة وضرورة البدء ببناء اسس دولة جديدة من اهم مرتكزاتها اقتصاد قوي معاصر . ان تحديث الاقتصاد يهم كل شرائح المجتمع ومن المفروض ان يؤثر ايجابيا على المستوى المعيشي . لم يعد احد يؤمن بأن تقوم الدولة بدعم غير محدود لأسعار الكهرباء والماء والمشتقات النفطية والمواد الغذائية ، ولكن بالمقابل ليس في صالح الغالبية العظمى من ابناء الشعب ان ( تسرع ) الحكومة في رفع الدعم بقفزات واسعة من اجل عيون البنك الدولي وصندوق النقد الدولي . ان المنطق يستدعي ان تقوم الحكومة بخطوات مدروسة تدريجية تراعي مصالح اوسع القطاعات الشعبية مقرونة بحملات توعية صحيحة بضرورة الترشيد في استهلاك الكهرباء والماء والوقود وتحويلها الى حملة وطنية . لست اختصاصيا في الامور الاقتصادية ، ولكن كمواطن بسيط يهمني ان اعرف جدوى الاقتراض من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي لبلد مثل العراق ؟ من المعقول ان تقوم سيراليون او غانا او بنغلاديش بالاقتراض من هذه المؤسسات وتحمل التبعات الثقيلة لخدمة فوائد الديون ، لانه ليس امامها خيارات أُخرى ، ولكن مع الانتاج النفطي الكبير والاحتياطي النفطي الهائل والثروة المائية المهمة والاراضي الخصبة الشاسعة والامكانيات البشرية ، هل العراق وفق هذه الموارد مضطر الى الاستدانة والرضوخ الى شروط مجحفة ؟ بالرغم من تقادم ماتبقى من البنية التحتية وخصوصا في مجالي النفط والكهرباء ، والتدهور الامني في معظم مناطق العراق، والفساد المالي والاداري المستشري ، واستنزاف الميزانية في قطاعي الجيش والشرطة ، اكاد اجزم بأن العراق ليس مجبرا على التعامل مع البنك الدولي وصندوق النقد الدولي اللذين تسيطر عليهما عمليا كارتلات الشركات متعددة الجنسيات العملاقة العابرة للقارات ، فمع ميزانية تفوق الاربعين مليار دولار لسنة 2007 ، ما جدوى اقتراض (500) مليون دولار او حتى مليار دولار من هذه البنوك ؟ علما بان جزءا مهما من الميزانية اعلاه سيبقى غير مصروف لأسباب عدة لعل ابرزها الوضع الامني المتردي في كثير من مناطق العراق ، وامتناع الشركات الاجنبية من القدوم . نحن بالتأكيد بحاجة الى اعادة هيكلة الاقتصاد ، وليس من المعقول ان يبقى سعر لتر البنزين عشرة سنتات بينما في دول الجوار وحتى النفطية منها يبلغ اضعاف ذلك ، ليس من الجائز ان تستوفى قائمة الماء الصالح للشرب دولارين شهريا ، او قائمة الكهرباء ايضا ( رغم شحة الماء والكهرباء في معظم انحاء العراق ) ، ومن الانصاف ان يعاد النظر في طريقة دعم الكثير من المواد الغذائية وحتى في مجالي الصحة والتعليم . نعم كل ذلك منطقي ومطلوب ، ولكن قبل هذا يجب البدء بتحسين فعلي للأجور وتوزيع عادل للثروات وبقاء دور رقابي للدولة في القطاعات التي تمس حياة المواطن . المطلوب من مجلس النواب والحكومة حين تناقش المواضيع الاقتصادية ان تبسط الامور وتقربها الى فهم المواطن العادي بحيث يستوعب مايجري ، ف ( الاصلاح ) الاقتصادي مفهوم جيد عموما ، مثل الاصلاح في كل شئ آخر ، ولكن ان يكون هذا الاصلاح مرتبطا مباشرة برفع الدعم عن سلع وخدمات اساسية بصورة متسرعة وعشوائية قبل ايجاد حلول وبدائل ، فأنه يتحول الى عبأ ثقيل على كاهل الشعب الذي يئن اصلا من وطأة الارهاب والفساد وقلة الخدمات .
#امين_يونس (هاشتاغ)
ترجم الموضوع
إلى لغات أخرى - Translate the topic into other
languages
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الديمقراطية العراقية...وجهات في النظر
-
في العراق..عندما يتكلم السياسي بصراحة
-
العراق ..في زاوية ضيقة انت محاصر
-
في العراق...ابناء المسؤولين اكثر ذكاءا
-
الامريكان بدؤوا خطة الحمام الزاجل
-
الحكومة العراقية الجديدة...قول وفعل
-
العراق .. البلد الاول في عدد اللجان
-
ايها اليابانيون..اطلبوا العلم ولو في العراق
-
امريكا والفساد في العراق
-
-مأساة فرد قد تعكس معاناة امة-
-
فقراء العراق والوحوش الضارية
-
مفارقات عراقية
-
جمجمال...مطالب عادلة ..وعنف غير مبرر
-
المقاومة الشريفة
-
المشهداني الرصين
-
تبرع ليس في محله
-
حذار من غضب ولد الخايبة
-
رائحة النفط الكريهة
-
نقاط فوق الحروف
-
دعوة
المزيد.....
-
اكتشاف أحذية غريبة وعملاقة في حصن روماني قديم تثير حيرة العل
...
-
سوريا.. ماذا نعلم عن الدروز وتصريح حكمت الهجري ولماذا تحميهم
...
-
في شقة بالسعودية.. ضبط 7 نساء و5 رجال لـ-ممارسة الدعارة- وال
...
-
تصريحات ترامب حول سد النهضة تُشعل الجدل مجدداً
-
الأثر الذهني يستمر بعد إغلاق الشاشة: دراسة تكشف تأثير الهات
...
-
ضغوط ترامب وتعهدات بانفاق ضخم..من يدفع ثمن الأمن في الناتو؟
...
-
مركز أبحاث جديد في لندن يسعى لفهم-لغة الحيوانات- باستخدام ال
...
-
ما الذي يحصل في مدينة السويداء السورية وكيف تطورت الأمور هنا
...
-
الأطعمة المحلاة تزيد من خطر البلوغ المبكر
-
سوء التغذية يفتك بأطفال غزة
المزيد.....
-
من الأرشيف الألماني -القتال في السودان – ينبغي أن يولي الأل
...
/ حامد فضل الله
-
حيث ال تطير العقبان
/ عبدالاله السباهي
-
حكايات
/ ترجمه عبدالاله السباهي
-
أوالد المهرجان
/ عبدالاله السباهي
-
اللطالطة
/ عبدالاله السباهي
-
ليلة في عش النسر
/ عبدالاله السباهي
-
كشف الاسرار عن سحر الاحجار
/ عبدالاله السباهي
-
زمن العزلة
/ عبدالاله السباهي
-
ذكريات تلاحقني
/ عبدالاله السباهي
-
مغامرات منهاوزن
/ ترجمه عبدالاله السباهي
المزيد.....
|