|
دعوة
امين يونس
الحوار المتمدن-العدد: 1521 - 2006 / 4 / 15 - 11:48
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
في بداية عام 59،ذهب احد معارفي الى الموصل بغية مراجعة الطبيب والتسوق،وكان كريم العين،يرتدي الزي الكردي،ومعلقا على صدره شارة حمامة السلام،والتي كانت حينذاك علامة على كونه من انصار السلم،المحسوبين على الحزب الشيوعي0نام ليلته في احد فنادق الدواسة،في الصباح نزل من على درجات الفندق،وكان احد اصحاب الدكاكين يهم بفتح دكانه،نظر الى صاحبنا مليا ثم قال:يافتاح يارزاق،اعوذ بالله (هم كغدي وهم اعوغ وهم شيوعي)وانزل باب الدكان واغلقه ومشى!!كردي واعور وشيوعي،واحدة من هذه الصفات كانت كافية لكي يتشاءم صاحب الدكان،فكيف بثلاثة مجتمعة؟ماالذي جعل الموصلي متحاملا الى هذه الدرجة؟ماالذي ادى به الى ان يكون متعصبا بحيث لايتقبل الآخر؟هل الخلل كان موجودا فيه فقط ام ان الكردي والشيوعي يتحمل جزءا من المسؤولية ايضا؟صحيح بأنه لم يكن كل عرب الموصل مثل صاحب الدكان،ولكن بالمقابل لم يكن جميع الكرد او الشيوعيين مثالا للنزاهة والوعي والرقي0هذا ينطبق على كركوك وغيرها من المدن0ينبغي ان نفكر مليا ونكون منصفين حين نعيد قراءة التأريخ ونقتنع تدريجيا بأن التعصب والتطرف والعنف لايجر وراءه الا ردود فعل مشابهة0 في الخمسينيات وانا طفل،اصبت بالتيفوئيد،وكانت حالتي ميئوسا منها،انقذني طبيب يهودي اسمه(جميل)وكان كما سمعت لاحقا طبيبا محترما انسانا رحيما كريما،ساهم في انقاذ ارواح المئات من الاطفال بغض النظر عن دينهم وطائفتهم وقوميتهم0هل الحركة الصهيونية فقط هي التي جعلت يهود العراق يهاجرون الى اسرائيل؟ام نحن ايضا ساهمنا في أيذاءهم واشعارهم بأنهم منبوذون وغير مرغوب فيهم،والاعتداء عليهم كلما سنحت الفرصة؟بحيث لم يبقى امامهم غير الهروب والهجرة0لم يكن جميع اليهود العراقيين ملائكة،شأنهم في ذلك شأن بقية مكونات الشعب العراقي،لكننا برعونتنا وسذاجتنا فقدنا الكثير من العقول النيرة من محامين ومهندسين وعلماء ودفعناهم دفعا للهجرة الى اسرائيل0لقد ساعدنا بتصرفنا الاخرق في دعم توجهات الحركة الصهيونية0 من سمع يوما بأن الصابئة المندائيين،قاموا بفعل عنيف؟او ساهموا في حياكة مؤامرة؟بالعكس من ذلك فهم من اكثر الناس مسالمة،مشهور عنهم صياغة الذهب واتقان الاعمال الصعبة0يكفيهم فخرا بأن اشهر رئيس جامعة عراقية كان منهم0ودينهم من اقدم الاديان في العالم0تصور اية ضغوط تعرضوا لها بحيث اصبح نفوسهم لايتعدى بضع عشرات من الالاف فقط؟والبقية تناثروا كحبات المسبحة في ارض الله الواسعة في عام 60 سافر احد اقربائي الى كركوك حيث بيت عمه الذي كان مهندسا في شركة النفط،من اجل الدراسة في المتوسطة0في اول محاظرة لدرس التربية الدينية،كان المدرس تركمانيا اسمه(حميد)فسأل جميع الطلاب عن طائفتهم وعن امامهم0جاء الدور على قريبي الذي لم يكن يعرف حقا هل هو سني او شيعي ولم يكن سمع بالشافعية او الحنبلية0فطرده المدرس من الصف0ان مايجري اليوم ليس صدفة او مفاجئة غير متوقعة0في معظم مدن العراق المختلطة كان هناك من يروج للفرقة0 ايها السادة،كفانا تشدقا بحضارتنا وثقافتنا وتأريخنا الزاهي0واعتزازنا بأوهام التراث0ان جذور التعنت الفكري والديني والسياسي وألغاء الآخر قديمة في مجتمعنا0نحن بحاجة الى روسو عراقي يكتب لنا عقدا اجتماعيا متحظرا يعلمنا مبادىء التعايش السلمي المدني0صحيح اننا نمتلك بضعة آلاف من الاكاديميين واصحاب الشهادات العليا والخبراء،ولن بالمقابل عندنا بضعة ملايين من الاميين وانصاف الاميين0 انها دعوة للتخلي عن الزهو الفارغ،والخيلاء الساذجة،والتعكز على اوهام الماضي المجيد،وغيبية التراث الديني والتقاليد الرجعية0ينبغي ان نبدأبتجاوز كل مخلفات ماضينا الذي لايشرف كثيرا0
#امين_يونس (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
لو
-
الجعفري...الديمقراطي
المزيد.....
-
تنامي الإسلام الراديكالي في بنغلاديش
-
مصر تقضي بسجن إسرائيليين اثنين 5 سنوات للاعتداء على موظفين ب
...
-
محافظ السويداء: الاتفاق مع وجهاء الطائفة الدرزية ما يزال قائ
...
-
إيهود باراك يقارن بين قتال الجيش الإسرائيلي لحماس وقتاله لجي
...
-
مصر.. سجن إسرائيليين بسبب واقعة -أحداث طابا-
-
المصارف الإسلامية تحقق نجاحات كبيرة على حساب نظيراتها التقلي
...
-
-الأقصر ولكن الأفضل-.. الرئيس الأوكراني يعلق على اجتماعه مع
...
-
مصر.. فتاة ترفع الأذان داخل مسجد أثري يشعل نقاشا دينيا
-
خطوات تثبيت تردد قناة طيور الجنة الجديد 2025 TOYOUE EL-JANAH
...
-
برازيليون يحولون نبات يستخدم في الاحتفالات الدينية إلى علاج
...
المزيد.....
-
السلطة والاستغلال السياسى للدين
/ سعيد العليمى
-
نشأة الديانات الابراهيمية -قراءة عقلانية
/ د. لبيب سلطان
-
شهداء الحرف والكلمة في الإسلام
/ المستنير الحازمي
-
مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي
/ حميد زناز
-
العنف والحرية في الإسلام
/ محمد الهلالي وحنان قصبي
-
هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا
/ محمد حسين يونس
-
المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر
...
/ سامي الذيب
-
مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع
...
/ فارس إيغو
-
الكراس كتاب ما بعد القرآن
/ محمد علي صاحبُ الكراس
-
المسيحية بين الرومان والعرب
/ عيسى بن ضيف الله حداد
المزيد.....
|