أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات المحسن - لا مكان للنازية في شوارعنا















المزيد.....

لا مكان للنازية في شوارعنا


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 605 - 2003 / 9 / 28 - 07:01
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    



في تصريح خطر أعلن وزير العدل العراقي هشام عبد الرحمن الشبلي يوم 17 /9 /03 قال فيه (أن الحكومة العراقية تدرس إصدار قانون الأحزاب في العراق مشيرا الى أن حظر نشاط حزب البعث أو عدم حظره سيترك للمناقشة والدراسة.)
كذلك فأن البعض يسألني عن الموقف من محاورة البعثيين والسماح لهم بترويج فكرهم النتن أو محاورتهم على أساس أنهم يملكون الحق في إبداء وجهة نظرهم بعد خراب العراق على أيديهم .
وأنا لا أملك أي تعليق على ذلك سوى أن أقدم هذه القصة القصيرة للتذكير .إما المساومات القذرة أو ذاكرة البعض المثقوبة فيتكفلها الزمن وإعادة النواح بعد عودة الموت ليحصد المزيد، أو  تغلق تلك الثقوب وتعدم تلك المساومات في عراق دون غرف تعذيب ومقابر جماعية.
وما القصة القصيرة هذه سوى رسالة تذكير للشرفاء في وطني ولهم وحدهم دون الآخرين. ومن يقرؤها فليرجع الى اليوم الأول منذ نشأة حزب البعث ويتمعن بما حدث.
وأرفق مع القصة تأريخ طويل يمتد منذ 8 / شباط / 1963 ولغاية 9 / 4 /2003 وهذا     التأريخ بأيامه بدقائقه فوارات دم ونواح. أيام جلها كان مزقا مدماة . لازالت طرية بوحشيتها ثقيلة بخستها ترقد مثل كابوس يقض المضاجع وسم تأريخ شعب ووطن بمختلف العاهات والتشوهات . كانت تأريخ من صراخ أجساد تمزقها سكاكين البعث الفاشي وجماجم تغطي أرض العراق من شماله الى جنوبه .وجوه مرعوبة تنط من قبورها لتسأل العالم وشرفائه.لماذا … وكيف .

 


لا مكان للنازية في شوارعنا

فرات المحسن

قصة قصيرة

يوم قائظ ...تقدمت اخط بقدماي فوق إسفلت شارع الملكة المكتظ بالبشر وسط  ستكهولم.أتوقف بين حين وأخر لأداري ألم الظهر الذي ما أنفك يجبرني على سحب قدمي بتثاقل.وصلت عند الجسر الفاصل بين مبني مجلس الوزراء والبرلمان السويدي .تطلعت نحو المكان فجلب انتباهي مشهد رئيس الوزراء يوران بيرشون  متكأً عند السياج الحديدي المجاور للبحر الذي يفصل المبنيين وكان أمامه رجل من عامة الناس يسند جسده المتراخي لدراجته العتيقة ،يتبادلان الأحاديث والضحك دون أن يجلبا فضول المارة .. عداي أنا.جلست عند نهاية الشارع فوق تمثال الأسد الأسمنتي الذي وضع كحاجز لمنع مرور العربات الى داخل شارع الملكة .سحبت رشفة لذيذة من سجارة استطبت مذاقها بعد عناء امتناع ساعتين عن تناول السجائر حسب نصيحة الطبيب بالإقلال من التدخين.
تقدم ثلاثة.. صبيان وفتاة .تدل ملابسهم أن لا وجود هناك لمكواة .كانوا يتضاحكون ويتدافعون بصخب ظاهر ولكن مشهدهم هذا لم يجلب انتباه الآخرين لهم… سواي.راقبت قدومهم من بعيد .اقتربوا . ثم طلبت الفتاة مني باستحياء وأدب جم أن أبتعد بعض الشيء فوافقت دون أن أسألها  السبب. رفعت عجيزتي بتثاقل وكنت أركز نظري نحو أصغرهم الذي سحب من خرج كان يحمله صفيحة مثقبة وضعها فوق إحدى البلاطات القريبة من الأسد الأسمنتي ثم سحب الأخر من خرجه قنينة ألوان ورش فوق لوحة الصفيح رذاذ الصبغ الأحمر الفاقع.كانت الفتاة تقف بالضبط أمام البلاطة فارجة ساقيها لأقصاهما.بعد لحظات رفع الصبي اللوحة عن الأرض ودسها في خرجه .لم تتحرك الفتاة من مكانها .دفعني الفضول لمعاينة ما طرأ من أمر جراء تلك العملية التي حسبتها لعبة صبيان مثلما نشاهد الكثير من شبيهاتها المنتشرة فوق جدران البنايات والأنفاق .طالعت النقش المرسوم فوق البلاطة .
ـ  Ingen plats fِr nazister pه vهra gator    لا مكان للنازية في شوارعنا.                            
لم أستطع تمالك مشاعري وكان إحساسي مفرطا بالنشوة .اقتربت من الفتاة المتيبسة في مكانها وأنا أسألها بارتباك وبلغتي السويدية البسيطة عن سبب طلبها مني الابتعاد .فتبسمت كملاك طفولي يخزن كركرات الكون .اعتذرت مقدما ثم قالت كي لا تشم رائحة الصبغ المتطاير أو يلطخ شيء منه ملابسك الأنيقة .ثم سألتها عن سبب وقوفها بعد أن أنجزوا مهمتهم فأجابت :حتى يتماسك اللون ولا يطأه أحد المارة قبل أن يجف.
 من المظهر الخارجي لم تتخط أعمارهم السابعة عشر عاماً وكان أصغرهم يبدوا كأنه لم يتجاوز بعد عمر الرابعة عشر.صدق حدسي وأنا أسأله عن عمره فأجابني بغمازتين باسمتين ووجه وردي مشرق وهو يضع عينيه بثقة كبيرة داخل بؤبؤي عينيً .فبادرته وبي خليط من مشاعر ارتياح وتوجس .
ـ ما الذي تعرفه عن النازية أيها الشاب ..؟
وكمن كان سؤاله ساذجا، شعرت أن ذلك الفتى الذي أمامي صعق من سؤالي هذا فأنفرج ثغره عن دهشة بائنة.
ـ ما الذي أعرفه ؟ أهناك في الكون من لا يعرف الكثير عن هؤلاء القتلة الطغاة الفاشيين .أنهم قتلوا وشردوا الملايين من البشر دون جريرة.كانت جرائمهم تلبية لجنون قائدهم وأفكاره القذرة.
ـ ولكن .أسمح لي .. من أين حصلت على هذه المعلومات .
أنني أسمعها من الناس الطيبين وأقرأ عن الجرائم البشعة وأشاهد أفلاماً مرعبة تعرض دمويتهم وقسوتهم  في جميع الأراضي التي احتلوها.أن تلك الجرائم موثقة وتدينهم دون أدنى شك.أنها عار البشرية .أستطيع أن أزودك بالعديد من الوثائق عن كل تلك الفضائع والجرائم لو رغبت .

ـ ولكن  …  قد أختلف الزمان والكثير من قادتهم ماتوا أو قتلوا ومضى التأريخ وأصبحت أوربا حرة فما الذي يجعلكم تتجشموا عناء مطاردة أمثالهم في وطنكم الذي لم يشارك في تلك الحرب.
ـ ليس عدم مشاركة وطني في تلك الحرب يعفي السويد من تعقب ومنع مثل هؤلاء من إرعاب البشر وزرع الأفكار القاتلة ,أنهم مجرمون.
ـ ولكن أنتم في بلد ديمقراطي فلم تمنعهم من ترويج أفكارهم.أنها ما عادت تعني شيئاً ..أنها مجرد أفكار أليس كذلك.
ـ حسنا سيدي أنك تعتقد ذلك .ولكن دعني أقول أن جزأ من الديمقراطية والحفاظ على الحريات والسلام الاجتماعي، يأتي من منع الجريمة المنظمة والاعتداء على الحريات وترويج أفكار القتل والحروب…. وهؤلاء هم أشد المناهضين للديمقراطية وأشد أعداء الحرية والسلام  …أنهم يروجون لأفكار الفصل العنصري وتغذية مشاعر العداء للأجانب والتطهير العرقي فلذا يجب منعهم من التواجد في شوارعنا حفاظا على الديمقراطية والسلام ومجتمع الحريات ومن أجل مستقبل أفضل للأجيال في جميع أنحاء العالم أنها مسؤلية يجب أن يشارك فيها جميع من يريد السلام والأمن والديمقراطية لوطنه.

شددت على كفه وأنا أخضها سراعاً بشدة المبهور بهذا الذكاء الوقاد والدرس الذي علمني إياه عند أعتاب الرابعة والخمسين من عمري.جلست فوق الأسد الأسمنتي أتأمل الكلمات المطبوعة فوق البلاطة وكانت قهقهاتهم الصاخبة تبتعد عني .لوحوا بأياديهم الغضة  ليوران بيرشون وهم يتقافزون ،فرد عليهم من بعيد ثم عاد لحديثه مع صاحبه وكان حارسه الشخصي يقف بعيدا عند الطرف الأخر من بناية مجلس الوزراء وأنا أنفذ دخان سجارتي الثانية بتلذذ مهملاً كالعادة توصية الطبيب.
 

 



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الوثيقة التاريخية بشروطها الثلاثة
- لغز استشهاد السيد الحكيم لن يكون الأخير
- المبرر الأخلاقي
- لوحة في المشهد العراقي ـ عودة صدام
- مصيدة الحكومة المؤقتة
- البحث والتوثيق لأسلحة الدمار الشامل الداخلية
- يوم عظيم ليس ككل الأيام ولكن …
- استدراج الكارثة …. استجداء الاحتلال أنها حروب الطاغية وليست ...
- مؤتمر شيعة العراق وأجندة السياسة الإيرانية
- أولى ثمار الحرب ومبادرة بريماكوف
- إيضاح
- السعوديون يدخلون الحرب من النافذة
- بغداد …أنهم يريدون أحراقها
- جريمة ودعوة للتطهير العرقي
- السلطة … الديمقراطية
- أيا دمعتي لا تتوقفي
- الى الأعزاء في صفحة الحوار المتمدن
- من يحرز الهدف الذهبي في الوقت الضائع
- معارك الطواحين المرادية
- في رثاء سحلية منقرضة - رد على مقال السيد باقر إبراهيم


المزيد.....




- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...
- خبير عسكري يكشف مصير طائرات F-16 بعد وصولها إلى أوكرانيا
- الاتحاد الأوروبي يخصص 68 مليون يورو كمساعدات إنسانية للفلسطي ...
- شاهد: قدامى المحاربين البريطانيين يجتمعون في لندن لإحياء الذ ...
- وابل من الانتقادات بعد تبني قانون الترحيل إلى رواندا
- سوريا.. أمر إداري بإنهاء استدعاء الضباط الاحتياطيين والاحتفا ...
- طبيب: الشخير يمكن أن يسبب مشكلات جنسية للذكور
- مصر تنفذ مشروعا ضخما بدولة إفريقية لإنقاذ حياة عدد كبير من ا ...
- خبير أمني مصري يكشف عن خطة إسرائيلية لكسب تعاطف العالم


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات المحسن - لا مكان للنازية في شوارعنا