أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فرات المحسن - السلطة … الديمقراطية















المزيد.....

السلطة … الديمقراطية


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 370 - 2003 / 1 / 17 - 05:48
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    



 

استحثتني النقاشات الجارية حول الديمقراطية والحياة البرلمانية في عراق ما بعد الفاشية وكذلك المحاولات التي تطرح من قبل الكثير من أخوتي  والتي تحاول أن تتحرى أو تجد حلول  لمشاكل العراق وأزماته المستفحلة،فرغبت أن أثبت بعض الآراء التي أفكر بها والتي أناقشها ضمن محاور نشاطي الوطني العام . ومع ذلك الحث تكدست أمامي دفعة واحدة كومة من أسئلة واستنتاجات ليس من السهولة لملمتها والإحاطة بها في مقال يتطلب الإيجاز  والدقة والشفافية .ومع هذا وجدتني أتوقف عند نقطتين حاسمتين تبدوان بالذات جوهر الإشكاليات التي مرت وستمر وتغمر العراقيين بطوفانها المدمر.ألا وهما السلطة والديمقراطية.
يتطرق أستاذ علم الاجتماع المرحوم الدكتور علي الوردي في إحدى لمحاته عن المجتمع العراقي لعلة تلكم النقطتين حيث يقول في إحدى الفقرات ( أن المجتمع العراقي حائر ) ثم في فقرة أخرى يقول أن الدولة أساس مهم من أسس حضارة الشعوب. رغم أن الهدف الأعم لدراسة الدكتور الوردي كان محاولة تشخيص علل المجتمع العراقي ساسيولوجيا وكشف أسباب حيرة المجتمع العراقي وعلاقة ذلك بطبيعة التنازع الحضاري بين البداوة والمدنية.وهذه بحد ذاتها واحدة من أشد المشاكل تعقيدا ووقعا في المجتمع العراقي . ورغم أن العلامة الوردي أتكاء فقط على علم الاجتماع في تفسير الإشكاليات والأزمات فأنه لم يكن بعيدا عن محاولة كشف الأسباب الأخرى وقراءة  المعنى الشامل لجوهر السلطة العراقية منذ تأسيسها وتأثيرها الحاسم والكبير في بناء القيم الاجتماعية والسياسية للشعب العراقي.
هناك أيضا الكثير من الدراسات المنهجية الواقعية حاولت قراءة الحال العراقي وفق رؤى ومشارب عديدة أرادت فيها تلمس وتقليب الأزمات المجتمعية العراقية وإيجاد الحلول لها والخروج بنتائج تهدف لوضع أسس يمكن من خلالها تجاوز الأزمات وإخراج العراق من الحال التي وصل اليه.
مجمل تلك الدراسات والنقاشات خرجت بنتائج متقاربة خلصت دون لبس الى أن جوهر الأشكال يكمن في موضوعتي السلطة والديمقراطية .ولا يمكن في أية حال من الأحوال فصلهما عن بعض كونهما جزءاً جوهرياً لقيمة واحدة .ويشكل تلازمهما ملمح متكافئ لمجتمع حي يمتلك الوعي بقدراته وخبراته ومصائره .وأن فصلهما وتسويفهما بهرطقات أيدلوجية أو التقليل من أهمية ربطهما ،يعيد أبدا بلورة وتغذية بؤر الأزمات .
في إشكالية الديمقراطية والحريات وفي الجانبين المهمين منهما السياسي والاجتماعي فأن الهدف الأعم هو إعادة صياغة منظومة الأفكار التي تكتسي وتعم المجتمع العراقي والتي أسستها و غذتها السلطة السياسية والعسكر منذ بداية تشكيل الدولة العراقية سنة1921 م. وكان طابعها العام أبعاد مؤسسات المجتمع المدني عن ممارسة دورها. وتغذية ليس فقط الخصومات والفرقة السياسية وإنما في الحث الدائم على تصعيد الخلافات الأثنية والطائفية والعشائرية .وزرع الخصومة والفصام بين الفرد والسلطة من خلال الإرهاب اليومي المنظم وسلب الحقوق المدنية والتعديات الفجة وغير المبررة على حقوق الإنسان.
لاشك أن الديمقراطية الحقيقية تحمل من السمات  ما يمكن عبرها تطمين الكثير من حاجات العراقيين الذين باتوا يشعرون وبكل شرائحهم وطوائفهم ،حجم الكارثة والخيبات التي فرضت عليهم قسرا وجرتهم لمتاهات لا طاقة لبني البشر عليها.وهم الآن من أكثر شعوب العالم تطلعا نحو الديمقراطية والأنعتاق من جور السلطة وإيذائها اليومي.
أن أس الديمقراطية يعني وفي المقدمة النزوع لبناء دولة القانون التي تفضي لشعور المواطنيين بالتكافؤ وتدفع عنهم الخوف والريبة وتنمي لديهم ملكات الإبداع والإخلاص للمجتمع والوطن. ودولة القانون تعني بالضرورة هزيمة ماحقة لكل البنى والأفكار التي تتكاء على القيم العشائرية والطائفية والمناطقية والوجاهة.
ومن الواضح للعيان أن دولة القانون ترسخ وتعيد تنظيم ليس فقط عناصر التكافؤ الاجتماعي وحرية الخيار والتطور العلمي والثقافي والاقتصادي وإنما تعيد أيضا ترتيب الحسابات السياسية في علاقة السلطة بالشعب وكذلك علاقات القوى والفعاليات السياسية مع بعضها . والأهم في ذلك  أنها تؤكد بفاعلية الهوية الوطنية العراقية.
في جانب حساس من الموضوعة فأن ضمان سيادة القانون يمكن أن تكون الدعوة اليه مضللة وذات أهداف منتقاة بشكل تحريفي ومزيف .ويأتي ذلك من خلال فرض علاقات وتعميم صيغ ترسخ مصالح فعاليات  سياسية محددة وبمسميات مختلفة تنشأ عنها علاقات تتحكم في مفاصل ووضع القوانيين وتجيرها لصالح شريحة أو فئة بعينها . وتضع حصرا مفهوم سلطة القانون تحت معطف أيدلوجي أو مذهبي يفضي في النهاية الى مفاقمة الأختلالات والأزمات.
أن السعي لتحقيق التكافؤ بين أبناء الشعب وبينهم والسلطة من خلال تعميم سيادة القانون وضمانة الحقوق الإنسانية كان ولازال ذات الجوهر والمغزى العام لنضال الشعب العراقي في جميع المراحل التي مرت عليه. وكان دائما يهدف لأن يصبح للسلطة دور جديد تغدوا معه أداة لتطوير وتحديث بنية المجتمع وتأمين السلام والوئام الاجتماعي وأن تشعره بمشاركته الفعلية في تقرير مصائره.لتغدوا وبشكل حقيقي الممثل الكفء لجميع شرائحه وفئاته.
أن أجمال ذلك يقتضي وجود سلطة ذات مواصفات بينة تكون في حقيقة الأمر المرجعية التي تطمئن الناس في حقوقهم في نفس الوقت الذي تؤكد بما لا يدع مجال للشك أنها قادرة على تهيئة الظروف لبناء حياة إنسانية أكثر رقيا وتسامحا وعدالة ومساواة في إطار حضاري يبعد كل تلك الخيبات ولألأم التي غلفت حياة العراقيين عبر عصور طويلة من القهر والاستعباد .وأن لا تكون تلك السلطة سلطة أبوية كهنوتية تزعم وتبرر لنفسها تمثيل الأمة العراقية وتكون موضوعتها دائما الحق في التفكير واتخاذ القرار ضمن كواليسها المغلقة نيابة قسرية عن شعب مغيب.
أن ذلك يستحث على التملي في ماهية السلطة التي تأتي بعيد سقوط الفاشية البعثية ودكتاتورية صدام حسين كمحاولة لإنقاذ شعبنا الطيب المسلوب الإرادة من أزماته المدمرة.
أثبتت سنوات حكم حزب البعث في تجربته الأولى سنة 1963 وأيضا في مجيئه الثاني سنة 1968 أن فلسفته في القيادة والإدارة لا تعدوا كونها توكيد إثارة جميع مكامن الحقد والاستعداء ونوازع الجريمة والاستعداد للقتل والتعذيب المجاني والدفع للتبرع بالإيذاء دون مبررات أخلاقية أو واعز من ضمير  .وكذلك فقد عمل جاهدا ليس فقط لإباحة سرقة المال العام وتدمير الحياة المدنية وإثارة النزاعات ، وخلق بؤر ومنظومات تكون لها اليد الطولى في تسيير حياة الناس وتشكيل علاقاتهم .وإنما تعميم صيغ مشوهة ومؤذية عن المغزى الخاص الذي يربط المواطن بوطنه وبمؤسسات الدولة والمجتمع.والأهم من ذلك هو زرع الخوف المستديم في النفوس  من السلطة باعتبارها ملكية خاصة و قدس الأقداس التي لا يمكن لبشر الحديث حولها أو مناقشتها دون موافقة سدنتها.
قاد صدام حسين وحزبه شعبنا نحوا هاوية سحيقة وقاتله بحجة الشرعية الثورية فأوجد نماذج مرعبة وغرائبية لعلاقة السلطة بالفرد وأيضا علاقة الأفراد ببعضهم البعض . فمن خلال المادة 42 من الدستور العراقي الذي سنه البعثيون.(وهي المادة الخاصة بصلاحيات رئيس الجمهورية ) أستحدث صدام حسين وأنتج أصناف قوانين هجينه مشوهة ونقائض كان مبضعها ولا زال يحز ويقطع أجساد العراقيين .ومن خلال تلك القوانين التي تستحق أن يطلق عليها قوانين المزاج الصدامي.اختلت بشكل سافر المستويات والموازين الأخلاقية والاجتماعية والسياسية عند شرائح كثيرة في مجتمعنا .ونجد اليوم وطننا بظل تلك السياسات والقوانين الهوجاء قد تمرغ في أوحال التخلف والفقر وساعد ذلك على رواج الأفكار الظلامية والنزعات العشائرية والعرقية والمذهبية وبات التهديد يمس مباشرة الهوية الوطنية العراقية. وأصبحت الصورة قاتمة لمستقبل تلفه مشاكل المديونية والفقر وتلوث البيئة والأمراض والتخلف العلمي والثقافي.
أن تلك الإشكاليات بسعتها وضخامتها تتطلب المعاينة والتدقيق الحقيقيين من أبناء شعبنا وفعالياته الوطنية .وتتطلب ثقافة حقيقية تنسجم وروح العصر.أن أجندة المرحلة ما بعد دكتاتورية صدام ورغم كل المماحكات والافتراضات والمزايدات السياسية والشعارات التي يطلقها الكثيرون ،يجب أن لا تغيب عنا ضرورة وأهمية الديمقراطية والتعددية والبرلمانية كوصفة ناجعة وأكيدة تطمئن شعبنا وتعيد له ثقته بقدراته وبنبالة وسمو ورفعة الانتماء للوطن . وتؤسس لمرحلة تؤكد على غنى وأهمية فسيفساء المجتمع العراقي وتوفر له شروط مجتمعية تضمن القبول بالاختلاف والتنوع وتعيد لحمة نسيج العلاقات الاجتماعية والوطنية ،وتعمم الرؤية العقلانية العلمية النقدية لا على المستويات النخبوية فقط وإنما في المشاركة الجماهيرية وحرية التعبير والتفكير والنقد والإبداع والتمسك بالدفاع عن حقوق الإنسان الفردية والجماعية وأولى شروطها حرية تشكيل الأحزاب والتنظيمات المعبرة عن مصالح جماهيرها.
أن دولة ديمقراطية وبمؤسسات مدنية وسيادة القانون تمهد حتما لروابط المصالح الاقتصادية والاجتماعية وغيرها من المصالح الأخرى المتقاربة للشعب العراقي المتعدد الأعراق . وتسبغ على الدولة ذاتها شكلاً راسخا يتجلى بنحو خاص في التطور التاريخي للمجتمع و ثقافته المادية والروحية.وتقبله لدولة تحترم خياراته وتطمئن حاجاته.وأن أدراك الفرد فيها لوحدة وطنه ولحمته الاجتماعية يتحقق عبر إحساسه بمكانته الشرعية وحقوقه الإنسانية المضمونة في نظام الدولة السياسي والإداري أولا .
من هذا أبيح لنفسي الجزم بأن مشروع قادم للسلطة السياسية في العراق بعد حطام الكارثة التي سببتها سياسات حكم البعث ودكتاتورية صدام حسين أن لم تكن مشروعا ديمقراطيا لدولة تؤمن بالتعددية وحرية الرأي والتداول السلمي للسلطة وتضمن وتؤكد حقوق الإنسان .فأنها سوف تدخل شعبنا في دورة جديدة من متاهات لا حصر لها تكون وقائعها أشد أيلام ومرارة على شعبنا الذي ذاق الأهوال وإترع بالخيبات.



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أيا دمعتي لا تتوقفي
- الى الأعزاء في صفحة الحوار المتمدن
- من يحرز الهدف الذهبي في الوقت الضائع
- معارك الطواحين المرادية
- في رثاء سحلية منقرضة - رد على مقال السيد باقر إبراهيم
- بعض من الشأن العراقي


المزيد.....




- فيصل بن فرحان يعلن اقتراب السعودية وأمريكا من إبرام اتفاق أم ...
- إيرانيون يدعمون مظاهرات الجامعات الأمريكية: لم نتوقع حدوثها. ...
- المساندون لفلسطين في جامعة كولومبيا يدعون الطلاب إلى حماية ا ...
- بعد تقرير عن رد حزب الله.. مصادر لـRT: فرنسا تسلم لبنان مقتر ...
- كييف تعلن كشف 450 مجموعة لمساعدة الفارين من الخدمة العسكرية ...
- تغريدة أنور قرقاش عن -رؤية السعودية 2030- تثير تفاعلا كبيرا ...
- الحوثيون يوسعون دائرة هجماتهم ويستهدفون بالصواريخ سفينة شحن ...
- ستولتنبرغ: -الناتو لم يف بوعوده لأوكرانيا في الوقت المناسب.. ...
- مصر.. مقطع فيديو يوثق لحظة ضبط شاب لاتهامه بانتحال صفة طبيب ...
- استهداف سفينة قرب المخا والجيش الأميركي يشتبك مع 5 مسيرات فو ...


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فرات المحسن - السلطة … الديمقراطية