أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات المحسن - بغداد …أنهم يريدون أحراقها















المزيد.....

بغداد …أنهم يريدون أحراقها


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 383 - 2003 / 1 / 31 - 04:31
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


 

 

لازالت المعركة في طورها السياسي رغم أن الاستعدادات العسكرية تعدت أشواطا بعيدة وأصبح الجميع بحكم الجاهزية.
بعيدا عن طرفي الشد الظاهرين فأن جبهة القوى السياسية الظاهرة والمخفية لازالت تحشد وتأمل في انتزاع قرار يوازن الأمر ويبعد العالم عن التداعيات غير الحميدة لو حصلت الحرب .ورغم الاستقلال البادي على عمل هذه القوى لكنها تبدوا في نهاية المطاف ميالة للمفاضلة بين إستراتيجية مصالحها ومواقفها المعلنة.ولذا تراها تندفع في النهاية لتصبح جزأً لا يتجزأ من عمليات المساومة الواسعة والمتشعبة.
هذه الإشكالية تذكرنا اليوم بالساعات السابقة لإصدار قرار مجلس الأمن المرقم 1441 الخاص بعمليات التفتيش ونزع أسلحة الدمار الشامل العراقية .جميع الأطراف بآرائها المتباينة والمتشددة وبالذات القوى الرئيسية في مجلس الأمن وأيضا الاتحاد الأوربي التي بدت أنها تشكل مجموعة اعتراض صلدة مضادة لتوجهات الإدارة الأمريكية حينذاك، والتي وقفت بالضد من إصدار قرار لتضيق الخناق على صدام حسين وفق مشيئة الإدارة الأمريكية، قدمت في النهاية موافقتها الجماعية على محتوى القرار التي أعدته الخارجية الأمريكية بالذات.نتيجة التصويت تلك جاءت دون مفاجآت وأظهرت قدرة الإدارة الأمريكية الفائقة لحلحلة تشدد تلك الأطراف ودفعها لخيار الاصطفاف في جبهتها ومقاربة رغباتها.لتظهر النتائج الأخيرة مدى تماسك التحالف الدولي بشقيه العسكري والاقتصادي ويعاد تشكيل خرائط المتحاربين استنادا لإرادة قائد الحملة بالذات.
تكاد اللوحة اليوم تفصح عن ذات الألوان التي سبقت القرار 1441 وأن جميع الأطراف تحاول تشكيلها على ذات المنوال السابق ضمانا لمصالحها وتساوقا مع شراكاتها في التحالف الدولي ،ولكن الجديد في الأمر يتمثل بإضافات مختلفة قليلا عن الأمس. فحشد الاعتراضات الشعبية ضد الحرب بات يقلق حلفاء الأمريكان ويدفعهم لتطوير اعتراضاتهم وتوصيفها بما يلائم مزاج الشارع. ومحاولة للنأي بعيدا عن إستراتيجيات تصعيد التوتر التي يحبذها طاقم الإدارة الأمريكي .أيضا فالأزمة طرحت حلول جانبية تدفع لأبعاد خيار الحرب .ورغم أن تلك الرؤى جاءت متأخرة ولكنها أعطت لبعض الأطراف وبالأخص بلدان الإقليم المحيط بالعراق بصيصا من أمل في نهاية نفق مظلم،وشيء من الإحساس بإمكانية تطويق الأزمة على قدر العزم.واحدة من تلك الحلول  تنحي الرئيس العراقي أو تشجيع قيام انقلاب عسكري يحفظ التوازنات داخل العراق والإقليم وبما هو عليه الآن.لكن الإدارة الأمريكية غير معنية بتلك الحلول أن لم تكن وفق صياغاتها. وهي جادة في تصعيد إيقاعات طبول الحرب ،وترمي بكامل ثقلها العسكري وكأنها ذاهبة لحرب عالمية. وما عادت تخشى من الإفصاح عن الأهداف المرجوة من احتلال العراق باعتباره مفتاح المنطقة وفرصة احتلاله توفر الكثير للتغيير في الخريطة الجيوسياسية  للإقليم .
يبدوا أيضا أن الإدارة الأمريكية ضمنت بشكل فاعل تطابق تقرير المفتشين الدوليين وعمليات التفتيش داخل العراق مع تصوراتها ورغباتها ليتماثل في نهاية المطاف مع السيناريوهات المعدة سلفا عن المعركة المقبلة.فالتقرير الذي قدمه السيد بلكس دفع الأمر باتجاه الخيارات المفتوحة مع دعوة خجولة لإعطاء فسحة إضافية من الوقت للجان التفتيش.الخيارات المفتوحة بالذات ما تريده الإدارة الأمريكية لإكمال حشدها العسكري بالكامل لحين حلول ساعة الصفر. وهي قانعة بسيطرتها على مجريات الأمور ومن غير الجائز للكثير من الحلفاء التغريد خارج السرب وبالضد من مصالحهم الاقتصادية والسياسية .وفي هذا الجانب فأن الولايات المتحدة الأمريكية لا تألو جهدا في التشاور مع حلفائها لإقناعهم بمعاييرها عن الأزمة في العراق وكذلك مناطق التوتر الأخرى في العالم. وهي في هذا المنحى تحاول تعزيز الروابط الإستراتيجية لجبهة الرأسمالية العالمية.فرغم التصريحات النارية التي أطلقها وزير الدفاع الأمريكي رامسفيلد عن أوربا القديمة فأن الأمر لم يتعدى اليومين تم خلالهما امتصاص الصدمة دون ضجيج أو تداعيات .وعلى مستوى هذه المساومات والضغوط فأن الإدارة الأمريكية تبدوا دائما راغبة في مجاراة حليفاتها ولكن ضمن شروط وتصورات تخرج من كواليس أدارتها .وعلى هذا المنوال يمكن النظر الى أن موافقة الولايات المتحدة على تمديد فترة عمل المفتشين يكون ضمن سقف استعداداتها العسكرية وليس توافقا مع شروط الحلفاء وغيرهم من الأطراف.وأيضا على قاعدة أن على العراق وليس المفتشون، الكشف عن مخزون السلاح التدميري الذي يملكه وهذا أيضا يجعل الآمر خيار مفتوح لن يؤدي بالضرورة لدرأ الحرب.
لو ابتعدنا عن تصريحات طاقم الإدارة الأمريكية وذهبنا لمراقبة بعض المجسات الشديدة القرب من الأزمة نرى أن أحدها وهو الملك الأردني عبد الله الثاني يطرح الوجه الأشد قتامة للمعضلة.العاهل الأردني يجزم بأن فرص السلام باتت معدومة وأن الوقت ما عاد يسمح باقتناصها.التصريح هذا ربما بني على قاعدة  أن جزأ اللوحة الظاهر لدى العاهل الأردني أكبر مساحة مما يظهر للآخرين وهو القريب جدا من كواليس الإدارة الأمريكية وخفاياه.وعودا الى مؤتمر استنبول فأن الرسائل الخفية التي وجهت الى أطرافه كانت تحمل بين طياتها الكثير من الإشارات التحذيرية عن المحظورات الواجب عدم التقرب منها في بحث مثل هذا الشأن. ولذا فأن الخلافات سبقت المؤتمر وظهرت على أشدها في أروقته وخرج المؤتمرون ببيان ضبابي أهملته الصحافة قبل أن يهمله المؤتمرون أنفسهم .ولكن البيان أكد نقطة مهمة تمنح الولايات المتحدة الأمريكية الشرعية في توجهها الساعي للحرب وتلك النقطة هي مطالبة الجانب العراقي بالتعاون الجدي مع المفتشين .أي طرح الكرة في ملعب الحاكم العراقي دون التعرض لأضرار الحرب أو إمكانية معالجة الأزمة بطرح حلول لها وفق ما أبداه الأتراك والسعوديون قبل انعقاده رغم أنهم تكتموا على تلك الحلول وارتعبوا من طرحها للعلن.كانت أجواء المؤتمر تحمل تساؤلات كثيرة عن قدرة دول الإقليم على أخذ المبادرة وتبني خيار منطقي يبعد شبح الحرب عن الشعب العراقي .ولكن الظاهر أن لاجامع كان يجمع تلك الأطراف غير الخوف من السقوط المدوي لحاكم بغداد وحدوث تداعيات تجلب الكثير من المصاعب لهم ولا يمكن السيطرة عليها .الوحيد من المؤتمرين والذي قدم إليه مطمئنا هو الجانب الأردني وليس غيره ولأسباب تتعلق أغلبها بتركيبة نظام الحكم وارتباطاتها بإستراتيجيات السياسة الأمريكية.
في جبهة الحكم العراقي فأن المفاضلة حسمت وأن صدام حسين أختار التسليم بالقدرية ودفع العراق والعراقيين قسرا لخيار الانتحار الجماعي باستدراج فكرة مضللة لتعميمها على العراقيين  (بأن الموت يليق بشخصية مقاومة تخلد وليس بشخصيات تختار الاستسلام في المنازلات!! ) وهو يذهب لاستعارات تاريخية ودينية مؤولة ومضللة ليمهد لذلك. ويضع جميع أشكال الأزمة وتداعياتها على عاتق الشعب العراقي والأمة العربية والإسلامية. وفي تلك الاستعارات يرغب الطاغية أن يرفع من همم حاشيته متناسيا أن فترة الأثني عشر سنة ما بعد غز الكويت كانت امتحانا عسيرا ليس فقط للشعب العراقي وإنما أيضا لمؤسسات السلطة وبالذات المؤسسة العسكرية. وأن هذه الفترة كانت كافية لوضع الآسفين بينه وبين كافة تلك المؤسسات وأيضا أبناء الشعب العراقي .وأظهرت أن سلطته من الهشاشه والخوف والاختلال ما بات ينفع معها الترقيع. وأنه بالذات يدرك أن تلك الاستعارات وبكامل اعوجاجها هي خياراته لوحده وأن الجميع في العراق ينتظر لحظة سقوطه النهائي مع أجهزته التي وزعت حصص القتل والعذاب بنسب متساوية على كافة أطياف العراقيين.
الحديث عن انتحار المغول الجديد على أبواب بغداد والقتال من بيت الى بيت وتمنيات أخرى تنخر عقول المهزومين لا تتوازن مع مجريات الوقائع على الأرض وبالأخص أن خرجت تلك التقولات من فم الحاكم وحاشيته وبالذات نائبه طارق عزيز الذي أطلق قبلها تصريحه المدوي قبل شهر من الآن وأعلن عن ندمه المتأخر جدا ،كونه دخل عالم السياسة وهو الفنان غاوي الموسيقى والرسم.لغة الهزيمة تملأ حناجر أهل الحل والربط في جهاز الحكم الفاشي في بغداد ولها من الدلالات الكثير.ولكن مقولة الطاغية عن انتحار المغول الجديد على أبواب بغداد تذهب الى دالة جديدة ومن نوع آخر .فما مغزى استعارته تلك وما يعنيه الطاغية في ترديدها المستمر ؟.هذا ما يفصح عنه سيناريو المعركة القادمة المتخيل والذي يرسمه أبن الطاغية عدي في جريدته بابل .يكشف عدي بالتحديد تصورات القيادة العراقية عن سير المعارك وجبهاتها . يشير السيناريو الذي نشر في جريدة بابل على شكل مقال باسم أبو سرحان وهو الاسم المستعار الذي يكتب به عدي صدام أغلب مقالاته، الى جبهات القتال المفترضة حيث يؤكد على أن المعارك سوف تبدأ بإنزال برمائي في جبهة الفاو ثم تنشطر القوات على شكل رتلين باتجاه مدينة العمارة والآخر نحو مدينة الناصرية حيث يلتقي برتل قادم من البصرة ثم ينتقل السيناريو برشاقة لتحديد حجم تفرعات الهجوم البري للقوات الأمريكية والمتحالفة معها وبالأخص في محوري مدينتي كركوك والموصل ويحلل القوى الفاعلة المحلية والإقليمية الساندة للهجوم. فيقول أن في حالة تدخل الأتراك فسوف يترك لهم محور الموصل ولن يسمح الأمريكان للأكراد بالسيطرة على كركوك.ويوزع السيناريو محاور المعارك على الجبهة الغربية فيشير الى تقدم الغزاة واحتلالهم محافظة صلاح الدين وفي المقدمة منها مدينة تكريت.
هذا السيناريو لا يتحدث أو يخلوا من أية ذكر أو تصور لمقاومة ما أو دفاع عن مدن العراق الأخرى عدا بغداد وإنما يذهب حاله حال الخطاب التضليلي المضحك والمجتر للنظام الى الحديث عن الشعب الأبي ،قوى الجماهير وحزبها القائد، ،القائد الميمون الذي تلتف الجماهير حوله، والذي سوف يقودها الى النصر المؤزر، وسوف يوقع بالأعداء أكبر الخسائر . ثم يعود الى نفس نغمة أبيه صدام حسين للحديث عن أن المعركة سوف تحسم في محيط بغداد ويدحر المغول الجديد على أبوابها.أذن القيادة العراقية وضعت نفسها في خانق وهذا أول سقوط وتعثر في سير المعارك .ولكن لمَ تضع القيادة العراقية ذلك الحل وهو التخندق في أسوار بغداد وترك ساحات المعارك المفترضة الأخرى في طول العراق وعرضه  . أن خياره في التحصن  ذلك لم يأتي بحسن نية أو تقدير تعبوي غير صحيح أو سؤ إدارة مثلما يظهر عند بعض المحللين العسكريين. وإنما يأتي من الحقائق التي تشير الى أدراك القيادة العراقية وبالذات صدام حسين أن المعركة غير متكافئة بكافة المقاييس. وأيضا فأن تجربة الانهيار الكبير الذي حل بالجيش العراقي مع بدأ الهجوم البري لقوات التحالف في حرب تحرير الكويت عام 1991 لازالت تتفاعل بأحداثها في داخل قيادات الجيش العراقي فما بالك عند الجندي العراقي الذي لا يملك أبسط الدواعي والحوافز للدفاع عن النظام . وعليه فأن صدام يرى أن الحل يكون في استعارة التأريخ والدفاع عن مفهوم القدرية المفروضة على شخصيات ( تاريخية أسطورية) يتم فيها صناعة الأبطال ثم تخليدهم .نمط أفكار غير سوي ولكنه يعشش بين طيات دماغ ذلك المعتوه المهووس بمرض العظمة وصناعة الملاحم النيرونيه.وفي ذلك فأن الطاغية يوجه دعوة صريحة للأمريكان لمحاصرة بغداد كي يصنع ملحمته التي يشتهي، وينفذها بواسطة أذرع بطشه ويجبر العراقيين على قبولها قسرا .ولكن في خطاب السلطة هذا تنفتح أيضا الاحتمالات الأشد أيجاع لها والتي تحاول دائما أيجاد السبل للسيطرة عليها ومواجهتها .الحلول المقدمة لهذه الاحتمالات تظهر فزع السلطة وهشاشتها أكثر مما تعني السيطرة الفعلية والقدرة على تداركها أو التخفيف من حدتها .فالسلطة تواجه احتمال الانهيار المفاجئ لسواتر الدفاعات عن بغداد أو استسلامها .وكذلك احتمال قيام انتفاضة داخل العاصمة تقودها الأطراف المهمشه. ومعالجات السلطة تأتي بزيادة الضغوط وشدة المراقبة واستعمال التهديد والوعيد لمن يفكر في الخروج من داره أثناء فترة الهجوم .وقامت عمليا بوضع جميع سكان العاصمة تحت طائلة العقوبة لو فكروا في الخروج من العاصمة .وأعطيت الأوامر لنهب البيوت الخالية من سكانها. إما الجانب العسكري فقواد الوحدات في تنقل دائم والصلات بينهم مراقبة والأعتقالات على الشبهة تتم يوميا.
على الجبهة الأخرى فأن الإدارة الأمريكية تتحسب لكافة الاحتمالات ومنها تحصن الطاغية في محيط العاصمة.الخطط المعلنة تتحدث عن رشقات أولية لصواريخ ( كروز ) تتعدى الـ(400 ) صاروخ يوميا وبدفعة واحدة يصاحبها قصف كثيف من الطائرات والمدفعية على أهداف منتخبة وجولات من القتال البري الذي تقوده طائرات الأباشي .خطة المعركة التي أطلق عليها تسمية ( الصدمة والرعب )  تعلن عن استعمال أسلحة جديدة فتاكة يتم تجربتها لأول مرة ويتم خلالها محاصرة القطعات العسكرية العراقية في مناطق قتل مختاره لتحييدها أو أبادتها.تعتقد القيادة الميدانية الأمريكية أن مقاومة الجيش العراقي تعني أن مدة القتال ربما تزيد على الشهر في أقصى الاحتمالات ولذا فهي تعمل منذ الآن على الحسم وتقليص الفترة تلك من خلال الضغط الإعلامي لإيصال الطرف الآخر الى نقطة انعدام الوزن ثم الانهيار عند الشروع في الهجوم.ومع كافة السيناريوهات والاحتمالات فأن هناك جناح ضمن صقور الإدارة الأمريكية يفضل وضع تصور حاكم العراق في الدفاع فقط عن بغداد على لائحة الأولويات في خطط المعارك كخيار فعال لإدارة معركة من نوع جديد لم تألفه القوات الأمريكية منذ زمنا طويل يضمن لها تمرين فعال لحصار مدينة متعددة الأطراف وكثيفة السكان ( تعداد العاصمة أكثر من خمسة ملايين نسمة) وفي هذا الجانب أعدت هيئة الأركان الأمريكية سيناريو الحصار يتم وفقه إذلال العراق والعراقيين إذلالا تاما عبر تلبية طموح صدام حسين بدخول التأريخ من خلال خراب العراق وتدمير بغداد على شاكلة ما فعله المغول.
وفق سياق السيناريو المجرم الذي أعدته بعض أطراف القيادة العسكرية الأمريكية لحصار بغداد تتوارد نتف عن الطرق الواجب أتباعها في هذا الجانب .تقول بعض المصادر إذا لم تستسلم قوات الحرس الجمهوري والقوات الخاصة في مرحلة مبكرة من الحرب فأن الحرب تلك قد تحسم في شوارع العاصمة بغداد .وهذا السيناريو يلاقي استحسان شديد من لدن منظرين عسكريين كثر حتى من خارج الإدارة الأمريكية.وجميع الدراسات المقدمة تفترض حسم المعارك ضمن أيام معدودة في طول العراق وعرضه .وهي مطمئنة من الإجراءات المتخذة وتهيئة ساحات المعارك خاصة بعد أن أسس الجيش الأمريكي قواعد ثابتة ومتحركة على الأراضي القريبة من العراق وفي أماكن تماس حساسة ( كردستان ، الحدود التركية ، أج ثري قرب الحدود الأردنية وأيضا الحشد الكثيف على أرض الكويت وفي جزيرة فيلكه وعمق الخليج ).
تعتبر بعض الأوساط في البنتاغون أن سيناريو اقتحام العاصمة بغداد أشبه بكابوس بالنسبة لواشنطن .والإدارة الأمريكية تنتقي وتختبر جميع الآراء القادمة لها من أطراف عديدة ومؤثرة والتي لها تصورات عن ساحة المعارك المقبلة.يقول وليام هوبكينسون من المعهد الملكي للشؤون الدولية في لندن ـ إذا كان الأمريكيون حكماء فأنهم سيسعون الى تجنب دخول العاصمة بغداد تماما لأن الخسائر ستكون مرعبة. ويقول الكولونيل المتقاعد وليام تايلور المدير السابق لدراسات الأمن القومي في الأكاديمية العسكرية الأمريكية في وست بينت ـ أنه من المتوقع ألا تدخل القوات الأمريكية بغداد وربما تضرب حصارا حولها .ويذهب جازما ـ أنهم سيحاصرون بغداد ـ ثم يتكلم بضمير الجمع ـ سنراقبها ليل نهار .كل شيء يتحرك في بغداد أو يخرج منها سيخرج بأذننا وإذا لم يحصل على أذننا سنراه وسنقتله.ويعود تحذير آخر من عدم التورط والدخول الى العاصمة من خبير آخر ـ أن مسلحا ببندقية كلاشنكوف يعرف الأزقة الخلفية والأبواب المفخخة لديه فرصة جيدة في مواجهة الغازي ـ أن المدن تبتلع القوات المهاجمة بسرعة وغالبا تعزلها بعضا عن بعض ـ ثم هناك الجموع الهاربة غير المحاربة والمتعثرة في مرمى النيران وعدم إمكانية تحديد المقاتلين بوضوح .وأكوام الأنقاض التي تعرقل التقدم وأيضا خطر التعرض للهجوم بأسلحة كيماوية وبيولوجية. أن مثل هذه التحذيرات تستدعي الميل لجعل خيار الحسم يصب في صالح أجراء حصار بغداد وتأخير سقوط صدام ليتماثل الأمر مع رغبته في إحراق وتدمير العاصمة .
الجانب الأمريكي الملوح بالقنابل النووية أو ما يماثلها بالقوة يميل الى تطويق العاصمة وإعطاب مصداتها وتخريب مرافقها المدنية بحجة أن مسئوليها سوف يقاتلون حتى الموت مثلما يقول الجنرال الأمريكي باري مكفري الذي يتصور أن هؤلاء المسؤولين والضباط سوف يقولون (هؤلاء الغزاة سيشنقونني إذا استسلمت ).
أن حصار مدينة بغداد يعني للجيش الأمريكي دروس جديدة أو إضافية لحصار مدينة كثيفة المباني والسكان وخطط حصارها واقتحامها يتجاوز تجربة خطط كلاسيكية تتحدث عن حصارات جرت لمدن أخرى أثناء حروب سابقة.والمهم في الآمر تقديم درس فعال وبشكل شيطاني سادي لقوى الشعب العراقي عن أهمية الانصياع لرغبات المنتصر بعد سقوط صدام. وإشارات ذات منافع جمة لإرهاب باقي الدول أن هي فكرت في الخروج من بين أذرع الأخطبوط الرأسمالي والمخططات الأمريكية.
أذن أن طرفي الجريمة رغم اختلاف المدلولات والأهداف يلتقيان على ذات القاعدة والرغبة لتدمير العراق وبالذات بغداد. ولكل منهم مبرراته الوحشية .أما الشعب العراقي فسيكون وقود تلك المعارك . ولكن هناك في الأفق  أمل كبير في أن تظهر عوامل حسم تخرج اللعبة عن مساراتها المرسومة في اللحظات الحرجة، وتقلب كل التوقعات والمعادلات على الأرض حينما يخرج المارد من القمقم ويكسر الطوق .وهذا المشهد  وفي أشد الصور كلاحة وسواد يبرز كخيار قائم يلوح في الأفق القريب ويخشاه ويتهيأ له طرفي الجريمة. خيار الانتفاضة الجديدة تبشر به جميع الوقائع في أرض الرافدين اليوم. حيينها سوف ينتفض الشعب العراقي ليسجل ملحمته الجديدة ويحبط رغبة الطاغية  في جره قسرا نحو الانتحار الجماعي .ويجهض فكرته ورغبته النيرونيه المجرمة  في إحراق العاصمة .

 

 



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جريمة ودعوة للتطهير العرقي
- السلطة … الديمقراطية
- أيا دمعتي لا تتوقفي
- الى الأعزاء في صفحة الحوار المتمدن
- من يحرز الهدف الذهبي في الوقت الضائع
- معارك الطواحين المرادية
- في رثاء سحلية منقرضة - رد على مقال السيد باقر إبراهيم
- بعض من الشأن العراقي


المزيد.....




- -عليك الذهاب للمفتي-.. وزير الطاقة السعودي يثير تفاعلا برد ع ...
- السعودية.. جمله قالها محمد بن سلمان لمحمود عباس باللقاء كشفه ...
- من الصين إلى إسبانيا.. زوجا باندا يصلان إلى منزلهما الجديد ف ...
- المتحولون جنسيا يحظون بدعم جديد من إدارة بايدن
- البرهان: لن يحلّ السلام في السودان إلا بعد خروج -الدعم السري ...
- بولندا تنشر قواتها قرب حدود روسيا في إطار مناورات عسكرية مع ...
- يحتوي على كهوف وأنفاق مرعبة.. اكتشاف أعمق ثقب أزرق تحت الماء ...
- تفريق تظاهرة ضد مشروع قانون حول -التأثير الأجنبي- في جورجيا ...
- كريم خان.. الوجه المراوغ للعدالة الدولية
- لماذا محمد بن سلمان ضمن أقوى 5 قادة في العالم؟.. تقرير يثير ...


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - فرات المحسن - بغداد …أنهم يريدون أحراقها