أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فرات المحسن - البحث والتوثيق لأسلحة الدمار الشامل الداخلية















المزيد.....


البحث والتوثيق لأسلحة الدمار الشامل الداخلية


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 496 - 2003 / 5 / 23 - 02:49
المحور: اخر الاخبار, المقالات والبيانات
    


 

أنتاب العالم هوس أسلحة الدمار الشامل .ربما عدت  نثارات من قنابل أو حشوات سهلة الاستخدام لكن  ضحاياها تكون أعداد كبيرة من البشر.أسلحة مرعبة ومدمرة لا يمكن الحد من خطورتها أو السيطرة عليها. أكثر تلك الأسلحة سهلة التصنيع ولا تحتاج لمصانع كبيرة ويمكن أعدادها في البيوت إذا اقتضت الضرورة .
من أين جاءت الحكمة المتأخرة للولايات المتحدة، كي تكتشف بعد جهد جهيد أن أسلحة الدمار الشامل هي رعب البشرية اليوم ،وهي واحدة من أهم الدول التي استخدمت وروجت لتلك الأسلحة.دائما كانت تسعى لتعميم خيارات الرعب بكل ألوانه وأحاطت العالم بسور من الخوف الدائم والرعب المستمر .ليس هناك شك أنها شجعت وأدامت وعممت خيارات الجريمة تلك.نعم أنها تسعى لتسيد العالم بحجج تضليلية وقباحات لا تنكرها الوقائع لو انصفنا التقصي والبحث .أثام كبيرة لا يمكن إحصائها. هي ما تحويه جعبة الولايات المتحدة ،وتهبه دائما بسخاء لخصومها.
الولايات المتحدة لها أجنده واسعة تريد عبرها طمأنة مصالحها ومصالح حلفائها. وتلك المصالح تحمل من الشرور والهمجية الكثير .ولم تبخل على كثير من شعوب العالم هبات الآلام والقسوة والجرائم والفواجع التي لا يمكن إحصائها .لم تكن الولايات المتحدة في سعيها الدؤوب لتعميم نموذجها السياسي الأقتصادي غير قافلة من الموبقات التي تبيح أساليب الخسة والوحشية.
منذ حرب الخليج الثانية تصاعدت وبشكل فجائي حدة الخوف من انتشار أسلحة الدمار الشامل .بالتحديد ما كان يمتلكه نظام صدام حسين.جاء ذلك الخوف على أثر تهديدات مشكوك فيها وجهها المقبور صدام الى إسرائيل .وبالمعنى الحرفي لكلمة تهديد فأن ذلك يعني تهديدا حقيقيا لمصالح الإدارة الأمريكية والصهيونية .عتم في ذات الوقت على ما تقدم من تهديدات صريحة وجهتها إسرائيل الى العراق. وقبلها كان هناك تطبيق عملي للتهديد تمثل بتدمير المفاعل النووي العراقي من قبل إسرائيل أثناء الحرب العراقية الإيرانية.
شيء من الالتباس له من الدلالات الكثير .لا يمكن معه إخفاء حقيقة اللعبة الأمريكية في المنطقة والعلاقة الإستراتيجية المتكاملة بين أجزاء إدارة المشهد. في هذا تحضرنا أيضا المساعدات الكبيرة في التسليح والأعلام وأيضا الخطط والهبات التي منحتها الإدارة الأمريكية لحليفها المقبور صدام حسين خلال فترة حكم حزب البعث.وليس هناك ما يخفى من المشهد التضليلي الذي درجت عليه الإدارة الأمريكية في سعيها لطمس العلاقة التي كانت تربطها بنظام صدام حسين. وليس أدل على ذلك غير موقفها من أحداث مجازر حلبجة والأنفال وأيضا المجازر التي ارتكبت بحق سكان الأهوار والمنطقة الجنوبية على العموم .تلك العلاقة التي بنيت على أسس تعميم الجريمة وطمس معالمها من أجل توطيد علاقة تطمئن مصالح الولايات المتحدة .
نهاية حرب الخليج الأولى كانت نهاية لعبة مخاتلة ومصالح آنية بين طموح شخصي منفلت ونزوع شرير نحو توكيد سطوة وشهوة الحكم ومحاولات دؤوب لإجبار الحلفاء والخصوم للانصياع  لرغبات جموح لا تحدها معالم، تماثلت في شخصية المقبور صدام حسين. وبين أجنده تذهب في رسم صورة متكاملة لمشروع واسع يرتكز على ضلعي المثلث إسرائيل والنفط و قاعدته الثابتة الولايات المتحدة الأمريكية، تستوعب فيه كامل المنطقة .تلك النهاية للمواددة  كان من المفترض لها أن تظهر مبكرا بعد الانسحاب العراقي من الأراضي الإيرانية .غير أن اللاعب الإيراني كان أشد حيطة فيها وأكثر حزما في فرض خياراته عليها وعلى سياق الأحداث.لذا استمرت الحرب تأكل أعداد البشر برغبة جموح من جميع أطرافها ولاعبيها ووفق تداخل وتقاطع أجندتهم .
في أغلب الأوقات ظلت مأساة العراقيين شأنا داخليا لا يتسنى للآخرين الاقتراب منه دون الأخذ بمحاذير كثيرة .لوحة شائكة من تداعيات واستحكامات تفرض في شأن ملتبس له من الخصوصية الكثير. وبحسب سعة التشكيلة  الطائفية والأثنية العراقية وأمتداداتهما في الإقليم. وأيضا تأثيرات ثقل العراق الأقتصادي والسياسي في العالم.من العسير أن تتمكن رؤية أو رهان منفرد من فرض خياراته على مشهد المأساة العراقية دون أن يطالها شرر تلك التداعيات والإرهاصات.
لحد هذه اللحظة وبعد سقوط الدكتاتورية تجد الكثير من دول الإقليم أن خيار اللعب من وراء الكواليس خيارا مستطابا، يجنبها الدخول في المحذور الذي ربما يكلفها ما لا يحمد عقباه. وتحرص دائما على إعطاء صورة عن مساعيها (الخيرة !!) في هذا المجال.بذات الوقت فأن الإدارة الأمريكية ترغب أن تدار المعركة السياسية الاقتصادية من خلال أصابعها وبأحكام ،وعلى الآخرين الانصياع بالكامل لتلك الرغبة. وإذا كانت هناك هواجس لدى البعض فمن باب أولى و قبل البحث والاستقصاء الانخراط في المشروع الأمريكي.
ضمن ما سمي الحفاظ على خصوصية الشأن الداخلي العراقي تجنبت البلدان المجاورة خيار التدخل المباشر في ذلك الشأن وبالأخص فيما يجري من خروقات وجرائم ضد الإنسان يقترفها النظام. ولكن الأكيد أن ذلك جاء وفق مسلمة التشابه والتطابق بين ما يجري داخل أنظمة تلك البلدان وشبيهاتها من أجهزة الإدارة في النظام الفاشي  العراقي رغم تفاوته النسبي .وأيضا ما يفرض من ضغوطات عليها عبر ارتباطاها أو تقاطعاها مع المشروع الأمريكي.أما الشعوب فأختارت التفرج أو المشاركة على المذابح التي يقترفها النظام ،وفق مسلمة لا يؤلم الجرح .... مادامت بعيدة عن تلمس الوجع العراقي . ووفق عاطفة ضرورة القصاص من الرافضة والأكراد عبر صياغات العلاقة القومية  و الطائفية، أو العكس، نصرتهم في تلك المواجهات على ذات الخلفية.وهذا الالتباس أضاع حقوق باقي الطوائف في الهبات الجرمية التي وزعتها الفاشية على أبناء الشعب العراقي بالتساوي.
تلك الخيارات وغيرها فرضت إحداثيات سياسية تلجم الجميع لو أرادوا المشاركة في الشأن العراقي دون الأخذ بها والتعامل معها بمنتهى الحساسية والدقة والحذر.ومن هذا نجد أن جرائم النظام الوحشية وما طال العراقيين من قسوة وتعذيب وهمجية لازالت دول الجوار وأكثر بلدان العالم ولحد هذه اللحظة ،تتعامل معه بشيء من اللامبالاة والمحدودية بالرغم من إن المكتشف اليوم يبدو في مصاف عجائب الدنيا السبع.
بذلت الإدارة الأمريكية جهودا كبيرة للوصول الى مرحلة إقناع العالم بوجود أسلحة دمار شامل لدى النظام العراقي وبأن ذلك يعد تهديد فعلي للسلام والأمن الدوليين. ولم تألوا جهدا في سحب المجتمع الدولي وراء ادعاءاتها بعدم خلوا العراق من تلك الأسلحة. حتى بعد جولات من التفتيش الواسعة التي قام بها فريقي التفتيش برئاسة السويدي بلكس والمصري البرادعي .مما شكل مشكلة حقيقية فرضت ضلالها على العلاقات الدولية وأحدثت الكثير من الأنشقاقات والشروخ.
لغرض إثبات ضرورة الذهاب للحرب ونزع أسلحة الدمار الشامل العراقية قدم وزير الخارجية باول شروحا لم يثبت صحتها.  سانده في هذا الباب رئيس الوزراء البريطاني حين قدم تقريرا بالأرقام والثبوتات تشير الى امتلاك سلطة صدام، أسلحة دمار شامل وتقوم بخروقات منظمة وفضة وتعسفية لحقوق الإنسان.
في خطبة الرئيس الأمريكي داخل مبنى الأمم المتحدة والتي اعتبرت مؤشرا لسعي الولايات المتحدة الحقيقي للذهاب الى الحرب. أشار الرئيس بوش الى مسألة الخروقات الفجة والبشعة لحقوق الإنسان التي يرتكبها النظام العراقي .بعد تلك الخطبة وعبر تصريحات رجال الإدارة الأمريكية تراجعت مسألة حقوق العراقيين الإنسانية الى المشهد الخلفي وركز على مشكلة أسلحة الدمار الشامل .هذه المسألة ربما هي من أكثر الأمور التي تستطيع الولايات المتحدة أن تحشد العالم الغربي حولها .فهي ذات مساس مباشر بحلفاء الولايات المتحدة وبالذات إسرائيل والتي لا يمكن التهاون بها أو التعامل معها وفق سياقات تقليدية.ركز محتوى خطاب النازعات السياسية بين دول مجلس الأمن وكذلك الهيئات الدولية والعربية على وجود أسلحة الدمار الشامل وتغاضى الجميع عن الجرائم الأخرى البشعة التي يقترفها النظام الفاشي في العراق.كانت فرنسا وروسيا والصين وأيضا الجامعة العربية وأغلب الدول المنتمية إليها تود حصر الموضوع بأسلحة الدمار الشامل وأبعاد حقوق العراقيين الإنسانية قدر الإمكان الى الخلف وجعلها شأننا داخليا يتعلق بسيادة الدولة العراقية ووضعها القانوني الدولي الذي لا يجيز التدخل به وفق معاهدات ومواثيق الأمم المتحدة والجامعة العربية.واشتركت في هذا الأمر أيضا هيئات إنسانية وحقوقية.
أسلحة الدمار الشامل لا تحتاج الى تعريف أو توصيف فهي أسلحة تستخدم لإبادة مجاميع من البشر أثناء المنازعات والحروب وأيضا يمكن تسربها الى شلة من مهوسي القتل لاستخدامها ضد الخصوم المحتملين.وهي ذات خواص فتاكة تسبب القتل الجماعي السريع وتوصف بخواص كيميائية أو جرثومية  شديدة الفاعلية والتأثير .ربما أن هذا التوصيف هو جزء من تقريرية باردة تستلب من القارئ قسوة المشهد أن لم يرافقه استعراض لعينات أجريت عليهم تلك التجارب. وللتحقق من بشاعتها فأن ذلك يحتاج لعرض بانورامي لساحة معركة طالت فيها أسلحة الدمار الشامل المقاتلين.كان التلفزيون العراقي يعرض تلك المشاهد على شاشة التلفزيون أثناء الحرب ضد إيران وقد بدت على جثث القتلى الإيرانيين تأثير تلك الأسلحة .لا أثر للدماء أو ثقوب الأطلاقات النارية .جثث متناثرة منطوية الأجساد مزرقة الوجوه أو شاحبة  وبعضها تنز من أفواهها وأنوفها سوائل.نفس المشهد نراه على وجوه الأطفال والنساء والرجال في أزقة حلبجة.والذي قامت أجهزة الحكم من جوار العراق بإهمالها أو التعتيم عليها بالرغم من أن تلك المجزرة تعتبر واحدة من جرائم العصر وعارا جديد للبشرية في نهاية القرن العشرين.
في لجة البحث عن تلك الأسلحة لازال السؤال ذاته مصدرا للتشكيك والإرباك داخل أروقة الهيئات الدولية باعتبار أن الشواهد لربما فيها الكثير من الالتباس.ولكن حين يقترب الأمر من صلب علاقته بترتيب أوضاع المنطقة ووجود إسرائيل ينط السؤال الأكثر إحراجا وريبة.والذي من الموجب أن يكون هو السبب الحقيقي وراء احتلال العراق.
هل لازال العراق يمتلك أسلحة دمار شامل ؟.
البعض يفضل الإجابة السريعة وباسترخاء مطمئن ، بلا.
 فالتفتيش الدولي وتقارير المفتشين تشير لعدم وجودها .البحث الذي أستمر منذ اليوم الأول من دخول قوات الاحتلال الأنكلوأمريكي ولحد الآن لم يعثر على أي دليل لمثل هذه الأسلحة.هناك عملية تضليل ومخادعة تقوم بها الإدارة الأمريكية لفرض شرعية على إجراءاتها وإعطاء صفة التكامل والربط بين عملية الاحتلال ووجود مثل تلك الأسلحة التي باتت تهدد البشرية ،وهذا ركن مهم يبحث عنه المجتمع الدولي لإضفاء الشرعية على الاحتلال ولملمة التداعيات والانقسامات التي حدثت من جراء اختلاف وجهات النظر في السعي لمعالجة الأمر بقوة السلاح وخيار الحرب أم بغيره.هذا الأمر يوحي عن عملية مبيته لطمر مستحقات كانت ولازالت تمثل أولويات الشعب العراقي وليس الآخرين بالرغم من كونها تتداخل مع مشكلة وجود أو عدم وجود أسلحة الدمار الشامل.
الذي أنجز من خلال سقوط الطاغية ونظام حزب البعث على يد الجيش الأنكلوأمريكي يحمل الكثير من المعاني والدلالات.والأشكال الحقيقي يمكن توصيفه بمواصلة أطراف دولية وعربية الإبقاء على موضوعة أسلحة الدمار الشامل  مشكلة دولية، والشأن العراقي يبقى داخليا .تلك الأطراف تحاول تجزئة الشأن العراقي ووضع بعضا منه في الجانب البعيد من الشأن الدولي. وتتعمد التعتيم عليه بوضعه في خلفية المشهد وليس جزأ مهما ومكملا لمغزى السقوط.وهناك أيضا هيئات وأفراد عراقيون ما فتؤو يعدونه شأنا داخليا عراقيا وليس من الضروري البحث فيه أو تقصي وقائعه ،والموجب إحلال أولويات الاحتلال وكيفية الوقوف بالضد منه ومحاربته منذ الآن والدعوة الآنية لرحيله .دعوة لها من المسميات الكثير يمكن تفسيرها باطمئنان الى شدة المسؤولية الوطنية والشعور بقدسية الوطن العراقي.ولكن البعض يقف بالضد من  هؤلاء ويشهر بهذا الشعار باعتبار أن المروجين له هم أزلام النظام وبقاياه وأيضا ممن يشار لهم من دعاة الحشد لتأسيس المشروع المروج لخنق باقي الأصوات والتطلعات الديمقراطية . أو ممن يرغب بفتح المشهد على أقصى تداعياته وأجتراح حرب داخلية تشرذم العراق وتوقع خسائر مهولة جديدة بالشعب العراقي.
في ذات الوقت يبقى من يرحب بالاحتلال.و في دوامة وضجيج البهجة والترحيب ذلك يزكى الاحتلال على علاته عبر الانغمار في المنجز من سقوط طاغية وحكم وحشي سام العراقيين مر العذاب، مهملين الجانب المهم في شأن الإستراتيجية العالمية للإدارة الأمريكية وسعيها الحثيث للسيطرة على العالم ومنطقة الشرق العربي بالذات .
بين الواجهتين ولجاجة الأحداث لا يمكن جسر الموضوعة أو أيجاد تجانس  في شأنها.وإذا كان من الممكن وضع الموقف الأول في احتمالات التطرف أو المراهقة السياسية أو عمالة لسلطة مقبورة أم مشاريع مشبوهة . فمن الجائز أن يواجه الآخرين بتهمة الخنوع والعمالة للأجنبي .أذن يحال المشهد الى ذات الالتباس الأول قبل الحرب.مع الحرب أم ضد الحرب والذي شطر العالم الى نصفين. وكان الجميع يملك ما يريد قوله ويغلق أذنيه على مبررات التخندق في هذا الجانب أم ذاك ،ليصبح النقاش مثل حوار الطرشان ..منً مع الحرب فهو يدعوا للمشروع الأمريكي، ومن يقف ضد الحرب فهو مناصر للطاغية المقبور.وكالدارج فأن هذا الأشكال وغيره الكثير سوف يبقى هاجس العراقيين ورغبتهم الكمون في التشظي والخصومة ورفض الإجماع. بالرغم من وجود الكثير من الأمور الأخرى الجامعة التي تحتاج بذل الجهد لكشفها ومعاينتها وتلمسها .
حقيقة الأمر وفي زخم الأحداث لا يمكن إطلاق التوصيف بكذا عجالة أو مسميات دون الأخذ بحراك الأحداث المتسارعة وبالسياقات غير المطمئنة التي تكتنفها.ومثل هذه النزاعات أفقدت العراقيين بهجتهم بالتخلص من اعتي وحش وأقسى جلاد عرفه التأريخ الحديث.وعبر الانغمار في هذه التوصيفات يبعد قسراً عن المشهد ما هو أشد خطورة من أسلحة الدمار الشامل (المعروفة و التقليدية) والمطروحة كمهمة بحث دولية. أسلحة دمار من نوع آخر.لحود تضج بها مقابر تنفرش في طول العراق وعرضه. خارطة من دم وعظام تمتلئ بها بلاد ما بين النهرين.
 أساليب التصفيات الجسدية والنفسية التي أستعملها النظام المقبور ضد أبناء الشعب العراقي عبر 35 سنة. تصفيات جسدية وتطهير عرقي وطائفي للخصوم من كل الاتجاهات طالت أحيانا حتى المقربين من دوائر الحكم.وكانت عمليات التصفيات الجماعية والفردية تمارس بشكل منظم ووفق سياقات من القسوة والوحشية لا يمكن احتسابها بغير جرائم إبادة كاملة استخدمت بها طرق وأسلحة غير تقليدية.
تصر الهيئات والمؤسسات والدول ما قبل الحرب وحتى بعدها على احتساب تلك الجرائم شأنا داخليا عراقيا من غير المحبب الخوض فيها أو عرضها وتوثيقها .
أن جهدت الولايات المتحدة على اعتبار أسلحة الدمار الشامل مقتصرة على الأسلحة الكيميائية والبيولوجية ومجموعة الصواريخ التي ممكن لها أن تطال حليفتها إسرائيل، فأنها قصرت وبشكل متعمد عن عرض وتوثيق أسلحة (دمار شامل) أستخدمها النظام الفاشي ضد الداخل وتمثلت بالمفرمة البشرية التي عثر عليها في الشعبة الخامسة في منطقة الكاظمية وغيرها وتعمدت التعتيم عليها.وعتمت أيضا على وثائق عثر عليها في مقرات حزب البعث والمؤسسات الأمنية تعتبر دلائل جرمية خطيرة. وكذلك فأنها أباحت للمواطنين العبث بالدلائل الجرمية التي كشفت عنها المقابر الجماعية. وقد أستغل المواطنون وبحسن نية وضمن أعراف دينية وبراءة فطرية، تهاون إدارة الاحتلال، لنبش تلك المقابر ونقل رفات موتاهم الى جوار أئمتهم بواعز ديني وصدمة من هول الفجيعة وهم لا يدرون أن هذا يعني إخفاء بعض معالم الجريمة البشعة التي أقترفها البعثيون النازيون، والتي يحتاجها الشعب العراقي كدليل جرمي، مثلما يحتاجها العالم المتحضر.وكان أجدر بالإدارة الأمريكية والمنظمات الإنسانية ودول العالم التي ترفض أساليب التطهير العرقي والطائفي،  التحري السريع والتوثيق لتلك المجازر مثلما فعلته في البوسنة والهرسك وكوسوفو .ولكن تباطأ مثل تلك الأجراء القانونية يحمل الكثير من الشكوك في هذا الشأن ويطعن في صدقية تلك الادعاءات التي تصدر عن الدول المتحضرة والمؤسسات والهيئات الإنسانية الدولية.
وعلى منوال استعمال أسلحة الدمار الشامل يمكن احتساب عمليات القتل بالديناميت وإجبار المعدومين على شرب البنزين ثم إطلاق النار عليهم أو وضعهم في المفرمة أو دفنهم وهم أحياء أو إجبار الأخوة والأقارب على إعدام أقربائهم  في هذا الباب أيضا. هناك الكثير مما يشير للأساليب القذرة التي أستخدمها الفاشيون البعثيون والتي تحتاج الى مدونات باعتبارها أسلحة دمار شامل استخدمت ضد أبناء الشعب العراقي وبعض رعايا الدول الأخرى .

لازالت الدول العربية تخشى إدانة تلك الجرائم للأسباب سالفة الذكر. حتى الدول المتقدمة والتي عدت نفسها من أولى الدول التي تبنت الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والأعراف الديمقراطية ، نأت بعيدا عن الأمر باعتباره شأنا داخليا يقبل الاحتمالات ولم يصدر عنها إدانة أو مطالبة بتشكيل لجان تحقيق دولية لحصر وتوثيق تلك الجرائم، وإنما نراها قد وقفت على الحياد وفضلت الاستمرار في عد الأمر شأنا داخليا .والبعض حاول ويحاول التملص من مسؤولياته القانونية والدولية وعكس الحدث بالمقلوب لتهدئة الوضع وإيجاد مخرج للمأزق الإنساني الفاضح الذي ظهر للعيان دون لبس أو غموض ليدين البشرية جمعاء بقبولها وتكتمها طيلة تلك الفترة عن جرائم النظام البعثي.ومثلما فبركت قناة الجزيرة خبر اكتشاف إحدى المقابر الجماعية لتقول بأن المضنون أن هذه المقبرة كانت تضم رفات قتلى من الحرب العراقية الإيرانية.فأن أكثر تلك الدول والهيئات لازالت تحاذر من التقرب لهذا الأمر.

يجب أن تعد هذه الجرائم باعتبارها قضية عامة للعالم أجمع واحتسابها جرائم مورست ضد البشرية جمعاء ومن الواجب توثيقها وأدانتها من جميع الهيئات والمؤسسات الدولية وفي المقدمة منها الجامعة العربية ومجموعة الدول المنضوية فيها .ومن المفترض النظر لها في الألفية الثالثة من تأريخ البشرية ،جرائم من قبيل استخدام طرق وأسلحة دمار شامل طالت أكثر من مليون عراقي. ويعمل على توثيقها وأدانتها ومطاردة منفذيها وكل من شارك وشجع عليها .ولكن لحد الآن لم نشاهد ما يدلل على أن منظمة العفو الدولية وباقي المؤسسات الإنسانية قد بذلت الجهد الواقعي والحقيقي في هذا الاتجاه.وأن الولايات المتحدة وفي غمرة زهوها بالاحتلال وما يتطلبه من تنفيذ مشاريعها الإستراتيجية وادعائها بالبحث عن أسلحة الدمار الشامل، أهملت عن عمد ما عملت عليه من تخليص الشعب العراقي من أسلحة صدام التدميرية التي وجهت أساساً الى الشعب العراقي وليس لغيره.

 



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوم عظيم ليس ككل الأيام ولكن …
- استدراج الكارثة …. استجداء الاحتلال أنها حروب الطاغية وليست ...
- مؤتمر شيعة العراق وأجندة السياسة الإيرانية
- أولى ثمار الحرب ومبادرة بريماكوف
- إيضاح
- السعوديون يدخلون الحرب من النافذة
- بغداد …أنهم يريدون أحراقها
- جريمة ودعوة للتطهير العرقي
- السلطة … الديمقراطية
- أيا دمعتي لا تتوقفي
- الى الأعزاء في صفحة الحوار المتمدن
- من يحرز الهدف الذهبي في الوقت الضائع
- معارك الطواحين المرادية
- في رثاء سحلية منقرضة - رد على مقال السيد باقر إبراهيم
- بعض من الشأن العراقي


المزيد.....




- أنباء عن نية بلجيكا تزويد أوكرانيا بـ4 مقاتلات -إف-16-
- فريق روسي يحقق -إنجازات ذهبية- في أولمبياد -منديلييف- للكيمي ...
- خبير عسكري يكشف مصير طائرات F-16 بعد وصولها إلى أوكرانيا
- الاتحاد الأوروبي يخصص 68 مليون يورو كمساعدات إنسانية للفلسطي ...
- شاهد: قدامى المحاربين البريطانيين يجتمعون في لندن لإحياء الذ ...
- وابل من الانتقادات بعد تبني قانون الترحيل إلى رواندا
- سوريا.. أمر إداري بإنهاء استدعاء الضباط الاحتياطيين والاحتفا ...
- طبيب: الشخير يمكن أن يسبب مشكلات جنسية للذكور
- مصر تنفذ مشروعا ضخما بدولة إفريقية لإنقاذ حياة عدد كبير من ا ...
- خبير أمني مصري يكشف عن خطة إسرائيلية لكسب تعاطف العالم


المزيد.....

- فيما السلطة مستمرة بإصدار مراسيم عفو وهمية للتخلص من قضية ال ... / المجلس الوطني للحقيقة والعدالة والمصالحة في سورية
- الخيار الوطني الديمقراطي .... طبيعته التاريخية وحدوده النظري ... / صالح ياسر
- نشرة اخبارية العدد 27 / الحزب الشيوعي العراقي
- مبروك عاشور نصر الورفلي : آملين من السلطات الليبية أن تكون ح ... / أحمد سليمان
- السلطات الليبيه تمارس ارهاب الدوله على مواطنيها / بصدد قضية ... / أحمد سليمان
- صرحت مسؤولة القسم الأوربي في ائتلاف السلم والحرية فيوليتا زل ... / أحمد سليمان
- الدولة العربية لا تتغير..ضحايا العنف ..مناشدة اقليم كوردستان ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- المصير المشترك .. لبنان... معارضاً.. عودة التحالف الفرنسي ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- نحو الوضوح....انسحاب الجيش السوري.. زائر غير منتظر ..دعاة ال ... / مركز الآن للثقافة والإعلام
- جمعية تارودانت الإجتماعية و الثقافية: محنة تماسينت الصامدة م ... / امال الحسين


المزيد.....

الصفحة الرئيسية - اخر الاخبار, المقالات والبيانات - فرات المحسن - البحث والتوثيق لأسلحة الدمار الشامل الداخلية