أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات المحسن - يوم عظيم ليس ككل الأيام ولكن …














المزيد.....

يوم عظيم ليس ككل الأيام ولكن …


فرات المحسن

الحوار المتمدن-العدد: 452 - 2003 / 4 / 11 - 02:10
المحور: الادب والفن
    


 


أصحيح أن الشوكة الدامية أخرجت من قلب العراق.أيحق القول أن العراق يذهب مزهوا نحو شاطئ أخر .في هذه اللحظات من اليوم التاسع من الشهر الرابع في العام الثالث من الألفية الثالثة يبدأ تأريخ أخر لشعبي.لم يعد هناك أثر لمصاصي الدماء وخطاطيف الليل التي تجول شوارع المدن تفح بأصواتها باحثة عن ضحايا.يوم جديد يدس بين سطور التأريخ وردة أخرى خالدة فواحة بعطرها.لقد قضي على الفاشيين  .لم أكن أعتقد بالخرافات و أؤمن بالمعجزات ولكني كنت خائفا من أن تطول المحنة ويلفنا عذاب أسطورة دراكولا بشكل أبدي.كان فزعي ورهبتي أن يتمطى التأريخ ليتوارث الرعاع الفاشست حكم العراق فتنتصب أسطورة لا نهاية لها .أدواتها ،مناجلها وسكاكينها تتلذذ حز رقاب العراقيين وترقص فوق جثثهم..
أذن أنه يوم جديد .. جديد كل الجدة .. جديد الطعم ..جديد الرائحة .. شذى البساتين وعطر فاكهتها قد تغير .وميض النجوم ينبأ عن غسق أخر .صوت السنونو يضج في الباحات وفي الأعشاش المعلقة .أذن كل شيء  قد تغير .أذن فقد سقطت الفاشية بكل لؤمها ووحشيتها  ولم تصمد بكل روافع قباحاتها الجهنمية . لم تصمد كل تبجحات البعثيين العفنة ومن سوق لهم وتنادى لنصرتهم من فطائس السياسيين  بأقنعة وبدونها .لقد سقط سقوطا مدويا من تدرع بالشعب العراقي وجعل منهم متاريس ومصدات لقنابل الموت.سقط من شيد للعراق فوارات دم وسربله بالحزن ووشحه بالسواد.سقط نيرون بعد أن أشعل الحرائق في جميع بيوتنا .سقط الوحش الضاري مضرجا ومثخنا بالأثام والقذارات والخسة .
أنه يوم جديد انتظرته ثلاثة عقود .انتظرت أن أرى سقط المتاع من كلاب الفاشية وهم يتختلون ويختفون في الجحور ويتوارون مذعورين .أن هذا اليوم الجديد دون صدام ورجاله يعني يوما أضاءت فيه الدنيا براعم أشجارها بأناشيد خاصة حميمة . نكهتها، خصوصيتها، روائحها، ومضاتها، تتقرب قلب العراقيين تواددهم وتشعل بين أصابعهم فرح الأعياد المكبوتة والمغتصبة.
لك المجد يا يومنا الجديد.لك العلى يا يوم الزهور الفواحه.. لكنك تبقى ناقص الاكتمال .مجدك وراياتك ،جلال طلعتك وبهائها تلطخه غمامات وبقع سود.شيء ما ،غصة ما، لا تجعلك مكتملا رغم سرمديتك.رأيت فيك شيئا مزيفا وقبيح.وعلى الرغم من بهجتي وذهولي وصراخ الفرح الذي يضج به قلبي فأن روحي ما استراحت وما أطمئنت.
تنفرط عناقيد البهجة في شوارع العراق .يتسع المدى مع يوم الخلاص ويكون أكثر عمقا وامتدادا ولكن فرحتي يخالطها الحزن الشفيف .رصاصة تخترق قلبي الوجل .يلج فرحي متاهات موجعة قصية .تتقاذفني هموم موشاة بالسواد. فرحي لم يكتمل ويعتمره الخوف الذي يعتم ضوء الكون المنبلج في الأفق.بريق من ألق لكنه مشحون بالرعب.أي ضلال موحشة تلف فرحي وتغتصبه.أية وحشة تتسرب لتخمد نشوة السعادة التي انتظرتها كل تلك السنين العجاف.
قلبي .. روحي .. فرحي .. هواجسي ..لا تحتمل كل تلك السرف الثقال التي تطأها بقسوة ودون رحمة أرض بلادي.. أنستعيد صوتنا وضجيج نداءاتنا لنطالب بملكوت جديد.أتكون دروبا جديدة علينا تلمس ضلمتها ووحشتها من جديد .ركضنا عبر المديات. عبرنا مقاطع الأسماء وتجاويف الدهاليز المعتمة .عاشرنا روائح برازنا وأجساد صحبتنا وصديد جراحاتهم.بحثنا عن مجامر الطيب وعن تضاريس الحرية ويوم وجدناها كان علينا أن نتلمسها من خلال فوهات البنادق المتصالبة وخوذ المحتلين وسرف دباباتهم .دم وأجساد مقطعة وجثث متفحمة وجدران مهدمة تكتمل صورة بشاعتها أستباحات لقطاع طرق وسراق مبتذلون دون واعز ضمير وأخلاق ودين .سطوة احتلال يشعل حريتها رعاع .ذاك التأريخ السخي بحيويته العميقة الكريمة .بخصائصه وعمق إنسانيته. تطعنه يوم فرحته همجية الرعاع لتشارك المحتل في أثقال احتلاله.
روحي ..جسدي الواهن ..قلبي يبحث عن اكتمال السعادة ولكن الأسئلة كبيرة، وعرة متشققة تندس بين تلافيف جسدي مثل الأفاعي.أين اختفوا..؟ أين ذابوا …؟ أين ..كل هؤلاء الفاشست وجلادي شعبي ..كل هؤلاء الذين لم تزل أثار غرزات أصابعهم تطرز أجسادنا ..أين الطاغية وولديه …أين هؤلاء الأوباش مرضى السادية المتوحشة.
أذن أنه الفرح الناقص .الفرح المبتور بغصة تكبر وتكبر وأن روحي لا طاقة لها على احتمال ذلك.أذن عليً أن أتذكر مع فرحتي كل من سقطوا صرعى في انتظار هذا اليوم.كل من لم يستطيعوا المضي وبقوا تحت شتاء الوحشة جاثمين بانتظار أن يتسلل الدفيء.أذن علي أن أفرح بذلك الفرح المبتور الموشى بالكآبة والخوف على وطني.أي مستقبل لك يا فرحي وكيف تكون وكم سوف تدوم.أن فرحتي لغامرة ولكن حزني كبير.  



#فرات_المحسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- استدراج الكارثة …. استجداء الاحتلال أنها حروب الطاغية وليست ...
- مؤتمر شيعة العراق وأجندة السياسة الإيرانية
- أولى ثمار الحرب ومبادرة بريماكوف
- إيضاح
- السعوديون يدخلون الحرب من النافذة
- بغداد …أنهم يريدون أحراقها
- جريمة ودعوة للتطهير العرقي
- السلطة … الديمقراطية
- أيا دمعتي لا تتوقفي
- الى الأعزاء في صفحة الحوار المتمدن
- من يحرز الهدف الذهبي في الوقت الضائع
- معارك الطواحين المرادية
- في رثاء سحلية منقرضة - رد على مقال السيد باقر إبراهيم
- بعض من الشأن العراقي


المزيد.....




- مازال هناك غد: الفيلم الذي قهر باربي في صالات إيطاليا
- فنانة مصرية شهيرة: سعاد حسني لم تنتحر (فيديو)
- وفاة المخرج ميشائيل فيرهوفن وساسة ألمانيا يشيدون بأعماله الف ...
- -الماتريكس 5-.. حكاية المصفوفة التي قلبت موازين سينما الخيال ...
- -باهبل مكة-.. سيرة مكة روائيا في حكايات عائلة السردار
- فنان خليجي شهير يتعرض لجلطة في الدماغ
- مقدّمة في فلسفة البلاغة عند العرب
- إعلام إسرائيلي: حماس منتصرة بمعركة الرواية وتحرك لمنع أوامر ...
- مسلسل المؤسس عثمان الحلقة 157 مترجمة بجودة عالية فيديو لاروز ...
- الكشف عن المجلد الأول لـ-تاريخ روسيا-


المزيد.....

- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ
- مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية / علي ماجد شبو


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فرات المحسن - يوم عظيم ليس ككل الأيام ولكن …