وللرذيلة سلطاتها الخارقة الحارقة


كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن - العدد: 8568 - 2025 / 12 / 26 - 11:03
المحور: المجتمع المدني     

ليست (امبراطوريات الرذيلة) مصطلحاً دبلوماسياً مثبتاً في القاموس السياسي، لكنه وصف دقيق يسري على القوى الناعمة التي امتهنت الإغراء والغواية حتى ارتبطت تاريخياً بالفسوق وانتهاك الأعراض والأعراف والقوانين، وقد يشير إلى الإمبراطورية الرومانية في مراحل انحطاطها، أو العصابات الدولية التي ظلت حتى الآن تدير أوكار البغاء والدعارة والإتجار بالجنس. .

اما في البلاد العربية فلها حكايات تشيب لها رؤوس الرضعان، تجدونها محفوظة في كتاب: (رجوع الشيخ إلى صباه في القوة على الباه)، وتجدونها في كتاب: (رشف الزلال من السحر الحلال) للشيخ جلال الدين السيوطي، الذي اشتهر في أكثر من كتاب عن الحياة الجنسية في القرون السابقة، وله في هذا المجال كتابه الشهير: (نواضر الأيك في معرفة الـ ؟؟؟). .
وربما شاهدتم بعض حلقات المسلسل التلفزيوني (حريم السلطان) الذي قدم لنا صورة قريبة من الواقع عن مفاتيح الاسرار السياسية التي كانت تحملها مفضلات السلطان، وبقية محظياته من النساء اللواتي كانت وظيفتهن الرئيسية الترفيه عنه في غرفة النوم. .

بين الرواية الرسمية ورواية التاريخ، تبقى قضية (ملف الدعارة) شاهدة على قوة الرذيلة لإشراك السلطات المصرية عام 1955 في تنفيذ خطة الاطاحة بالمحاكم الشرعية والتشهير بقضاتها، وتدبير مؤامرة محبوكة لتشويه صورتهم. فكانت تصفية سياسية مغلّفة بفضيحة أخلاقية من العيار الثقيل. .

اما في العراق فللكاولية (الكيولية) والغجر قوة مؤثرة مدمرة، ولهم ارتباطاتهم المباشرة بالسلطات الحاكمة عبر مراحلها القريبة والبعيدة، كانت معظم قيادات الدولة تمضي لياليها الحمراء في احضان الكاولية داخل مضارب حي الطرب، وكانت لهم قوة تفوق قوة المحافظين في المدن الكبرى، بإمكانهم ازاحة اي محافظ من مكانه بتلفون واحد، فتصدر الأوامر المركزية بإعفائه من منصبه. وقد تسببت الغجرية نشمية عليوي الملقبة: (طماطه) عشيقة (علي حسن المجيد) في الإطاحة بالقيادي (طالب علي السعدون) وتسببت في طرده من الحزب والوظيفة. ثم كانت نهايته السجن بلا تحقيق وبلا سبب. وربما شاهدتم لقاءاته المتلفزة التي تحدث فيها عن قوة امبراطورية الرذيلة في العراق وقتذاك. لكنك لو بحث الان في (الجوجل) عن الكاولية وقوتهم السياسية الخفية لوجدت مئات المقالات المكتوبة بأقلام كبار الكتاب، تتباكى كلها عليهم، وتتأسف على تردي أحوالهم، وتطالب بإنصافهم والوقوف إلى جانبهم. . وهذا دليل ملموس على قوتهم ونفوذهم الإعلامي والسياسي. .