حينما تفقد الرتبة قيمتها


كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن - العدد: 8550 - 2025 / 12 / 8 - 09:47
المحور: الفساد الإداري والمالي     

في العراق فقط، وفقط في العراق فقدت الرتبة العسكرية والبحرية والجوية بريقها في مراحل متفاوتة، ولم تعد تعكس مكانة الذين يحملونها من حيث تدرجهم الحربي أو الملاحي أو المهني أو القيادي. .
فقد كان حسين كامل المجيد يحمل رتبة فريق اول ركن من دون ان يلتحق بالكلية العسكرية، وكان علي حسن المجيد يحمل رتبة مماثلة وهو من خارج المؤسسة العسكرية، وكانت الرتب تمنح وتُنزع جزافا بأساليب مزاجية تفرضها المواقف الطارئة والقرارات الارتجالية. .
ثم تحولت الرتبة بعد عام 2003 إلى مادة للتهكم والسخرية وصار يحملها من لا يخطر على البال، فالجندي الذي كان معي في خدمة الاحتياط قفز بعد تسريحه من الجيش إلى رتبة مقدم في سلك المشاة وهو بعمر الخمسين بما يسمى (الدمج)، وما اكثر الذين شملتهم رياح الاندماج. .
اما على الصعيد المدني فقد اتسعت رقعة التجاوزات، حتى اصبحت من الظواهر الشائعة في معظم شركاتنا البحرية وفي خطوطنا الجوية. فالغالبية العظمى من العاملين على سفن الموانئ او سفن النقل البحري أو ناقلات النفط يحملون رتبة قبطان أعالي البحار، الأمر الذي اضطر الربابنة الحقيقيين إلى ارتداء الملابس المدنية بعدما فقدت الرتبة بريقها، وخسرت احترامها. .
اما في الخطوط الجوية العراقية فقد تشوشت الصورة تماما، وبات من الصعب تمييز طاقم قيادة الطائرة عن طاقم المضيفين وعن طاقم الحماية. فجميعهم يحملون اربعة خيوط ذهبية أو ثلاث. .
ربما انحسرت هذه الظاهرة بين عام 2016 وعام 2018 بضغط مباشر من وزير النقل الأسبق، لكنها عادت إلى مراحل الفوضى المتجذرة بعد مغادرة الوزير. وسوف تذهلك هذه الصورة عندما يحالفك الحظ في السفر على متن خطوطنا الجوية التي تساوت فيها القرعة وأم الشعر الطويل. .
واستكمالا لما تقدم ظهر لنا وزير من وزراء النقل كان يحمل الرتبة مرتين في آن واحد: مرة على ذراعه، ومرة على كتفه، وربما لديه رتبة ثالثة يخفيها تحت قبعته. .