قصيدة/ راحلون


مصطفى راشد
الحوار المتمدن - العدد: 8547 - 2025 / 12 / 5 - 09:44
المحور: الادب والفن     

قَصِيدَةٌ/ رَاحِلُونَ
-----------------------
كُلُّنَا رَاحِلُونَ
فَلَيسَ لِلْمَوتِ عُمرٌ أَو سِنُونَ
فَالْمَوتُ يَأْتِى بَغتَةً
فَكُلُّنَا مُنتَظِرُونَ
وَنَظُنُّ أَنَّنَا أَحيَاءٌ
يَالَنَا مِن وَاهِمينَ
أَغبِيَاءَ سَاذَجُونَ
بِضِيقِ الْأُفُقِ تَائِهُونَ
لَاندَرِكَ أَنَّ الْحَيَاةَ لَحظَةٌ
سَنَودَعُهَا بِسُرعَةٍ رَاحِلُونَ
فَحَيَاةُ الْإِنسَانِ
لَحظَةٌ فَى عُمرِ الزَّمَانِ
وَنَحنُ بَنَى الْبَشَرَ
لِلشِّجَارِ وَالْخِصَامِ حَاضِرُونَ
وَعَلَى أَبسَطِ الْأَسبَابِ مُتَحَفِّزُونَ
كَارِهُونَ مُتَعَصِّبُونَ
رَغمَ أَنَّنَا مَيِّتُونَ
وَاللَّهِ سَتَندَمُونَ
وَقتَ لَا يَنفَعُ نَدَمٌ
وَتَأْخُذُنَا الْعِزَّةُ بِالْكَرَامَةِ
وَكُلُّنَا رَاحِلُونَ مَيِّتُونَ
سَنَمُوتُ الْيَوْمَ أَو بَعدَ حِينٍ
فَاجمَع مَالًا كَمَا شِئتَ
سَتَرحَلُ عُريَانًا كَمَا جِئتَ
فَكُلُّنَا رَاحِلُونَ
أَظلِمُ كَمَا شِئتَ
وَاسرِق كَمَا شِئتَ
وَأَكْدِبُ كَمَا شِئتَ
كُلُّنَا رَاحِلُونَ
فَقَط بِالرِّضَا وَالْقَنَاعَةِ فَائِزُونَ
وَالسَّعَى الشَّرِيفِ لِلْعَيشِ بِأَمَانٍ
فَأَينَ الْحُكَّامُ وَالْمُلُوكُ وَالْمُتَكَبِّرُونَ
بَعدَ أَن ظَنُّوا أَنَّهُمْ خَالِدُونَ
لَقَد ظَنُّوا أَنَّهُمْ غَيرُ رَاحِلِينَ
فَشَيَّدُوا الْقُصُورَ وَاهِمِينَ
وَظَلَمُوا مِنْ النَّاسِ الْمَلَايِينَ
وَنَسُوا اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ
وَأَنَّ الْحِسَابَ حَقٌّ وَدِينٌ
فِيهِ الْقِصَاصُ الْمُبِينُ
وَحِسَابٌ مِن رَبِّ الْعَالَمِينَ
مُتَكَبِّرِينَ غَافِلِينَ
وَلِلشَّيطَانِ تَابِعِينَ
غَيرَ مُدرِكِينَ
أَنَّ الْمَوتَ قَد يَأْتِى بَغتَةً
وَيَنسَاكَ الْمُحِبِّينَ وَالْمُقَرَّبونَ
وَيَأْخُذُ مَكَانَكَ آخَرِينَ
رُبَّمَا أَعدَائُكَ
أَوْ مَن كَانُوا لَكَ كَارِهِينَ
فَلِمَا الْكُرهُ وَالْخِصَامُ
لَمَا الْفِرَاقُ وَالْحِرمَانُ
لِمَا التَّعَصُّبُ لِلْأَديَانِ
وَالْجِنسِ وَالْعِرقِ وَالْأَلْوَانِ
لِمَا الْحُرُوبُ وَالْقَتلُ وَالْعُدوَانُ
لِمَا الْكَذِبُ وَالنَّصبُ عَلَى بِنَى الْإِنسَانِ
وَكُلُّنَا إِخوَةٌ مِن أَدَمْ... كُلُّنَا إِنسَانٌ
خَلَقَنَا اللَّهُ فَقَط لِعِمَارَةِ الْأَكْوَانِ
وَأَرَادَ لَنَا الْعَيشَ بِسَلَامٍ
لَكِن بِالشَّرِّ وَالْأَنَانِيَّةِ
سَعَى الْكَثِيرُ مَن بَنَى الْإِنسَانَ
وَنَسُوا أَنَّنَا رَاحِلُونَ
انتَبِهْ يَا إِنسَانُ
عِيش أَيَّامَكَ بِسَعَادَةٍ وَأَمَانِ
عَيشْ بِالْحُبِّ وَالسَّلَامِ وَالْإِحسَانِ
زَاهِدًا بِضَمِيرِ الْإِنسَانِ
فَأَنتَ مَيِّتٌ وَكُلُّنَا مَيِّتُونَ
وَالْخُلُودُ فَقَط لِلْعَادِلِ الرَّحمَانِ
كلمات د مصطفى راشد للنقد ت وواتس 201005518391