أمة سرقت مفاتيح الجنة


كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن - العدد: 8453 - 2025 / 9 / 2 - 10:17
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

انفردت الامة الاسلامية منذ العصر الأموي وحتى يومنا هذا ببيع مفاتيح الجنة. فتأرجحت روايات الأحاديث بين الواقع والأسطورة، وكانت معظمها مكتوبة بصيغة تدعم الهالة السلطوية لزعماء الدولة الأموية. .
مثال على ذلك ما رواه الطبراني: أنّ عون بن مالك كان نائماً بمسجد بأريحاء، فانتبه فإذا أسد يمشى إليه، فاخذ سلاحه فقال له الأسد: صه إنما أنا أرسلت إليك برسالة لتبلغها، قلت: من أرسلك ؟. قال: الله أرسلني إليك لتعلم (معاوية) أنه من أهل الجنة. . بمعنى ان الحديث رواه الأسد الذي يزعم الطبراني ان الأسد كان يتكلم اللغة العربية الفصحى في حواره مع رجل كان نائما في مسجد من مساجد الشام، وهذا دليل على ان صناعة الأحاديث الملفقة منحت الملوك والأمراء حرية التصرف بمفاتيح الجنة، ثم توسعت أسواق بيعها والتحكم بها من حقبة سياسية إلى أخرى. حتى جاء شاعر البلاط العراقي في العصر الحديث ليقرأ هذه القصيدة أمام زعيمه، في مشهد منقول مباشرة على القنوات المتلفزة:
لولاك ما طلع القمر - لولاك ما هطل المطر - لولاك ما اخضر الشجر - لولاك أيضاً ما رأى أحد ولا عرف النظر - لولاك ما كان العراقيون معدودين في جنس البشر - بل لم يكونوا في الخلائق - أو لكانوا دون سمع أو بصر - إنا لنحمد حظنا - إذ كنت حصتنا وجاء بك القدر. .
ثم وصلنا إلى العصر الذي كانت فيه الدولة تتربص بتحركات خصومها فتغتالهم امام انظار الناس ثم تصدر بياناتها في اليوم التالي فتدرج أسماء المغدورين في قوائم الشهداء المبشرين بالجنة. واحيانا تتخذ قرارات طائشة بإعدام مجاميع من الوزراء أو قادة الجيش، ثم تستدرك قرارها بعد التنفيذ، فتصدر بيانا لاحقا تحت عنوان: (شهداء الغضب). وكأنما اصبحت بوابات الجنة تعمل بمزاج الملوك والرؤساء والأمراء، ولو تعمقنا قليلاً في البحث عن فكرة (شهداء الغضب) لوجدناها تعود إلى سلاطين الدولة العثمانية، الذين كانوا يستأثرون بالحكم بعد الإطاحة بأخوانهم وأشقاءهم، ثم يصدرون أحكامهم بإدراج أسماء المقتولين في سجلات شهداء الجنة. .
قبل بضعة أعوام اصبحت مفاتيح الجنة بيد بعض المشايخ الذين كانوا يغررون بالشباب ويرسلونهم للقيام بعمليات إنتحارية داخل العراق من اجل اختزال الطريق والانتقال مباشرة من الأرض إلى الفردوس الأعلى لتناول وجبات الطعام مع الأنبياء والمرسلين. اما الذين استشهدوا دفاعا عن عرضهم وارضهم في غزة فقد أوصى بعض الفقهاء بعدم الترحم عليهم، بذريعة انهم لن يدخلوا الجنة بقرارات صادرة من فقهاء حلف النيتو. .