صابر وصابرين وعبد الصبور


كاظم فنجان الحمامي
الحوار المتمدن - العدد: 8448 - 2025 / 8 / 28 - 10:10
المحور: كتابات ساخرة     

لن نفكر بعد الآن بتحقيق أحلامنا. فقط نريد إنهاء واقعنا المضطرب بأقل الخسائر. نشعر دائما اننا مجموعة من المهمشين ساقتنا الأقدار للمشاركة في رحلة ليلية غامضة نحو غابة مخيفة تسكنها الجنيات، فركبنا حافلة قديمة مسروقة يقودها سائق مخمور (و مكبسل) عبر طرق جبلية شديدة الوعورة. الحافلة بلا فرامل، وبلا ارقام، والطرق بلا مجمعات سكنية مأهولة وبلا إشارات تحذيرية. .
في محيط تلك الغابة المسكونة بالعفاريت، وفي ظل الورع الشكلي الذي يتظاهر به كبار القوم. لا احد يخشى النار إلا الذين يعملون في محطات تعبئة الوقود، والذين يكافحون حرائق الغابات . .
نسمع الكبار يتحدثون كثيرا عن الوطنية والإنسانية، ويبشروننا بالصلاح، ثم تبين لنا ان صلاح نفسه ومعه أشقاءه الصغار (كفاح وفلاح وعبد الفتاح) غادروا البلاد منذ مدة ولم يعودوا حتى الآن. وغادر معهم صابر وصابرين وعبد الصبور. كل العقلاء غادروا (وظل البيت لمطيرة وطارت بيه فرد طيرة). .
نرى ذكور الديناصورات كثيراً في مواسم الانتخابات. نراهم يتصارعون للاستحواذ على مغانم الغابة، ولكن ليس من اجل تنظيم شؤونها. بدأت مسيرتهم المريبة بسرقة اصوات العصافير في الأرياف والقرى المنسية، ثم سرقوا أحلامها. .
رأيت في عيون الغزلان الجنوبية مساحات شاسعة تطلب العدالة والحرية والإنصاف لكنها لا تطلب الصدقة. .
الطامة الكبرى هي عندما يقتنع سكان القرى البعيدة ان قائدهم معصوم من الخطأ، وانه من أولياء الله الصالحين، فأنهم سوف يدافعون عنه بضراوة حتى لو تسببت افعاله بإنهيار سور الصين وجفاف نهر الأمازون. حينئذ ينبغي ان تتماشى مع القطيع، ولكن إياك أن تفكر مثلهم. . تبدأ حريتك عندما ينتهي الجهل، لأن منح الحرية لجاهل كمنح سلاح لمجنون. .
اما إذا كنت تتقاطع مع كبار القوم في الرأي، أو إذا كنت ماهرا موهوبا ذكيا، وجئتهم بشيء مختلف، فإنك سوف تنسف مستقبلك بيدك، وسوف تصبح مستهدفا في حملاتهم التسقيطية: ((قالوا يا صالح قد كنت فينا مرجواً قبل هذا)). .
فإياك أن تتحاور وجهاً لوجه مع الديناصورات الغاضبة، وإلا سوف يكون مصيرك مثل مصير صاحبنا الذي وجد نفسه مضطرا للهجرة مع صابر وصابرين وعبد الصبور. .