زلازل صغيرة - في المسكوت عنه 3-

تبعات الأحلام المؤجلة:
كلما زادت أحلامك الميتة، كلما تغيرت، صرت شخصاً آخر، تراه في المرآة فلا تعرفه.. مسجون في جسد ما لم يكن لك، في لباس ما لا يشبهك، في واقع تكرهه…
كلما زادت أحلامك الميتة، يزدحم قلبك بالمقابر، فيتوه الحب خائفاً.. والحب الخائف يُنسي الأمان.
*********

زلزال أول:

قال لها زوجها:
-أمي تقول أنك ممثلة بارعة في التعامل مع الآخرين، ومهما تكوني غاضبة منها، تعامليها بشكل ممتاز.
وأجابته بعد زيارة المعالج النفسي:
-يتميز الإنسان عن الحيوان بقدرته على التحكم بانفعالاته، تحويل شعور الغضب إلى كلمات مهذبة فعل إنساني حقيقي…

الطب النفسي يعلمك كيف تتصرف مع الآخرين.. كيف تتجاهل الإساءة و تنسى الصغائر…
رأي أمه بها غير مهم..
على العاقل أن يختار بين اهتمامه برأي الآخرين به، أو تحقيقه لأحلامه في هذه الحياة…
*********

زلزال ثانٍ:
قال صديقه:
- كل مجتمعي مع هذا الرأي، لم أقوَ و لا أقوى على إنكار الجميل ومعارضة المجتمع…
- نكران الجميل؟ كيف؟ إن أنت فكرت في المسلّمات تصبح إنساناً يستخدم عقله لا ناكراً للجميل…

رفضتنا الأرض، رفضت انقسامنا، رفضت تحزبنا...

كم هو صعب أن تكون محايداً.. وسهل جداً أن تتحزب…
التحزب في الغريزة عند الكائنات الحية، لكن التفرد فعل عقل إنسانيّ، ألا تشبه إلا نفسك.. وأن تتفكر في كل ما قالوا لك أنه صحيح بدءاً من المفاهيم البسيطة في الحياة إلى علاقتك مع الله…
*********

زلزال ثالث:
قالت صديقتها:
-يقولون عنك أنك مثقفة، لكن لم أرَ من ثقافتك شيئاً.. أحاديثك تشبه أحاديثنا…

وقالت هي لطبيبها النفسي:
-أحاديثي تشبه أحاديث من أخاطب، أخاطب الجميع بلغتهم وبما يحبون كما علمتني..

الطب النفسي يعلمك أن تصنع من الحوار مادة ممتعة لجليسك أيّا كان، فإن حاورت مكرراً زرت آخر البدع وأطرف النكات..
وإن رضت الدنيا عليك و جادلت مبدعاً لف حديثكما الكواكب وحضن القمر…

في زمن التفاهة المغلف بنجاحات المال، البعيد كل البعد عن روعة الفلسفة و عمق التحليل النفسي الحقيقي -غير المدّعي-:
كم هو نادر أن تجد من يحرك بركان الأسئلة والإبداع في داخلك..
كم هو صعب أن تجد من يرفع من حلمك ويساعدك في طرق صناعته…

إن كلمة فيلسوف و التي يستخدمها بعض الضحلة لوصف من يستخدم عقله، ليجب أن تستخدم في وصف المتميزين.. الذين يجعلون من أحلامنا صروحاً مشادة على أرض الواقع.
*********

كبير الزلازل:

يقال أن الزلازل تحدث بسبب القمر.. اكتمال القمر.. قرب القمر، تزحلق القمر حول خواتم السماء

ويقال أن الهزات الارتدادية تحدث بسبب تأرجح الصفائح الأرضية.. موازين القوى الغيبية.. وأماكن الأمواج.

لكني أعرف أن الخوف يقتل أكثر من الزحلقة، التأرجح، الموج وحتى الزلزال..
الخوف يقتلك ببطء.. يذهب ببريق عينيك، ولمعان هدفك فتموت بالتدريج…

لا أبشع من الموت بالتدريج…

يقولون من له عمر لا تقتله شدة.. وأقول إن لم تنتهِ رسالتك في هذا الجسد لن تموت، فلا تخف.
الهزات الارتدادية موصوفة.. و ستحدث، لكن إيمانك برسالتك يسحب الأقمار ويغير الأقدار…

أنت كما تحلم أن تكون…


يتبع…