زلزال سوريا المستمر -في المسكوت عنه 1-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 7518 - 2023 / 2 / 10 - 22:13
المحور: الادب والفن     

هل تعلم ما الأسوأ من الموت؟
إنه العجز.
هل تصدقوا أنه في بعد حدوث الزلزال حاولنا مساعدة الناس في سوريا ، ولم نستطع…
هل تعلموا أن من أصدقائنا من خاف أن نرسل النقود عن طريقه وعائلته.. ومنهم من لم يعرض المساعدة، بل أرسل علامات التعجب..
سوريا على اللائحة المنبوذة في هذا العالم الأرعن.. هل يخفى هذا على أحد؟

قبل بضعة أشهر كان صديقتي في سوريا، كانت تشتري بعض الأغراض من الدكان، عندما دخل صبي في التاسعة ليعيد بيضتين..
حاولت جاهدة أن تعطه نقودًا ، حتى لا يعيد البيض ، لكنه رفض بأدب.
منذ ذلك الحين ، في كل مرة أقوم فيها بقلي بيضة هنا ، تتعثر في حلقي ، مع العديد من الأسئلة حول لماذا ... ماذا يمكننا أن نفعل؟

نعم.. الزلزال وضحاياه بدأ من سنوات أعزائي…


في الشهر الماضي دعا والدي أخي لتناول الفلافل في جبلة ...
دخل طفل في الخامسة مع والدَيه، كان يغطي إحدى عينيه ؛ سمعوهم يتحدثون عن امتنانهم للطبيب الذي عاين الطفل اليوم…
طلبوا سندويش واحد فقط وأعطوه للصبي الذي بدأ يأكل بنهم.. فيما علقت عيون الوالدين على (السندويشة)؛ بديا يتضوران جوعاً ، على الرغم من سعادتهما بابتسامة الصغير.
قال والدي ، "لم أكن أريد لأخيك أن ينتبه ، فلا يتحول طعامه هماً عليه”.
خرجت عائلتي.. اقترب أخي غيفارا من والدي: "هل رأيتهم؟ شيء علق في حلقي مع الطعام، كم هذا محزن، ماذا نستطيع ان نفعل؟"

أجل.. يا رفيق الهزة الكبيرة قتلتنا أجساداً لكننا نموت حزناً من سنوات…

العديد من القصص التي نسمعها يوميًا من بلد يحتل حيزًا مهملاً في مسودات منظمات حقوق “|الإنسان".
مع الهزة الرئيسة، فقد الكثير من الناس منازلهم ، ومات كثير من الأطفال.. وسيستمر الموت المجاني برداً قهراً.. ظلماً وجوعاً…

لم تنكس الأعلام و لم نسمع أصواتاً حكيمة من أصحاب النفوذ والقرارات لا تعزي ولا تلمّ جرح البلاد.. الشعب السوري لوحده.. لوحده من دون حكومة حتى صدقوني.. أكتب وأبكي.. و من يقرأ من دون عقد ذنبه و توهمات لاوعيه سيبكي أيضاً.. والبكاء كما الدعاء طاقة…

منظمة حقوق الانسان تتكلم الانجليزية ! أو في أفضل الحالات ، لا تتحدث السريانية الآرامية ، أقدم الأبجدية في هذا "العالم “الإنساني" .

يا للعار! يا لبؤس حقد المعارضة الذي أراه على الصفحات الافتراضية.

أوقفوا العقوبات التي يدفع ثمنها من سنوات الأطفال في سوريا… التي ندفع ثمنها من كرامات من بقيوا هناك دون استثناء…
اسمحوا للمهاجرين بالمساعدة، بإرسال الأموال من دون تحديد المبالغ -في أحسن الأحوال- اسمحوا لهم بإرسال الطرود والمساعدات العينية.. اسمحوا لهم بدعوة أصدقائهم إلى التبرع دون رعب من البلاد التي وضعتم
أطفالها على اللائحة السوداء…
في عصر العولمة جميعنا نعرف أن الدول “ الكبرى” لو أرادت تغيير النظام لفعلت في يوم وليلة، لكنهم يريدون بلداً كسيحاً لفترة طويلة.. فترة تكفل زيادة استقرار الحلفاء.. فترة ترسم للحضارة خطاً جديداً يكفل انتهاءً مزيفاً لصراعات تاريخية على الأرض.

الحياة عادلة…
الله.. القدرة العظيمة في السماء .. الرب عادل..
الحياة كارما.. وستكونون هم في حياة أخرى .. يسمونه تقمص وأسميه عدالة الله.
*************

الروحانيات التي تقص حكايا رحلات نومنا وأساطير موتنا: طاقة.
روحانيات.. من طبيبة نفسية، لا تصدقونها ولا أدعيّ تصديقها.. لكنها غير قابلة للتكذيب أيضاً…
للحزن أيضاً طاقة نراها كأطباء نفسيين بأشكال عديدة:
اكتئاب إن زادت عن احتمال القلب…
ونجاح باهر إن حملها العقل…
ل الظلم طاقة.. نسمعها في حكايا الناس عندما يلجؤون إلى الطب النفسي..
لأدعية المظلومين.. طاقة.. سمعتها في كل حكاية مريض..مظلوم…
وفي شرقنا:
ذلك الطفل الذي فقد عينه؟ والطفلة التي تم بيعها؟
الرجل الذي ذله ذكور السلطة؟
والمرأة التي دعس كرامتها جوع أطفالها؟
أين ذهبت طاقة أدعيتهم وأصوات بكائهم؟
أصبحت طاقة صوت..طاقة دعاء.. طاقة مظلومية، فانفجر قلب الأرض قبل عمق السماء…
الروحانيات وعالم من الأسئلة يستوقفني عندما أتخيل طفلاً يستنشق الغراء ليوقف شعور الجوع…
ربما نحن أيضاً نستنشق فلسفة الروحانيات لنستمر.. لكن المؤكد أن الطاقات السلبية لا تواجه إلا بأخرى معاكسة نقية تقية:
تواضعوا، ساعدوا، أحبوا، سامحوا وتوقفوا عن رؤية الأشياء كما تريدون أن تروها..
الحقيقة الكاملة لا تعجب أحداً هذا تعريفها منذ الأزل.. وغيرها أنصاف حقائق .
*************

أنت معي ومن ليس معك ضدي..
معادلة الحرب الأهلية الأفضل..
في بلد الزيت والزعتر..
وتنتشر الأخبار عن سرقة الخبز و الدواء..
وتقاتل الإخوة
لم يبق في الميدان إلا الخِسَّة
شايلوك الميمون
صاحب الحكمة المخلوطة بالزيت
ذو الهمة المرشوش بالزعتر
خرجوا عن صمتهم المهيب
فقالوا للجموع:
أقبلوا تجمعوا سنرفع البلاء..
الزلزال والبركان
الإعصار والعواصف
كلها من فعل الغريب
تقاتلوا تقاتلوا
تقاتلوا براحة.. فإننا هناك
نراقب المكان
صامتين
مفكرين
وغداً لأفضل
صدقوا الزعماء

لا تنكس الأعلام
لا يتكلم الإعلام
ولا تنتهي الرذيلة…

عندما يموت الجميع
تبقى الحكاية
ويُقْسِمُ الأحفاد
أنهم لم يعرفوا أجداداً بهذا الغباء…

أنت معي ومن ليس معك مختلف
لكن.. لا نختلف
انسَ حقداً عمره آلاف السنين
زيفوه من أجل السياسة والكراسي..
تذكر طاقة الدعاء
وتذكر أنه في كل الأديان
مثقال ذرة عليك يرجع
سمعت أيها الحفيد
في بلد الزيت والزعتر
قلْ لا..
نعم..
قل ما تريد
لكن سلّم على الشهيد
فالحب أزهر*…


*أزهر : صافي اللون -قاموس. المعاني.

يتبع...