اخلعْ حزامك الناسف - اسمها محمد 19-


لمى محمد
الحوار المتمدن - العدد: 6838 - 2021 / 3 / 12 - 23:35
المحور: الادب والفن     

أن تكتب يعني أن تبحر في عوالم أفقها ينتهي مع امتداد الله…
وأن تخلع رؤى أناك جانباً.. وقبل كل ذلك تخلع حزامك الناسف...
أن ترى الموضوع من وجهة نظر الآخرين وليس من وجهة نظرك..
سردك لما حدث من وجهة نظرك يشبه حكايا الجدّات وألف ليلة وليلة حيث البطل واحد والمختلف شرير أو في أحسن الأحوال مخطئ…
هذا ما حدث في سوريا.. وفي العراق قبلها…
حكى كلّ قصته من وجهة نظر أناه.. بلسان جدته، فضاعت البلاد بين مفردات: ثورة أو حرب أهليّة.. موالاة أومعارضة.. قتيل أو شهيد…
وقف الموت على زاوية زمن العولمة، ثم أطلق ريحاً.. صوته مجلجل.. ولا أبشع من رائحة حديث يختلف الرواة على تصنيف نوع الموت فيه…

-هنا في أمريكا يعتقدون أن سوريا كانت كأفغانستان بعد حروب الأخيرة الأهلية.. وأصبحت مكاناً للفقر، التزمت الديني، التعصب القومي، الهمجيّة و مضرب مثل لدول الشرق الأوسط التي جلبت العار للمنطقة!
عندما تتحدث عن طيبة السوريين، تفوقهم، حبهم للحياة وحسن ضيافتهم.. تظهر على ملامح الناس هنا علامات الاستغراب وفي بعض الأحيان التكذيب…

-أنتِ تتكلمين عن سوريا، والعراق لكن الحديث صالح لكل تلك الدول التي أخلّ بجمالها التزمت الديني ولعنتها لعنة حب الكراسي…

-والحل يا عليا.. الحل…

-عندما تنفجر الأمور إلى هذا الحد، لا حل إلا في البداية من الصفر مجدداً…

-هذا تشاؤم...

-بل، واقع.
***************


كانت الحياة في العراق بالنسبة لعبير أجمل أيام عمرها.. طيبة الناس، مساعدتهم لها.. تقبلهم لاختلافها…
لم تشبه تجربتها في العراق حياتها في لبنان ولا سوريا.. وإن قال العرّافون أن لكل إنسان أرض تألفه ويألفها وتجعله يشعر بالارتياح والحب.. فبالنسبة لعبير كانت العراق أرض ألفة قلبها.
حكت لديار يوماً عن بيتهم في قرى اللاذقية عن أمها التي أفنت شبابها وعمرها في الإنجاب وخدمة الأطفال.. عن أبيها الذي علمهم ألا يحترموا الأم.. فكبروا وهم يعتبرونها تحصيل حاصل، مجرد خادمة في منزل لم يحكمه الحب ولا سيطرت على انفعالات أبنائه سلطة الاحترام…
-لم تكن أمي على مقدرة ولو بسيطة على التمرد على الحكم الذكوري.. كانت تخاف كلام الناس، ومن يخاف كلام الناس يبقى طول عمره تحت حزام الحزن والجلاد، ليصبح هو الآخر جلاداً آخر أو ضحية خرساء…
-لهذا أصبحت أنت المتمردة العتيدة..
-لا أظن نفسي كذلك.. لجأت إلى مدرسة التمريض لأنني لم أقوَ على الدفاع عنها.. حصلت أمامي كثير من المواقف وصمتُ فيها.. لم أعرف وقتها معنى أن يندفع الإنسان وراء بشريته و يقف مع الطرف الأقوى…

أحاديث عبير وديار لا تنتهي.. صدق من قال أن الحب تكشفه “الثرثرة”…
************


أن تكتب يعني ألا تنتهي، فعوالم أفقها الله لا تنتهي…
كتاباتي التي ما تركت نصف حقيقة ينجو بسترة كاذبة إلا وأعلنت النصف الآخر مكملاً وأساساً لحكم نزيه تلتقي مع الله، لذلك لم تنحنِ ولن تستسلم لزيف حدود بلد، دين، طائفة، قوميّة، أو حتى ذكريات وأحبة…

أن تكون مع طرف ما في زمن يأكل فيه الأطفال رقائق بلاستيكية ليوقفوا شعور الجوع.. يعني أنك متطرف تشبه من يفجرون أنفسهم في الأبرياء..
صدقني أن تتحزب و تتطرف يعني تماماً تفجيرك وكراهيتك في أحلام جيل كامل من أطفال لا ذنب لهم.. اخلعْ حزامك الناسف.

من هنا تبدأ حكاية أخرى…

-الرواية تحمل في صفحاتها الجزء الثالث من رواية علي السوري
الجزء الثاني حملته : رواية بغددة سلالم القراص