أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: اللام 2














المزيد.....

الفردوسُ الخلفيّ: اللام 2


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 5348 - 2016 / 11 / 20 - 11:23
المحور: الادب والفن
    


إشارة " رفيق " لحادثة ساحة جامع الفنا، التي كنت قد رأيتني متورطاً فيها منافحةً عن كفل " خدّوج "، المُنتَهك من لَدُن أحد المتحرشين؛ هذه الإشارة، لم تلبث أن أثارت هواجسي: " لِمَ سيبعث الخطيبُ السابق ذكرى الحادثة بنفسه، لو لم يكن مسكوناً بها؟ "، كذلك خاطبني داخلي. وما كان من الممكن أن أعود إلى التفكير بالأمر، إلا لأنني تذكّرتُ أيضاً كيفَ تطرّقت مخدومتي لموضوع الحادثة. لقد فعلتْ ذلك من باب المعابثة، ولا ريب. أما بالنسبة إلى " رفيق "، فلا يمكن سوى الظنّ بأنّ الأمرَ يتعلق بندبةٍ في روحه: " أأنا بصدد الملاحقة من قبل شخصٍ آخر، مجنون بالغيرة، وهوَ فوق ذلك، مجروحُ الكرامة؟ "، تساءلتُ عندئذٍ في سرّي.
" إنها المرة الثانية، أليسَ كذلك؟، ألتقيك فيها عَرَضاً في الشارع. ويجب أن أنتبه للثالثة، فإنّ ذلك يعني أنني أقوم بتعقّبك عمداً..! "، قالها مُطلقاً ضحكة مقتضبة مألوفة. على الرغم مما أوحت به عبارته من مزاح، بيْدَ أنها كانت تبدو كصدىً لفكرتي الأخيرة. أنتبهتُ أيضاً، وعلى حين فجأة، إلى كون أسوار المدينة القديمة أضحت خلفنا وأننا على مشارف ساحة الحرية. وإذاً، فإنّ الفكرة تلك كانت قد أنتابتني ونحن نتمشى على الرصيف المقابل لفيللا أسرة " خدّوج "، التي تجاوزناها تواً.
" ربما أنّ الأمر كذلك، من يعلم؟ "، عادَ إلى الإستطراد. ثمّ أستدرك حالاً، وقد لحظ علامة التعجّب على وجهي: " أعني، أنّ القدَر أراد ذلك دونَ إرادتنا ". على مَرجوح المَظهر، كان الرجلُ إذاك في كامل الحيوية، مثل ديكٍ مُنتفش الريش إذ وجدَ نفسه على مدخل خرابته. أجل، كانت إلفته بادية للعيان، ثمة في غيليز، بحيث أنني أوشكت على سلوى هواجسي. وكان على الرجل أن يجعلني هذه المرة أُشعل الفكرَ بسبب إيثاري التسكّع في شارع محمد الخامس، بدلأ عن الإقتداء بمخدومتي وأخذ تكسي إلى المنزل.
" ولكنني أرى حالك كحالي سواءً بسواء؛ دفعك الضجرُ إلى البقاء في المدينة؟ "، سألني فيما كانت عيناه تجوسان في إحدى فتيات الليل. كانت مبهمة الهيئة تحت فيء الأشجار المتناعسة، ولعلها تنتظرُ على الرصيف زبوناً يملك سيارة. نحوَ زميلة لهذه الفتاة البائسة، كان يَقصُدُ خطوي آنَ فاجأني " رفيق " بظهوره قبل قليل. لم أعُد أذكر إسمَ تلك الزميلة، أو أنه ليسَ ذي أهمية كونها لا تنتمي لطائفة المحظوظين؛ أبطال روايتنا.
وأجدني أستخدمُ تعبيرَ " طائفة " عفواً، طالما أنني أكتب على الورق عما سبق وجدَّ في الليلة تلك صُحبة من كانت تصفه مخدومتي ب " الشيعيّ العراقيّ ". تنقيح ما أكتبه هنا، لم يكن من شيمي حتى اللحظة، ولسببٍ معلوم يتوافقُ مع قناعتي بعدم إمكانية نشره في كتاب مطبوع. ولكنّ هذا، حديثٌ آخر.
إلتفتَ إليّ " رفيق " حال إبتعادنا عن موقف فتاة الليل، ليبتدهني برنّة أسى: " آه، لو أنك على دراية بما أعانيه طوال الوقت؟ ". ثم أسترسل قائلاً: " من يعرفونني، وأنت أحدهم بطبيعة الحال، يعتقدون بأنني لا أعدو عن كوني رجلَ أهواءٍ ونزوات. أعترفُ بأنّ رأيهم هذا، كان مبعثه طريقة حياتي المتسمة بالحرية. وإنها الحرية، من كنت أتوق إليها طوال سني حياتي الأربعين! بلى، حرية شعبي قبل أيّ شيء. فلأنّ القدَر ضنّ بهذه الحرية، إذ يبدو أنه كان عليّ شخصياً دفع ضريبة أكبر من تلك السنين، فإن حياتي سارت بهذا السبيل غير السويّ. تلك البربرية، كان من المؤمل أن تجعلني أهدأ وأستقر. غير أنها كانت أكثر إنحرافاً مني. بل تبيّن أن إنحرافها ناتجٌ عن مرض نفسيّ.. وهذا ما أخفاه عليّ من كان قد عرّفني بها؛ وأقصد سُمية وزوجها! "
" أظن أنّ معاناتك ستنتهي قريباً، في حال حصلت الحرب خلال الشهر المقبل؟ "، قلتُ له لحرف مجرى الحديث. داعب ذقنه متفكّراً؛ وهيَ ربما عادة مستمدة من الدكتاتور العراقيّ، بحَسَب " مسيو غوستاف "، الذي لقّبه " صدّام الصغير! ". وعليه إذاً أن يجيبَ بإنتعاش، كون الموضوع مُغرٍ: " بلى، سيكون الأمر كذلك على أغلب تقدير. ولكنّ الأمريكان لا يمكن الوثوق بهم، ولقد غدروا قبلاً بزعيمكم ملا بارزاني بعدما وعدوه بالدعم ضد الحكومة نفسها. على أيّ حال، فإنهم قد يسقطون صداماً دون أن يمسّوا سيطرة عشيرته على مقاليد السلطة. فلا دول الخليج، ولا تركيا، لترضى بأن يؤول الحكم للأغلبية في العراق... "
" ولا حتى سورية، لترضى أيضاً؟ "، قاطعتُ كلامَ " صدّام الصغير " بنبرة ساخرة. لم أدرِ ما دهاني، لكي أنطق عبارتي بطريقة بدت كيدية بشكلٍ ما. ثمّ أستعدتُ على الأثر ما كان من توصية مخدومتي، بضرورة الحذر عند الحديث مع من كانت تشنّع عليه بكونه " شيعياً عراقياً، عميلاً للمخابرات السورية..! ".
وهذا هوَ يلتفت إليّ وقد أعترته الدهشة، حدّ التوقف عن المشي. ولكنه عاد ليتنكّب ساعدي بودّ، قائلاً: " نفس الحزب يحكم العراق وسورية، فلا عجب أن يكون كلا الحكمين بالدرجة نفسها من الطائفية والعنصرية والديكتاتورية. ولكن إسمح لي أن ألفت نظرك لحقيقة لا تقلّ أهمية، وهيَ أنّ علويي سورية بيئتهم تقدمية كونهم عانوا قروناً من التهميش والنبذ والحرمان. أما سنّة العراق، فعلى العكس تماماً؛ فإنهم كانوا بنخبهم السياسية والعسكرية والإجتماعية جزءاً من السلطنة العثمانية، التي ورثت خلافة بني العباس من يد المماليك.. ". وتابع الرجلُ إتحافي بمعلوماته التاريخية على خلفية حديثٍ حقّ لي الندمَ كوني مَن أثرته، لمحاولة أبعاده عن موضوع " تلك البربرية " ـ كما وَسَمَ خطيبته السابقة.
على أن " رفيق " ما أسرعَ أن كفّ عن الهذر، وكنا عندئذٍ قد أصبحنا بمحاذاة مطعم الوجبات السريعة، الكائن على طرف ساحة الحارثي. تابعتُ إتجاه نظره، وإذا هيَ فتاة الليل تلك؛ التي سبقَ لي إصطحابها إلى الشقة. كانت تجلس مع إحداهن في الترّاس الخارجيّ للمطعم، واضعة رجلاً فوق الأخرى بحركة إثارة تكشف فخذيها العاجيين، المكسوين بجواربٍ فضية شفافة. وعليّ كان أن أشعر بالبهجة للمصادفة السعيدة، جنباً لجنب مع كرَبي بسبب إلماحةٍ مرّت في رأسي من ذكرى ذلك اللقاء الأول.











#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الفردوسُ الخلفيّ: اللام
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الكاف
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 3
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء 2
- الفردوسُ الخلفيّ: الياء
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الطاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الطاء
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 3
- الجزء الأول من الرواية: الحاء 2
- الجزء الأول من الرواية: الحاء
- الجزء الأول من الرواية: زاء 3
- الجزء الأول من الرواية: زاء 2
- الجزء الأول من الرواية: زاء
- الجزء الأول من الرواية: واو 3
- الجزء الأول من الرواية: واو 2
- الجزء الأول من الرواية: واو
- الجزء الأول من الرواية: هاء 3


المزيد.....




- فرح الأولاد وثبتها.. تردد قناة توم وجيري 2024 أفضل أفلام الك ...
- “استقبلها الان” تردد قناة الفجر الجزائرية لمتابعة مسلسل قيام ...
- مونيا بن فغول: لماذا تراجعت الممثلة الجزائرية عن دفاعها عن ت ...
- المؤسس عثمان 159 مترجمة.. قيامة عثمان الحلقة 159 الموسم الخا ...
- آل الشيخ يكشف عن اتفاقية بين -موسم الرياض- واتحاد -UFC- للفن ...
- -طقوس شيطانية وسحر وتعري- في مسابقة -يوروفيجن- تثير غضب المت ...
- الحرب على غزة تلقي بظلالها على انطلاق مسابقة يوروفجين للأغني ...
- أخلاقيات ثقافية وآفاق زمنية.. تباين تصورات الغد بين معمار ال ...
- المدارس العتيقة في المغرب.. منارات علمية تنهل من عبق التاريخ ...
- تردد قناة بطوط كيدز الجديد 2024 على نايل سات أفلام وأغاني لل ...


المزيد.....

- أبسن: الحداثة .. الجماليات .. الشخصيات النسائية / رضا الظاهر
- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - الفردوسُ الخلفيّ: اللام 2