|
بناتي واللغة العربية ..
قاسم حسن محاجنة
مترجم ومدرب شخصي ، كاتب وشاعر أحيانا
الحوار المتمدن-العدد: 6435 - 2019 / 12 / 11 - 14:20
المحور:
الادب والفن
وفق المعايير الكلاسيكية لقياس مدى تمكن الشخص من اللغة العربية ، كما تعلمنا في مدارس قمع التفكير، فإن على الطالب أن يحفظ غيباً ، أشعاراَ من الادب القديم ، ويستعيدُ مع شعراء "الزمن الجميل" ، أي شعراء العصر الجاهلي ومن تلاهم ، أمجاداً وفخرا ، مديحاً وهجاء، غزلا وبكاءً على الأطلال .. وبقدر ما تُسعفني ذاكرتي "التنكية" (ألتي اعتراها الصدأُ)، فقد أُجبرنا على حفظ الإعراب غيبا ، وتم امتحاننا بحفظ أشعار لا تعني لنا شيئاً... واليوم وبعد مرور سنين طوال ، بالكاد أذكر مبادئ أساسية في النحو ، وقليلا من الشعر .. وبناءً على معيار الحفظ غيبا ، فقد كنتُ من المجيدين ، لكنني لو أردتُ تطبيق هذا المعيار على بناتي ، لحصلن بالكاد على درجة نجاح في هذا الامتحان ... ومع ذلك.. ثلاثٌ من بناتي الأربع ، يقمن بتدريس اللغة العربية ، لكن بأساليب مبتكرة وجديدة، لغير العرب ... فابنتي الفنانة يارا ، تُشاركُ ولمدة سنة في تعليم اللغة العربية في كلية ميرسي – نيو يورك ، من خلال برنامج تبادل علمي ، وهو برنامج فولبرايت .. والذي يُعتبرُ القبول له ، أمراً في غاية الصعوبة ، وذلك لأنه يتم اختبار القدرات العلمية لدى المتقدم ، وخاصة في اللغة الإنجليزية ، ومن ثم تتم إجراء مقابلات مع لجنة القبول للبرنامج والتي تفحص المهارات في التواصل والقدرات الخاصة والمميزة لكل متقدم . وخلال الفصل الدراسي الثاني في كلية ميرسي – نيو يورك ، ستقوم يارا بتدريس اللغة العربية للطلاب الامريكان ، بواسطة الفن والألعاب ، وهو أمر جديد في أساليب التدريس ... وقد نشرت الكلية ملصقا في جنباتها تدعو الطلاب للالتحاق بالدروس التي ستقدمها يارا في تعليم اللغة والثقافة العربيتين ، والمشاركة هي من ضمن متطلبات الدراسة ، أي إلزامية . وكانت الجامعة قد نوهت في الملصق بأن هذه الدروس، ستقدمها "البروفسور" يارا محاجنة ... وكم فرحنا وضحكنا وتندرنا على يارا التي حصلت على لقب بروفسور وهي التي انهت السنة الأولى فقط من دراستها للقب الثاني في الفنون التشكيلية . أما أفنان القاسم (سامع يا أستاذ افنان)، وهي الثالثة في ترتيب البنات ، فتعمل في تدريس اللغة العربية العامية ، للراغبين من الشباب والصبايا اليهود في مدينة تل – ابيب ، في إطار مدرسة هناك ، تُطلق على اسمها "مدرسة فنجان " ، وتستعين أفنان في تدريسها للعامية الفلسطينية بالفكاهة ، كوسيلة تعليم ، حتى أنّ من يُشاهد الدرس ، يشعر وكأنه في عرض لفنان "ستاند- اب كوميدي" ، ودروسها تحظى بمشاركة كبيرة. بحيث أن المدرسة قد وضعت على صفحتها في وسائل التواصل الاجتماعي ، مقطعا مصورا طويلا، من صف أفنان ، وذلك كدعاية للمدرسة، وكتبت على الصفحة بأن أفنان تمتاز بالإضافة الى الروح المرحة ، بمهارات تواصل ومهارات تعليمية ، بحيث يُضطر الطلاب الى التكلم بالعربية أثناء الدرس ، وهم في العادة يهربون الى لغتهم الأم إذا أرادوا الإستفسار عن شيء لم يفهموه . أما صغيرتي " وجد القاسم" ، والتي تدرس في المدرسة الثانوية الدولية في كامبوس "غبعات حبيبة" ، فهي تدرس اللغة العربية للطلاب الأجانب واليهود في المدرسة ، والذين أختاروا تعلم اللغة العربية ، كلغة ثانية. أما كُبرى بناتي ، مهندسة الماء والحاصلة على الماجستير في إدارة الموارد المائية ، والتي تعمل في معهد أبحاث كبير ومشهور عالميا ، في هولندا، فإنها وإضافة الى عملها كباحثة ومستشارة في المعهد، فإن كل عمل في المعهد يحتاج الى اللغة العربية ،فإن أصالة قاسم هي العنوان .. إذن ، تعليم العربية للأجانب ، يحتاج في المكان الأول ،إلى مهارات ، ليست بالضرورة " قواعد النحو والصرف" ، ولا إلى "الجمل الفخمة" والأشعار الموزونة ، المطلوب أولا وقبل كل شيء ، مهارات يُمكن بواسطتها تحبيب اللغة العربية الى الطلاب وجعلها في متناول الفهم "واليد". وتسهيل الوصول الى اللغة بآليات مبتكرة ، يساهم في كسر التفكير النمطي ، ويُقرب بين الثقافات الإنسانية، بعيدا عن التزمت "اللغوي". ولمن يتساءل ، نعم لدي إبن ذكر وهو ابني البكر ، ويعمل كمهندس برمجة حاسوب ، يعمل في شركة برمجة ، وقد يبدأ هو الآخر في تعليم زملائه المهندسين اليهود ، اللغة العربية العامية ...
#قاسم_حسن_محاجنة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
تمخضّ الجبل ...
-
شيطان الشعر
-
بين الإنتفاخ الفاشي والخنوع الراضخ..!!
-
تقاطع الأيديولوجيات المتناقضة ...
-
شذراتٌ من سنوات مضت ..
-
قليل من الخمر ..
-
الامبرلالية .. أو نحو تعريف جديد للمثقف .
-
علمانية بمرجعية دينية ...
-
مرثيةٌ لنهدٍ مُغادر
-
من القاتل ..؟!
-
منع التجول والتوجيهي ...!!!
-
ما لكم ... قبحكم الله ...؟!
-
الراديكالية والنسوية .
-
بين هاشتاغين ..!!
-
مسيرة القتل ...
-
de jure وال- , de- facto ما بين
-
الثقافة أم السياسة ؟!
-
دماءٌ على الرصيف...
-
أولُ الغيثِ قطرٌ....
-
فانتازيا ايروتيكية....
المزيد.....
-
الجامعة الأمريكية بالقاهرة تطلق مهرجانها الثقافي الأول
-
الأسبوع المقبل.. الجامعة العربية تستضيف الجلسة الافتتاحية لم
...
-
أرقامًا قياسية.. فيلم شباب البومب يحقق أقوى إفتتاحية لـ فيلم
...
-
-جوابي متوقع-.. -المنتدى- يسأل جمال سليمان رأيه في اللهجة ال
...
-
عبر -المنتدى-.. جمال سليمان مشتاق للدراما السورية ويكشف عمّا
...
-
أمية جحا تكتب: يوميات فنانة تشكيلية من غزة نزحت قسرا إلى عنب
...
-
يتصدر السينما السعودية.. موعد عرض فيلم شباب البومب 2024 وتصر
...
-
-مفاعل ديمونا تعرض لإصابة-..-معاريف- تقدم رواية جديدة للهجوم
...
-
منها متحف اللوفر..نظرة على المشهد الفني والثقافي المزدهر في
...
-
مصر.. الفنانة غادة عبد الرازق تصدم مذيعة على الهواء: أنا مري
...
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|