أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - أية نكسة اصابت الجمهورية الصحراوية ؟















المزيد.....

أية نكسة اصابت الجمهورية الصحراوية ؟


سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر

(Oujjani Said)


الحوار المتمدن-العدد: 6270 - 2019 / 6 / 24 - 16:12
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


وهل هذه النكسة حديثة الحصول ، ام انها تعود الى زمن مضى ، واليوم تعرت بشكل واضح ، وبالمكشوف امام كل دول العالم ؟
ولنتساءل : ما هي أسباب نكسة الجمهورية الصحراوية ، ومعها جبهة البوليساريو ؟ هل سبب الانتكاسة ذاتي ، ام انه خارجي يرجع الى تطور أساليب النظام المغربي ، بممارسة سياسة هجومية لفتح مواقع كانت من قبل حصنا محصنا لجبهة البوليساريو ، ولجمهورية تندوف ، واصبح الآن من السهولة بمكان اقتحامها كفتح مُبشّر بنصر عظيم ؟
ان اكبر سبب في نكسة وانتكاسة جبهة البوليساريو ، من جهة هو ذاتي ، ومن جهة ، هو تحول وتطور دولي املته التغييرات التي حدثت على مستوى الأنظمة الحاكمة في الدول التي غيرت مواقفها من دول كانت مساندة للجبهة وللجمهورية ، الى دول سحبت اعترافها بالكيانين ، واضحت تؤيد حل الحكم الذاتي الذي اقترحه النظام المغربي في سنة 2007 .
اما عن دور الفاعل المغربي في هذه النكسة الانتكاسة بل النكبة ، فهو جاء متزامنا مع هذه التحولات التي حصلت في العديد من هذه الدول ، كما جاء بعد ان راهن على الزمن الذي يذيب الحديد فأحرى البشر . وهنا الم تتخلى منظمات أمريكا اللاتينية والجنوبية الماركسية والماوية عن ثوريتها وعن كفاحها المسلح ، ولتتحول الى منظمات سياسية أضحت أولوياتها الأساسية هي الوصول الى الحكم عن طريق الانتخابات ، وليس عن طريق الكفاح المسلح الذي تسبب في كوارث ، ومآسي ، وكانت نهايته الفشل .
ولنا هنا ان نتساءل : اين هي جبهة فرباندو مارتي للتحرير الوطني الماركسية ؟ اين هي منظمة الدرب المضيء الماوية ؟ اين هي منظمة توباماروس ؟ بل اين هي منظمات ثورية مثل بادر ماينهوف الألمانية ، الخط الثالث والالوية الحمراء الإيطالية ، العمل المباشر الفرنسية ، الخلايا الثورية البلجيكية ، منظمة إيتا الباسكية ، الجيش الأحمر الياباني ، الجيش الأحمر الأرميني .... وأين كل فصائل منظمة ( التحرير ) الفلسطينية ؟ .... لخ .
لقد ساهم في هذا التطور الذي لم يكن مفاجئا ، من جهة تفكك الاتحاد السوفياتي ، وسقوط جدار برلين ، وسقوط أنظمة برجوازية صغيرة حكمت اوربة الشرقية باسم العمال المبعدين عن مجال السلطة والحكم ، كما ساهم فيه تحول الصين الشعبية من ماوية ، الى دولة اكبر من امبريالية غازية للعالم في تنافس مع الولايات المتحدة الامريكية .
ان هذا التحول السقوط لهذه الأنظمة ، وسقوط قيمها الفلسفية والأيديولوجية ، وهي الأنظمة التي كانت تمارس كل حروبها بالوكالة ، قدم خدمة غير مسبوقة لموقف النظام المغربي في نزاع الصحراء ، وساهم في حدوث ارتباك مدوي ، وسط الأنظمة السياسية التي كانت موالية لها كالجزائر ، ومن ثم ساهم هذا التحول في خلط الأوراق مجددا ، عمّا كان عليه الحال قبل سقوط المعسكر الاشتراكي المنحل .
لقد اثر هذا الوضع الجديد على نزاع الصحراء الغربية ، وبدأنا نشاهد مراجعات مختلفة لدول كانت تناصر وبالوجه المكشوف الموقف الجزائري من الصراع ، و لتتحول الى دول مناصرة للمغرب في موقفه بخصوص مغربية الصحراء ، او كان بعضها يكتفي فقط بسحب الاعتراف بالجمهورية الصحراوية ، دون ان يعلن تأييده الصريح لمغربية الصحراء .
وهنا فان سحب الاعتراف هو موقف حيادي ما دام ان القضية هي بيد الأمم المتحدة ، ومجلس الامن . فالموقف الأخير الذي ستتخذه هذه الدول التي سحبت الاعتراف بالجمهورية ، ودون ان تعترف بمغربية الصحراء ، سيتقرر على ضوء نتيجة الاستفتاء الذي ستنظمه الأمم المتحدة بالمنطقة ، هذا إذا تم تنظيمه ، وهو لن ينظم ابدا ، لان أي حل خارج المغرب هو حل مرفوض .
لكن التطور الأهم الذي غيّر القاعدة من سحب الاعتراف ، ان النظام المغربي عندما طرح حل الحكم الذاتي في سنة 2007 ، ودون ان يحظى بمباركة الأمم المتحدة ، ولا بمباركة مجلس الامن ، اللذين يعتبرانه حلا جديا يستحق النقاش ، لكنه حل لا ولن يلغي حل الاستفتاء المؤدي لتقرير مصير الصحراويين ، كما ان الأطراف المعنية بهذا الحل ، وهي جبهة البوليساريو والجزائر رفضاه ، وهنا وامام هذا الرفض ، فالنظام المغربي لا يمكن ان يقوم من جانب واحد بفرض نظام الحكم الذاتي على المناطق المتنازع عليها ، لان سكان هذه المناطق ، مفروض فيهم انهم مغاربة غير معنيين بحل الحكم الذاتي الذي يعني فقط محتجزي تندوف ، وصحراويي الشتات ... ... فان تغييرا إيجابيا طرأ كمؤشر يخدم بالواضح شعار مغربية الصحراء ، عمّا كان عليه الوضع سابقا .
وهنا ، وبخلاف التزام موقف الحياد من النزاع بالنسبة للدول التي سحبت اعترافها من الجمهورية الصحراوية ، فان هذا الحياد اضحى متجاوزا ، وتطور الوضع الى ان اصبح سحب الاعتراف ، هو تأييد واضح لمغربية الصحراء ، من خلال تأييد حل الحكم الذاتي ، ولم يعد فقط موقفا محايدا لدول تنتظر قيام مجلس الامن والأمم المتحدة ، بتنظيم استفتاء الذي على ضوء نتائجه ، ستحدد تلك الدول التي سحبت الاعتراف ، موقفها النهائي من الصراع ..
عندما طرح المغرب قضية الصحراء الغربية على محك المنتظم الدولي ، كان ذلك في اوج الحرب الباردة المشتعلة بين المعسكرين المتقابلين ( الاشتراكي المنحل ) ، والرأسمالي الذي سيطر اليوم على العالم ، فكان من المفروض ان يعرف نزاع الصحراء هذا ، نهايته مع نهاية الحرب الباردة . لكن للأسف ، وبسبب أخطاء غير مغتفرة قام بها النظام المغربي ، فأساءت الى مغربية الصحراء ، ظل هذا النزاع كما هو ، ودون ان يبرح مكانه منذ سنة 1975 .
ان هذه الحقيقة التي اعترف بها الرئيس السابق عبدالعزيز بوتفليقة ، حين خاطب الجزائريين قائلا " لقد راح الزمن الذي كانت فيه الجزائر عنصر فاعل في السياسة الدولية ، ومحور محرك بدول عدم الانحياز ، وقطب كوبي بالقارة الافريقية " ، داعيا الجزائريين الى تغيير أفكارهم ، وخفض سرعة اطماعهم ، وبضرورة تأقلمهم مع التحولات الدولية التي فرضت نفسها منذ سقوط الاتحاد السوفياتي ، وسقوط جدار برلين ، وأنظمة اوربة الشرقية .
ان هذا الاعتراف من اعلى سلطة بالجزائر ، أكدته التحولات الدولية التي انعكست على نزاع الصحراء ، وزاد في تأكيده ان العالم اتخذ مسافة من الجزائر التي اصبح على رأسها رئيس مريض مشلول ، وفاقدا للذاكرة ، ويجهل بالمرة إعادة ترشيحه من قبل المافيا التي خربت الجزائر منذ حصولها على استقلالها ...
وهنا لا أقول ان جبهة البوليساريو لم تستوعب التحول الذي طرأ في العالم ، لان القرار الاول والأخير ليس بيدها ، بل هو قرار جزائري محض ، تجاوزته هو بدوره الاحداث العالمية ، ولم يستطيع ادراك طبيعة التحول في العديد من الدول من اليسار باتجاه اليمين ، والطريق متواصل باتجاه اليمين اليمين ، وهو ما سينعكس سلبا على الموقف الجزائري من قضية الصحراء المغربية .
وبالرجوع الى معرفة التحول الذي حصل بالدول التي سحبت اعترافها بالجمهورية الصحراوية ، وايدت مغربية الصحراء من خلال تأييدها لحل الحكم الذاتي ، سنجد ان تلك الدول حين اعترفت بالجمهورية الصحراوية ، فهي كانت تحكمها أحزاب يسارية من بقايا أحزاب الحرب الباردة ، لكن ما ان خسرت مواقعها السياسية بفعل خسارتها في الانتخابات ، ومجيئ أحزاب يمينية على انقضاها ، كان طبيعيا ان تراجع تلك الأحزاب ، كل ما قامت به تلك الأحزاب اليسارية عندما كانت في الحكم ، وطبيعي هنا ان المراجعة ستشمل العلاقات الدولية ، حيث ستتخندق الأحزاب اليمينية ، بجانب الدول التي كانت معادية للأحزاب اليسارية عندما كانت في الحكم .
في هذا الخضم ، لا نتفاجأ ان تسحب مجموعة دول اعترافها بالجمهورية الصحراوية ، وتمتين العلاقات والروابط مع المغرب ، والذهاب ابعد باعترافها بمغربية الصحراء ، من خلال اعترافها بحل الحكم الذاتي .
ان سحب هذه الدول لاعترافها بالجمهورية الصحراوية ، ودون الاعتراف صراحة بمغربية الصحراء كما كان يحصل قبل 2007 بدعوى الحياد ، اصبح متجاوزا اليوم لصالح الاعتراف الصريح بمغربية الصحراء ، وهذه ضربة قوية وسامة ، اثرت كثيرا على مجموعة قصر المرادية التي تمثله مجموعة عبدالعزيز بوتفليقة ، ومعها بعض الجنرالات المتعاونة مع هذه المجموعة ، ولم تؤثر على الموقف القوي للجيش الجزائري الذي استشعر بتوريط مجموعة بوتفليقة للبوليساريو في حراك الجزائر ، وضد الشعب الجزائري ، وهذا نفهمه في الشعارات التي رفعها الشعب الجزائري في وجه جبهة البوليساريو " ارحل " ، وهو ما جعل الجيش ينزل بقوة لإحباط المؤامرة التي شاركت فيها لويزة حنون الى جانب سعيد بوتفليقة ، والجنرال طرطاق ....لخ .
الى جانب هذا العامل الخارجي ، الموضوعي في تغيير مواقف العديد من الدول بخصوص نزاع الصحراء الغربية ، وتحول موقفها من مجرد سحب الاعتراف الذي كان موقفا حياديا من نزاع مُدوّل ، في انتظار اتخاذ موقف عادل بعد تنظيم الاستفتاء ، الى موقف مؤيد صرحة لمغربية الصحراء ، من خلال تأييدها لحل الحكم الذاتي ، هناك العامل الذاتي النابع من قلب جبهة البوليساريو ، والذي جعلها تبرح مكانها ، ليس منذ سنة 1975 ، بل منذ سنة 1991 ، بعد تصويبها رحمة الرصاصة على رأسها ، عندما انطلى عليها مقلب الحسن الثاني ، لمّا وجه رسالة الى الامين العام للأمم المتحدة ، والى مجلس الامن يدعو فيها الى وقف اطلاق النار فورا ، والشروع في تنظيم الاستفتاء الذي كان من المفروض ان ينظم في سنة 1992 ، وفي ابعد تقدير في سنة 1993 .
فهل القبول بتوقيف الحرب الذي دامت ستة عشر سنة ، وكادت ان تسبب في سقوط نظام الحسن الثاني ، هو قرار مستقل لجبهة البوليساريو ، ام انه قرار جزائري ، طمعا في الحصول على نصيبه من معركة الصحراء ، ظانا ان النظام المغربي في وضع ضعيف ، وسيقبل باقتسام الصحراء معه ، لتفادي سقوطه الوشيك والمحتوم ؟ .
عندما نعرف ان الأخطاء التي ارتكبها النظام المغربي ، ومعه كل طبقته السياسية الممثلة في الأحزاب التي كانت تتظاهر بنهج أسلوب المعارضة ، في حق الصحراويين الطلبة الشباب ( عبدالله إبراهيم ، عبدالرحيم بوعبيد ، علال الفاسي ، ابراهام السرفاتي ) ، سندرك سريعا أسباب نجاح الجزائر في استقطاب الجبهة التي أسسها مقاومون مغاربة ، كانوا لاجئين سياسيين بالجزائر ، وعلى رأسهم الفقيه محمد البصري ، وعبدالفتاح سباطة ، ومولاي عبد السلام الجبلي ...لخ .
كما سندرك سريعا ، ان القرار الأول والأخير في كل ما يخص الصحراء المغربية ، لم يكن قرارا صحراويا ، بل كان قرارا جزائريا استعمل الجبهة ووظفها ككمبراس ، لبلوغ مرامي تخص التراب الجزائري ، ولا علاقة لها اطلاقا بما يسمى بحقوق الشعب الصحراوي الغير القابلة للتصرف ، أي لا علاقة لها بالاستفتاء وتقرير المصير ، كحق أساسي ينص عليه ميثاق الأمم المتحدة .
وهنا فان النظام الجزائري الذي وجد الفرصة مواتية ، وسانحة لرد هزيمة حرب الرمال في سنة 1963 ، ولإبعاد ، بل القضاء على المطالب المغربية بالأراضي التي فوتتها فرنسا الى الجزائر ، لم تتأخر هذه في الارتماء في هذا النزاع ، وهي تأمل ليس فقط بطي مطالب استرجاع تندوف والأراضي الملحقة بها ، بل سيزيد الطمع الجزائري ، وبدعم من الصهيوني هنري كيسينجر ، ومن دول المعسكر الشرقي ، والعديد من الدول العربية كسورية ، واليمن الجنوبي ، ومنظمات التحرير الفلسطينية ، في التوسع على حساب المغرب بالوصول الى المحيط الأطلسي ، وقد زاد من ايمانهم العميق بهذه الاطماع ، كون نظام الحسن الثاني كان غير مرغوب فيه دوليا ، بسبب مادة حقوق الانسان ، ونظرا لان كل المؤشرات في الساحة ، كانت تنتظر حدوث انقلاب عسكري ، قد تنجم عنه حرب أهلية ستسبب في تقسيم المغرب ، واضعافه لصالح دينصور جزائري ينتظر ابتلاعه . وقد وطّئ لهذا الحلم – المخطط ، تعرض النظام لانقلاب الجيش في سنة 1971 ، وفي سنة 1972 ، ووجود معارضة جمهورية برجوازية صغيرة ، تحتضنها الجزائر ، ومتمركزة فوق أراضيها ، وهي المعارضة التي عبرت عنها احداث 16 يوليوز 1963 المسلحة ، وعبرت عنها حركة 3 مارس 1973 ، ولا ننسى ان حتى الشبيبة الإسلامية تمركزت في الجزائر ، وتدربت هناك على استعمال السلاح ، وناصرت الصحراويين الداعين الى الانفصال عن المغرب .
عندما دعا الحسن الثاني الأمم المتحدة الى وقف الحرب ، والشروع في تنظيم مساطر تنظيم الاستفتاء تحت اشراف الأمم المتحدة ، فان قرار وقف الحرب ، وابرام اتفاق وقفها ، وتحت اشراف الأمم المتحدة في سنة 1991 ، لم يكن قرارا لجبهة البوليساريو ، ولا قرارا للجمهورية الصحراوية ، بل كان قرار جزائريا صرفا ، لاعتقاد الجزائريين ان فرصة ابتلاعهم الصحراء أصبحت قريبة من الصفر ، وان النظام المغربي يتهاوى بسبب الضعف ، وبسبب الازمة التي تنذر بثورة شعبية عارمة ، او بانقلاب عسكري على غرار انقلاب 1971 و انقلاب 1972 .
ولو كان قرار وقف الحرب صحراويا ، هل كان لهؤلاء ان ينتظروا ثمانية وعشرين سنة لتنظيم استفتاء اضحى اليوم من الاطلال ؟
لو لم يكن القرار جزائريا محضا ، ولو بقيت الجزائر الدول قوية ، كما كانت تصول وتجول ضمن حركة عدم الانحياز ، وفي القارة الافريقية ، وعلاقتها المتميزة مع أنظمة عربية موالية لها ، كسورية ، واليمن الجنوبي ، وصومال زياد برّي ، ومنظمة التحرير الفلسطينية ، ثم علاقتها المتميزة مع المعسكر الاشتراكي المنحل ، هل كان لقصر المرادية ان ينتظر طيلة هذه السنوات ، لتنظيم الأمم المتحدة استفتاء يبتر جزءا من تراب المغرب ، ويلحقه سريعا بالجزائر ؟
والآن والجزائر مريضة ، والدولة في طريق الهاوية ، والشعب الجزائري ينتفض ضد من اغرق البلاد في الفساد ، وسبب لها أزمات يعاني منها الشعب ، ومن هذه الازمات احتضان انفصاليين صحراويين ، يأكلون أموال الشعب الجزائري ، واصبحوا عالة على الجزائر ، هل تستطيع الجزائر العودة الى دفع الجبهة ، الى ممارسة الكفاح المسلح ، كما كان الامر في سبعينات ، وثمانينات القرن الماضي ؟
ان اكبر خطأ استراتيجي سقطت فيه الجزائر ، ومعها جبهة البوليساريو ، هو القبول بوقف اطلاق النار في سنة 1991 ، وتوقيع اتفاق في ذلك ، وتحت اشراف الأمم المتحدة ، تمخض عنه انشاء " هيئة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، أي " المينورسو " .
لقد مر على وقف اطلاق النار الذي اصبح مكبلا لجميع اطراف النزاع ، ثمانية وعشرين سنة ، والى الآن لم ينظم الاستفتاء المنتظر ، بل ان التطورات الدولية ، والمحلية كلها تفيد بموته ، ومع ذلك الجزائر الضعيفة ، وصنيعتها الجبهة ينتظران شيئا لا ، ولن يعود ، و قد يعود گودو ، ولا يعود الاستفتاء .
لقد مرت الخمس سنوات الأولى ، والخمس الثانية ، والثالثة ، والرابعة ، والخامسة ، والسادسة ، ونحن في طريق السابعة ، والاستفتاء لم ينظم . وكان هذا طبيعيا فعندما تتخلى منظمة عن الكفاح المسلح ، لصالح المفاوضات من جل المفاوضات ، وتصبح المفاوضات عقيمة الى حد التقزز ، بسبب لقاءات من اجل الظهور ، واستعراض الأشخاص ، مع الفشل الضارب ، سواء بمنهاتن بأمريكا ، او بجنيف بسويسرة ، انْ تتحول كل اللعبة الى مسرحية تجتر فن تلويك الكلام في المناسبات ، خاصة بعد ان تحولت الجبهة ، الى شبيه بحزب سياسي يتقن الخطابات ، وتتحول القيادة اليمينية الفاشلة التي تسكن الفيلات بالجزائر العاصمة ، الى طاووسية ، تراهن على لقاءات فلكلورية لإبراهيم غالي ببعض الرؤساء الافارقة ، او الحضور الباهت في بعض اللقاءات ، كاللقاء مع الاتحاد الأوربي .
لقد انعكست هذه الأوضاع السلبية منذ ثمانية وعشرين سنة ، على الوضع العام داخل مخيمات اللجوء ، وادى هذا الوضع الشاد المعبر عن الهزيمة ، الى انتفاضات للصحراويين الاحرار ، قوبلت بقمع سحيق من قبل القيادة الدكتاتورية ، للجم كل صوت حر يطالب التخلص من استبداد الجزائر الذي أوصل الصحراويين الى الباب المسدود .
وإذا كان لمؤتمر الرابع عشر للجبهة قد ركز على احتكار الطابع القبلي للشأن السياسي ، والتركيز على التصفية السياسية للقيادات الشائخة المسؤولة عن سنوات الحرب ، فان كل المؤشرات تفيد باستمرار نفس القبيلة ، من خلال نفس الأشخاص ، باحتكار الشأن السياسي ، بمراقبة الدولة الجزائرية في المؤتمر الخامس عشر القادم ، وهو ما يعني استمرار نفس الوضع الذي يتضرر منه صحراويو المخيمات المحتجزين ، واستمرار الجبهة ومعها الجمهورية ، في حصد مزيد من الهزائم .
فان تسحب العديد من الدول ، وفي دفعة واحدة ، اعترافها بالجمهورية الصحراوية ، وتعلن تأييدها لمغربيتها ، من خلال تأييدها لحل الحكم الذاتي ، فهذا تطور خطير للجبهة وللجزائر ، وتطور إيجابي للمغرب ولوحدة أراضيه .
لقد اعادت دول الخليج اعترافها بمغربية الصحراء مجددا ، ونفس الشيء قامت به البرازيل ، السلفادور ، كلومبيا ، بوگوطا ، باربادوسا ، غينيا ، السورينام ، ايرلندة ، الطوگو ، المعارضة بفنزويلا ، اعتراف العديد من الدول في مجموعة 24 عشرين التابعة للأمم المتحدة بحل الحكم الذاتي ، تناول جون بولتون لقضية الصحراء في اقل من ثانية ، فوز ولد الغزواني في الانتخابات الرئاسية الموريتانية ...
لقد انهزمت جبهة البوليساريو ، وعرابها الجزائر التي تلاعبت بها ، في طريق تصحيح الشعب الجزائري لخطأ حسابات قيادته التي افسدت الجزائر ، واضاعت أموال الشعب الجزائري ، في نزاعات تستفيد منها وتخدم الجماعة المسيطرة على الجزائر ، ولا تخدم الشعب الجزائر في شيء .
إن الحل الوحيد الذي بقي للصحراويين ، هو ان يتخلصوا من استبداد قيادتهم العميلة للقيادة الجزائرية ، ومن ثم التخلص من سطوة حزب جبهة التحرير ، ومنه التخلص من سطوة جنرالات الجيش ، وان يعلنوها ثورة مظفرة تتوج بالعودة الى بلدهم المغرب ، وليضيفوا نضالهم الى جانب نضال احرار وشرفاء الشعب المغربي ، لبناء الدولة الديمقراطية تحت اية يافطة كانت ، مادام الأساس هو الديمقراطية .
فبدون هذا الحل ، فما ينتظر الجبهة سيكون اكثر من اسوء .



#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)       Oujjani_Said#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- تناقضات النظام المغربي
- L’échec de l’autonomie interne – فشل الحكم الذاتي
- في أسباب هزيمة يونيو 1967
- بعض ( المعارضة ) تنهش لحم الامير هشام بن بعدالله العلوي
- لا حركة ثورية بدون نظرية ثورية
- La visite du conseiller principal du président Donald Trump ...
- شروط الإمام المفتي في السعودية
- عصر الشعوب / Le temps des peuples
- خلفيات استقالت هرست كوهلر المبعوث الشخصي للامين العام للامم ...
- 10 مايو 1973 / 10 مايو 2019 / تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير ال ...
- جبهة البوليساريو ومحكمة العدل الاوربية
- الرئيس دونالد ترامب -- حماس -- قطر -- تركيا : Le président D ...
- تحليل قرار مجلس الامن 2468 بخصوص نزاع الصحراء الغربية
- ضابط سلاح الجو سابقا مصطفى اديب ، والامير هشام بن عبدالله ال ...
- مسيرة الرباط الثانية
- الحركة النقابية المغربية
- الجيش
- تأكيد الاحكام في حق معتقلي حراك الريف وفي حق الصحافي حميد ال ...
- تصريح الامين العام للامم المتحدة حول نزاع الصحراء الغربية
- لماذا يجب مقاطعة الانتخابات ؟


المزيد.....




- قرش يهاجم شابًا ويتركه ليهاجمه آخر بينما يحاول الهرب.. شاهد ...
- اكتشاف شكل جيني جديد لمرض ألزهايمر يظهر في سن مبكرة
- نتنياهو: إسرائيل يمكنها -الصمود بمفردها- إذا أوقفت الولايات ...
- شاهد: إجلاء مرضى الغسيل الكلوي من مستشفى رفح إلى خان يونس
- دراسة: الألمان يهتمون بتقليل الهجرة أكثر من التغيّر المناخي! ...
- رغم الاحتجاجات.. إسرائيل تتأهل لنهائي مسابقة الأغنية الأوروب ...
- البنتاغون قلق من اختراق روسيا لمحطات -ستارلينك- واستغلالها ف ...
- الدفاعات الروسية تسقط صاروخين أوكرانيين استهدفا بيلغورود غرب ...
- الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صواريخ أطلقت من رفح باتجاه إسرا ...
- العراق يدعو 60 دولة إلى استعادة مواطنيها من ذوي عناصر -داعش- ...


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - سعيد الوجاني - أية نكسة اصابت الجمهورية الصحراوية ؟