|
صداقةٌ في مهب الريح .
يوسف حمك
الحوار المتمدن-العدد: 5569 - 2017 / 7 / 2 - 00:45
المحور:
الادب والفن
أن تنتقد صديقاً لا يعني أنك في حربٍ ضروسٍ معه .و أن تعاتب زميلاً على تقصيره في أداء واجبٍ لا يعني أنك تفتح معه جبهةً . و أن تنصح أخاً أو صديقاً لخذلانه في موقفٍ لم يكن يقظاً بما فيه الكفاية ، أو تختلف معه في وجهة نظرٍ حول موضوعٍ معينٍ ليس لأنك تراه صغير العقل ، أو أقل منك شأناً .
أقبل إليَّ شاكياً من صاحبٍ يجمعهما باعٌ طويلٌ من العشرة - و منذ عقودٍ – يأكله الأسف على ما كانت تربطها علاقةٌ وطيدةٌ دون أن يعرف حقيقته كما هو عليها .
افترقا لمدة ما يقارب عقدين ، خلالها طرأت على حياتهما الكثير . و شاءت الظروف أن يلتقيا ثانيةً في زمنٍ كله رعبٌ و فزعٌ .
تحادثا كسابق عهدهما في أمورٍ خاصةٍ بهما و كما تخص الآخرين . و يدور بينهما حوار سياسيٌّ في أغلب أيام الأسبوع بشأن الوطن و الوطنية . كما كانا يتناقشان كثيراً فيما يخص الأحزاب و التنظيمات من حيث النضال و الأهداف و التبعية و .... الخ
يوماً بعد يومٍ كان يرى من صاحبه رزمةً من المفاجآت التي لم يكن يتوقعها منه البتة . إلا أن ضاق به ذرعاً ، فلم يعد يحتمل غلاظته ، و تصرفاته الفظة ... حتى لمجرد إبداء الرأي في مسألةٍ ذوقيةٍ بسيطةٍ تنتفخ أوداجه ، و يزمجر غاضباً ، ثم يقاطعه أياماً و شهوراً – علماً أن الأمور الذوقية نفسيةٌ منبعها لا إراديةٌ ، و لا دخل للإنسان في صنع معاييرها ، أو تحديد مسار ميوله و رغباته تجاهها . و قد أثبت علماء النفس و المختصون أنه : ( لاجدال في الذوق ) . إعجابك مثلاً بلونٍ دون غيره من الألوان أنت نفسك تجهل تفسير ذلك الإعجاب ، أو سبب هذا الميل . فأنت تحب هذا اللون و انتهى . و لا أجوبة لكيف و متى و لماذا ؟!
أما صاحبه فكان يحاسبه على ذوقه الخاص الذي لا دخل له في وجوده ، و ذلك بعد جدالٍ عقيمٍ في أمرٍ ليس بمقدوره ، أو أي شخصٍ غيره بتغيير هذه الحقيقة أو إجراء أي تعديلٍ عليها و لو قيد أنملةٍ . و تبدأ المقاطعة من جديدٍ لتستمر طويلاً . هذا كان في أبسط القضايا التي لا تقبل الجدال ، فكيف بالمسائل الفكرية و العقائدية و التوجهات الدينية و السياسية و الاقتصادية و الاجتماعية التي لا يمكن فهمها ، أو التفاهم عليها إلا بالحوار البناء ، و المناقشة الهادئة ، وتقبل الرأي الآخر ؟!
بدابةٌ سيئةٌ تلمسها صاحبه منه في تعامله معه و الآخرين على السواء ، حينما انقشع الضباب فبدا واضحاً كيف أنه يهجم عليه و على غيره ، و ينهال عليهم بكيلٍ من الاتهامات التي لا تمت للحقيقة بصلةٍ لمجرد أنه لم يحصل منهم على ما يريد ....... تعامله بات نفعياً ضيقاً ، و بانتقائيةٍ سمجةٍ يخرق قواعد اللعبة . تارةً يرفع من مقامك رفعاً خرافياً مما لست فيه ... أو يقذف بك إلى الهاوية بركلاتٍ شرسةٍ تقطر حقداً و كراهيةً ، بعد أن مرغ أنفك في الطين ، فمسح بك الأرض بعدها .. و دون أن تكون أهلاً لذلك ، أو تستحق هذه العقوبة المغرضة ، سيما أنك لم تسيء إليه ، أو تلحق به الأذى ( فكل شيءٍ يقيسه حسب مصالحه ) .
يضع نفسه و عائلته مع الماضي الذي يخصهم داخل صندوقٍ حديديٍّ ، يقفله و يرفعه عالياً كأيقونةٍ مع التحذير : ( ممنوع الاقتراب و التقرب ) . له حصة الأسد في العلم و المعرفة و النزاهة و الوطنية و الإخلاص ، و في مهنته عبقريٌّ ، و أولاده ورثوا منه العبقرية ذاتها ، فلا أحد من أقرانهم و زملائهم يضاهيهم في أي أمرٍ ، حتى إن كان تحصيلهم الدراسيُّ أفضل من حصيلة أولاده ، و نالوا شهاداتٍ أعلى من شهاداتهم ، و نادراً المدرسون من أولاده يتعلمون . هو و عائلته الأفضل دائماً و الأنقى ، و ماضيهم ناصع البياض ... فلا ذرة غبارٍ تلوثه ( حسب زعمه ، و بلسانه دائماً ) .
مدَّاحٌ من الطراز الأول ، و هجَّاءٌ في البراعة لا يشق له غبارٌ ، نبوغه في النفاق رفيعٌ جداً فلا يبدو عارياً إلا لمن عاشره بعمقٍ ، و يملك نظرةً ثاقبةً !!! تناقضٌ صارخٌ بين أقواله و ما يفعله ! أسلوبه تعسفيٌّ فظٌ ، مزاجيُّ حتى مع فلذات أكباده الذين يرزحون تحت رعايته المتعجرفة .
يضيف صاحبه : ( يصعقني أسلوبه المقزز الذي سئمت منه ، لا أريد صحبته بعد الآن ، و لا رغبة لي في ديمومة عشرته .....)
صفةٌ واحدةٌ من هذه المنكرات بمفردها مرضٌ ، فكيف إذا اجتمعت كلها في شخصٍ واحدٍ دفعةً واحدةً ؟!!! لعمري إنه أعظم درجات الجنون ، و أخطر حالةٍ يستهام بها الإنسان !!
#يوسف_حمك (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
أرواحٌ تهدم ، فلا تعرف البناء .
-
عيدٌ طمرته آلة الموت أسفل الركام .
-
اللاجئُ أيام الدهر كلها عليه قليلٌ .
-
هل قتل العباد إنجازٌ ، أم إحياؤهم ؟!
-
عزفٌ على وترٍ شغوفٍ .
-
عذراً أيها الوزير : لكم نزاهتكم ، و لنا مفسدتنا الكبرى .
-
الاستفتاء حقٌ مشروعٌ ، و ليس خزياً و لا عاراً .
-
إلى متى يستمر الوضع على هذا المنوال ؟!
-
عن الحياة غائبون
-
أحقابٌ همجيةٌ من الجهلِ .
-
صوموا إن شئتم ، أو فَلّتَصْمُتوا.
-
ضائعٌ أمله ، و منسيٌّ حلمها .
-
صرخة فتاةٍ آلمها الغدر .
-
البطالة في المخيمات آفةٌ تولد الآفات .
-
كاليستوقراطيون بلا وميضٍ .
-
نفوسٌ تخرُّ هابطةً
-
هربنا من الدب ، فوقعنا في الجب .
-
هل المرأة ناكرةٌ للجميل ؟
-
اللعنة ترقص على ضمائر بائعي الذمم
-
الوطن أكبر من الجميع ، والأبقى
المزيد.....
-
نجم مسلسل -فريندز- يهاجم احتجاجات مؤيدة لفلسطين في جامعات أم
...
-
هل يشكل الحراك الطلابي الداعم لغزة تحولا في الثقافة السياسية
...
-
بالإحداثيات.. تردد قناة بطوط الجديد 2024 Batoot Kids على الن
...
-
العلاقة الوثيقة بين مهرجان كان السينمائي وعالم الموضة
-
-من داخل غزة-.. يشارك في السوق الدولية للفيلم الوثائقي
-
فوز -بنات ألفة- بجائزة مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة
-
باريس تعلق على حكم الإعدام ضد مغني الراب الإيراني توماج صالح
...
-
مش هتقدر تغمض عينيك.. تردد قناة روتانا سينما الجديد على نايل
...
-
لواء اسرائيلي: ثقافة الكذب تطورت بأعلى المستويات داخل الجيش
...
-
مغنية تسقط صريعة على المسرح بعد تعثرها بفستانها!
المزيد.....
-
صغار لكن..
/ سليمان جبران
-
لا ميّةُ العراق
/ نزار ماضي
-
تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي
/ لمى محمد
-
علي السوري -الحب بالأزرق-
/ لمى محمد
-
صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ
...
/ عبد الحسين شعبان
-
غابة ـ قصص قصيرة جدا
/ حسين جداونه
-
اسبوع الآلام "عشر روايات قصار
/ محمود شاهين
-
أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي
/ بدري حسون فريد
-
أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات
...
/ عبدالرؤوف بطيخ
-
مسرحية الكراسي وجلجامش: العبث بين الجلالة والسخرية
/ علي ماجد شبو
المزيد.....
|