أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - النملة الحمراء














المزيد.....

النملة الحمراء


دلور ميقري

الحوار المتمدن-العدد: 4929 - 2015 / 9 / 18 - 14:52
المحور: الادب والفن
    


الطفل الجميل، لمّا يبلغ بعدُ عامه العاشر، وها هو يغشى حديقة داره للتوّ.
اتجه فوراً نحو جماعة النمل، المحتفية بقدوم الربيع والمشكلة طابوراً متناسقاً في غدوها ورواحها من وإلى شجرة الأكيدينا، الكبيرة الحجم والأوراق. رفع الطفلُ عصاه الغليظة، كما يفعل المصارع الرومانيّ بالرمح في أفلام السينما الأثيرة، ثم أنزلها في حركة محسوبة باتجاه الطابور. النملة الحمراء، المحمّلة ببذرة بطيخ دقيقة الحجم، أصابها الهلع مع سقوط الجسم الهائل الحجم عند قدميها مباشرةً. البذرة، سقطتْ بدَورها أرضاً. أما النملة، فبقيت متسمّرة في مكانها، مُروَّعة، فيما تفرق الطابورُ شيعاً.
" لا عليكِ، يا صديقتي..! "، خاطبَ الولدُ المخلوقة الخائفة. ثم استطرد قائلاً: " أردتُ فقط أن أتسلى بتشتيت نظامكم، المألوف ". كان يتكلّم في حبور وإلفة، كما لو أنه يقف أمام أحد أترابه. فكم كانت دهشته عظيمة، عندما سمعَ جواب النملة " ما كان عليك أن تشغل نفسك بنا، أيها الولد الحلو؟ ". آبَ هوَ إلى نفسه، متسائلاً: " أيمكن أن تكون هذه جنيّة، أو أنسيّة قد مُسِخَتْ نملة؟ ". حينما باحَ لها بما يفكّر، فإنها أطلقت ضحكة خفيفة: " لا هذه ولا تلك..! أنا محرد نملة حمراء "، قالتها بنبرة ساخرة. ثمّ أضافت وهيَ تومئ برأسها " ها أنا ذا أرى الطابورَ وقد تشكّل مجدداً، وما عليّ سوى الانضمام إليه ". قالت ذلك، وهمّت بالتحرك. هنا، عاد الولد لمخاطبتها وقد ارتجف صوته بشكل واضح: " السمكة الحمراء، التي خرجت للصياد الفقير في الشبكة، رجته أن يعيدها إلى الماء بعدما وعدته بأن تمنحه ثروة وقصراً ". أعادت النملة بذرةَ البطيخ إلى الأرض، ثم أجابت الطفل دونما أن تغيّر من نبرتها: " لا أملك سوى هذه البذرة؛ فلتأخذها فلعلها تجلب لك ما تتمنى ". مُحبطاً، أدرك الولدُ أن مخاطبته تهزأ به. ترك النملة تمضي مبتعدة، ثم انحنى ليلتقط هديتها.
في فترة متأخرة من الصيف، رجع الطفل لتفقّد ثمرة البطيخ، التي كانت تنمو في ذات المكان؛ أين تركتها بذرةً النملةُ الحمراء. سويعة أخرى، وكان الولد في طريقه إلى منزل جدته لأمه، الكائن على مقربة من لحف الجبل. هذه الأخيرة، كانت تعيش وحيدة ثمّة، في بقعة نائية وموحشة. ولعلّ الحفيد يتذكّر، أنها قد نبهته أكثر من مرة ألا يحضر إليها لوحده. وهوَ ذا يرتقي المرتفع الوعر، المغروس بالصخور والنباتات الشوكية، سعيداً بما يحمله للجدة الملولة. على غرة، خرجَ أحد الرجال من منعطف الطريق. كانت له هيئة المتشردين، بلحية قذرة وأسمال خلِقَة. ما أن صارَ بمحاذاة طفلنا، حتى انتزع منه ثمرة البطيخ بغلظة: " لقد تأخرتَ عليّ، أيها البليد؛ فأنا أكاد أموت جوعاً وعطشاً..! "، قالها وما عتمَ أن ضربَ الثمرة بحافة جلمودٍ ناتئ من الأرض. ثمّ أعقبَ بلهجة أخرى أقل قسوة، فيما كان يلتهم جوف البطيخة بنهم ضارٍ : " يسمونني علي بابا. لقد هربتُ اللحظة من مغارة الكنز، حيث أمضيتُ فيها دهراً وأنا أسيرٌ لدى طائفة من اللصوص ". وأضافَ فيما هو يمسحُ فمه بكم سترته " لا عليك، أيها الطفل اللطيف. لِقاءَ هذا المعروف، سأمنحك بعضاً من الكنز! ".
في اليوم التالي، أفاق الطفل من النوم وما عتمَ أن اتجه إلى حديقة المنزل.



#دلور_ميقري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- فريسة سائغة
- خطوط حمراء وساحة حمراء
- مجنون الأرقام
- مجنون المقام
- مجنونة المدينة
- مجنونة الملجأ
- مجنونة الندم
- الببغاء
- مجنونة المهربين
- مجنونة المقبرة
- بشاركو ونتنياهو
- وصفُ أصيلة 4
- شاعر شاب من القرن 15 ق. م
- أفق نحاسيّ
- وصفُ أصيلة 3
- الهرم
- العبيد
- وصفُ أصيلة 2
- النبوءة
- القط


المزيد.....




- “فرحي أولادك وارتاحي من زنهم”.. التقط تردد قناة توم وجيري TO ...
- فدوى مواهب: المخرجة المصرية المعتزلة تثير الجدل بدرس عن الشي ...
- ما حقيقة اعتماد اللغة العربية في السنغال كلغة رسمية؟ ترندينغ ...
- بعد مسرحية -مذكرات- صدام.. من الذي يحرك إبنة الطاغية؟
- -أربعة الآف عام من التربية والتعليم-.. فلسطين إرث تربوي وتعل ...
- طنجة تستضيف الاحتفال العالمي باليوم الدولي لموسيقى الجاز 20 ...
- -لم أقتل زوجي-.. مسرحية مستوحاة من الأساطير الصينية تعرض في ...
- المؤسس عثمان الموسم 5.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 158 باللغة ...
- تردد قناة تنة ورنة الجديد 2024 على النايل سات وتابع أفلام ال ...
- وفاة الكاتب والمخرج الأميركي بول أوستر صاحب -ثلاثية نيويورك- ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - دلور ميقري - النملة الحمراء