أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (4):















المزيد.....



عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (4):


بشاراه أحمد

الحوار المتمدن-العدد: 4599 - 2014 / 10 / 10 - 10:48
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


الآن نواصل ردودنا على تعليقات البعض والتي بدأناها في الموضوعين السابقين تحت عنوان(عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ)، وهدفنا من هذه الردود كما قلنا هو الرد على الأفكار والمفاهيم المغلوطة التي وردت بتلك التعليقات لتكون الحقائق والمفاهيم كلها أمام المتابع من القراء ليستطيع تكوين رأيه على بينة مستعرضاً أمامه مداخلات كل الأطراف.

من أهم ما ناقشناه في موضوعنا السابق ما يلي:
أولاً أكأدنا أننا لا نكتب للتطويل وإنما نحرص كل الحرص على تضمين الموضوع أكبر قدر ممكن من الأدلة والبراهين الموثقة الدامغة، وهي كثيرة نحاول ذكر بعضها لتوضيح الفكرة من كل جوانبها، لغرض تأكيد الحقائق ودحض الإفتراءات والأكاذيب التي يصر عليها أصحابها.

ثانياً: ناقشنا عدد من المفاهيم الخاطئة التي زرعها المبطلون وعلى رأسهم جماعة العدواني المعتدي أبو جهل العصر, وأكدنا أنَّ تصدينا سيكون لفكرهم وليس لنا ضد أشخاصهم شيئاً, فهم ببساطة لا يعنون لنا شيئاً يذكر، وسيكون دورنا هو إلقاء الضوء على الإتهامات والعداءات التي نذرت هذه الجماعة المارقة على الحق والفضيلة والأخلاق نفسها لها ضد الإسلام بكل سفور.

ثالثاً: حاولنا كشف أهم إستراتيجية هؤلاء المعتدين، وهي إستغلال جهل الناس وضعف توجههم الديني والعقدي عموماً مسلمين وغيرهم، ومن ثم وجدوا أهم سلاح لديهم هو ضرب الدين الإسلامي بالمسلمين أنفسهم، وذلك بنسبة سلوكهم الشخصي للإسلام لضرب عصفورين بحجر واحد، وقد نجحوا إلى حد كبير في ذلك "مؤقتاً"، فكان لا بد لنا من العمل على تبرئة الإسلام من سلوك بعض المسلمين (بالهوية)، الذي لا يمكن لعاقل أن يدافع عنه أو يقبله، وبالتالي استخدمهم أبو جهل كأداة لهدم للدين الإسلامي "حسب ظنه", الذي قد تبرأ منهم حتى في حياة النبي الخاتم صلى الله عليه وسلم. وقد أكدنا (من القرآن مباشرةً) أن المعتمدين في الإسلام ليس المسلم عموماً كما يظن الجهلاء والمارقين، وإنما هم المؤمنون منهم، أما الباقون فهم في خندق واحد من أهل الكفر والفسوق والعصيان، وهم تحت طلب من يدفع أكثر، لذك كان تركيزنا فقط على القرآن الكريم لأنه هو الضابط للمعايير التي يقبلها الله تعالى وما دون ذلك فهو رد.


ثالثاً: مِنْ ضِمْنِ منهجيتنا التصحيحية للمفاهيم، هي كشف تلك الجماعات المغرضة التي تعمل ضد الأديان كلها لأنها لا تريدها أن تدعوا إلى الفضيلة والخير والصلاح،، ولأن مفاسدهم قد أفلتت العيار منهم ويئسوا من العودة كما يئس إبليس، كان سعيهم الحثيث يتجه بقوة إلى نسف الأديان كلها من أساسها، فجماعة زكريا بطرس وأمثالها ليس لديهم أي إنتماء ديني ولكنهم يريدون ضرب الأديان ببعضها البعض ليتساوا مع الآخرين الذي يمتازون عنهم بالطهارة والصفاء والصدق فيرون أنفسهم بجانبهم أقزاماً رجسة.

رابعاً: سعينا إلى كشف حقيقة هذه الجماعات وربطها بماضيها وحاضرها وحذرنا من مستقبلها الأسود، وسيكون سعينا المستمر إلى كشف حقيقتهم، وأنهم لا يملكون أدني هدف كريم أو غاية سامية، بل هم يتربصون بالبشرية والإنسانية كلها، وليس لديهم أي رصيد من فكر ولا مبدأ وبالتالي من السهل جداً القضاء على هذا الخطر الداهم بالبينة التي يحاولون طمسها بإستماتة.

لذلك كان جل همهم هو التشكيك وإثارة المعتدلين وإستفذاذ مشاعرهم لإخراجهم من حلمهم وجرهم إلى المهاترات حتى يستوي الطرفان بالتصارع بعيداً عن أصل الموضوع الذي يعرفون تماماً بأنهم لا يملكون شيئاً من حق أو منطق أو برهان يحاجون به، لذا حاصرناهم بالنصوص من القرآن الكريم، ثم من كتابهم أو كتبهم المقدسة لديهم والتي تحتوي على أصل برنامجهم المدمر الذي ليس له علاقة بالتوراة ولا بالإنجيل. وهذا ما سنعمل على كشفه وسبر غور حقيقته للناس دون السعي إلى مقابلة الشر بالشر.

خامساً: سعيهم الحثيث والخبيث بإثارة النقاط الحساسة في الساحة اليوم، كالمشاكل التي تعصف بالشرق الأوسط، في سوريا والعراق ومصر وغيرها، ثم محاولة إلصاقها بالمسلمين تحديداً، ليسهل عليهم بعد ذلك ربطها مباشرة بالإسلام. ثم إيهام أولئك المفجوعين في أهلهم وزويهم الذين راحوا ضحيا الفتن والحروب، فلا يسعهم إلَّا تصديق هذه التلفيقات بالضغط المركز على الجروح النازفة، لتسويق أجندتهم المستوردة التي يروج لها ويثيرها شياطين الأرض أمثال جماعة الدجال وصبيه الغبي وغيرهم.

إذ أن الغريق دائماً يسعى للتعلق ولو بقشة لينجوا من الغرق لحراجة الموقف الذي هو فيه ومصارعته للموت فهو لا يملك القدرة على التفكير في المنطق ولا العواقب. وكذلك الحال بالنسبة للذين يجدون أنفسهم في وسط أتون هذه الفتن، لا يعرفون لماذا هم يموتون ويعذبون في بلادهم ويشردون منها ويغربون فيها وهم وبين أهلهم الذين يتناقصون على مدار الساعة،، فما أن يجدوا شخصاً من هذه الجماعات الشيطانية يشير بخبث إلى جهة ما ويوهمهم بأن هذه الجهة أو تلك هي المسئولة عن الحالة المتردية التي هم فيها، سيضعوها في إعتبارهم بلا شك، ولن يبحثوا عن الحقيقة وهو في تلك الحالات الحرجة التي تفقد الحليم حلمه وورعه وتشل تفكيره، حتى يرى الكل مسئول بطريقة أو بأخرى عن ترديه، فلا يستطيع التفريق ما بين العدو والصديق الذي يحمله جزء من المسئولية وهو محق في ذلك.

لذا لا بد من إبطال عمل هؤلاء الشياطين بأن نفرق تماماً ما بين الأديان، كخيارات لكل البشر، ومبادئها الحقيقية وبين المنتسبين لهذه الأديان والذي في أغلبهم يستخدمونها كغطاء يخفون وراءه شرهم وعدوانهم لها وسخريتهم بها والسعي الحثيث لهدمها كما يفعل جماعة زكريا بطرس، وسامي الذيب وغيرهم، فهم لا علاقة لهم بالأديان وقد تضررت المسيحية من هذه الجماعات الشريرة الضالة المحبطة، كما لم تتضرر من أحد قبلها، ومع ذلك يوهمون الأخوة الطيبين من المسيحيين الصادقين في حبهم للخير بأنهم يدافع عنهم وعن عقيدتهم وهم ألد الخصام. ولم يكن هو مبتدع هذا السلوك الشائن،، بل هو إمتداع طبيعي لما فعله أسلافه قبل الإسلام بقرون عديدة. حيث جاءوا بنقيض التوراة والإنجيل ثم إستبدلوها بتأليفاتهم وتوليفاتهم وأعطوها قدسية ليست فيها حقيقةً. ولذلك قصدنا تصحيح المسار بعرض النصوص من هنا ومن هناك حتى يعرف الناس الحق من الباطل.

سادساً: تحدثنا عن التناقض الموجود بالأسفار والإصحاحات والأعداد، وتعرضنا لبعض النماذج التي إستشهد بها بعضهم على فرية تأليه نبي الله ورسوله المسيح عيسى فأثبتنا من كتابهم المقدس لديهم نفسه أن النصوص التي به ليست موثقة لأنه لا يمكن التأكيد بأن ما جاء بها من قول هو الصواب لأنه عبارة عن روايات لا يمكن الجزم بأن صادق لرواة صادقين، وكشفنا (من كتابهم أيضا) البيئة التي كانت آنذاك والتي تجعل الشك هو السمة الظاهرة والمؤكدة في كل الناس. وإستشهدنا بآخر إصحاح 36 بسفر اليوم الثاني، الأعداد 14-23. ليس بغرض ألتشهير (لا سمح الله) ولكن للتذكير ليس إلَّا.

سابعاً: لاحظنا التنكر للعهد القديم والتبروء منه بإعتباره "ناقصاً" و "ملغياً"، كل ذلك حتى يدعموا نقدهم للإسلام بصفة عامة ولآية "القصاص" التي وجدوها هناك أيضاً، فضحى هؤلاء بالعهد القديم كله من أجل هذه الغاية الشيطانية، وكان علينا أن نضع النقاط على الحروف ونفوت عليهم هذه الفرصة ونقلب السحر على الساحر والقرآن دائماً لهم بالمرصاد.
وهم يعلمون هذا جيداً وبالتالي هذا يبرر عداءهم غير المحدود للقرآن الكريم بصفة خاصة، ثم الذي أنزل عليه هذا القرآن لأنه هو المانع الوحيد والمتصدي الصنديد والفاضح الراسخ لأباطيلهم وإفكهم.

ثامناً: رددنا على بعض المفاهيم الخاطئة لمن يظن أن الله تعالى "ليس بقادر على كل شيء", وربطناه منطقياً بمفهوم وإستساغة ألوهية البشر سواءاً أكان ذلك المؤله هو المسيح عيسى أم غيره مطلقاً، وبالتالي ناقشنا معهم أدلتهم وبراهينهم التي إقترحوها من كتابهم المقدس لديهم، فأخضعناها كلها للدراسة والتحليل، فثبت أنها كلها لا ترقى لمستوى القبول لها كنصوص خالية من المآخذ الكبيرة التي تنفي عنها المصداقية والمادية وسلامة التركيب اللغوي في حده الأدنى.

وقد إضطررنا إلى إجراء تحليل "محدود للغاية" لإثبات المادية والموضوعية لأدلة ساقها صاحبها ليثبت بها موضوعاً خطيرا وهو إداء ألوهية بشر وجعله نداً لله بل زعمه بأنه أكثر كمالاً من الله. ثم ناقشنا بوضوح إستحالة قبول فكرة "الفداء"، ومنطقية أن يؤاخذ أحد ويقاد بجريرة غيره، أو أن يتطوع أحد بتحمل عقوبة شخص بدلا عن مقترفها، وبينا سخافة وسذاجة الفكرة. وفندناها بكل المعايير المنطقية والموضوعية والعدلية, فسقطت أمام كل هذه المعايير بإمتياز.


تاسعاً: فندنا كل النصوص التي إستشهد بها المدعي من إنجيلهم المزعوم فجاءت النتيجة عكس ما أراد تماماً، حيث وجدنا عشرات المآخذ والإختلافات والتناقضان في كل جزئية من الرقم الواحد. وأثبتنا أنها لا تصلح للحوار الودي بين الأصدقاء والزملاء ناهيك عن أن تكون دليلاً على أي شيء سوى على التشكك المتصاعد والإستهجان،، سواءاً أكانت تلك التي جاء بها من سفر يوحنا إصحاح 8 أو من الإصحاح 1.

الآن فلنكمل نقاشنا مع ما أورده مروان سعيد عن فرية ألوهية المسيح، حيث أضاف في تعليق آخر لاحق,, وتحت عنوان (الوهية المسيح تكمن بالاقوال والافعال معا).
(أ): وأيضاً، موجهاً حديثه للأستاذ عبد الله قال: ((... وسؤال لك اذا قال لك انسان انا اشرف خلق الله اتصدقه فورا ام يجب ان يكون بالفعل شريف وعادل ولايعتدي على اموال الناس واعراضهم وارواحهم...)). طبعاً لا يخفى على أحد من القراء المقصد الخفي الخبيث الذي يدور في رأسه،، كأنما يريد أن يعقد مقارنة ما بين أكرم خلق الله، صاحب المقام المحمود وبين نبي الله وآيته ورسوله المسيح عيسى إبن مريم.

نقول له – ليس بديلاً لرد الاستاذ عبد الله الشافي – ولكن تناول الموضوع من منظور آخر بحثاً عن الحقيقة وتأكيدها وإقامة الدليل عليها، لذا نقول وبالله التوفيق:
1) نعم بالطبع لن يقبل عاقل من أحد الإدعاء بتزكية نفسه أو غيره بصفات وأفعال وأخلاق يثبت أنه بالفعل على النقيض منها، بتعديه على أموال الناس وأعراضهم وأرواحهم، فمن المؤكد أن ذلك الشخص الموصوم هذه الصفات المتدنية لن يكون شريفاً ناهيك من أن يكون أشرف الناس، بل يجب أن تسحب منه صفة الإنسانية نهائياً. ولكن، من هو ذلك الشخص الذي يتحدث عنه مروان، وما هي أدلته عليه ومصدر تلك الأدلة، ودرجة صحتها مادياً وموضوعياً؟

معروف أن الدليل Evidence هو أي شيء يمكنه أن يجعل الشخص يصدق بأي حقيقة، أو مقترح proposition ما، أو زعم معين صحيحاً أو خطأً، ففي الدعاوى المدنية يجب أن يكون الدليل قوياً بما يكفي لإقناع شخص ما بتصديق أحد جوانب النزاع أو تصديق الجانب الآخر، وفي القضية الإجرامية (الجنائية): يجب أن يُرسَّخَ برهانٌ على الجريمة بدون أي شك.

2) فإن كان الحديث عن الأنبياء والرسل جميعاً ومن بينهم المسيح عيسى ابن مريم، وعن صحيح تراجمهم وكمال أدائهم وأخبارهم ومآثرهم المعجزة الموثقة، والقطعية البيان والدلالة والتوثيق "مادياً وموضوعياً"، وتفاصيلها فإنك لن تجدها في أي مكان آخر سوى القرآن الكريم حصرياً.

بالطبع، هذا أمر مفروغ منه ومعترف به منكم "ضمنياً"، إذ أن سيرة الأنبياء والرسل في جميع اسفار النصارى وإصحاحاتهم هي في الواقع غير مُشَرِّفَة لهم ولا تتناسب مع مقاماتهم المتميزة عن غيرهم من البشر، وغير كريمة، أنظر مثلاً ماذا قالوه هناك عن عدد من أنبياء ورسل كرام بكل المقاييس، منهم نوح وإبنه الأصغر، ولوط مع بناته، وداود مع زوجة جاره، وسليمان مع المجوسيات ومع ربه,,, وبالنسبة للمسيح وأمه الصديقة البتول، فإنَّ سيرتهم هناك باهتة ضعيفة تكتنفها الضبابية "مع القلة والشح".

والتشكك في النسب وغيره، كما ان الأخبار فيها روائية ومتعددة الصيغ لنفس العدد والحالة كما بينا ذلك في بعض النماذج الواضحة الفاضحة. ورواتها غير موثفين كعدول، أو عدم وجود ما يدل على أنها وحي موحىً من عند الله تعالى, أو حتى قول صريح للمسيح نفسه، قياساً بالمعايير التي رسخها القرآن الكريم وإلتزمها في كل كبيرة منه وصغيرة.

3) على سبيل المثال لا الحصر: أنظر إلى ما قاله الله تعالى عن النبي الكريم محمد فيما يتعلق بشخصه وصفاته الفريدة التي تفرد بها عن غيره من الأنبياء والرسل والصالحين والصديقين. قال تعالى في سورة الأحزاب: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا 45)، (وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا 46).

وفي سورة آل عمران، قال له: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ «« وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ»» - فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ 159)،
ثم نفى الغلول عن كل أنبيائه مطلقاً، فقال: (وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ 161)،
ثم بين عظيم فضله على المؤمنين ومَنَّ عليهم أن أكرمهم بأفضل خلق من جنسهم ومن أنفسهم وأكرمهم، قال: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ « بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِّنْ أَنفُسِهِمْ » ←-;- يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَ «« إِن كَانُوا مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُّبِينٍ »» 164).

وقال تعالى في سورة القلم، نافياً عن خاتم أنبيائه ورسله أي نقيصة حاول السفهاء إلصاقها به، مقسماً بنعمته قال: (ن والقَلَمِ وَما يَسْطُرُون 1)، (ما أَنْتَ بِنِعْمَةِ رَبِّكَ بِمَجْنُون 2)، ومبشره بما ينتظره من أجر يستحقه ويليق بمقامه ومكانته عنده، قال: (وَإِنَّ لَكَ لأَجْراً غَيْرَ مَمْنُون 3)، ثم مدحه بما لم يمدح به أحد قبله ولا ينبغي لأحد بعده قال: (وَإِنَّكَ لَعلى خُلُقٍ عَظِيم 4). وقد تطابق هذا المدح مه أقواله وأفعاله وخلقه التي تطابقت مع القرآن الكريم كمالاً وجمالاً وصدقاً.

وفي سورة التوبة، قال تعالى عن عظيم حب نبيه الخاتم ورحمته ورأفته بالناس والحيوانات بصفة عامة وبالمؤمنين بصفة خاصة، قال:: (لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ « عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ » - حَرِيصٌ عَلَيْكُم - «« بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ »» 128).
وفي سورة الأنبياء، مبيناً له أنه لن يكون مصدر شر وقلق للآخرين بل على العكس لأن الله قد أرسله خصيصاً ليكون رحمة ليس لأتباعه فقط، وإنما رحمةً للعالمين،، كل العلمين، قال: (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ «« إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ »» 107).

ولشدة حرص النبي الكريم الخاتم على أن يَنْجَ كل البشر من ورطة اليوم الآخر، وورود النار بالكسل والغفلة والكبر، حيث كان صلى الله عليه وسلم لشدة حرصه على ذلك يكاد يهلك نفسه من التعب والجهد والجهاد وكثرة التفكير المؤرق في مصير الآخرين وإيجاد الطريقة الأفضل حتى يبلغ الناس درجة التفكير والتدبر لمعرفة خطر الضلال الذي هم فيه وإنقاذ أنفسهم قبل فوات الأوان، قال تعالى في سورة الشعراء: (لَعَلَّكَ بَاخِعٌ نَّفْسَكَ أَلَّا يَكُونُوا مُؤْمِنِينَ 3)، (إِن نَّشَأْ « نُنَزِّلْ عَلَيْهِم مِّنَ السَّمَاءِ آيَةً فَظَلَّتْ أَعْنَاقُهُمْ لَهَا خَاضِعِينَ » 4).
فالمسألة ليست إجبار الناس على الهُدَى ولكن وضع كل الخيارات واضحة وميسرة ومتاحة أمامهم ليختاروا بكامل حرياتهم التي لن يستطيع أن يتجرأ عليها أحد من الخلق من دون الله، إذ أن الله لم يجعل لنبي ولا رسول ولا لملك كريم أي سلطان على هذا الإنسان البسيط يؤثر على إختياره لتوجهه بدون قناعة كاملة منه.

فلو شاء الله لقهرهم على الإيمان والطاعة قهراً كما قهر من هم أكبر وأعقل وأعظم منهم. فبين لنبيه أنَّ المسألة هكذا بدأت وستستمر إلى آخر لحظة من عمر الكون المحدود، قال تعالى: (وَمَا يَأْتِيهِم مِّن ذِكْرٍ مِّنَ الرَّحْمنِ مُحْدَثٍ إِلَّا كَانُوا عَنْهُ مُعْرِضِينَ 5).
وقال: (فَقَدْ كَذَّبُوا فَسَيَأْتِيهِمْ أَنبَاءُ مَا كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ 6)، وبين لنبيه الكريم بأن هذا ليس من شأنه ولا ضمن تكليفه ومهمته المحددة، والمحصورة فقط في النذارة والبشارة والأسوة الحسنة. فأكد له بأنهم يرون بأنفسهم آيات الله تعالى بينةً شاخصةً أمامهم ولكنهم ينكرونها عن علم وكِبْر،،، "ألا يرون الموت والحياة تتكرر أمامهم كل لحظة دليلاً مؤكداً للبعث والنشور؟؟؟ قال: (أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الْأَرْضِ كَمْ أَنبَتْنَا فِيهَا مِن كُلِّ زَوْجٍ كَرِيمٍ 7)؟ ألا يكفي ذلك لوضعهم أمام أنفسهم وإقامة الحجة عليهم؟ (إِنَّ فِي ذلِكَ لَآيَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ 8)، لسوء إختيارهم وأكيد شقوتهم وتعاستهم، (وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ 9).

وكان النبي الكريم،، لشدة شفقته على الناس وحرصه على تحقيق هداية أكبر عدد منهم إن لم يكونوا جميعاً، ولكن قال الله تعالى له بوضوح في سورة القصص: (إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَلكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَن يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ 56). هذا غيض من فيض،، ولكن دعونا نستمع قليلاً إلى بعض الأحاديث التي تحكي شيء من كريم خلقه وجمال روحه صلى الله عليه وسلم فمثلاً:

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَلامٍ، قَالَ: - أَجِدُ فِي التَّوْرَاةِ - (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ، إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَحِرْزًا لِلْأُمِّيِّينَ، أَنْتَ عَبْدِي وَرَسُولِي، سَمَّيْتُكَ الْمُتَوَكِّلَ، لَيْسَ بِفَظٍّ وَلا غَلِيظٍ وَلا صَخَّابٍ فِي الْأَسْوَاقِ، وَلا تَدْفَعُ السَّيِّئَةَ بِالسَّيِّئَةِ، وَلَكِنْ تَعْفُو وَتَصْفَحُ، وَلَنْ أَتَوَفَّاكَ حَتَّى أُقِيمَ بِكَ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ ، وَأُحْيِيَ بِهَا أَعْيُنًا عُمْيًا وَآذَانًا صُمًّا وَقُلُوبًا غُلْفًا بِأَنْ يَقُولُوا: لا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ").

وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قيل يا رسول الله أدْعُ عَلَى المُشْرِكِيْنَ، قال: (إنِّيْ لَمْ أُبْعَثَ لَعَّانَاً، وإنَّمَا بُعِثْتُ رَحْمَةً).
عَنْ أَبِي مُوسَى، قَالَ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذَا جَاءَهُ السَّائِلُ أَوْ طُلِبَتْ إِلَيْهِ حَاجَةٌ، قَالَ) :اشْفَعُوا تُؤْجَرُوا، وَيَقْضِي اللَّهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ مَا شَاءَ ).

وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الباهلي، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ: (أَنَا زَعِيمٌ بِبَيْتٍ فِي رَبَضِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْمِرَاءَ « وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا »، وَبَيْتٍ فِي وَسَطِ الْجَنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الْكَذِبَ « وَإِنْ كَانَ مَازِحَاً »، وَبَيْتٍ فِي أَعْلَى الْجَنَّةِ « لِمَنْ حَسُنَ خُلُقُهُ »).

عَنْ جَابِرٍ ، قَالَ : كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ:) اللَّهُمَّ اهْدِنِيْ « لأَحْسَنِ الأَعْمَالِ, وَأَحْسَنِ الأَخْلاقِ »، فَإِنَّهُ لا يَهْدِي لأَحْسَنِهَا إِلا أَنْتَ، « وَ قِنِي سَيِّءَ الأَعْمَالِ وَسَيِّءَ الأَخْلاقِ »، فَإِنَّهُ لا يَقِي سَيِّئَهَا إِلا أَنْتَ ).

وعنِ النبيِّ فيما يَروِيه عن ربِّه جلَّ وعَلَا في الحديث القدسيِّ أنَّ الله جلَّ وعلا يقول: ((يا عِبَادِيْ، إنِّيْ حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَىْ نَفْسِيْ، وَجَعَلتُهُ بينَكم مُحرَّمًاً فَلَاْ تَظَالمُوْا)).

و في الظلم وتوعده للظالمين بسوء العذاب، قال تعالى في سورة الأنعام (وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَىٰ-;---;-- عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِآيَاتِهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ 21), وقال: (فَقُطِعَ دَابِرُ « الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا » وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ 45), (قُلْ أَرَأَيْتَكُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُ اللَّهِ بَغْتَةً أَوْ جَهْرَةً - «« هَلْ يُهْلَكُ إِلَّا الْقَوْمُ الظَّالِمُونَ »» 47)؟

وكما قال الله تعالى في سورة الحج: (وَإِن يُكَذِّبُوكَ فَقَدْ كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ وَعَادٌ وَثَمُودُ 42)، بل: (وَقَوْمُ إِبْرَاهِيمَ وَقَوْمُ لُوطٍ 43)، (وَأَصْحَابُ مَدْيَنَ وَكُذِّبَ مُوسَى «« فَأَمْلَيْتُ لِلْكَافِرِينَ »» - ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ - «« فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ »» 44). وكشف عن مبدأ عام وسنته في خلقه، قال: (فَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ « أَهْلَكْنَاهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ » - فَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا - « وَبِئْرٍ مُّعَطَّلَةٍ وَقَصْرٍ مَّشِيدٍ » 45).

ثم أكد أن الحجة قائمة عليهم لا محالة، لأن المعلومات التي لديهم والآيات التي أمامهم، وتلك التي حدثت للأمم التي سبقتهم لا ولن تترك لهم مجالاً ولا فرصة للإحتجاج أو التهرب من التبعة، قال لنبيه الكريم: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ « فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا » أَوْ « آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا » ←-;- فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ «« وَلكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ »» 46).


ويقول أيضاً بأنهم ليس في مأمن من أن يحل عليهم من العذاب ما حل بالأمم الهالكة، فليس لديهم أي ضمانات، قال: (وَكَأَيِّن مِّن قَرْيَةٍ أَمْلَيْتُ لَهَا وَهِيَ ظَالِمَةٌ ثُمَّ أَخَذْتُهَا وَإِلَيَّ الْمَصِيرُ 48).

وعن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:) إنَّ اللهَ لَيُمْلِيَ لِلظَالمِ حَتَّىْ إذَاْ أخَذَهُ لَمْ يُفْلِتْهُ)، قال: - ثم قرأ صلى الله عليه وسلم من سورة هود قوله تعالى: (وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ 102).

وفي عاقبة ظلم فرعون وملئه في سورة القصص، قال تعالى: (وَاسْتَكْبَرَ هُوَ وَجُنُودُهُ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ « وَظَنُّوا أَنَّهُمْ إِلَيْنَا لَا يُرْجَعُونَ » 39)، (فَأَخَذْنَاهُ وَجُنُودَهُ «« فَنَبَذْنَاهُمْ فِي الْيَمِّ »» ←-;-- -;-- فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الظَّالِمِينَ 40)، ثم شقاهم بالغواية ليكونوا من الغاوين، أسوةً بوليهم الشيطان، قال: (وَجَعَلْنَاهُمْ « أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ » وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنصَرُونَ 41), فكان لهم مصير الشيطان ذاته، لعنةً في الدنيا وخسران في الآخرة وصغار في الدارين، قال: (وَأَتْبَعْنَاهُمْ « فِي هذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً » وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ « هُم مِّنَ الْمَقْبُوحِينَ » 42).

وقال تعالى في سورة سبأ: (فَقَالُوا رَبَّنَا بَاعِدْ بَيْنَ أَسْفَارِنَا - وَظَلَمُوا أَنفُسَهُمْ - « فَجَعَلْنَاهُمْ أَحَادِيثَ » وَ « مَزَّقْنَاهُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ » ←-;- إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّكُلِّ صَبَّارٍ شَكُورٍ 19)، (وَلَقَدْ صَدَّقَ عَلَيْهِمْ إِبْلِيسُ ظَنَّهُ «« فَاتَّبَعُوهُ »» ←-;- إِلاَّ فَرِيقًا مِّنَ الْمُؤْمِنِينَ 20)، إتبعوه بإختيارهم وهو لا يملك أي سلطان عليهم،، ولكن اراد الله أن يختبر إيمانهم عمليا، قال: (وَمَا كَانَ لَهُ عَلَيْهِم مِّن سُلْطَانٍ «« إِلاَّ لِنَعْلَمَ مَن يُؤْمِنُ بِالآخِرَةِ مِمَّنْ هُوَ مِنْهَا فِي شَكٍّ »» ←-;- وَرَبُّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ 21).

أما في التحذير من ظلم اليتامى وأكل أموالهم قال في سورة النساء: (إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى «« ظُلْمًا »» ←-;- إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا « وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا » 10). فوضع بذلك اليتامى داخل سياج متين (على ضعفهم وقلة حيلتهم), دون الجبابرة والمعتدين,

وفي التحذير من الطمع في حق أو إرث النساء ومحاولة أكله بدون رضائهن كرهاً، أو التضييق عليهن ليفدين أنفسهن بالمال،،, الخ لذا فقد أغلظ عليهم وتوعدهم بعقابه الأليم، قال في ذلك: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « لَا يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَرِثُوا النِّسَاءَ كَرْهًا » وَ «« لَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ »» - إِلَّا أَن يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُّبَيِّنَةٍ - « وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ » ←-;---;-- فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ «« فَعَسَى أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا »» 19). حتى إذا كرهها قرب الله إليه خيار الصبر عليها والإحتفاظ بها لأن في ذلك خير قد لا يكون على دراية به، ولكن الله تعالى يضع الخيار الذي يحقق لها الأمن والإستقرار في كل الحالات.

وفي تعامل المؤمنين فيما بينهم، ومحاولة بعضهم الكيل بمكين في تعامله مع غيره، قال لهم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُم بَيْنَكُم بِالْبَاطِلِ » - إِلَّا أَن تَكُونَ تِجَارَةً عَن تَرَاضٍ مِّنكُمْ « وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ» ←-;- إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا 29), بل الأكثر من ذلك أنه نهى تماماً عن الحسد بل وعن الغبطة أيضا وهي محرد "تمني ما عند الغير أو مثل ما عندهم"، قال تعالى: (وَلَا تَتَمَنَّوْا « مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ » - لِّلرِّجَالِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبُوا - وَلِلنِّسَاءِ نَصِيبٌ مِّمَّا اكْتَسَبْنَ - «« وَاسْأَلُوا اللَّهَ مِن فَضْلِهِ »» ←-;- إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا 32).

كما نهى أيضا عن البخل، وإعتبره لا يصدر إلَّا عن الكافرين، فقال: (الَّذِينَ « يَبْخَلُونَ » وَ « يَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبُخْلِ » وَ «« يَكْتُمُونَ مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِن فَضْلِهِ »» ←-;- وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُّهِينًا 37).

وفي حديثِ أبي هريرة قال: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: (مَاْ مِنْ أمِيْرِ عَشَرةٍ إلَّا يُؤتَىْ بِهِ يَوْمَ القِيَامَةِ « مَغْلُولاً »، - لا يَفُكُّهُ إلاّ العَدْلُ - أوْ يُوْبِقُهُ الجُوْرُ).

وفي نصرة الأخ لأخيه، ظالماً كان أو مظلوماً. فرسول الله صلى الله عليه وسلم - عن فسلفة الإسلام للنصرة - قال: (اُنْصُرْ أخَاكَ ظَاْلِمَاً أو مَظْلُوْمَاً))، قالوا :يا رسولَ الله، هذا ننصُرُه مظلومًا، فكيفَ ننصُره ظالمًا؟! قالَ) :تأخُذُ فَوْقَ يَدِهِ).

ويقول الله تعالى في سورة الشورى: (وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ « سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا » ←-;- فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ «« إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ »» 40). وهذا يعني أنه لا يحق للذي أُسِيْءَ إليه أن يُجازي بإساءة أكبر منها "إن فضل أخذ حقه في الدنيا"، فعليه في هذه الحالة أن يحذر كثيراً، لأن أعلى سقف متاج له للجزاء هو "المِثْلَ"، لحقه لدى المسيء، ولكن هناك أمامه خيارٌ آخر أفضل منه إن كان يرجوا الله واليوم الآخر بأن يبيع حقه لله تعالى ويعفوا عن صاحبه، وسيوفيه الله أجره كاملاً وزيادة.

أما إذا أراد أن ينتصر لنفسه فليس عليه سبيل ولا مؤاخذة، قال: (وَلَمَنِ انتَصَرَ بَعْدَ ظُلْمِهِ « فَأُولئِكَ مَا عَلَيْهِم مِّن سَبِيلٍ » 41)، ولكن السبيل يكون على الظالمين والمعتدين والبغاة، قال: (إِنَّمَا السَّبِيلُ عَلَى « الَّذِينَ يَظْلِمُونَ النَّاسَ » وَ « يَبْغُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ » ←-;- أُولئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ 42).
غير أن الله يفضل الصبر على الظلم والميل إلى الغفران، وفي ذلك خير للطرفين وتقريب للشقة بين الأخوة والناس، قال: (وَلَمَن « صَبَرَ » وَ « غَفَرَ » ←-;- إِنَّ ذلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ 43).
هذه بعض وقفات بسيطة تكشف للمتابع عمق شخصية الرسول الخاتم، وكريم خلقه, ورقة قلبه وشفافيته سريرته, وكمال وعدل ووسطية شرعه القويم.

4) أما عن المسيح عليه السلام، فهو عبد الله ونبيه ورسوله وكلمة ألقاها الله إلى مريم وروح منه، فهو من حيث الخلق كمثل آدم خلقه من تراب (لإستحالة إختياره رسول ونبي إذا كاء من ظهر رجل خارج ذرية آل عمران)، فقال له كن فيكون بدون أب وتلقيح طبيعي كباقي البشر.
قصته كاملةً بكل تفاصيلها إختص الله تعالى بها القرآن الكريم، وحياً لنبيه ورسوله الخاتم "دون سواه", فرفع الله تعالى الستار له عن الإفتراءات والتخريفات والإدعاءات الباطلة التي لفقها بعض أهل الكتاب الذي قالوا إنا نصارى بعد أن إختلطت عليهم الأمور خاصة بعد أن توفاه الله تعالى إيذاناً بإنهاء مهمته التي أرسل من أجلها، لإستحالة إستمراره فيها وسط سفهاء بني إسرائيل المتربصين به، ثم رفعه إليه، فإنفتحت بذلك التكهنات والتخرصات والشطحات بعد أن شَبَّهَ الله تعالى لهم أحد أعدائه به، فقبضوا عليه وبشعوا به ظناً منهم أنهم تمكنوا من رسول الله المسيح عيسى بن مريم.

وقد خصص الله تعالى سورتان كبيرتان كريمتان فقط لقصته, الأولى صحح له بها مسار نسبه الكريم بعد أن خاض فيه أهل الكتاب وغابت عنهم الحقيقة فكثر الدجل والشعوذة والخرافات والتخرصات والأوهام والأكاذيب حتى نسبوا أمه إلى غير أبيها الحقيقي، فمرة يقولون "ابن هالي" وأخرى يقولون "ابن يواكيم" وثالثةً يقولون "ضمنياً" إنه ابن يوسف النجار أثناء خطبته لها وقبل دخوله بها.

وحتى اليهود أدلوا بدلوهم في هذا البهتان والإفتراء الكاذب، فنسبوه إلى جندي روماني،، فجاءت سورة آل عمران "المشفرة" لتضع النقاط على الحروف وإيقاف هذا السفه والتخبط، وأن يصح نسب أمه البتول الصديقة وتنسب إلى أبيها الحقيقي وهو "عمران بن باشم بن آمون.
ثم بينت السورة السبب الرئيسي لمجيء يحي ثم عيسى عليهما السلام، ثم تمت البشرى بهما معاً في هذه السورة الكريمة.

ثم جاءت سورة مريم "المشفرة" لتحكي تفاصيل ما أجمله الله تعالى في سورة آل عمران، ثم وصفت كيفية خلق يحي وعيسي عليهما السلام. والشيء الغريب والملفت للنظر، والذي كان من الأولى أن يلاحظه أهل الكتاب بصفة عامة والنصارى بصفة خاصة ذلك (إن صدقوا في التوجه وخلصت نواياهم وسعوا للحق والحقيقة وتحرروا من ولاية الشيطان ...)، لعلموا أن الله تعالى قد ذكر المسيح عيسى بن مريم في القرآن على لسان محمد خمسةً وعشرين مرةً بينما ذُكِرَ النبيُّ الخاتم "بإسمه" فقط اربع مرات.

ومع ذلك يدعي الأغبياء منهم والمرجفون أمثال أبي جهل العصر والعصور القادمة، والصبي الغبي الغوي مجهول الهوية والهوى والنسب الذي يتبعه في غيه وشره وإفكه بأن القرآن من تأليف محمد، (ليشتروا به ثمناً قليلاً، ومجداً زائفاً زائلاً، سيكون خسراناً عليهم في الدارين)، ففي عرفهم وغبائهم المتوارث أنْ يُؤلِّفَ عبقريٌ فَذٌّ "كمحمد الخاتم" هذه الروائع والإعجازات التي لم تر الشمس مثلها قبلها ولن ترى بعدها، ثم يُنْسِبَ كُلَّ هذا المجد الفريد لِغَيْرِهِ دون نَفْسِهِ هو، وقد قَبِلَ ورَضِيَ "قانعاً" بأن يُنَصِّبَ نفسه عَبْدَاً لا عَرْشَ له ولا مُلكَ ولا سُلطَانَ ولا إيوان.

ثم،، بعد كل هذا الإنجاز، يزهد في تخليد نفسه على الأقل (عظيماً، أو إمبراطوراً أو ملكاً كداود وسليمان وذي القرنين، أو حتى فيلسوفاً أو حكيماً أو راهبا أو حبراً،،، مثلا)، أو حتى يدعي الألوهية. ولماذا لم يكتب سورةً لأُمِّهِ يُخلدها بها بدلاً من تخليد مريم العذراء بأكبر وأعظم السور القرآن، ثم يخلد ذكرى والده بأن يخصه – على الأقل - بأعلى الألقاب "كالصِّدِّيق" مثلاً، بدلاً من إبن أبي قحافة، وأن يجعل عمه نبياً كريماً بدلا من زكريا أو على الأقل يرى له الجنة في المنام بدلاً من أن يراه في ضحضاح من النار بدلاً من أن يرى الحبر ورقة ابن نوفل في لباس أبيض لا يدل على أنه من أهل النار أو يرى له جنتان.

وأن يجعل جده مَلِكَاً عظيماً، بدلاً من داود. وأن يخلد زوجته وحبه وأم أبنائه وبناته خديجة بدلاً من إمرأة فرعون، وكذلك السيدة عائشة رضى الله عنهم جميعاً أهل البيت. وأن يجعل "لفاطمة الزهراء" حبه وأم أحفاده الحسن والحسين بدلا من المجادلة التي تجادله في وزجها، حيث لم ينسب شكواها إليه وإنما نسبها إلى الله الذي وصفهما بأنهما "متحاوران". وأن يجعل أكبر السور بالقرآن لتمجيد نفسه بدلاً من أو مثل سورة البقرة، علماً بأن السورة التي بالقرآن بإسمه (سورة محمد) جاءت من أقصر السور التي تحمل اسماء أنبياء من الذين ما كان لهم من ذكر لو لا أن خلدهم القرآن الكريم على لسانه.

ومع ذلك فهو لم يقل كلمة واحدة فيها عن نفسه الشريفة، بل منزل القرآن ربه ورب كل شيء هو الذي يقول ولا قول مع قوله، فبدأت السورة (ذات الآيات القليلة والقصيرة في معظمها)، بوصف حال ومآل الذين كفروا، ثم بالمقابل حال ومآل الذين آمنوا وعملوا الصالحات، دون تخصيص ولو آية وأحدة له تحديداً، قال تعالى: (الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ « أَضَلَّ أَعْمَالَهُمْ » 1)، (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَآمَنُوا بِمَا نُزِّلَ عَلَى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ « كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئَاتِهِمْ » وَ « أَصْلَحَ بَالَهُمْ » 2).

ولو كان هو الذي كتب القرآن أو له يد فيه فلماذا كان أحرص الخلق على تلقيبه بإسمه ولقبه المحبب إلى قلبه ووجدانه وهو: (مُحَمَّدٌ عَبْدُ اللهِ وَرَسُوْلُهُ). مُنَزِّهَاً نفسه تماماً عن كل ألقاب الدنيا التي يسعى لها ويتهافت عليها المتعالون والمتكبرون والمتجبرون من الذين يتوهمون بأنهم متميزون عن غيرهم، وهو أكثر ولد آدم تميزاً وسمواً وقدراً وخُلُقَاً.

ولو كان قد كتب القرآن بنفسه لعلى وسما مجده وذكره وعظم بين العظماء لأدائه الرائع وشخصيته النادرة عبر القرون (كأعظم مفكر وقائد ومخطط) مر على وجه البسيطة ولو سمح بإطرائه لسطره التاريخ وخصاه بالصدارة التي هو أهل لها،، بدلاً من تمجيد ذلك الشاعر الأعمى المتناقض والمتأرجح ما بين الشك واليقين.

ولكن مع زهده في كل مجد زائف وسلطان بائد، ومع انه نهى أصحابه بأن (يطروه كما طرت بني إسرائيل أنبياءهم، وأمرهم بأن يقولوا فقط "عبد الله ورسوله")، إلَّا أن الله تعالى تولى تمجيده بما يليق به، أولاً بإتخاذه خليلاً كما إتخذ جده إبراهيم خليلاً، وحنيفاً مكملاً لحنفيته وخاتماً لذرية إصطفائه (آخر ذرية آل إبراهيم)، وختم به أنبيائه ورسله. وأدَّبَهُ بنفسه فأحْسَنَ تَأدِيْبَهُ، وجعله إبن الذبيحين تفرداً وتميزاً وتكريماً، وشرح صدره، وبعثه أُمِّيَّاً ليكون عِلْمُهُ وحياً خالصاً من الهوى نطقاً وعملاً، وخالياً من علم البشر الذي يندر نقاؤه وصفاؤه ونزاهته، فوعده بالمقام المحمود والدرجة العالية الرفيعة، وأعطاه الكوثر والشفاعة والحوض المورود، ورفع له ذكره، وجعل الإكثار من ذكر إسمه والصلاة والسلام عليه والتسليم عمل صالح وقربى لله تعالى.

ثم إمتدحه ربه بما لم يقله في أحد قبله ولا بعده، وجعل إسمه بشارةً ورسالةً من مادة الحمد، الذي تفرد به منه إلى ربه، ومن ربه إليه، ورفع له ذكره فلم يُسْمَعْ عن أحدٍ في التاريخ من ذُكِرَ كما يُذْكَرَ مُحَمَّدٌ ليس كوفاء أو حب أو تعصب من المؤمنين، وإنما تَعَبُّدَ وطاعة لأمر الله تعالى، وقد بدأ الله ذِكره بالصلاة والسلام عليه هو وملائكته وأمر المؤمنين بالصلاة والسلام عليه مع "التسليم". ولو كان قد كتب القرآن لوجدنا سوراً بأسماء أبنائه وبناته ولتزاحمت المتاحف بعرشه وآثاره، ولكان بجانب البيت الحرام قصره وعلت حصونه،،، الخ. فهو أسمى وأكرم من الذين كانت لهم عروش وأوتاد.

ثم ماذا قال الله تعالى عن المسيح في القرآن الكريم من مجد وفضل ومكانة عالية مرموقة؟؟؟
قال تعالى في سورة البقرة: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِنْ بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ « وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ » وَ « أَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ » ←-;- أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ رَسُولٌ بِمَا لَا تَهْوَى أَنْفُسُكُمُ اسْتَكْبَرْتُمْ - « فَفَرِيقًا كَذَّبْتُمْ » وَ « فَرِيقًا تَقْتُلُونَ » 87). فأمرهم الله تعالى بأن يصدحوا بالإيمان، فقال لهم: (قُولُوا « آمَنَّا بِاللَّهِ » وَ « مَا أُنزِلَ إِلَيْنَا » وَ « مَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ » وَ « مَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى » وَ« مَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ » ←-;- لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 136).

وقد بين أن هناك تفضيل بين الرسل وليسوا هم سواء في كل شيء، وإن تساووا في الإيمان بهم وحبهم وطاعتهم وتمجيدهم، ولكن غير مسموح لأحد أن يقوم بهذا التفضيل من تلقاء نفسه أو حسب رأيه وهواه،، لأن الله تعالى "وحده" فقط هو الذي يفضل بعضهم على بعض، لذا قالها صراحة وبكل وضوح: (تِلْكَ الرُّسُلُ «« فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ »» مِّنْهُم « مَّن كَلَّمَ اللَّهُ » وَ « رَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ » - وَ « آتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ » - وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم «« مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ »» - وَلكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ « وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا » ←-;- وَلكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ 253). فأين محمد الخاتم من هذا التفضيل الذي هو أهل له؟؟؟ رغم أنه لم يذكر بإسمه كما ذكر عيسى والرسل الذين جاءوا قبله.

وفي سورة آل عمران قال: (إِذْ قَالَتِ الْمَلَائِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللَّهَ يُبَشِّرُكِ «« بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ »» - اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ - « وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ » وَ « مِنَ الْمُقَرَّبِينَ » 45). فكيف كان رد بني إسرائيل عليه، وإيمانهم به وإستجابتهم لدعوته؟؟؟ كانت الصدود والمناهضة والعدوان والتعنت، كما فعلوا بأنبيائهم ورسلهم من قبل، حتى أن عيسى يئس منهم ومن إمكانية إصلاحهم وإكتفاء شرهم، قال: (فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ - قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ - « قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ » ←-;- آمَنَّا بِاللَّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ 52).

لما أصبح إستمرار عيسى في دعوته أمراً مستحيلاً لشدة عداوة بني إسرائيل له وسعيهم للنيل منه وتآمرهم على قتله، أراد الله أن ينهي (يستوفي) مهمته حيث إنتهت إليه، فأبلغه بأنه متوفيه وعافيه من ه ذه المهمة، ورافعه إليه بعيداً من منال أعدائه "إلى ربوة ذات قرار ومعين"،، قال: (إِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى إِنِّي « مُتَوَفِّيكَ » وَ « رَافِعُكَ إِلَيَّ » وَ « مُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا » وَ « جَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ » ←-;- ثُمَّ إِلَيَّ مَرْجِعُكُمْ فَأَحْكُمُ بَيْنَكُمْ فِيمَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ 55).

فبعد أن رفعه الله إليه وكان قد لاحقه أشرار بني إسرائيل لقتله وصلبه، وأوشكوا أن يدركون، شبه الله تعالى به أحد أعدائه فقبضوا عليه وفعلوا به ما أعدوه لعيسى عليه السلام، فبدأت مرحلة ضلال وإصلال النصارى، فظنوا أن الذي قتل وصلب هو المسيح عيسى، وإدعى البعض أنه قام من قبره بعد ثلاث أيام، وصدقوا هذه الإشاعة السخيفة والخرافة فتدخل إبليس بأوهمهم بأن المسيح هو إبن الله بل هو "الله الخالق الديان"، (خسئوا فيما قالوا،، وتعالى الله عن قولهم وفعلهم وفكرهم علواً كبيرا)، قال تعالى في ذلك: (إِنَّ مَثَلَ عِيسَى عِندَ اللَّهِ - «« كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِن تُرَابٍ »» ←-;- ثُمَّ قَالَ لَهُ كُن فَيَكُونُ 59). لا أكثر من ذلك،، فهو خلق مما خلق وعبد ونبي ورسول.

المطلوب من العبيد أن يصرحوا بالإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله وباليوم الآخر وبالقدر خيره وشره، ويحذر عليهم التفريق ما بين الله ورسله، قال: (قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ 84). فالتفريق بين الله ورسله يعني في حقيقته نسبة بعض الرسل إلى آلهة أخرى غير الله الواحد القهار.

وفي سورة النساء, قال تعالى مستهجناً قول السفهاء الضالين بأنهم قتلوا المسيح وصلبوه، فهذا إفكهم وإدعاءاتهم التي لن يستطيعوا إقامة الدليل والبرهان عليها، وفي نفس الوقت لن يقبل عقل ولا منطق هذه الخرافات والسخافات, قال تعالى: (وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ «« وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلكِن شُبِّهَ لَهُمْ »» - وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ - « مَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ » ←-;- وَ « مَا قَتَلُوهُ يَقِينًا » 157).

ثم قال تعالى لنبيه الخاتم: (إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ - « كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ » وَ « أَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ » ←-;- وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا 163), ثم خاطب أهل الكتاب مباشرة قال: (يَا أَهْلَ الْكِتَابِ « لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ » وَ « لَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ » - إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ « رَسُولُ اللَّهِ » وَ « كَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ » وَ « رُوحٌ مِّنْهُ » ←-;- فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ «« وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ »» - انتَهُوا خَيْرًا لَّكُمْ - إِنَّمَا اللَّهُ إِلهٌ وَاحِدٌ «« سُبْحَانَهُ أَن يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ »» ←-;- لَّهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا 171).

هذه حقيقة المسيح،، عبد لله ونبيه ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم، وروح منه، وهذا أعلى قدر وأسمى مرتبة يصل إليها السعيد من المخلوقات، وأولاً وأخيراً: (لَّن يَسْتَنكِفَ الْمَسِيحُ « أَن يَكُونَ عَبْدًا لِّلَّهِ وَلَا الْمَلَائِكَةُ الْمُقَرَّبُونَ » ←-;- وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا 172).

وفي سورة المائدة، قال تعالى: (وَقَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم « بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ » - مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ وَ «« آتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ فِيهِ هُدًى وَنُورٌ »» وَ « مُصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْرَاةِ » ←-;- وَهُدًى وَمَوْعِظَةً لِّلْمُتَّقِينَ 146). أما الذين كفروا من بني إسرائيل "وليس كل بني إسرائيل"، الذين فجروا في خصومتهم مع الحق ومحاربة الله وتعنيت أنبيائه ورسله، حتى لعنهم أنبيائهم ورسلهم، قال تعالى في ذلك: (لُعِنَ « الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِي إِسْرَائِيلَ » - عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ – ذلِكَ «« بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ »» 78).

قال تعالى لعيسى مذكره بأنعمه عليه، قال: (إِذْ قَالَ اللَّهُ - يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ - « اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ وَعَلَى وَالِدَتِكَ » ←-;- « إِذْ أَيَّدتُّكَ بِرُوحِ الْقُدُسِ » تُكَلِّمُ النَّاسَ في الْمَهْدِ وَكَهْلًا وَ « إِذْ عَلَّمْتُكَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَالتَّوْرَاةَ وَالْإِنجِيلَ » - وَإِذْ تَخْلُقُ مِنَ الطِّينِ كَهَيْئَةِ الطَّيْرِ « بِإِذْنِي » « فَتَنفُخُ فِيهَا فَتَكُونُ طَيْرًا بِإِذْنِي » - وَ « تُبْرِئُ الْأَكْمَهَ وَالْأَبْرَصَ بِإِذْنِي » وَ « إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي » وَ « إِذْ كَفَفْتُ بَنِي إِسْرَائِيلَ عَنكَ » ←-;- إِذْ جِئْتَهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ إِنْ هذَا إِلَّا سِحْرٌ مُّبِينٌ 110).

لاحظ دقة التعبير الإلهي في قوله عن الموتى (« إِذْ تُخْرِجُ الْمَوْتَى بِإِذْنِي »), ولم يقل له "تحي الموتى" كما يدعي ويأفك النصارى،، لأن الذي يحي الموتى هو الله تعالى ولا يأذن لأحد بإحياء الموتى دونه أو معه. فأنظر إلى تأكيد ذلك في عدة حالات منها:
الحالة الأولى، في حوار خليل الرحمن من أحد أغبياء الكفر،، فصور الله ذلك في سورة البقرة، قال: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ - أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ - « إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ » ←-;- قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ - قَالَ إِبْرَاهِيمُ «« فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ »» فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ ←-;- وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ 258).

الحالة الثانية، عزير، قال تعالى فيه: (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلَى قَرْيَةٍ وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا – قَالَ «« أَنَّى يُحْيِي هذِهِ اللَّهُ بَعْدَ مَوْتِهَا »» - فَأَمَاتَهُ اللَّهُ مِائَةَ عَامٍ ثُمَّ بَعَثَهُ - قَالَ كَمْ لَبِثْتَ « قَالَ لَبِثْتُ يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ » - قَالَ « بَل لَّبِثْتَ مِائَةَ عَامٍ فَانظُرْ إِلَى طَعَامِكَ وَشَرَابِكَ لَمْ يَتَسَنَّهْ » وَ « انظُرْ إِلَى حِمَارِكَ » - وَلِنَجْعَلَكَ آيَةً لِّلنَّاسِ – وَ « انظُرْ إِلَى الْعِظَامِ كَيْفَ نُنشِزُهَا ثُمَّ نَكْسُوهَا لَحْمًا » ←-;- فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ قَالَ أَعْلَمُ أَنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ 259).

الحالة الثالثة، للأواه الحليم، خليل الرحمان، تتوق نفسه أن يعرف إعجاز الله في إحياء الموتى، فطلب من ربه أن يطمئن قلبه من حرة الشوق للمعرفة، قال: (وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ « رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِي الْمَوْتَى » - قَالَ أَوَلَمْ تُؤْمِن - قَالَ بَلَى « وَلكِن لِّيَطْمَئِنَّ قَلْبِي » - قَالَ « فَخُذْ أَرْبَعَةً مِّنَ الطَّيْرِ فَصُرْهُنَّ إِلَيْكَ » ثُمَّ « اجْعَلْ عَلَى كُلِّ جَبَلٍ مِّنْهُنَّ جُزْءًا » ثُمَّ « ادْعُهُنَّ يَأْتِينَكَ سَعْيًا » ←-;- وَاعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ 260).

الحواريون الذين نصروا عيسى حين خزله اليهود، طلبوا من نبي الله ورسوله أن ينزل عليهم مائدة من السماء، قال: (إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ « هَلْ يَسْتَطِيعُ رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ ؟» ←-;- قَالَ اتَّقُوا اللَّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ 112), ولكنهم برروا هذا الطلب له: (قَالُوا « نُرِيدُ أَن نَّأْكُلَ مِنْهَا » وَ « تَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا » وَ « نَعْلَمَ أَن قَدْ صَدَقْتَنَا » ←-;- وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ 113)، هذا يعني أن إيمانهم كان مشوباً بالشك.

فإستجاب لهم لدرء شكوكهم وإبطال حجتهم وإقامة الحجة عليهم، فناجى ربه: (قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ « اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَائِدَةً مِّنَ السَّمَاءِ » - تَكُونُ لَنَا عِيدًا لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ ←-;- وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ 114), فإشترط الله الإستجابة لهم: (قَالَ اللَّهُ «« إِنِّي مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ »» ←-;- فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ «« فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لَّا أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ »» 115). فأنزلها عليهم.

والآن،، هذا إقرار من عيسى لربه، يتبرأ فيه من قول النصارى وفعلهم، وسيكون شهيداً عليهم يوم القيامة، قال تعالى: (وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ «« أَأَنتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلهَيْنِ مِن دُونِ اللَّهِ ؟؟؟»» - قَالَ سُبْحَانَكَ «« مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ »» - إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ - « تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ » ←-;- إِنَّكَ أَنتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ 116), وتأكيداً لهذه البراءة مما إدعوا، قال: (مَا قُلْتُ لَهُمْ «« إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ »» - وَكُنتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَّا دُمْتُ فِيهِمْ - «« فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنتَ أَنتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ »» ←-;- وَأَنتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ 117).

وفي سورة الأنعام، قال: (وَزَكَرِيَّا وَيَحْيَى « وَعِيسَىٰ-;---;-- » وَإِلْيَاسَ كُلٌّ مِّنَ الصَّالِحِينَ 85).
وفي سورة مريم، قال: (ذلِكَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ « قَوْلَ الْحَقِّ الَّذِي فِيهِ يَمْتَرُونَ » 34), (مَا كَانَ لِلَّهِ أَن يَتَّخِذَ مِن وَلَدٍ «« سُبْحَانَهُ »» ←-;- إِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُن فَيَكُونُ 35), فالكلمة هي قوله تعالى للشيء "كن فيكون" هذا هو قول الحق عيسى الذي قال لقومه صراحةً أنه مساوياً لهم في العبودية لله تعالى، قال: (وَإِنَّ اللَّهَ « رَبِّي وَرَبُّكُمْ فَاعْبُدُوهُ » ←-;- هذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ 36).

وفي سورة الأحزاب، أخبر الله نبيه بالميثاق الذي أخذه من كل أنبيائه ورسله، قال: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِنَ النَّبِيِّينَ مِيثَاقَهُمْ « وَمِنكَ » وَ « مِن نُّوحٍ وَإِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ » ←-;- وَأَخَذْنَا مِنْهُم مِّيثَاقًا غَلِيظًا 7), وسيكون الجميع مسئولون أمامه بلا إستثناء، قال: (لِّيَسْأَلَ الصَّادِقِينَ عَن صِدْقِهِمْ - وَأَعَدَّ لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا أَلِيمًا 8).

وفي سورة الشورى "المشفرة"، التي إفتتحها الله تعالى بقوله: (حم 1)، (عسق 2)، ثم قال فيها: (شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ - « مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا » وَ «« الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ »» وَ « مَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى » - أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلَا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ - « كَبُرَ عَلَى الْمُشْرِكِينَ مَا تَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ » ←-;- اللَّهُ « يَجْتَبِي إِلَيْهِ مَن يَشَاءُ » وَ « يَهْدِي إِلَيْهِ مَن يُنِيبُ » 13).

فهل إلتزم الأشقياء التعساء بهذا الدين القويم الذي شرعه الله تعالى على عباده وأوصى به أنبيائه ورسله ثم أوحاه إلى خاتم الأنبياء والمرسلين وأخذ ميثاقهم عليه، الواقع أنهم لم يلتزموه، بل تفرقوا، قال تعالى: (وَمَا تَفَرَّقُوا « إِلَّا مِن بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ » - وَلَوْلَا كَلِمَةٌ سَبَقَتْ مِن رَّبِّكَ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى - «« لَّقُضِيَ بَيْنَهُمْ »» ←-;- وَإِنَّ الَّذِينَ أُورِثُوا الْكِتَابَ مِن بَعْدِهِمْ لَفِي شَكٍّ مِّنْهُ مُرِيبٍ 14).

إذاً،، ليس المطلوب منك هدى من أضل الله، ولا أن تبخع نفسك حرصاً على إيمانهم وأسفاً عليهم، فهذا هو حالهم على مر العصور والأزمان ومع كل الأنبياء والمرسلين قبلك،، فإلتزم البيان والتبليغ ودع مصريهم ومآلهم إلى الله، قال: (فَلِذلِكَ - فَادْعُ وَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ - «« وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ »» وَقُلْ « آمَنتُ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ مِن كِتَابٍ » وَ « أُمِرْتُ لِأَعْدِلَ بَيْنَكُمُ » - اللَّهُ رَبُّنَا وَرَبُّكُمْ - « لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ » « لَا حُجَّةَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ » ←-;- اللَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَنَا وَإِلَيْهِ الْمَصِيرُ 15).

ثم قال لنبيه الكريم بكل صراحة ووضوح: (وَالَّذِينَ يُحَاجُّونَ فِي اللَّهِ مِن بَعْدِ مَا اسْتُجِيبَ لَهُ «« حُجَّتُهُمْ دَاحِضَةٌ عِندَ رَبِّهِمْ »» وَ « عَلَيْهِمْ غَضَبٌ » وَ « لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ » 16).
الآن كل نفس تعرف إختيارها إن خيراً فخير وإن شراً فشر، لأن الله تعالى قد بين كل شيء وفصل عواقب الامور يوم القيامة، فالكتاب قد نزله الله تعالى (توراته وإنجيله وفرقانه) بالحق، فما جاء به إما حجةً لك أو حجةً عليك، وسيكون الميزان يوم القيامة وفقاً للمعايير التي وثقها الله تعالى بالحتاب، وأرسل الأنبياء والرسل وأيدهم بالمعجزات التي تؤكد صدقهم، فلم يترك لأحد حجة يحاجج بها يوم القيامة وسيواجه الميزان الذي ستكون نتيجته إما جنة أو نار، قال تعالى: (اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ «« بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ »» وَمَا يُدْرِيكَ «« لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ »» 17).

لاحظ أنه لخطورة هذه الآية الكريمة المصيرية شفرها الله تعالى بأحرف مقطعة جعلها فاتحة لهذه السورة التي تضمنت هذه الآية،، فما علاقتها بالآيتين الكريمتين |(حم 1)، (عسق 2)|؟؟؟ ....... لو تدبرت الآية جيداً لوجدت بها مقطعين إثنين هما:
(أ‌) فمن قوله تعالى (اللَّهُ الَّذِي أَنزَلَ الْكِتَابَ «« بِالْحَقِّ وَالْمِيزَانَ »»)، لو أخذنا الحرف "ح" من كلمة "بالحق"، والحرف "م" من كلمة "الميزان"، وجدنا أمامنا الآية الأولى بهذه السورة وهي (حم 1)،
(ب‌) ومن قوله تعالى: (وَمَا يُدْرِيكَ «« لَعَلَّ السَّاعَةَ قَرِيبٌ »»، فلو أخذنا الحرف "ع" من كلمة "لعل"، والحرف "س" من كلمة "الساعة" والحرف "ق" من كلمة "قريب" وجدنا أمامنا الآية الثانية بهذه السورة وهي قوله (عسق 2).

معنى هذا أن (حم عسق)، هي أخطر وأحرج مصير يواجه البشرية كلها لأنها ستعامل بالحق والميزان، وسيكون ذلك يوم القيامة، وها هي ذي الآية الثانية تلمح بأنه عسى أن تكون الساعة قريباً، وهذا أمر مخيف للغاية ومقلق. ويلزم معه العمل الجاد إستعداداً للميزان والوزن الحق والقسط ولم يبق كثير من الوقت للساعة ثم الحساب.

ومع هذا الخطر الداهم، والقلق الشديد من قيام الساعة قبل الإستعداد لها إلَّا أن هناك كثير من الحمقى والغافلين لا يعبئون بها، قال: (يَسْتَعْجِلُ بِهَا « الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِهَا » وَ « الَّذِينَ آمَنُوا مُشْفِقُونَ مِنْهَا » وَ «« يَعْلَمُونَ أَنَّهَا الْحَقُّ »» ←-;- أَلَا إِنَّ الَّذِينَ يُمَارُونَ فِي السَّاعَةِ لَفِي ضَلَالٍ بَعِيدٍ 18).

وفي سورة الزخرف، قال: (وَلَمَّا جَاءَ عِيسَى بِالْبَيِّنَاتِ قَالَ « قَدْ جِئْتُكُم بِالْحِكْمَةِ » وَ « لِأُبَيِّنَ لَكُم بَعْضَ الَّذِي تَخْتَلِفُونَ فِيهِ » ←-;- فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ 63). فالتقوى لله وحده والذي يوصل لهذه التقوى هو طاعة أنبيائه ورسله،، وعليه قال لهم: (إِنَّ اللَّهَ «« هُوَ رَبِّي وَرَبُّكُمْ »» - فَاعْبُدُوهُ ←-;- هذَا صِرَاطٌ مُّسْتَقِيمٌ 64). قال لهم "فأعبدوه" ولم يقل لهم "فأعبدونا" أو فأعبدوني معه.

ثم في سورة الحديد, قال: (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ «« لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ »» - وَأَنزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ - «« وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ »» ←-;- إِنَّ اللَّهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ 25).

ذكر الله تعالى إصطفاءاته بإيجاز معجز بليغ، فهو لم يرسل فقط نوح وإبراهيم، ولكنه أرسل رسلا وأنبياء كثيرون، ولكنه حين ذكر نوح، لأنه أول رسول له، أما إبراهيم فتفرع منه آل إبراهيم وآل عمران وذرياتهما، ولأن ذرية إبراهيم هي التي تتضمن آخر المرسلين، فكان هذا التفصيل المعجز الرائع في هذا الإيجاز المحكم، قال تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا « نُوحًا وَإِبْرَاهِيمَ » - وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِمَا « النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ » ←-;- فَمِنْهُم مُّهْتَدٍ وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ 26).

بعد ذلك قال تعالى: (ثُمَّ قَفَّيْنَا عَلَى آثَارِهِم « بِرُسُلِنَا » وَ « قَفَّيْنَا بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ وَآتَيْنَاهُ الْإِنجِيلَ » وَ « جَعَلْنَا فِي قُلُوبِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ رَأْفَةً وَرَحْمَةً وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ إِلَّا ابْتِغَاءَ رِضْوَانِ اللَّهِ » - فَمَا رَعَوْهَا حَقَّ رِعَايَتِهَا - «« فَآتَيْنَا الَّذِينَ آمَنُوا مِنْهُمْ أَجْرَهُمْ »» ←-;- وَكَثِيرٌ مِّنْهُمْ فَاسِقُونَ 27).

وفي سورة الصف، لقي موسى العنت من قومه من تكذيب إلى إيذاء، قال: (وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ «« يَا قَوْمِ لِمَ تُؤْذُونَنِي »» - وَقَد تَّعْلَمُونَ أَنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ « فَلَمَّا زَاغُوا أَزَاغَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ » ←-;- وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ 5), وكذلك الحال بالنسبة لعيسى أيضاً نفس القوم الذين آذوا موسى فعلوها مع عيسى أيضاً، قال: (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ « إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ » - فَلَمَّا جَاءَهُم بِالْبَيِّنَاتِ - «« قَالُوا هذَا سِحْرٌ مُّبِينٌ »» 6).

تأكد ظلم هؤلاء الكذابين المناهضين لله وأنبيائه ورسله، قال تعالى: (وَمَنْ أَظْلَمُ « مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ » وَ « هُوَ يُدْعَى إِلَى الْإِسْلَامِ » ←-;- وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ 7), ولكن ما هي غايتهم وهدفهم؟ ولماذا يفعلون ذلك بأنبياء الله ورسله وقد تأكد لهم أنهم صادقون؟؟؟ قال، كاشفاً سرهم: (يُرِيدُونَ لِيُطْفِئُوا نُورَ اللَّهِ « بِأَفْوَاهِهِمْ » وَ «« اللَّهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ »» 8).

فالله تعالى: ( هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ «« لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ »» 9), إلى أن قال: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا « كُونُوا أَنصَارَ اللَّهِ » كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ « مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ ؟» - قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ - فَآمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ - « فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ » 14).

(ب): إذاً،، ماذا يريد صاحبنا مروان هذا أن يضيفه من مجد وعظمة وقدر للمسيح عيسى أكبر مما جاء عنه في القرآه الكريم؟ دعونا نرى ونسمع ونعي ما عند مروان سعيد من دجل وغمط لقدر المسيح فيما يلي:

أولاً،، قال: ((... وهنا نجد عظمة المسيح والذي تحدى البشر والذي قال من منكم يبكتني على خطيئة، فلم يقدر احد ان يقول له انت صنعت اي خطئ ...)). وهذا القول دجل وتخريف وإفك ينبغي أن يستحي منه ويتوارى من سوء قوله،، للعديد من الأسباب، نسوق بعضها للدلالة وتقريب الفكرة للقراء فيما يلي:

1) ليس فقط أحد الذي قال .... بل الغالبية العظمى من بني إسرائيل لم يعترفوا به أساساً، وكذبوا بنبوءته ورسالته علناً وسفوراً، ناهيك عن تكذيب قوله، بل وخاضوا في نسبه وعفة أمه،، ألم يكن من بين كل هؤلاء من قال له الذي تنفيه علناً وتصر عليه وتجادل دون دليل؟؟؟

2) إن كان لا يوجد أحد يبكته بخطيئة كما تقولون غير الذي تفعلون وتضمرون، إذاً من هم الذين قال عنه يوحنا: (فأخذوا حجارة ليرموه بها، فتوارى يسوع وخرج من الهيكل)؟ و لماذا يفعلون ذلك وهم لا يبكتونه أو يكذبونه؟؟؟ الا ترى انك متناقض مع نفسك ومع كتابك ومع الواقع؟ بل وبذلك أنت تثبت على عيسى عليه السلام بأنه ليس فقط بُكِّتَ، بل بلغ الأمر به من عدوان أعدائه وتجرئهم عليه إلى حد الرجم بالحجارة.

3) هل يوحنا كان يكذب عندما قال في إصحاح 8: (قال له اليهود: (أرأيت إبراهيم وما بلغت الخمسين؟)،، فماذا تسمي هذا في عرفك ومفهومك ومعايير زكريا بطرس وصبيه الغبي؟؟؟

ها أنت ذا قد جردت المسيح عن القيم العالية التي أثبتها له القرآن الكريم ووثقها إلى أبد الآبدين، أرأيت نتيجة القول عن جهل وتجاهل وجهالة خارج إطار (العلم والحجة والدليل)؟؟؟ على أية حال،، القرآن الكريم يقول ويؤكد بأن عيسى عليه السلام بعيد عن "الخطيئة"، لأنه كباقي الرسل معصوم فيما يتعلق "بالشرع والوحي فقط"، أما الخطأ فلا يوجد بشر على وجه البسيطة معصوم منه، وإن كان ذلك كذلك لعصم خاتم الأنبياء والمرسلين من الخطأ العفوي الذي يعتبر من ضمن خواص البشرية (كلكم خطاءون وخير الخطائين التوابون). فنفى القرآن عن عيسى ما ألحقته به إصحاحاتكم.


ثانياً: قال عن المسيح أيضا: ((... بل هو جال يصنع خيرا الموتى يقومون والعمي يبصرون والمقعدين يمشون وتجده عندما يصنع المعجزة لايقول يارب ساعدني على هذه المهمة بل يقول انا اقول لك قم واحمل سريريك وامشي ...)). هذه هي الخيبة نفسها والجهل المريع الذي أضلوا به كثيراً بعد أن ضلوا، وأضلوا،، وضلوا عن سواء السبيل، وذلك لما يأتي:
1) معجزات المسيح عليه السلام لا تحتاج إلى تأكيدات من أي مصادر أخرى خاصة إن كانت تلك المصادر عاجزة عن تأكيد صحة نصوصها بالأدلة المادية والبراهين التي تؤكد عملياً صحة القول أو الفعل، ولن تكون الأدلة في العقيدة مادية ما لم تكن موحاة من ربه العباد. فالقرآن الكريم قد وثق هذه المعجزات بغض النظر عن أحداث بعينها كتلك التي وردت بكتابكم المقدس لديكم، كسفر مرقس، إصحاح2 مثلاً, ولكن كل هذه المعجزات تتم بإذن الله تعالى ولا يستطيع المسيح عملها من تلقاء نفسه أبداً. ولم يدع ذلك على الإطلاق.

2) لذا فعلى الأخ مروان أن يدلنا على مكان وجود عبارة (قم وأحمل سريرك وأمشي) الصحيحة من بين العبارات العديدة المشابهة لها ولكنها تختلف عنها الموجودة في سفر مرقس، إصحاح2: ففي الفناندايك جاءت هكذا: (أقول لك: قم فاحمل فراشك واذهب إلى بيتك)، وفي الحياة هكذا: (لك أقول: قم احمل فراشك، واذهب إلى بيتك)، وفي الأخبار السارة هكذا (أقول لك: قم واحمل فراشك واذهب إلى بيتك)، وفي اليسوعية هكذا: (أقول لك: قم فاحمل فراشك واذهب إلى بيتك)، فإما أن تكون كلها صحيحة وهذا مستحيل طبعاً، أو أن تكون واحدة فقط هي الصحيحة والباقي ملفق،، ولكن ليس هناك ما يمنع من أن تكون جميعها ملفقة ما دام لا يوجد دليل يرجح كفة أي منها على الباقين.

3) أما الإدعاء بأن المسيح صنع المعجزة (ولايقول يارب ساعدني على هذه المهمة) بل يقول انا اقول لك قم واحمل سريريك وامشي. هذا إدعاء كاذب ومفترى على عبد الله ونبيه ورسوله عيسى إذ لا يوجد مخلوق في الوجود يستطيع فعل شيء لم يأذن به الله تعالى, لذا فهذا كذب محض وتخريف ودجل،

ثالثاً: يواصل مروان في إدعاءاته التي قد فشل في إقامة أي دليل أو برهان على صحتها، بالإضافة إلى أنها عبارة عن روايات نصوصها هزيلة لغوياً وإنشائياً وبيانياً، يستحيل معه نسبها إلى قول نبي أو وحي لرسول قال: ((... ولمعرفة الله يا اخي خلف يجب ان تعرف بانه ليس صمد انه الاب والابن والروح القدس اي الثالوث هو الله لاان الابن هو كلمة الله الاذلي الذي خلق به كل شيئ...))....)). فلنناقشه فيما أدعى "على خفيف"، لنثبت له أولا قبل غيره أنه قول لا يستحق الوقوف عنده:

1) فإن كنت تتحدث عن إلهكم يسوع الذي قمتم بتأليفه وتوليفه من أقانيمكم بالكيفية التي يستحيل أن يستوعبها عقل ولا يقبلها منطق، أو يقام عليها دليل أو برهان، فهذا لا شأن لنا به، لأننا لا نعير الآلهة الإفك اي إهتمام لأنها طواغيت تعبد جوراً من دون الله تعال، ومن ثم فمن البديهي أن لا يكون هذا الإله المركب والمؤلف من متعددٍ "صمداً"، وعليه فأنت لا شأن لك بإله عبد الله خلف، ولا بإله المسيح عيسى بن مريم بنت عمران، الذي عرَّفَ عن نفسه بسورة الإخلاص، هذا الإله هو الذي يتحدث عنه الأستاذ أبو بدر. وهو أحد صمد رغم أنف مروان وصحبه.

2) فالمسيح ابن مريم العذراء هو (كلمة من الله ألقاها إلى مريم)، وروح منه (وليس روحه) كما تدعون.

3) ثم،، ما مدلول هذه العبارة الغريبة المتناقضة التي تقولون فيها: ((... لان الابن هو كلمة الله الاذلي الذي خلق به كل شيئ ...))؟؟؟ فلنا أن نتساءل،، هل المقصود بكلمة "الأذلي" صفة للإبن هكذا (لأن الأبن الأزلي ...) أم هي صفة الله هكذا (... هو كلمة الله الأزلي؟), وبالطبع أي من الصفتين لا يمكن أن تنسجم مع باقي العبارة التي تقول: (...الذي خلق به كل شيئ). فإن كان المقصود المعنى الأول، على مروان أن يبين لنا كيف نفهم عبارة (... لأن الأبن الأزلي - الذي خلق به كل شيء)؟ أما إذا كان المقصود المعنى الثاني، فعليه أن يبين لنا كيف نفهم عبارة (... هو كلمة الله الأزلي – الذي خلق به كل شيء)؟؟؟ علماً بأن هذه العبارة تقتضي تأنيث الضمائر والصفة مع الموصوف لأن "الكلمة" إسم مؤنث يلزم أن تؤنث معها ضمائرها وصفتها كأن تكون العبارة: (... هي كلمة الله الأزلية – التي خلق بها كل شيء). وأياً كانت العبارة من كل هذه الخيارات فإنها لا تعبر عن شيء على الإطلاق.


رابعاً: جاز لنا الآن أن ننظر بشيء من التدقيق لما جاء بسفر يوحنا1 الذي إستشهد به مروان، فقال ((... ونفس الاية تقول بيوحنا واحد في البدء كان الكلمة والكلمة كان عند الله وكان الكلمة الله. 2 هذا كان في البدء عند الله. 3 كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان. 4 فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس. 5 والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه...)).
حسناً،، فلنترك الآن الإشتغال بالإختلافات في صيغ النص الواحد، وننظر في مكوناته فنقول:

1) يقول العدد1: (فِي الْبَدْءِ كَانَ الْكَلِمَةُ....)، فنتساءل إلى من يعود الضمير المستتر الذي يمثل "إسم كان"؟ وما المقصود بعبارة "في البدء", البدء لماذا؟ وما هي "الكلمة" التي ذكرت في العبارة؟ علماً بأنه ليس هناك أي إشارة أو قرينة تدل على أن المقصد هو المسيح بعينه, وعليه يكون المخبر المسند إليه مبهم والمسند عينه أيضاً كذلك، وأصل الموضوع الذي تقول العبارة ببدئه مبهم.

2) وعبارة (وَالْكَلِمَةُ كَانَ عِنْدَ اللَّهِ ...), ماذا يقصد بها؟ فالمعروف أن الله تعالى عنده كل شيء، ولا يعتبر خبراً تُعْلِمُ به هذه العبارة أو تُضِيْفَ أي قيمة للحقيقة والواقع، علماً بأن العبارة الصحيحة "لغوياً" يجب أن تكون هكذا: (...وَالْكَلِمَةُ كَانَت عِنْدَ اللَّهِ ...), بتأنيث الفعل، ولكن حتى لو صحت لغويا وإنشائياً،،، ماذا تعني "تحديداً؟؟؟". أيضاً ليس لها أي علاقة بالمسيح لا بالظهور ولا بالإضمار ولا حتى بالتلميح،

3) كذلك عبارة (...وَكَانَ الْكَلِمَةُ اللَّهَ ...), فهي عبارة مضحكة،، كيف يكون الله هو الكلمة؟؟؟ الله تعالى هو "ذَاْتٌ" مقدسة، وكلمته "فِعْلٌ" من أفعال تلك الذات، فكيف يكون الفعل هو الذات؟؟؟

4) خلاصة القول هو أن هذا النص ليس له علاقة بالسيد المسيح، وفي نفس الوقت لا يشير إلى أي حقائق على الأرض لا مادية ولا معنوية ولا معقولية ولا منطق.

5) العدد2، يقول: (هذا كان في البدء عند الله.)،،، فما هو الذي أشارت إليه هذه العبارة بإسم الإشارة "هذا" في الأساس؟ ثم، هل من عاقل يستطيع أن يقول عن أي شيء في الوجود إنه لم يكن في البدء عند الله تعالى، وإنه في المنتهى سيئول إليه أيضا؟؟؟ ومع هذه الحقيقة المفروغ منها، ليس هناك مشار إليه في الواقع وبالتالي تصبح الإشارة "مبهمة" لمشار إليه مجهول, وبصفة خاصة، حتى ذلك المجهول يستحيل أن يكون هو المسيح.

6) والعدد3، يقول: (كل شيء به كان وبغيره لم يكن شيء مما كان), أيضاً هذه الجملة خبرية تقريرية statement، إن قصد بها الله سبحانه وتعالى لذاته، لأنه الوحيد الذي كان به كل شيء، وبغيره لم يكن شيء مما كان), فلا جديد ولا إضافة حقيقية للموضوع الذي نحن بصدده وهو (المسيح تحديداً). ولكن بالنظر إلى الضمير في عبارة "به"، الذي يعود على المجهول الذي في العددين 1 و 2 والذي يستحيل أن يكون المقصود به الله تعالى لذاته، أيضا يستحيل أن يوحي أو يشير ولو ضمنياً إلى المسيح بأي حال. وبالتالي أيضاً هذه العبارة زادت من تأكيد بعدها كلها عن المسيح.

7) الأعداد الباقية التي تقول: (فيه كانت الحياة والحياة كانت نور الناس. 5 والنور يضيء في الظلمة والظلمة لم تدركه ...), هذه كلها نصوص إنشائية تعمق وتؤكد بعدها عن الغاية التي قصدها صاحبنا، وقصد نسبتها إلى عيسى للإستشهاد بصحة ألوهيته، فجاءت الرياح بعكس ما تشتهي السفن,

8) والطامة الكبرى يصورها العدد6، الذي يقول في الفاندايك: (كَانَ إِنْسَانٌ مُرْسَلٌ مِنَ اللَّهِ اسْمُهُ يُوحَنَّا.)، وفي الحياة: (ظهر إنسان أرسله الله ، اسمه يوحنا،), وفي الأخبار السارة: (ظهر رسول من الله اسمه يوحنا.), وفي اليسوعية: (ظهر رجل مرسل من لدن الله اسمه يوحنا)،، الخ، على أية حال، أياً كانت العبارة المختارة من هذا التنوع، فإن المقصود بها هو يحي المعمدان بن زكريا، وليس المسيح،

خلاصة القول هو أن ما إستشهد به مروان لم يزده إلَّا خبالاً وقد أعاده إلى المربع الأول خاسراً، ويخشى عليه الإنزلاق الوشيك خارج هذا المربع أيضاً إلى حيث الهاوية، وما أدراك ما هي....

خامساً: يواصل صاحبنا في عرض أدلته على ألوهية المسيح قائلاً: ((... وايضاً يقول انا والاب واحد ومن رائاني رئى الاب ...)), نقول له،، حسبك، هذا كلام يتحدث عن أمر خارج النواميس العادية المعهودة للبشر،، وبالتالي يلزمها أدلة مادية وجوهرية حقيقية ملموسة ومحسوسة،، فهل تستطيع أن تقدم لنا شيئاً من هذه الأدلة والبراهين؟؟؟ فالأمر ليس صعباً عليكم،، فقد علمنا من يدعي بأنه رأى ربه يسوع، وجالسه وتعشى معه، ونرجوا أن تكون أنت أحد هؤلاء السعداء.

الآن نطلب منك أو ممن رآه أن يصفه لنا (شريطة ألَّا تصف لنا صورة الزيت الموجودة على النيت والمعلقة في الجدر او غيرها، فهذه مفبركة ومن صنع الخيال المحض، وهناك طريق أسهل لك وله، لماذا لا يتكرم ويظهر لنا نحن أيضاً مباشرةً ويتعشى معنا؟؟؟ ألسنا من ذكرناه بكل خير في القرآن الكريم وأنصفناه أكثر منكم؟؟؟ فما المانع إذاً، إن كان موجود حقاً؟؟؟ أما إن لم نر أي من هذه الخيارات وبالطبع،، لن نراها أبداً،، فعليك أن تبحث عن شيء آخر تعرضه على الناس يمكن أن يستفيدوا منه بدلاً من التنظير والشطحات والإستخفاف بالعقول.

سادساً: إستشهد صاحبنا هذه المرة بسفر من العهد القديم الذي قالوا عنه في السابق إنه "ناقص" و "ملغي"، ولكن دعنا نرى ما سيعرضه عليها من هناك،، قال: ((... وفي العهد القديم في الامثال 30 "من صعد الى السموات ونزل.من جمع الريح في حفنتيه.من صر المياه في ثوب.من ثبت جميع اطراف الارض.ما اسمه وما اسم ابنه ان عرفت"...)).

فذهبنا إلى حيث أشار لنا بكتابه المقدس لديه، لنقف على ما أراد إيصاله لنا من هذا النص الذي من بين نصوص مكملة له في سفر أمثال، إصحاح 30، الذي يقول: (1- كَلاَمُ أَجُورَ ابْنِ مُتَّقِيَةِ مَسَّا. وَحْيُ هَذَا الرَّجُلِ إِلَى إِيثِيئِيلَ. إِلَى إِيثِيئِيلَ وَأُكَّالَ), (2- إِنِّي أَبْلَدُ مِن كُلِّ إِنْسَانٍ وَلَيْسَ لِي فَهْمُ إِنْسَانٍ)، (3- وَلَمْ أَتَعَلَّمِ الْحِكْمَةَ وَلَمْ أَعْرِفْ مَعْرِفَةَ الْقُدُّوسِ), (4- مَن صَعِدَ إِلَى السَّمَاوَاتِ وَنَزَلَ؟ مَن جَمَعَ الرِّيحَ في حُفْنَتَيْهِ؟ مَن صَرَّ الْمِيَاهَ في ثَوْبٍ؟ مَن ثَبَّتَ جَمِيعَ أَطْرَافِ الأَرْضِ؟ مَا اسْمُهُ وَمَا اسْمُ ابْنِهِ إِنْ عَرَفْتَ؟), (5- كُلُّ كَلِمَةٍ مِنَ اللَّهِ نَقِيَّةٌ. تُرْسٌ هُوَ لِلْمُحْتَمِينَ بِهِ), (6- لاَ تَزِدْ عَلَى كَلِمَاتِهِ لِئَلاَّ يُوَبِّخَكَ فَتُكَذَّبَ), (7- اِثْنَتَيْنِ سَأَلْتُ مِنْكَ فَلاَ تَمْنَعْهُمَا عَنِّي قَبْلَ أَنْ أَمُوتَ 8), (أَبْعِدْ عَنِّي الْبَاطِلَ وَالْكَذِبَ. لاَ تُعْطِنِي فَقْراً وَلاَ غِنىً. أَطْعِمْنِي خُبْزَ فَرِيضَتِي), (9- لِئَلاَّ أَشْبَعَ وَأَكْفُرَ وَأَقُولَ: «مَنْ هُوَ الرَّبُّ؟» أَوْ لِئَلاَّ أَفْتَقِرَ وَأَسْرِقَ وَأَتَّخِذَ اسْمَ إِلَهِي بَاطِلاً), (10- لاَ تَشْكُ عَبْداً إِلَى سَيِّدِهِ لِئَلاَّ يَلْعَنَكَ فَتَأْثَمَ), (11- جِيلٌ يَلْعَنُ أَبَاهُ وَلاَ يُبَارِكُ أُمَّهُ), (12- جِيلٌ طَاهِرٌ فِي عَيْنَيْ نَفْسِهِ وَهُوَ لَمْ يَغْتَسِلْ مِنْ قَذَرِهِ)... الخ.
في الحقيقة عرضت كل هذه الأعداد قبل وبعد العدد الذي أشار إليه مروان فلم أجد شيئاً له علاقة بالموضوع الذي يريد إيجاد الدليل لصحته فلم ترد إي إشارة إليه، وهذا أمر بديهي لأنه
من العهد القديم. فماذا تريد أن تقول يا مروان؟؟؟ أم لعله داء التخبط وخصلة اللجاجة والمماحكة طغت على صوت العقل والورع؟؟؟

لا شك في أن عقلاء النصارى الذين يقرأون القرآن ويتفكرون فيه يدركون بل ويعترفون بأن القرآن قد أنصف ومجد كل الأنبياء والرسل ولم يفرق بين هؤلاء الرسل، وحذر من مغبة ذلك. كما أنهم يدركون تماماً أن القرآن صان عقيدة التوحيد ورعاها حق رعايتها، ولم ينسبها للمسلمين من أمة محمد فقط، ولكن سمى كل مؤمني الأنبياء والرسل على مدار الزمن بأنهم مسلمون. فالإسلام هو كلمة شاملة وواصفة لكل من عمل بإخلاص على توحيد الله تعالى وأخلص العبادة له وعمل بشرعه وأطاع أنبيائه ورسله، وآمن باليوم الآخر وبالقدر خيره وشره.
فقد حرص القرآن على نسبة الكتب الثلاثة (توراة وإنجيل وفرقان) إلى الله الواحد الأحد (رب السماوات والأرض، رب العرش العظيم وحده لا شريك له ولا ند ولا والد ولا ولد. وقد حرص على تمجيد كل أنبياء بني إسرائيل ومن كان قبلهم ومن جاء بعدهم من إنجيل وقرآن لذلك كان في الواقع هو المصدر الوحيد الحقيقي والموثوق به حتى إن عارضه بعض اليهود والنصارى ظاهرياً ولكنهم يبطنون الحق والحقيقة حياله.
هناك حقائق يجادل فيها بعض اليهود والنصارى، فبعضهم ينفيها وآخر يثبتها، إما لغياب المرجعية لديهم أو معاندة وكبر قصداً في إطار الإنتصار لما هم عليه حقاً كان أم باطل. فمثلاً،
هناك من اليهود من قال حقيقة عزير أو "عزرا" إبن الله، فالنفي لهذه الحقيقة لا يعني عدم القول، فالذين يجادلون إما عن جهل أو شح في المعلومات الصحيحة أو معاندة وكبر، ولكن الواقع يقول أن هناك من اليهود من قال ذلك "قطعاً"، حتى لو نفى ذلك كل يهود الأرض سلفاً وخلفاً.
كما أن منهم من قال بأن "مريم" إله وإبنها إله أيضاً, ورغم أنهم ينفون هذا القول بشدة ولكن هذا النفي ليس لديهم عليه إثبات، بينما القول عليه إثبات وتوثيق لا يمكن إلغاءه أو محاججته. كما أن هناك من النصارى من يعتقد بأن بنوة المسيح المزعومة هي "بنوة نسب"، وبالتالي يتضمن هذا الإدعاء والمفهوم وجود صاحبة لله وهذا تبرير طبيعي لفكرة هذه البنوة (تعالى الله عن كل ذلك علواً كبيراً). قالت الجن في سورة الجن: (وَأَنَّهُ تَعَالَىٰ-;---;-- جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا 3). هل هذا كان مدعاةً لإنزال صورة الإخلاص التي نزهت الله تعالى عن كل هذه الإفتراءات؟

على أية حال،، للموضوع بقية.ولكن قبل ذلك ألفت نظر السادة القراء الكرام، أنني أعجبت بروعة الحوار ووهج الحجة، بين متحاورين إثنين، لعلك تريد أن تستمتع تستمتع بالحق والحقيقة التي يمكنك متابعتها عبر الرابط التالي، إن راقك ذلك،، وشكراً:
http://www.hurras.org/vb/showthread.php?t=11505

تحية طيبة للقراء والقارءات،

بشاراه أحمد



#بشاراه_أحمد (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (3):
- تكملة ... عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ (2):
- عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ (1):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س (ملخص آل عمران ومريم):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ع (ألم، كهيعص2):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13س(ألم، كهيعص1):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13ن (آل عمران):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (رد على تعليقات):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13م (طس، طه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ل):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ك) رد على تعليقات بعض القر ...
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (ياء):
- حوار العقلاء2 (ردود):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ط):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ح):
- حوار العقلاء:
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ز):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(و):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء13(ه):
- سأصليه سقر... لواحة للبشر – جزء 13 (د):


المزيد.....




- العجل الذهبي و-سفر الخروج- من الصهيونية.. هل تكتب نعومي كلاي ...
- مجلس الأوقاف بالقدس يحذر من تعاظم المخاوف تجاه المسجد الأقصى ...
- مصلون يهود عند حائط البراق في ثالث أيام عيد الفصح
- الإحتلال يغلق الحرم الابراهيمي بوجه الفلسطينيين بمناسبة عيد ...
- لبنان: المقاومة الإسلامية تستهدف ثكنة ‏زبدين في مزارع شبعا ...
- تزامنًا مع اقتحامات باحات المسجد الأقصى.. آلاف اليهود يؤدون ...
- “عيد مجيد سعيد” .. موعد عيد القيامة 2024 ومظاهر احتفال المسي ...
- شاهد..المستوطنين يقتحمون الأقصى في ثالث أيام عيد -الفصح اليه ...
- الأردن يدين سماح شرطة الاحتلال الإسرائيلي للمستوطنين باقتحام ...
- طلاب يهود بجامعة كولومبيا: مظاهرات دعم فلسطين ليست معادية لل ...


المزيد.....

- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل
- الأبحاث الحديثة تحرج السردية والموروث الإسلاميين كراس 5 / جدو جبريل
- جمل أم حبل وثقب إبرة أم باب / جدو جبريل
- سورة الكهف كلب أم ملاك / جدو دبريل
- تقاطعات بين الأديان 26 إشكاليات الرسل والأنبياء 11 موسى الحل ... / عبد المجيد حمدان
- جيوسياسة الانقسامات الدينية / مرزوق الحلالي
- خطة الله / ضو ابو السعود


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - بشاراه أحمد - عِنْدَئذٍ يَمُدُّ أبُوْ حَنِيْفَةَ رِجْلَهُ ... تكملة (4):