أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -في رداء قديم- نسمة العكلوك















المزيد.....

-في رداء قديم- نسمة العكلوك


رائد الحواري

الحوار المتمدن-العدد: 4462 - 2014 / 5 / 24 - 18:33
المحور: الادب والفن
    


هذه الرواية من إصدارات مركز أوغريت، رام الله عام 2013، وهي الرواية الثالثة التي تناولت موضوع الحب فيما تناولناه من أعمال روائية، فبعد رواية "غرام براغماتي" لعالية ممدوح، ورواية "الأسود يليق بك" لأحلام مستغانمي، نتناول هذه الرواية، التي تتحدث عن علاقة الحب من منظور الأنثى في العالم العربي، سنحاول إضاءة الرواية والجوانب الفنية التي استطلعت الكاتبة أن ترسمها، مما يشير إلى قدرتها على "الرسم بالكلمات "عدت إلى منزلي تسكنني روح جديدة. أمي تعرف روحي الحقيقية، خفت أن عدت أن تكتشف جلدك التصق بجلدي، قصصت لها أحداث يومي وأغفلت وجودك فيها. سعدت لأجلي، أصرت أن أتناول طعامي وقد تهيأت للنوم. جسدي لم يعد يحملني. اكتشفت كم كنت جائعة. كنت اكتفيت سابقا بك" ص 12، صور التورية التي تختص بها النسا في العالم العربي، فالمشهد السابق يبن قدرة الكاتبة على الحديث عن علاقة ـ محرمة ـ بطريقة تجعل المتلقي يتقبلها ـ إن لم يكن كفكرة، يتقبلها كصورة جميلة، أو كلغة أدبية ـ وهذا الأمر يحسب للكاتبة التي تستطيع أن تفرض فكرتها بهذا الانسياب الناعم والهادئ، فلا يشعر المتلقي إلا وهو يتعاطف مع هذا الفعل ـ المحرم ـ
"تسللت من المنزل لألقاك. وتركت خوفي نائما على وسادتي.... سألتك أن تترك طريقتك المعتادة جانبا، وان تحتلني على طريقتي" ص15، الكاتبة تمتلك قدرة متقدمة على أعطا المشهد الصبغة الإنسانية، حتى لعناصر الجماد، تجعلها حية وتعاملها كالكائن البشري، ونجد تحررها من طبيعة الأنثى الشرقية المحافظة، وانتقالها إلى صورة المرأة الغربية المتمردة حتى على ذاتها.
فتقدم لنا هذا التحرر بطريقة رائعة، تجعل القارئ ينحاز لها ويجعله يتعاطف مع الفعل الذي أقدمت عليه، "كنت افتخر بسماكة جلدي. ولكنني اخجل من رقته الآن" ص20، نتيجة فعل الحب تحررت المرأة من مفهومها السابق عن هذا المستوى من الحرية الشخصية، وانقلب سلوكها المحافظ إلى نقيضه، فستبدل الفخر بالحالة السابقة ـ السماكة ـ والتي تعني الصعوبة والقسوة والامتناع، إلى حالة جديدة ناعمة ورقيقة، مما يعني سهولة الاختراق ويسر الوصول، وهنا تكمن المقدرة الإبداعية عند المرأة العربية، فكأنها مختصة بهذه الصور وعملية التورية، ونشعر بأنها ما زالت تعيش في عالم المحذورات الاجتماعية والدينية التي تفرض نفسها، فهي رغم حديثها عن تجاوزها لتلك المحرمات، إلا أنها ما زالت تسكنها الأفكار الاجتماعية، التي تعتبر المرأة (حرمة).
التعلق بالمحبوب أصبح كتعلق الطفل بأمه، لا يستطيع فراقها، وقد أضافت إلها الكاتبة النضوج والتوهج العاطفي، مما جعل من هذه العلاقة شي خارق لطبيعة، فأصبح التعلق بالذكريات ينمي التوحد بالحبيب والتماهي معه، "كمخلفات ثوبي لا تتركني، لا أجرؤ على رمي الثوب الجديد ولا غسله، وقد علق بذكرياتك حين قبلتني أول مرة" ص22و23، بهذا الوصف كان أثرا الحبيب جليا في نفس المحبوبة، هي تنتمي له حتى بأبسط الأشياء، وتؤكد تعلقها بهذا الكائن الجديد، فهو يمنحها مشاعر وأحاسيس لم تعرفها من قبل أبدا.
كانت تلك صورة الرجل الايجابي عند المرأة، لكن هناك أيضا صور سليبة عن هذا الرجل، فهو يمثل المجتمع الذي يقمع المرأة، وأيضا ربما يكون يبحث عن حاجته عندها، فما أن يحصل على مبتغاه حتى يرميها كما يرمي عقب السجائر، ثم يدوس عليها، فهي ليست أكثر من (فشت غل) وتنفيس عن الذات، "قالت نادين: وجدت ذاتي بعدما دمرني رجل... وكنت في كل مرة أعطيه جزءا مني مكرهة، علمت أختي بما حدث، لم تصدق أية منا. بحثت عن ذاتي من خلال رجل آخر دمرني أيضا، ثم ثالث، حتى كرهت الرجال بكل أشكاله" ص28، هذه إحدى التجارب مع الرجل، فهي ليس إلا مجرد آلة تدمير للمرأة، خاصة عندما يكون المجتمع ليس هناك شيء أسهل عليه من حرق المرأة، وتحديدا عندما تقدم على خطوة غير مقبولة، أو تقع في شرك نصب لها، أو يساء الكلام عنها، فهي تصبح محروقة في المجتمع، ولن يعد لها مكانة فيه، فهي شيء زائد عن الحاجة، ليس لها داعي للوجود، من هنا نجد (جرائم الشرف) تنتشر في المجتمعات العربية كالنار في الهشيم.
"عرفت سببا لكره الرجل وأنانيته، يمتص الرحيق كله، ثم يترك الوردة دون رائحة.
الرجل أولا، والمجتمع ثانيا، وتدمير نفسها سبب ثالث لتركها الآلام تجرحها وتشكل حياتها بعيدا عن طموحها، قد تكون المرأة سببا، لأنها تعطي الرجل أهمية لا تليق به، وتتخلى عن ذاتها لأجله" ص40، إذن هناك ضحية واحدة نتيجة العلاقة المحرمة بين الرجل والمرأة، الضحية هي الكائن الأضعف، فلا تكون هناك أداة واحدة لتعذيبها بل ثلاث أدوات، الرجل، المجتمع، هي نفسها، فهل نعتبر ذلك تحذير من الكاتبة للنساء لكي لا يقعن في شرك الرجل؟، كل المعطيات في الرواية تقول عكس ذلك، الصور الأدبية، مشاهد اللقاء بالحبيب، الوصف المغري، المشاعر العاطفية، الكاتبة ذاتها، كل ما في الرواية يدعو إلى خوض التجربة، فهي تمثل حالة من المازوشية بالنسبة للمرأة، حيث تكون هناك متعة ولذة مصاحبة للألم والعذاب.
من المسائل المتميزة التي تطرحها رواية "في رداء قديم" إن سرد الأحداث يتداخل في الرواة، مرة تكون بطلة الرواية، ومرة يكون نص روائي موازي للأحداث، فكانت الكاتبة تستخدم "ريمان و يمان" كشكل جديد لعملية السرد، ـ وأحيانا ـ كعملية هروب من إلصاق النص بالكاتبة أو البطلة، "ريمان: يبدو أن حالتي النفسية تنعكس بشكل واضح على تعديلاتي، أخرج عن النص لأجلك، أتقمص جسدها لأحدثك أنت وأتجاهل حبيبها" ص24، بهذه الطريقة كانت هناك عملية هروب من الوضوح في النص، وهذه العملية أرهقت المتلقي لتداخل الرواة في عملية السرد، أحيانا لم نستطع تميز أيهما الراوي، النص الروائي أم البطلة.
"سأترك روايتك فترة من الوقت، فلم تعد تثيرني عصبيتك على الدوام، احتملت فوق طاقتي، وتخفيت في جسد آخر" ص31، هذا السرد الثنائي يرهق القارئ ويتعبه، فلو كان احد السردين متميز بخط عريض أو مائل، لكن ذلك أيسر على المتلقي.
"سأكتفي بقراءة روايتك وإعادة تزينها لساعة يوميا، حتى استطيع السيطرة على أحداثها" ص34، الكثير من المشاهد تكون على هذه الشاكلة، واعتقد بان هذا من جعل النص ينحرف قليلا عن مساره الطبيعي.
"فقد أصبحت البطلة والرواية في آن واحد، لم ارسم ملامحها بقصد، ولم احدد المكان بقصد، ولم اذكر أية تفاصيل عنها بقصد، أي امرأة يمكن أن تصبح هي، رسمت خيالي بخطوط قلمي، وسأترك لخيالكم البقية" ص47
كشف النص الروائي كان من خلال الفقرة السابقة، فهناك عملة تعمد أن يكون التداخل بين الراوية ـ البطلة ـ ونص روائي آخر مجهول الهوية، وقد إضافة فقرة أخرى تكشف لنا حقيقة هذا التمويه فقالت "أنت رسمت نفسك في الرواية كبطل يناسب مراهقة لا غير، وأنا لم افعل سوى أنني زينت بطلتك للتمرد، تركتها تقع كمراهقة كبيرة بقصد" ص58، حتى هذا الكشف لم يجعل النص الروائي يتحرر من ثنائية السرد، فاستمرت حتى آخر صفحة فيها.
صورة الغلاف امرأة ترقص مغطاة بثوبها الطويل الأبيض اللون، لا يبان شيء من وجهها، وحتى جسدها لا يظهر منه سوى الكف والقدمين فقط، لكنها تتحرك برقصتها وكأن تطير في الفضاء، وهذا انسجام ما بين صورة الغلاف والنص الروائي، فكلاهما كان يخفي حقيقة المرأة التي أثارة مشاعر المتلقي، وكلاهما كان سعيدا بما قدمته من مشاهد وصور.
هناك كعادة العديد من الكتاب يذكرون أعمال أدبية أو أدباء في نصوصهم، وقد تعمدت الكاتبة أن تذكر محمود درويش ونزار قباني و أحلام مستغانمي.

لا بد من التذكير من هناك ثلاثية لأحلام مستغانمي "ذاكرة الجسد، فوضى الحواس، عابر سرير" وهذه الأعمال التي يعتبرها البعض ثلاثية، هي مجرد رواية واحدة، تم استنساخها بثلاثة نسخ، بمعنى أن جزء واحد يغني عن بقية الأجزاء، حيث أن التكرار لصورة البطل والبطلة والطريقة سرد الأحداث متماثلة، إلى حد أن المتلقي يشعر بالتكرار لكافة تفاصيل الرواية، من هنا اعتقد بان الكاتبة كررت نفسها بهذه الروايات، وإذا عدنا إلى رواية عالية ممدوح "غرام براغماتي" نجد أيضا الكاتب إعادة استنساخ المشاهد والأحداث في كافة أجزا الرواية، وان جزء واحد منها كان كافاً لإيصال الفكرة التي تريدها الكاتبة، وأيضا على توضيح لطبيعة اللغة والصور التي تستخدمها الكاتبة، مما يجعل المتلقي يشعر بالتكرار دون أي إضافات فنية أو جمالية في الرواية، وهنا استخدمت نسمة العكلوك عين الأسلوب المتبع عند أحلام مستغانمي وعالية ممدوح، فقد كررت نفس مشاهد، فقدمت عين الصور واستخدمت لغة واحدة لعملية السرد، مما جعل المتلقي ـ أيضا يشعر بالملل ـ فرغم أن موضوع الحب من المواضيع المثير للمجتمع العربي إلا أن عدم وجود تنامي للسرد الروائي، وجعل السرد يسير بطريقة رتيبة اضعف النص، وجعله يتواضع عندما يتعلق الأمر بمستوى الإقناع.



#رائد_الحواري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -رسائل قاضي اشبيلية- الفرد فرج
- -|الجبل الخامس- بين الدين والعصر، الصراع وتحقيق الذات باولو ...
- جدلية التطرف
- المناضل والمجاهد
- -عمدوني... فأعدوني اسما- جيروم شاهين
- مسرحية -أبو الهول الحي- رجب تشوسيا
- الجنة والنار
- -مسرحية الايام الخوالي- هارولد ينتر
- -قلب العقرب- محمد حلمي الريشة
- -عودة الموريسكي من تنهداته
- رواية -الدوائر- خليل إبراهيم حسونة
- - في ظلال المشكينو- أحمد خلف
- -الخراب الجميل- أحمد خلف
- -الرجل النازل- علي السوداني
- التفريغ
- الأشهر القمرية لغريب عسقلاني
- شرق المتوسط ل-عبد الرحمن منيف-
- نبوءة العرافة -رجب أبو سرية-
- النزيل وأمله -بابلونيرودا-
- الوحدة


المزيد.....




- الإعلان الأول حصري.. مسلسل قيامة عثمان الحلقة 159 على قصة عش ...
- أكشاك بيع الصحف زيّنت الشوارع لعقود وقد تختفي أمام الصحافة ا ...
- الكويت.. تاريخ حضاري عريق كشفته حفريات علم الآثار في العقود ...
- “نزلها لعيالك هيزقططوا” .. تردد قناة وناسة 2024 لمتابعة الأغ ...
- تونس.. مهرجان الحصان البربري بتالة يعود بعد توقف دام 19 عاما ...
- مصر.. القضاء يحدد موعد الاستئناف في قضية فنانة سورية شهيرة ب ...
- المغربية اليافعة نوار أكنيس تصدر روايتها الاولى -أحاسيس ملتب ...
- هنيدي ومنى زكي وتامر حسني وأحمد عز.. نجوم أفلام صيف 2024
- “نزلها حالًا للأولاد وابسطهم” .. تردد قناة ميكي الجديد الناق ...
- مهرجان شيفيلد للأفلام الوثائقية بإنجلترا يطالب بوقف الحرب عل ...


المزيد.....

- السلام على محمود درويش " شعر" / محمود شاهين
- صغار لكن.. / سليمان جبران
- لا ميّةُ العراق / نزار ماضي
- تمائم الحياة-من ملكوت الطب النفسي / لمى محمد
- علي السوري -الحب بالأزرق- / لمى محمد
- صلاح عمر العلي: تراويح المراجعة وامتحانات اليقين (7 حلقات وإ ... / عبد الحسين شعبان
- غابة ـ قصص قصيرة جدا / حسين جداونه
- اسبوع الآلام "عشر روايات قصار / محمود شاهين
- أهمية مرحلة الاكتشاف في عملية الاخراج المسرحي / بدري حسون فريد
- أعلام سيريالية: بانوراما وعرض للأعمال الرئيسية للفنان والكات ... / عبدالرؤوف بطيخ


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - رائد الحواري - -في رداء قديم- نسمة العكلوك