أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جعفر المظفر - بين أن تكون ديمقراطيا أو أن تكون مالكيا















المزيد.....

بين أن تكون ديمقراطيا أو أن تكون مالكيا


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3417 - 2011 / 7 / 5 - 22:17
المحور: اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق
    


بين آونة وأخرى, بتنا نستمع إلى من يؤكد على أن وجود الديمقراطية في العراق من خلال مقارنة النظام الحالي مع نظام صدام حسين, وهو مدخل أراه خاطئا لأن المقارنة هي غير صائبة بالمطلق كونها تجري بين نظامين, يفترض الأول أنه ديمقراطي, أما الثاني فمؤكد أنه كان دكتاتوريا بامتياز..
ولقد كانت هناك بلا شك أحداث كثيرة استدعت هذه المقارنة وأثارتها, ومثال ذلك مظاهرات ساحة التحرير حيث قيل لو أن هذا الأمر كان جرى في عهد صدام حسين لما ظل أحد من المتظاهرين على قيد الحياة, ولأنسحب الأمر على عائلاتهم أيضا وحتى على أقاربهم إلى الدرجة الرابعة. ولست اشك في ذلك مطلقا, لأن صدام كان قالها بنفسه في إحدى خطبه المتلفزة أنه لن يتردد عن قتل عشرة آلاف إنسان في مظاهرة تعترض على طريقته في الحكم.
, ثم جاء موقف هناء أدور أمام رئيس وزراء دولتها السيد المالكي لكي يثير من جديد هذه المقارنة ولكي يعتبر التذكير بها بمثابة ضربة معلم يعرف كيف يخرس الألسنة ويكمم الأفواه ويحقق النصر في الثانية الأولى من الدقيقة الأولى من الجولة الأولى. وأنا بنفسي استمعت إلى من قال, لو أن هناء كانت أمام صدام فهل كانت تجرأت على هذا الحديث. وبالنسبة إلى محدثي, الحسن النية افتراضا, كان ذلك معناه أن الديمقراطية في العراق لا تحتاج بعدها إلى أي دليل أو إثبات, بل أنها واضحة وضوح الشمس في رابعة النهار.
لكن علينا أن نتذكر إن صدام حسين نفسه كان يؤكد على أنه لا يؤمن مطلقا بالديمقراطية اللبرالية لكونه قائد حزب يؤمن بنظرية المركزية الديمقراطية التي لا يجوز مقارنتها بالأولى لأن كلا منهما يسير في إتجاه معاكس. وهو كان يعتبر هذا النوع من الديمقراطية متعارضا مع أيديولوجية الحزب وحاجات الثورة والوحدة التي تحتاج إلى دكتاتورية ثورية قادرة على تحقيقها. ولسنا الآن بحاجة إلى مناقشة صحة إيمانه ذاك, خاصة إذا جرت المناقشة بمفردات وأفكار نقيضة, لأن الافتراق هنا يبدأ عند نقطة الشروع وليس في نهاية المطاف. لكن من الحق القول إن صدام لم يخترع ذلك مطلقا ولا إدعى أن النظرية كانت من اكتشافه, بل أن عمله بها كان مشابها لعمل الكثير من القادة الأيديولوجيين الذين كان اُبتلى بهم عالم الأمس, وكان تقدمهم آنذاك رجال من أمثال ستالين وجاوجيسكو وماوتسي تونغ وآخرون من أصحاب النظريات الحتمية التي لا تؤمن بالآخر الطيب إلا إذا كان ميتا.
إن خطأ المقارنة مع نظام صدام يبدأ من حقيقة أن ذلك النظام لم يكن يحتفظ بأي ود مع الديمقراطية وإن إحدى مبررات الثورة عليه أو رفضه هو هذا الشأن بالذات, والأبعد من ذلك إن طابع العنف الذي إلتزم به صدام حسين كان قد حلل الحرام, ودفع بالعديدين, لا لمعارضة حكمه فحسب وإنما للتعاون مع الجيش المحتل من أجل القضاء عليه, وهو أمر لا يستطيع هؤلاء شرحه أو تبريره أو تفسيره ما لم يؤكدوا على قسوة صدام التي دفعتهم دفعا إلى هذا التعاون بكل ما فيه من خروج على أعراف الوطنية وتقاليدها.
إذن.. مقارنة " الديمقراطية الإنسانية المفترضة مع الدكتاتورية المجرمة هي خاطئة أساسا وغير جائزة لأنها تؤدي بالنتيجة إلى انتقاص حقيقي من الديمقراطية المفترضة وذلك لجواز مقارنتها أصلا مع حالة نقيضة لها بالمطلق, ومثل ذلك هو مثل الذي يقارن صفات الليل بصفات النهار أو يقارن الماء بالنار.
ومثله أيضا, مثل أولئك الذين ينسون تضحيات هذا الشعب من أجل الخلاص من الدكتاتورية ويحرمونه من حقه في التظاهر أو الاحتجاج, أو يعتبرون ذلك مكرمة من مكرمات القائد وليس حقا كفله الدستور. حتى أنك تكاد تشعر بأنهم يناقشون ذلك بمنطق يستكثر على المحتج فعله, إن لم يعيب عليه, وبالطريقة التي تدعوه إلى الكف عن تكراره, كما أن النغمة التي يلحنون بها قولهم تشير إلى استخفاف واضح بالمحتجين والتشكيك بشجاعتهم التي ما كان ممكنا أن تبرز لو أن المالكي كان مثل صدام حسين ولو أن العهد كان هو عهد هذا الأخير.
الحال إن أدوات وحالات المقارنة هي متناقضة, لنتذكر أولا أنه لولا الديمقراطية المفترضة لما صار المالكي رئيسا للوزراء, وإن نفس هذه الديمقراطية المفترضة التي جاءت به زعيما هي التي تعطي أحمد عبدالحسين حق الخروج إلى ساحة التحرير محتجا, وتعطي لهناء أدور حق الصراخ فيما لو اعتقدت إن الكلام لم يعد ينفع, كما وتعطيني الحق لأن أكتب هذه المقالة دون أن أخاف أو أتردد.
إن مقارنة كهذه تنال من المالكي نفسه ومن الديمقراطية المفترضة وذلك لجواز المقارنة مع حالة نقيضة ومدانة وكانت قد كلفت البلد مئات الألوف من الضحايا وأدت إلى أن يقع البلد فريسة للاحتلال. ودون الوفاء لقيم الديمقراطية الحقيقة, وهو وفاء بات غائبا, لا يمكن تقديم أي تفسير أو تبرير لمعنى تحليل الحرام والتعاون حتى مع الشيطان للإطاحة بصدام .
إن الديمقراطية هي حزمة واحدة, وهي, على مستوى أساسياتها على الأقل, أما أن تؤخذ كلها أو أن ترفض كلها, وإن من الضروري التأكيد على ضرورة تلازم الحالتين وتفاعلهما بإيجابية, حالة المالكي المسؤول من جهة وحالة هناء المواطنة أو حالة أحمد عبدالحسين المتظاهر من جهة أخرى, ويشاد بالحالتين معا, حالة المسؤول الذي يتقبل الأمر بشكل سياقي وحالة المواطن الذي يمارس حقه في حرية التظاهر والتعبير, وإن أي تقطيع لهذا المشهد أو أي انتقائية أو توظيف لجزء من المشهد لأغراض تتعارض مع تلازم مكونَيْه سيأتي لكي يعبر أما عن عدم إيمان بالمسألة الديمقراطية أو عن عوز ثقافي يعرقل فهمها بشكل سليم.
إن مجرد القبول بمقارنة حسنات الديمقراطية مع سيئات الدكتاتورية هو أمر مرفوض لأنه ينتقص منها, إذ لا يمكن إجازة هذه المقارنة أصلا. إن الديمقراطية العراقية المفترضة يجب أن تقارن ببقية الديمقراطيات في العالم وليس بدكتاتورية بشعة كدكتاتورية صدام حسين, لأن المقارنة هنا معيبة حقا, وهي ستأتي لصالح الدكتاتورية على اعتبار أن بديلها هو بديل مشوه يحلل للمسئول ما يحرمه على المواطن, ثم هو أيضا ينتقص من أخلاقية المواطن من خلال التشكيك بشجاعته وحتى اعتبار تلك الشجاعة ليست اكثر من سلوك ابتزازي وانتهازي لكرم المسئول وأخلاقيته, كما أنه أيضا ينتقص من أخلاقية المسئول من جواز مقارنته مع جلاد, مثلما يعتبر الديمقراطية كرم أو هبة رئاسية ما كان ممكنا لها أن تتحقق لو لم يكن الجالس على الكرسي هو المالكي بعينه.
إن الديمقراطية العراقية المفترضة لا علاقة لها بكرم المسؤول وأخلاقيته وسعة صدره فهو جزء منها لا وصيا عليها وهو المسئول الأول عن تطبيقها, وهي صاحبة الفضل عليه وليس هو صاحب الفضل عليها, فإن أخطأ المواطن وجب أن لا يخطأ المسؤول وذلك بسبب التداعيات السلبية لخطأ هذا الأخير على النظام برمته.
لكن الذي جرى كان عكس ما نذكره تماما, فلقد كانت هناك مقارنات بائسة حولت الديمقراطية إلى مكرمة مالكية, وأكدت على وجودها من خلال صبر الرئيس وسعة صدره لا من خلال كونه جزء أساسيا من النظام ذاته.
إن المالكي هو المطالب أن يكون ديمقراطيا, أما الديمقراطية فليست مطالبة أبدا أن تكون مالكية. لأنها نظام معرف بمبادئه ومنهجه وأدواته وآلياته, وما على السيد المالكي أو غيره من مسؤولينا النجباء سوى أن يكونوا ديمقراطيين لكي يستحقوا ثمن وجودهم على كراسيهم الزعامية.
أما أولئك الذين يعقدون المقارنات البائسة فمن حقهم أن يحبوا المالكي وحتى أن يهيموا به.
لكن عندما يحبوه أكثر من حبهم للديمقراطية, عند ذلك يبدأ طريق الرجعة إلى صدام حسين...
..



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حديث حول الطائفية
- النجيفي وأصحاب المناشير الأبرار
- الشيعة والسنة بين فقه الدين وفقه الدولة الوطنية المعاصرة – 2
- الشيعة والسنة.. بين فقه الدين وفقه الدولة الوطنية المعاصرة*
- أحزاب الدين السياسي والنفاق الوطني
- هناء أدور.. الكلام في حظرة الرئيس
- مأزق العراق مع دولة الإسلام السياسي
- مجزرة عرس التاجي.. مجزرة دولة ونظام
- خرافة المائة يوم.. إذا أردت أن تطاع
- الانسحاب الأمريكي العسكري من العراق
- أوباما.. وقضية النملة والبيجاما
- لولا علي لهلك عمر
- الخزاعي ليس هو المشكلة
- ولكن ما هو الإصلاح
- الإصلاح السوري .. بين النية والإمكانية
- سوريا - البحرين .. رايح جاي
- هذا هو رأيِ في رسالتك حول نظرية المؤامرة وبن لادن
- بن لادن.. حيث نظرية المؤامرة هي المؤامرة
- قل ولا تقل.. أبناء لادن وليس بن لادن
- سوريا الثورة.. والثورة على الثورة


المزيد.....




- مصدر يعلق لـCNNعلى تحطم مسيرة أمريكية في اليمن
- هل ستفكر أمريكا في عدم تزويد إسرائيل بالسلاح بعد احتجاجات ال ...
- مقتل عراقية مشهورة على -تيك توك- بالرصاص في بغداد
- الصين تستضيف -حماس- و-فتح- لعقد محادثات مصالحة
- -حماس- تعلن تلقيها رد إسرائيل على مقترح لوقف إطلاق النار .. ...
- اعتصامات الطلاب في جامعة جورج واشنطن
- مقتل 4 يمنيين في هجوم بمسيرة على حقل للغاز بكردستان العراق
- 4 قتلى يمنيين بقصف على حقل للغاز بكردستان العراق
- سنتكوم: الحوثيون أطلقوا صواريخ باليستية على سفينتين بالبحر ا ...
- ما هي نسبة الحرب والتسوية بين إسرائيل وحزب الله؟


المزيد.....

- الحزب الشيوعي العراقي.. رسائل وملاحظات / صباح كنجي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية الاعتيادي ل ... / الحزب الشيوعي العراقي
- التقرير السياسي الصادر عن اجتماع اللجنة المركزية للحزب الشيو ... / الحزب الشيوعي العراقي
- المجتمع العراقي والدولة المركزية : الخيار الصعب والضرورة الت ... / ثامر عباس
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 11 - 11 العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 10 - 11- العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 9 - 11 - العهد الجمهوري ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 7 - 11 / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 6 - 11 العراق في العهد ... / كاظم حبيب
- لمحات من عراق القرن العشرين - الكتاب 5 - 11 العهد الملكي 3 / كاظم حبيب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار ,الديمقراطية, العلمانية والتمدن في العراق - جعفر المظفر - بين أن تكون ديمقراطيا أو أن تكون مالكيا