أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الإصلاح السوري .. بين النية والإمكانية














المزيد.....

الإصلاح السوري .. بين النية والإمكانية


جعفر المظفر

الحوار المتمدن-العدد: 3363 - 2011 / 5 / 12 - 17:07
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    



كلنا يتمنى لو إن النظام في سوريا قادر على الإصلاح الذي وعد به, لكن "جهاد الخازن" الذي يعلن صداقته وقربه من بشار الأسد, ظل منذ العام ألفين ينتظر هذا الإصلاح, الذي وعده به الأسد في الطائرة التي أقلته في رحلة العودة إلى سوريا لاستلام الحكم بعد وفاة أبيه, لكنه لم يرى شيئا منه لحد الآن. والخازن, لمن لا يعرفه, هو واحد من أشهر كتاب الأعمدة الذي اعتاد النشر في جريدة الحياة التي لا تقل عنه شهرة, وبالتالي فإن من المفترض أن تكون شهرته وشهرة الصحيفة التي يكتب على صفحاتها كافية لأن تمكنهما معا على وضع اليد على السببين الأساسين اللذين يجعلان الأسد عاجزا عن الإصلاح. ملخص الأسباب أن النظام السياسي الذي يتصدره الأسد لا يملك عقيدة الإصلاح أو آلياته وأدواته, مثله في ذلك مثل النظم الأيديولوجية الدكتاتورية التي تتقاطع عقيدة الإصلاح فيها مع فردية الحاكم وإلوهيته أو مع مصالح المؤسسة الحاكمة المتمثلة بالحزب أو القبيلة.
تحضرني هنا حادثة صغيرة وقعت في مطلع استيلاء صدام على السلطة كاملا في عام 1979. بعد زيارة له لمستشفى الكرخ للعظام أصدر صدام قرارا بفصل طبيين جَرّاحَيْن, أحدهما مختص بالقلبية وثانيهما بالوجه والفكين, وذلك بسبب تأخرهما عن بداية الدوام الرسمي. وحينما أخبرته زوجة الثاني بأن الاثنين كانا يجريان عملية لمريض, قبل ساعة من بدء الدوام الرسمي, لأن غرف العمليات جميعها كانت محجوزة, مما توجب أن يقدما مساعدتهما للمريض على حساب وقتهما الشخصي, فإن الرئيس, الذي فاجأه ذلك, أخبرها أنه لن يتراجع عن قرار الفصل الذي أصدره لأن ذلك سينال من هيبته الرئاسية ولأن الرئيس لا يخطأ. بدلا من ذلك قدم لها مبلغ ألف دينار لتعويض الخسارة الناشئة من الحرمان من الراتب وإغلاق العيادة لمدة سنة.
إن هذه الحادثة تؤكد على غياب عقيدة الاعتراف بالخطأ أولا, لكنها تكشف أيضا عن خلل آخر كان زرعه الدكتاتور بنفسه وهو خوف المحيطين به لتأشير الخطأ خاصة حينما يكون رئاسيا, والسبب وراء ذلك لا يتأسس على خلل بيلوجي أو عوق أخلاقي موروث, وإنما لأن الدكتاتور كان زرع هذا الخوف بطريقة نموذجية فأصبح بالتالي سلوكا متغلبا يندر مخالفته, وقبل ذلك تندر حتى فكرة مناقشته, فإذا كان ذلك هو الأمر في مطلع رئاسة صدام فكيف صار بعدها حينما تحول هذا الصدام إلى رب بدلا من رئيس. إن الإجابة على هذا السؤال يمكن معرفتها من خلال الكارثة التي تسبب بها هذا الجنوح والتي نعيش تفاصيلها اليومية لحتى هذه اللحظة.
والحال إن ذلك لا يمكن أن يفهم فقط اعتمادا على الشروح التي تؤكد على جنون الرئيس أو على عقده الشخصية, وإنما قبل ذلك من خلال خلو نظرية الحزب الأيديولوجي من عقيدة الاعتراف بالخطأ والإصلاح, وخلوه أيضا من الآليات والأدوات التي تحقق ذلك. فالصيانة السياسية والفكرية هي تماما كمثيلتها في جوانب الحياة الأخرى, مثلا صيانة الدار أو العمارة تتطلب أولا وجود خارطة للتأسيسات الكهربائية وأنابيب المياه ومد تلك التأسيسات بشكل يسمح بالوصول إليها بشكل سهل ومعقول, كما يفترض أيضا وجود مهن متخصصة بعملية الإصلاح وكذلك الأدوات اللازمة لإنجاز عملية الإصلاح بشكل دقيق. والحزب الأيديولوجي هو أشبه بعمارة أغفل بناتها أهمية توفير الخرائط الخاصة بتأسيساتها الكهربائية والمائية أو بتوفير العناصر والأدوات والمناهج التي تحقق تلك العملية. وفي المرحلة الأولى يبدو منظر العمارة زاهيا وخلابا ولكن مع مرور الوقت سوف تكون هذه العمارة عرضة للتلف ما لم تجري صيانتها بشكل معتاد.
الحزب الأيديولوجي شأنه هو تماما شأن ذلك البناء عند تأسيسه, فهو يبدو متين البناء جميل الشكل, ولكن مع حركة التطور وبروز الأخطاء عند التطبيق ونشوء أحداث تتطلب التعديل أو التبديل فإن منظره سيكون نشازا كما أن قابليته على الصمود ستبدو محل شكوك . إن الاعتراض على هذه الحقيقة بدعوى أن" النقد والنقد الذاتي " الذي توفره عقيدة الديمقراطية المركزية بإمكانه أن يكون دليلا على وجود عقلية الإصلاح وأدواته, إن هذا الإعتراض سوف لن يحقق غرضه بسبب أن هناك أكثر من بند في هذه العقيدة يتقاطع كليا مع هذا البند المذكور, ومع إضافة المحاور الأساسية للعقيدة الأيديولوجية يصبح هذا الجزء معطلا بالكامل, أو أنه يظل قيد الاستعمال لا لشيء إلا لاكتشاف وصيد الخصوم داخل الجسم الأيديولوجي بدلا من أن يستعمل كوسيلة لاكتشاف الخطأ والقضاء عليه.
ويبقى أن مقارنة بشار الأسد مع صدام حسين, من خلال علاقتهما بمؤسسة الحكم, سوف تجعلنا نكتشف أن بشارا هو أكثر عجز من صدام عن إنجاز الإصلاح, هذا لو افترضنا أن عقلية هذا الأخير كانت تؤمن بفكرة الإصلاح ذاتها, إذ بينما يمكن القول بكل ثقة أن صدام كان هو الذي أقام مؤسسات النظام, حتى على صعيد تفاصيله الصغيرة, مما يجعله أبا له, فإن الأسد ليس حتى إبنا للنظام, وإنما هو أقرب لأن يكون متعاقد مع مؤسسة النظام على إدارته. لهذا فإن قدرته على الإصلاح تبقى محكومة بحقيقة أنه لا يملك تلك الهيمنة الفعلية التي كان يملكها أبوه أو تلك التي كان ملكها صدام على مؤسسته. فالحرس القديم الذين ظلوا يشكلون عماد المؤسسة لم يكونوا اتفقوا على بشار رئيسا لهم وذلك حبا به, أو ولها فيه, أو وفاء لأبيه, أو تقديرا لعبقريته, وإنما لأن إختياره كان أسرع وأفضل طريقة للحفاظ على مؤسسة الحكم من خطر الانشقاق والاقتتال, ولهذا يمكن معرفة إن فكرة مجيء بشار ذاتها تتعارض مع فكرة الإصلاح من واقع أنه جيء به للمحافظة على نظام الحرس القديم وليس لبناء نظامه الخاص وأنه أيضا ممنوع من إجراء أي إصلاح من شأنه أن يؤثر على مصالح ذلك الحرس إضافة إلى أنه لا يملك أساسا وسائل الإصلاح ولا آلياته.



#جعفر_المظفر (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- سوريا - البحرين .. رايح جاي
- هذا هو رأيِ في رسالتك حول نظرية المؤامرة وبن لادن
- بن لادن.. حيث نظرية المؤامرة هي المؤامرة
- قل ولا تقل.. أبناء لادن وليس بن لادن
- سوريا الثورة.. والثورة على الثورة
- حينما تكون الخيانة اختلافا في وجهات النظر
- يا سعدي.. الوطن وطن وليس فندقا بخمسة نجوم
- بين معنى الوطن ومعنى النظام أضاع سعدي يوسف نفسه
- إشكالية التداخل بين الفقه الديني وفقه الدولة الوطنية.. العلم ...
- المسلمون. بين فقه الدين وفقه الدولة (3)
- المسلمون.. بين فقه الدين وفقه الدولة (2)*
- لو أن ميكافيلي بعث حيا يا موسى فرج
- مرة أخرى.. حول موقف المالكي من سوريا
- موقف المالكي من مظاهرات السوريين
- الإسلام .. بين فقه العقيدة وفقه الدولة**
- بين فقه العقيدة وفقه الدولة*
- عزت الدوري الرئيس السابق لمؤسسة شيطنة صدام
- حول الرسالة الكوميديةالأخيرة لعزت الدوري إلى القذافي
- كيف تتسبب السلطة البحرينية بالإضرار بعروبة البحرين
- هل سينجح العراقيون في امتحان البحرين


المزيد.....




- أمام المحكمة.. ستورمي دانيلز تروي تفاصيل اللحظات قبل اللقاء ...
- سيطرة إسرائيل على الجانب الفلسطيني من معبر رفح.. هذا ما قاله ...
- زاخاروفا: الأسلحة التي يزود الغرب بها أوكرانيا انتشرت بالفعل ...
- النيابة العامة الروسية تعلن أنشطة منظمة -فريدوم هاوس- الداعي ...
- -لإرسال رسالة سياسية لتل أبيب-.. إدارة بايدن تتخذ إجراءات لت ...
- أغنية -الأب العظيم- لزعيم كوريا الشمالية تجتاح تيك توك وتحدث ...
- نتنياهو: إسرائيل لن تسمح لحماس باستعادة الحكم في قطاع غزة
- قاض فرنسي يرد شكويين رفعهما حوثيون على بن سلمان وبن زايد
- بيسكوف: الشعب الروسي هو من يختار رئيسه ولا نسمح بتدخل دول أخ ...
- أوكرانيا تعلن إحباط مخطط لاغتيال زيلينسكي أشرفت عليه روسيا


المزيد.....

- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا
- الموجود والمفقود من عوامل الثورة في الربيع العربي / رسلان جادالله عامر
- 7 تشرين الأول وحرب الإبادة الصهيونية على مستعمًرة قطاع غزة / زهير الصباغ
- العراق وإيران: من العصر الإخميني إلى العصر الخميني / حميد الكفائي
- جريدة طريق الثورة، العدد 72، سبتمبر-أكتوبر 2022 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 73، أفريل-ماي 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 74، جوان-جويلية 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 75، أوت-سبتمبر 2023 / حزب الكادحين
- جريدة طريق الثورة، العدد 76، أكتوبر-نوفمبر 2023 / حزب الكادحين
- قصة اهل الكهف بين مصدرها الاصلي والقرآن والسردية الاسلامية / جدو جبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جعفر المظفر - الإصلاح السوري .. بين النية والإمكانية